بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020، قرّر دونالد ترمب أن يلقي بكل ثقله في حملة انتخابات التجديد النصفي، ليختبر سمعته كـ«صانع ملوك».
قدّم الجمهوري دعمه لمناهضي الإجهاض والمدافعين عن النظرية القائلة بأنّ الانتخابات الرئاسية سُرقت منه أو حتى لشخصيات حديثة العهد بالعمل السياسي. لكن هؤلاء المرشحين المثيرين للجدل في مجلس الشيوخ يواجهون تحدّيات، فيما يوجّه العديد من الجمهوريين أصابع الاتهام في هذا الأمر إلى الرئيس السابق.
يقول جون هوداك من مركز الأبحاث «بروكينغز» في أحدث مدوّناته، «دونالد ترمب ليس مرشّحاً في العام 2022، لكنّ مستقبله السياسي» على المحك. ويضيف أنّ خطّة ترمب إعادة تشكيل الحزب الجمهوري على صورته عبر هذه الانتخابات «ستجعله إما خاسراً، أو قائد سياسة الحزب لسنوات مقبلة».
يُنظر إلى العديد من المرشحين الذين أيّدهم ترمب في الانتخابات التمهيدية، على أنهم يقوّضون الانتصارات السهلة التي يمكن أن يحققها مرشحون آخرون في ساحات المعارك الانتخابية الرئيسية أمام الديمقراطيين.
من بين خيارات ترمب المثيرة للجدل، الطبيب الشهير محمد أوز في ولاية بنسلفانيا، حيث يعتبره كثيرون «غير ذي صلة» بالواقع وعرضة للزلّات الخطابية، وجي دي فانس في أوهايو وهو رأسمالي مغامر أمضى معظم حياته الراشدة في وادي التكنولوجيا، كما يواجه مشكلات مماثلة لتلك التي يواجهها أوز.
الأمر ذاته في جورجيا، حيث يواجه نجم كرة القدم السابق هيرشل ووكر اتهامات حول العنف المنزلي والكذب بشأن ماضيه وصحته العقلية.
نجم كرة القدم السابق هيرشل ووكر (أ.ف.ب)
ولمح زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي يحتاج إلى مقعد واحد فقط لاستعادة غالبية مجلس الشيوخ من الديمقراطيين، إلى أنه يرى مشكلة في «نوعية المرشحين».
وفي هذا السياق، يقول هوداك: «إذا خسر المرشحون لمجلس الشيوخ مثل ووكر وأوز وفنس ...» وبقيت الغالبية في المجلس في أيدي الديمقراطيين، فإنّ «ترمب سيُلام بشكل كبير».
إلّا أنّ نتائج الانتخابات السيئة لمرشّحي ترمب ستكون جيّدة لمنافسيه في انتخابات العام 2024، ومنهم ليز تشيني المعروفة بعدائها لترمب، وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس، ونائب الرئيس السابق مايك بنس.
باستثناء ليز تشيني، استمرّ المرشّحون اليمينيون للرئاسة في ممالأة دونالد ترمب بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية. لكن شخصيات مثل وزير الخارجية السابق مايك بومبيو قد تتشجّع إذا أسفرت انتخابات الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) عن نتائج سيئة.
الطبيب محمد أوز مرشح لمجلس الشيوخ عن ولاية بنسلفانيا (أ.ب)
يرى ديفيد غرينبرغ أستاذ التاريخ والإعلام في جامعة روتجرز، أنّ الرئيس السابق ليس لديه «إلّا القليل ليكسبه» من الانتخابات النصفية. ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية «لدى ترمب الكثير ليفقده، لأنه إذا خسر مرشّحوه، سيُنظر إليه على أنه فقد سحره». ويوضح أن «العديد من الناخبين في الانتخابات التمهيدية للعام 2024 سيفكّرون مرّتين قبل دعمه مجدّداً، خصوصاً إذا ترشّح بديل شعبوي آخر، مثل ديسانتيس».
مع ذلك، من المتوقع أن تتقارب الاستطلاعات قبل نوفمبر، وقد ينتصر جميع مرشّحي ترمب الأكثر إثارة للانقسام في النهاية.
في كلتا الحالتين، يشير المحلّلون إلى أنّ العديد من الذين يشكّلون قاعدة الرئيس السابق لا يولون سوى القليل من الاهتمام لمجلس الشيوخ أو حسابات واشنطن السياسية.
ويقول عالم السياسة نيولاس كريل «على الرغم من هزيمته (في الانتخابات الرئاسية)، وإجراءي العزل اللذين تعرّض لهما، ونحو 12 تحقيقاً جنائياً مهمة، وفضائح لا حصر لها كانت ستُغرق منذ فترة طويلة معظم السياسيين الآخرين، لا يزال ترمب زعيم الحزب بلا منازع». ويضيف أنّ «دعم ترمب داخل الحزب الجمهوري قوي للغاية بحيث لا يمكن إلحاق الضرر به بسبب الأداء الحزبي السيئ في نوفمبر».
ومع ذلك، يتوقّع مراقبون آخرون أنّ المشاكل القانونية التي يواجهها رجل الأعمال، بما في ذلك الفضيحة المتعلّقة بإساءة التصرف حيال وثائق حكومية سرية، ستؤثّر على آفاقه السياسية بمقدار ما تؤثر الانتخابات النصفية.
بالنسبة إلى إيرينا تسوكرمان، المحلّلة الجيوسياسية المقيمة في نيويورك، يُنظر إلى ترمب بشكل متزايد على أنه «عبء سياسي» غير قادر على الفوز في انتخابات رئاسية مستقبلية، حتى ضدّ ديمقراطي ضعيف. وتقول «بشكل عام، يبدو أنّه سيتراجع عن الترشّح (للرئاسة) في العام 2024، وهو ما قد لا يفعله لأسبابه الخاصة، مثل تجنّب الإحراج والاحتفاظ بالمال الذي يجمعه حالياً».
دي جي فانس (يسار) مع دونالد ترمب الإين (رويترز)
الانتخابات النصفية الأميركية: هل «ينجح» ترمب أم يفقد سحره؟
الانتخابات النصفية الأميركية: هل «ينجح» ترمب أم يفقد سحره؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة