الفلسطينيون يقدمون اليوم أول ملفاتهم إلى محكمة الجنايات الدولية

البرغوثي: الملف يوثق جرائم إسرائيل في الضفة وحرب غزة والاستيطان وبحق الأسرى

فلسطينيون يرفعون الأعلام في مظاهرة بحرية دعما لنشطاء أسطول الحرية الثالث الذي سيبحر إلى غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون الأعلام في مظاهرة بحرية دعما لنشطاء أسطول الحرية الثالث الذي سيبحر إلى غزة (أ.ف.ب)
TT

الفلسطينيون يقدمون اليوم أول ملفاتهم إلى محكمة الجنايات الدولية

فلسطينيون يرفعون الأعلام في مظاهرة بحرية دعما لنشطاء أسطول الحرية الثالث الذي سيبحر إلى غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يرفعون الأعلام في مظاهرة بحرية دعما لنشطاء أسطول الحرية الثالث الذي سيبحر إلى غزة (أ.ف.ب)

أعلن الفلسطينيون أنهم سيقدمون أول ملفاتهم الرسمية ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، اليوم، ويشمل ذلك مختلف «الجرائم الإسرائيلية» التي ارتكبت في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس، منذ يونيو (حزيران) العام الماضي، بما فيها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والاستيطان والأسرى.
وأكدت البعثة الفلسطينية في هولندا في بيان رسمي، أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي سيسلم بنفسه ملفين للمدعية العامة في المحكمة فاتو بنسودا.
وأوضح عضو اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف محكمة الجنايات الدولية، مصطفى البرغوثي، أن الملف الفلسطيني المقدم للجنايات، يساعد مكتب المدعية العامة على فتح ملفات تحقيق ضد إسرائيل.
وأضاف في مؤتمر صحافي، عقده في مقر منظمة التحرير الفلسطينية في البيرة: «البلاغ سيودع في تمام الساعة 3 عصر يوم الخميس بتوقيت هولندا».
وتابع: «الملف يتضمن الجرائم التي اقترفتها إسرائيل في الضفة والقدس وقطاع غزة منذ تاريخ 13 يونيو العام الماضي، ويشمل ذلك الحملة العسكرية في الخليل وباقي الضفة الغربية، والعدوان الأخير على قطاع غزة، إضافة إلى الاستيطان بصفته جريمة حرب مستمرة منذ 67 عامًا». وأردف: «أيضا هناك ملف الأسرى الذي لا يقل أهمية عن باقي الملفات، من حيث نقل الأسرى من أماكن إقامتهم إلى خارجها، واعتقال الأطفال، والاعتقالات الإدارية، واستخدام المواطنين دروعا بشرية، والإعدامات الميدانية».
وانضمت السلطة الفلسطينية إلى المحكمة ومقرها لاهاي، في أبريل (نيسان) الماضي، واعترفت السلطة باختصاص المحكمة بالنظر في الجرائم التي ارتكبت بدءا من 13 يونيو الماضي، ويسمح ذلك بمعالجة قضية الحرب على غزة التي بدأت بعد ذلك، والاستيطان بوصفه جريمة آثارها مستمرة وموجودة.
وشاركت دولة فلسطين أمس ممثلة بوزارة الخارجية، وذلك للمرة الأولى بصفتها دولة طرفا، في اجتماع جمعية الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وفي أعمال الدورة 13 التي بدأت أعمالها صباحا.
وقالت الخارجية في بيان إن «دولة فلسطين ستشارك في عملية انتخاب قضاة المحكمة الجنائية الدولية جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء في ميثاق روما، تعزيزا لعمل المحكمة، ومساهمة في إعلاء العدالة الجنائية الدولية، خاصة في الوقت الذي يتعرض فيه شعبنا لأبشع أنواع الجرائم والانتهاكات لحقوقه الأساسية من قبل إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال».
