- ANIKULAPO
- إخراج: كونلي أفولايان Kunle Afolayan
- نيجيريا - 2022
- ★★
«أنيكولابو» هو واحد من عدّة أفلام أفريقية سعت محطة نتفليكس على استقطابها لتوسيع رقعة المشتركين. خطّة نتج عنها تنويع جيد لمصادر الأفلام وتوفير الإنتاج لعدد من المشاريع التي كانت ستصطدم بالمعيقات التمويلية فيما لو لم يتم للمنصّة الإلكترونية الشهيرة القيام بهذا الجانب.
السينما النيجيرية لا تحتاج لتمويل خارجي بالضرورة كون إنتاجاتها وفيرة ويتم توزيعها جيداً في قلب القارة الأفريقية، لكن هناك - تفيدنا الأخبار – أن أفلاماً أخرى من دول أقل حظاً من جارتها نيجيريا ستُطرح على الأثير خلال الأشهر المقبلة.
«أنيكولابو» فيلم طموح جداً لدرجة أن طموحاته تتجاوز قدرات مخرجه كونلي أفولايان على التنفيذ. تدرك ذلك وأنت تتابع سرداً يتحرك ببطء خلال 142 دقيقة من العرض منتقلاً بين مراحل في حياة شخصية خيالية (كحال الحكاية) اسمها سارو (كونلي ريمي). نتعرّف عليه في مطلع الفيلم ميّتاً قبل أن يزوره طائر ينشر ذرات من الرماد الأسود حوله ويعيده للحياة. هذا قبل أن تنتقل القصّة إلى الوراء لنتعرّف عليه مجدداً وهو يصل إلى قرية في أحداث مفترض وقوعها في القرن السابع عشر.
سارو يعمل في الحياكة والنسيج ويجول في أنحاء البلاد منتقلاً بين القرى. القرية التي يحط فيها متعباً وجائعاً هي التي تشغل بأحداثها نحو نصف الفيلم. هناك امرأة ذات مركز اجتماعي تنصحه بالبقاء والعمل في صناعة الفخّار إلى أن يصبح قادراً على فتح دكان نسيج. الغاية التي في بالها (والتي تحققها) هي معاشرته. وسارو يتلقى تحذيراً من أحد رجال القرية يفصح له عن أن تلك المرأة «تأكل الرجال» ثم تتركهم بحثاً عن آخر. سارو لا يتّعظ لكن هذا ما يحدث تماماً.
هناك ملك مزواج وزوجته الأولى (أكبر زوجاته سنّاً) تغري سارو بالنوم معها إلى أن يكتشف الملك ذلك فيضرب سارو حتى الموت رغم توسلات فتاة تحبّه اسمها أرولاكي (بيمبو أدمويي). هنا يظهر ذلك الطائر ويمنحه الحياة من جديد لكن الفتاة تلتقط كرّة سوداء تحتوي على سر الطائر. ربع ساعة من المشي في البرية تقودهما إلى قرية أخرى يمارس فيها سارو (وقد امتلك السر) إعادة الموتى إلى الحياة. مع رقي شأنه يزداد طمعه وسُلطته. يغتصب خادمة المكان وينجب منها ثم يضع عينه على ابنة الملك (ملك آخر غير الأول) ويشترط الزواج منها مقابل إعادة شقيقها إلى الحياة.
لا ينتهي الفيلم هنا ولا داعي للكشف عما سيقع، لكن خلال تلك الفترة الطويلة الممتدة يمكن ملاحظة سقف الطموح الذي لم يستطع المخرج الوصول إليه.
إذ يضع المخرج حكايته قبل أربعة قرون لا يمكن أن يكون المُشاهد واثقاً من ارتباط تلك الفترة بتصاميم المشاهد وديكوراتها ولا بسلوك شخصياتها. نعم كان هناك ملوك وكان هناك قبائل ومنازعات (نسمع عنها في الفيلم ولا نراها) لكن لا شيء في الصورة يبدو تاريخياً. ربما بعض تلك القرى بمنازلها وصناعاتها المحلية ما زالت ماثلة لليوم.
