‏ياسر الغسلان: روايتي مزيج من صوت الناس بكل ما فيه من قصص وجنون

الروائي السعودي لـ«الشرق الأوسط»: رهبة الكتابة ما زالت تتملكني... لكنها المخاض للوصول إلى القارئ

الكاتب السعودي ياسر عبد العزيز الغسلان
الكاتب السعودي ياسر عبد العزيز الغسلان
TT

‏ياسر الغسلان: روايتي مزيج من صوت الناس بكل ما فيه من قصص وجنون

الكاتب السعودي ياسر عبد العزيز الغسلان
الكاتب السعودي ياسر عبد العزيز الغسلان

عَبَر الكاتب السعودي ياسر عبد العزيز الغسلان المسافة بين الصحافة والرواية محمَّلاً بأحداث واضطرابات عاصفة وتحولات اجتماعية محفوفة بالصراعات صبَّها جميعاً في قالب روائي متخم بالأحداث؛ هي روايته الأولى «الأمارجي»، الصادرة عن «دار مقام للنشر والتوزيع»، إحدى الدور المشاركة في «معرض الرياض الدولي للكتاب».
رواية «الأمارجي»، الواقعة في 333 صفحة تستلهم اسمها من كلمة سومرية، تعني الحرية، ورمزيتها أن الحرية كانت فكرة موجودة منذ بداية اختراع الكتابة على يد السومريين.
أحداث الرواية تبدأ في السعودية، عام 1975، العام الذي اغتيل فيه الملك فيصل، مروراً بحادثة احتلال الحرم المكي، ثم فترة احتلال الكويت، تلتها أحداث سبتمبر (أيلول) 2001، ومن ثم حرب العراق 2003، وما تلتها من أحداث إرهابية في السعودية، حتى عام 2009، كما تتناول صراعات المجتمع بين التحديث والمحافظة والتشدد والعنصرية والطائفية وغيرها.
الغسلان يستعد لإصدار عمل روائي جديد قال إنه سيرى النور في مطلع العام المقبل. «الشرق الأوسط» أجرت الحوار التالي معه:

> أتيتَ من عالم الصحافة لعالَم الرواية دون سابق إنذار... هل انتابتك رعشة الخوف من اقتحام هذا العالم...؟ هل شعرت برهبة المولود الأول...؟
- رعشة الكتابة تنتابني، وتنتاب الكثيرين ربما، في كل مرة أجلس أمام لوحة مفاتيح الكومبيوتر لكتابة أي نص، مقالاً كان أو تحقيقاً صحافياً، إلا أن الخوف من الخوض في غمار نمط جديد من الكتابة كان دون شك مضاعفاً؛ فالمقال تأثيره وقتي، مثله مثل أي مادة صحافية، بينما الرواية تُخلَق لكي تبقى في الذاكرة، أو على الأقل هذا ما يأمله كل قاصٍّ أو روائي، إلا أن الحياة علَّمتنا أن الإقدام على خوض التجارب، مهما كانت مخيفة، هو السبيل الأهم لاكتشاف أقصى ما يمكننا تقديمه.
حتماً كانت الرهبة موجودة مع ولادة الرواية، ولا أخفيك إن قلتُ إنها ما زالت موجودة، الرهبة أمر جيد، وأجدها مفيدة جداً؛ فهي التي تجعلنا ككتاب نحرص على أن نراقب بحذر رأي القراء... هل وصلت لهم الفكرة؟ وهل خلقت جدلاً داخلياً لديهم؟ ليست رهبة الأمل في النجاح أو الخوف من الإخفاق، بل رهبة الانتظار؛ انتظار التأثير والتحفيز والتفكير الذي يشغلني في كل مرة أستمع فيها لتجربة قارئ أو ناقد أو مهتم قرأ الرواية.
> يقولون: كل رواية شكل من أشكال السيرة الذاتية؛ ماذا علق في هذه الرواية من سيرتك؟
- «الأمارجي» رواية فيها كثير مني، ولكن الأكثر منبعه تجارب وآمال وانكسارات وأفكار مجتمع كبير عشتُ فيه طوال حياتي، آمال علقَتْ في ذهني من أحلام أساتذة ومعلمين وانكسارات ترسَّخت في وجداني من أصدقاء ورفقاء، وأفكار شكَّلتني، أورثها لي أدباء وإعلاميون كبار، هي مزيج من صوت الناس بكل ما فيه من قصص وجنون، وصوت الأنا، بكل ما فيَّ من شغف الاستسلام لسطوة القلم.
ربما لا أجانب الصواب إن قلتُ إن «الأمارجي» رحلة حاولتُ أن ألخِّص فيها أربعة عقود من تاريخ السعودية، من وجهات نظر مختلفة، ولكنها في الوقت ذاته تحكي هموماً وآمالاً لا تختلف أهدافها رغم تباينها.