كما شددت وزارة الخارجية في بيانها على العمل مع دول المجتمع الدولي، «من أجل تعزيز نظام دولي قائم على احترام القانون الدولي، وآليات المساءلة لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، نحو مجتمع دولي خالٍ من مجرمي الحرب، ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية».
وقال البرغوثي: «هدفنا هو إثبات وجود جرائم لبدء التحقيق من مكتب المدعي العام (..) نحن نسعى لرفع الحصانة عن إسرائيل وقادتها، بهدف إحقاق العدالة، وتطبيق مواثيق حقوق الإنسان، وحماية الشعب الفلسطيني، ولمحاسبة المجرمين وعدم السماح بإفلاتهم من جرائمهم ومنع تكرارها».
وجاءت الخطوة الفلسطينية بعد نشر محققين في الأمم المتحدة يوم الاثنين الماضي، تقريرا جاء فيه أن إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة ارتكبوا انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، أثناء حرب غزة عام 2014، قد تصل إلى حد جرائم حرب.
والأمر يعود لبنسودا لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستفتح تحقيقا رسميا في ارتكاب جرائم حرب ومتى سيبدأ هذا التحقيق.
لكن البرغوثي بدا متأكدا من إقدام بنسودا على فتح تحقيق، قائلا إن «البلاغ الفلسطيني الذي سيقدم يؤكد شمولية الجرائم الإسرائيلية باعتبارها جرائم جسيمة». وأضاف: «يتوجب على المحكمة أن تفتح تحقيقا جنائيا بخصوص هذه الملفات، والجانب الفلسطيني سيلجأ إلى طلب رسمي جديد بإجراء تحقيق فيها في حال لم تقرر المحكمة ذلك».
وأردف: «أستبعد أن تتهرب المحكمة من فتح التحقيق».
وتوعد البرغوثي بمفاجآت أخرى تنتظر إسرائيل في بلدان مختلفة، في ما يتعلق بمحاسبتها ومعاقبتها على جرائمها، من دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل، في إشارة كما يبدو لرفع قضايا محلية في بلدان العالم. ولن يقدم الفلسطينيون جميع الوثائق التي يملكونها وجمعها خبراء ومحامون على مدى الشهور الماضية، استعدادا لمعارك أخرى محتملة. وكانت لجنة مشكلة من قبل الرئيس الفلسطيني في فبراير (شباط) الماضي ويترأسها عضو اللجنة التنفيذية صائب عريقات، أشرفت على جمع آلاف الوثائق التي تدين إسرائيل. وقال البرغوثي: «لم نقدم كل شيء، سنقدم وثائق إضافية في المرة المقبلة».
وقال محمد النحال رئيس مركز «حماية» لحقوق الإنسان، في مؤتمر صحافي في غزة: «واثقون من أننا سننجح في إنصاف الضحايا، وأن مجرمي الحرب لن يستطيعوا الإفلات من العقاب على ما ارتكبوه من مجازر». وأضاف النحال: «هذه اللحظة التاريخية هي بداية المشوار لمعاقبة ومحاسبة كل من ارتكب جريمة بحق الشعب الفلسطيني، في محكمة الجنايات الدولية».
ولكن يخشى البعض من أن تقدم كذلك ملفات مضادة ضد قيادات وفصائل فلسطينية، بمن فيهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وخالد مشعل زعيم حركة حماس.
وفي وقت سابق، عبر المالكي عن استعداد دولة فلسطين لتسليم أي فلسطينيين مشتبه بهم إذا طلبت المحكمة ذلك. وعلى الرغم من أن المخاوف ترتكز على ادعاءات دولية وإسرائيلية بأن حماس ارتكبت جرائم كذلك، فإن غازي حمد، المسؤول في حماس وعضو اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف الجنايات، وصف التقدم بملفات للمحكمة، بأنه خطوة مهمة جدا، مضيفا: «هناك التفاف حول هذه القضية. ستستمر هذه المعركة القانونية حتى يمثل الاحتلال أمام المحكمة الجنائية وينال عقوبته».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.