إلى ذلك، هناك حكاية فولكلورية كان يمكن لها أن تكون آسرة تتحدّث عن الحب والجنس والإيمان بالخزعبلات كان يمكن أن تبلور نصّاً أفضل، وبالتالي فيلماً أفضل. لكن ما يشغل بال المخرج هو أن يسرد كل شيء بتفاصيل منتقاة ومتفاوتة. الإيقاع بطيء وملكية التدخل لمعالجة المَشاهد فنياً، سواء من حيث إدارة اللقطات أو الأسلوب عموماً.
مقابل ذلك، يحسن المخرج أفولايان، صاحب نحو 12 فيلماً سابقاً، اختيار ممثله ريمي والشابة أدمويي لكنه يترك باقي الممثلين على راحتهم من دون توجيه يُذكر
- KLONDIKE
- إخراج: مارينا إر غورباش Maryna Er Gorbach
- أوكرانيا - 2022
- ★★★★
لمعظم مدّة عرض فيلم «كلوندايك» البالغة 100 دقيقة، والذي شوهد في مهرجان «صندانس» مطلع هذه السنة قبل انتقاله إلى عروض البانوراما في مهرجان برلين، يقف فيلم المخرجة الأوكرانية (التي تعمل وتعيش حالياً في تركيا) على الحياد بين الروس والأوكرانيين في تلك الفترة التي تقع فيها الأحداث (2014 عندما وقع القتال بين الانفصاليين والوطنيين). لكن عند نهاية الفيلم هناك ما يوحي بتبدّل هذا الموقف لصالح الوطنيين، وذلك عند تقديم محاربين روس يسيئون التصرّف ويضعون حداً لحياة بعض الأحياء.
الفيلم مروي من وجهة نظر امرأة اسمها إركا (أوكسانا شركاشينا) تعيش في بيت يقع عند خطوط التماس بين فريقي القتال. قنبلة يطلقها الوطنيون الأوكرانيون بالخطأ تهدم جدار البيت وتنشر الخراب داخله. لا أحد يعتذر عن هذا «الخطأ»، بل يجد الزوجان نفسيهما في دوّامة ليسا مسؤولين عنها. إركا حامل وتنتظر الوضع قريباً. علاقتها مع زوجها توليك (سيرغي شادرين) مضطربة وتزداد توتراً بعد هذا الحادث. يحاول إرضاءها لكنها تعزف عنه وتنتقده غالب الأحيان. هي لا تريد المساومة على مسألة تركهما المنزل بل تصر على البقاء. في لحظة لاحقة تسقط طائرة مدنية في الأفق، وهي اللحظة التي تبدأ فيها إركا مراجعة موقفها. في الواقع الطائرة هي تلك الماليزية التي أصيبت بصاروخ خلال مرورها في سماء المنطقة في السابع عشر من يوليو (تموز) سنة 2014. لا يقترب الفيلم منها أو يحكي شيئا عنها. حتى لو توفرت الإمكانيات المادية إلا أن قرار المخرجة بتصوير بعيد جداً لسقوط الطائرة يفي مشهدياً وفكرياً بالمقصود.
يحثّها شقيقها يوريك (أولغ شربينا) على ذلك ويعتقد أن توليك هو من يمنعها من ذلك. عندما يكتشف أن الزوج متطوّع لحساب الروس يشهر مسدسه يريد قتله لكنه يمتنع، واصفاً الزوج بأنه خائن. هناك العديد من الأحداث التي تختار المخرجة وقوعها خارج الكادر ومن بينها قيام الزوج بسجن شقيق زوجته في كوخ تابع للبيت. كل ذلك والوضع العام يسوء. الوطنيون الأوكرانيون جائعون وعلى الزوج ذبح البقرة الوحيدة التي لديه لإطعامهم. يستعيرون سيارته التي يريد نقل زوجته بها إلى المستشفى. كل ذلك وسواه قبل أن يصل الجنود الروس إلى المكان بينما تشهد إركا آلام وضع مبكر ومؤلم. هذا لا يهم الجنود، وحين يكتشفون وجود شقيقها يطلبون من الزوج قتله. أمر لا يستطيع أن يقوم به.