- رواية متخمة
> أحداث الرواية تبدأ من عام 1975، يعني حين كان عمرك أربع سنوات، ولأنها ليست رواية خيالية فهي تهتم بتوثيق أحداث تاريخية في السعودية والعالم... ألا تجد تعسفاً في رواية أحداث لم تدركها جيداً...؟
- دعني أبيِّن لك أمراً. الرواية قصتها خيالية، من حيث الشخوص ومواقفها، إلا أنها تقع في زمن واقعي معلوم في مكان محدد، وضمن ظروف وأحداث معلومة، وكما أن كتابة الرواية التاريخية لا تتطلب من الكاتب أن يكون قد عاش المرحلة، وهو في الحقيقة ما يحدث دائماً، فإن الكاتب يستقي من كتب التاريخ المادة الخام التي منها يخلق الأحداث والحوارات والشخوص.
في «الأمارجي» معظمنا ممن قد تجاوزوا سن الأربعين عاش المرحلة، ويعي مراحل كثيرة من الحقبة الزمنية التي تدور فيها أحداثها. فعلى خلاف كتابة الرواية التاريخية؛ فإنني ومحيطي كنا وما زلنا جزءاً من هذا التاريخ، ولعلي هنا أضيف أن تجربتي في العمل الصحافي منحتني فرصة لطرح الأسئلة بلا تردد على شخصيات جدلية كثيرة عاشت مراحل ربما لم أدركها شخصياً بوعي كافٍ.
> ألا ترى أن الرواية كثفت أحداثاً تاريخية كثيرة بشكل سردي يقترب من التقرير الصحافي عنه للجانب الروائي...؟
- ربما هذه هي ضريبة خلفيتي الصحافية، لا أستطيع أن أنكر أو أبرر، وربما يختلف مع توصيفك البعض. ولكن دعني أقُلْ لك شيئاً قد يوضح السبب؛ عندما شرعتُ في كتابة هذه الرواية في عام 2014، كانت الفكرة أن أكتب عملاً يوثِّق مرحلة زمنية ملتهبة لم تشهدها بلادنا في تاريخها الطويل، ربما منذ توحيدها على يد الملك عبد العزيز (رحمه الله). صحيح أنه في فترتي الخمسينات والستينات شهدت البلاد بعض التقلبات، ولكنها بقيت ضمن سياقاتها الرسمية البعيدة بشكل كبير عن الشارع، ولكن مع اغتيال الملك فيصل (رحمه الله) شهدت البلاد تحولات متسارعة... هذا ما دفعني وحفزني، وربما هنا تحرَّك الصحافي الذي لم يكن يعلم حينها أنه يدخل عالم الرواية، لأسرد هذا التاريخ الذي سيُكتب حتماً في كتب التاريخ باعتباره أحداثاً سياسية، وهي محاولة لسرد صفحة من التاريخ في إطار روائي من خلال وعي المواطن البسيط، هنا خُلق (يزيد) بطل الرواية الذي يمضي بالرواية بصفته إنساناً هامشياً منكسراً في عالم معقَّد ملتهب متسارع، في بلاد تحاول أن تسابق الزمن وتصطدم بواقع يرفض التقدُّم.
> كيف أمكنك أن تضع كل هذه الأحداث بدءاً من اغتيال الملك فيصل 1975، مروراً بحادثة احتلال الحرم المكي 1979، ثم فترة الصحوة واحتلال الكويت 1990، حتى أحداث سبتمبر 2001 وحرب العراق 2003 والأحداث الإرهابية في السعودية، أليس هذا كثيراً على 300 صفحة...؟
- ما عاشته السعودية خلال العقود الماضية كثير، وكل مرة كنتُ أفكر في أن ألغي حدثاً أو أختصر حدثاً كنت أجد نفسي وكأني أرسم لوحة تتبختر بألوانها، ولكن ينقصها اللون الحي؛ فلا صحوة دون أحداث الحرم (مثلاً)، كيف يمكن أن أتحدث عن أحداث سبتمبر دون الإشارة لحرب العراق وحرب الكويت، في كل هذا الزخم الدولي كان الإرهاب يحاول أن يأخذ البلاد لغياهب التخلُّف والانعزال والرجعية.