ترقب إركا كل ما يحدث من بداية الفيلم بيأس شديد ونرقب الوضع البائس الذي تعيشه. هي المحور لفيلم تعمد مخرجته إلى سرده بهدوء وتروٍ وبلقطات طويلة سارحة. هناك دوماً شيء ما يقع في الخلفية. دخان بعيد. رجال يقتربون. سيارات تمر. أخرى تتوقف... إلخ. في كل ذلك، تحسن المخرجة فعل التأمل ويحسن الجميع فعل الأداء وبإحساس عميق.
- BEYOND THE WALL
- ما وراء الجدار
- إخراج: وحيد جليلوند VAHID JALILVAND
- إيران - 2022
- ★★
الطريقة التي يعمد بها هذا المخرج لعرض فوضى الحياة السياسية والأمنية في إيران تسترعي الانتباه. ففي حين إنه لا يسمّى مطلقاً الأسماء بوضوح، إلا أن ما يعرضه من ضياع وجهة المواطنين وفقدانهم الحرية التي يطمحون إليها وجبروت الممارسات الأمنية التي يواجهونها، لا يمكن له أن يأتي كمجرد عرض لأحداث الفيلم.
يفتح «ما وراء الجدار» على رجل شبه أعمى يحاول الانتحار بوضع منشفة مبللة بالماء حول رأسه وفوقها كيس نايلون مربوط بقوّة. طرق على الباب يسعفه فيغيّر رأيه. هناك تحريّان يريدان معرفة ما إذا كان استقبل امرأة مطلوبة من رجال القانون. يخبرهما أنه لا أحد سواه في البيت. لا يعلم أن المرأة التي يتم البحث عنها تسللت إلى بيته بالفعل واختبأت من مطارديها.
سيكتشف وجودها بعد قليل وسيتبنّى إخفاءها عن رجال الأمن كلما عادوا لزيارته بحثاً عنها. حكايتها لا لبس فيها. هناك فوضى أمنية تبدأ صغيرة وتكبر. رجال الأمن يلقون القبض على المدنيين بصورة عشوائية بينهم امرأة بريئة من أي تهمة وجدت في المكان بحثاً عن ابنها الصغير الذي اختفى في وسط الفوضى العارمة. الضابط يقودها إلى سيارة الأمن ويرفض الإصغاء لتوسلاتها. حين يتدخل مواطنون آخرون مقبوض عليهم محاولين إقناعه بإخلاء سبيلها يسحب مسدسه عليهم.
الصورة عند هذا الحد داكنة والمخرج يريد أن يسرّب للمشاهد موقفاً انتقادياً لا لرجال الأمن وعنفهم فقط، بل لحالة يصبح فيها التمرّد لازماً من دون أن يفصح كثيراً عن أسبابه. يوقّع ذلك بمشهد للأعمى وهو يطلق النار من نافذة منزله على رجال الأمن الذين أحاطوا بالعمارة التي يقطنها. إنه لا يرى على من يصوّب النار لكنه يرى ظلماً حاصلاً. وهو الذي كان بدأ بمحاولة انتحاره لن يكترث كثيراً إذا ما واجه الموت. المرأة ذاتها تنجح في التسلل هاربة، أما هو فيعلن هذا النوع اليائس من التمرّد.
«ما وراء الجدار» تشويقي كنوع والمخرج يبذل جهداً كبيراً لتلوين حكايته بمشاهد متداخلة من دون أن تكون متكلّفة أو معقّدة. للأسف الجهد المبذول هنا يبقى تكتيكياً بخبرة منفردة وليست كافية لتأمين حاشية فنية فعلية.
ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★ جيد جداً ★★★★ ممتاز ★★★★★