من المهم هنا القول إن الأحداث المذكورة ليست مربط الفرس في الرواية، بل انعكاساتها على الإنسان البسيط... الرواية هي الأساس عبر السيرة المتخيَّلة لبطلها «يزيد الأمارجي» الذي نشأ طفلاً مندمجاً كباقي أطفال مرحلته، إلا أنه مع مرور الوقت وتسارع الأحداث تحوَّل من مندمج سلبي إلى ما أصفه بالمتنبِّه السلبي؛ يقبل بالواقع ولكنه يعي جيداً طبيعته ومكامن رفضه.
> ألا تخشى أن كل هذه الأحداث داخل الرواية تفقدها الإمتاع؟
- قد يكون ذلك صحيحاً؛ لم أضع ذلك في الحسبان عندما شرعتُ في الكتابة، لا تنسَ أن محفِّز الكاتب الأول هو التعبير والتنفُّس والتنفيس بالحروف على السطور، وليس الهدف الإمتاع، رغم أنه مبتغًى وأملُ كلِّ كاتب، دون شك.
إلا أن رهاني كان منذ البداية يكمن في خلق متعة التفكير والتحليل والمراجعة، وليس بالضرورة متعة الحماس التي تزخر بها العديد من الروايات الجميلة والمهمة، ورغم ذلك فإن الرواية مفعمة بأحداث تراجيدية قد يجد البعض متعة فيها.
> من حيث الموضوع، كأنك أيضاً تريد أن تتناول جميع أمراض المجتمع في رواية واحدة... فالرواية تتناول قضايا العنصرية، والقبلية، والتشدُّد، والطائفية، والانتهازية، والمرأة، والآخر، وصراع الأجيال... أليس ذلك كثيراً؟
- ربما لأن المواطن البسيط مثلي ومثلك ومثل الكثيرين عايش كل ذلك؛ كيف يمكن أن نفهم لماذا وصل يزيد لما وصل إليه في نهاية الرواية دون أن نفهم كيف كان يفكر في يومه العادي وفي يومه الاستثنائي، وهو يمر بمواقف تشكِّل مع بعضها فسيفساء شخصيته أو شخصية أخته وفاء أو صديقه أحمد أو أخيه موسى أو غيرهم من شخصيات الرواية.
يزيد عاش في حقبة سادتها حالة إنكار، وشكلت أمراضها للأسف وعي مجتمع بالكامل؛ هل المواضيع كثيرة تسألني، وأقول: سأكون قد ظلمتُ يزيد إن كنتُ قد اختزلت شخصيته ونفسيته لمجرد تأثيرات وانعكاسات موضوع أو موضوعين عليه.
> هناك مَن رأى، مثل الناقد إحسان الخالدي، أن السرد في هذه الرواية «مفعم بالحيوية والتشويق»، كيف أمكنك أن تجمع بين صرامة وجدية الحدث وسلاسة الأداء الكتابي...؟
- قد يكمن الجواب في كوني حاولتُ وضع الأحداث التاريخية مفاتيح وبوصلة زمنية ثم تركت الخيال يأخذني لحيث يريد، وهنا من المهم التنويه بأن الرواية ليست عملاً تاريخياً يمكن الركون إليه كمرجع، بل هي متجردة من كل حيادية أو موضوعية، أو لنقل مهنية الصحافي الذي يسيطر عليّ، ولذلك فسلاسة الكتابة وليدة هذه الحرية في كتابة ما أريد، وما يفرضه عليَّ يزيد وباقي شخوص الرواية.
> هل هناك خطط لمشروع روائي جديد...؟ وما الذي سيميزه عن هذا العمل...؟
- نعم، هناك رواية بإذن الله ستصدر في يناير (كانون الثاني) المقبل، تزامناً مع «معرض القاهرة للكتاب»، وهي رواية تدور أحداثها في دولة متخيَّلة، تمزج أحداثها ما بين الجريمة والفلسفة والحب، الرواية لها بطل جديد اسمه ريان، وهو أستاذ جامعي، وفيها نكتشف إلى جانب الأحداث الرئيسية للرواية ماذا حلّ بيزيد الأمارجي بعد نهاية روايته.
ربما ما يميزها هي أن «الأمارجي» تتحدث عن الواقع من وجهة نظر إنسان قد نعرف مثله كثيراً، بينما الرواية المقبلة تتحدث عن الخيال من وجهة نظر شخوص تعيش في عالم أشبه بـ«اليوتوبيا»، حيث «اليوتوبيا» ليست بالضرورة جميلة، كما قد نتوهم أن تكون.


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.