البرلمان الروسي يلاحق سيارات «الهاربين» من التعبئة العسكرية

سيارات روسية على المعبر الحدودي بين روسيا وفنلندا (أ.ب)
سيارات روسية على المعبر الحدودي بين روسيا وفنلندا (أ.ب)
TT

البرلمان الروسي يلاحق سيارات «الهاربين» من التعبئة العسكرية

سيارات روسية على المعبر الحدودي بين روسيا وفنلندا (أ.ب)
سيارات روسية على المعبر الحدودي بين روسيا وفنلندا (أ.ب)

بعيداً عن أجواء المعارك في ساحات القتال، وأخبار الانتكاسات أحياناً والتقدم الميداني في أحيان أخرى، تدور «معركة» من طراز آخر في روسيا، قد تغدو ضحيتها سيارات الهاربين من خدمة وطنهم على الجبهة.
أحدث الأفكار التي برزت لدى المشرِّعين الروس، وهم يبحثون عن وسائل معاقبة الفارين من التعبئة العسكرية، وكبح رغبات آخرين تقطعت بهم سبل الهروب من البلاد بعد تشديد الإجراءات الأمنية على المعابر الحدودية، تمثلت في مصادرة عشرات الألوف من السيارات التي «ضحى» بها أصحابها، وتركوها تقف في طوابير طويلة عند الحدود التي عبروها مشياً على الأقدام. فور إعلان الرئيس فلاديمير بوتين في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، قرار التعبئة الجزئية في البلاد؛ بهدف حشد ما يقارب 300 ألف نسمة للقتال في أوكرانيا، شهدت المعابر الحدودية البرية مع البلدان المجاورة لروسيا حالة إقبال غير مسبوقة.
ونقلت وسائل إعلام صوراً التُقطت من الجو تظهر طوابير طويلة جداً وصلت في بعض الحالات إلى نحو عشرين كيلومتراً، من السيارات التي تنتظر دورها للوصول إلى النقاط الحدودية مع كازاخستان ومنغوليا جنوباً، وفنلندا غرباً، وجورجيا في الجنوب الغربي.
الغالبية الكبرى ممن حالفهم الحظ، عبروا الحدود مشياً على الأقدام تجنباً لإشكالات تسجيل المراكب الروسية، ولتسهيل الدخول إلى الطرف الآخر من الحدود.
ووفقاً لتغطيات وسائل إعلام روسية، فإن كثيراً منهم باعوا سياراتهم قرب المنافذ الحدودية بأسعار زهيدة، لكن آخرين تركوها في المكان وفضلوا سرعة مواصلة الرحلة على انتظار بيع ممتلكاتهم. بتلك النتيجة تحولت الطوابير الطويلة إلى سيارات مهجورة على طول الطرق المؤدية إلى المعابر الحدودية.

وذكرت تقارير إخبارية أن السلطات المحلية واجهت مشكلة عويصة بسبب انتشار ظاهرة «لصوص السيارات» في أكثر من موقع، وأشارت إلى أن كثيراً من المركبات المتروكة تعرضت للكسر وسرقة محتوياتها، أو ما أمكن نزعه من قطعها لبيعه في سوق قطع الغيار.
أمام هذه الظاهرة، عمدت سلطات المدن القريبة من الحدود مع جورجيا إلى تنظيم عمليات إجلاء للسيارات إلى مراكز خاصة ومواقف مدفوعة الثمن تابعة لسلطات المرور في المنطقة. وهذا يعني أن أصحاب تلك السيارات تراكمت عليهم فواتير ضخمة وهم غائبون عن البلاد.
نوقش الأمر في البرلمان الروسي أكثر من مرة خلال الأسبوع الأخير، حتى تبلورت فكرة «جهنمية» عند نواب حزب «روسيا الموحدة» الحاكم، تتمثل في مصادرة كل السيارات المتروكة والاستحواذ عليها من قبل الدولة. وقال النائب في مجلس الدوما، أوليغ موروزوف، لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية إنه «من الضروري إجراء تغييرات سريعة على التشريعات بما يسمح بمصادرة السيارات من المواطنين الذين غادروا روسيا وتركوا سياراتهم على الحدود بعد فترة معينة».
في وقت سابق، قال رئيس مجلس الدوما، فياتشيسلاف فولودين، إن روسيا «تعد قوائم بأسماء أولئك الذين غادروا البلاد»، واقترح «التفكير في مصير السيارات التي تخلوا عنها على الحدود».
يصل عدد الهاربين وفقاً لتقديرات عدة إلى نحو 700 ألف نسمة، وذكرت وزارة الشؤون الداخلية أن أكثر من 200 ألف روسي دخلوا كازاخستان وحدها منذ 21 سبتمبر (أيلول).
وقال موروزوف: «نحن بحاجة ماسة إلى تعديل القانون للسماح باتخاذ قرارات بشأن نقل ملكية المركبات المهجورة للدولة، على سبيل المثال، بعد شهر من عبور المالك الحدود».
واقترح أن يشير القانون المعدل إلى أن صاحب السيارة المهجورة ملزم بتقديم أوراقه الثبوتية بنفسه حتى يتجنب قرار المصادرة. ما يعني أن الهاربين سيكون عليهم العودة إلى روسيا وتقديم أوراق تثبت ملكيتهم للعربات المتروكة.
وبحسب البرلماني، فإن مثل هذا الإجراء سيجعل من الممكن قانوناً مصادرة السيارات.
في 5 أكتوبر (تشرين الأول)، أفادت جمارك منطقة شمال القوقاز بانتهاء الازدحام المروري أمام حاجز لارس العلوي على الحدود الروسية - الجورجية. ونشطَّت شرطة المرور من جهودها لإجلاء السيارات المهجورة وتحويلها إلى الحجز.
ولا يرى البرلمانيون الروس أن الإجراء يعد جزءاً من أساليب معاقبة الهاربين، فهؤلاء سوف يتعرضون في كل الأحوال للمعاقبة تحت بند آخر من القانون يتعلق بتوقيع وثائق عند مغارة المعابر الحدودية الروسية تؤكد رفضهم العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وهذا سبب أساسي لتعرضهم لمساءلة جنائية بعد الانتهاء من وضع لوائح كاملة بأسمائهم وتصنيفها وفقاً لفئات عدة. وكان الاقتراح بفرض عقوبات جنائية على الهاربين برز في مشروع قانون قدمه النائب عن حزب «روسيا الموحدة» يفغيني ريفينكو، وقد نص المشروع على تعديل في القانون الجنائي يسمح بملاحقة من هربوا وإصدار أحكام غيابية ضدهم.
هذا التعديل يتعلق بالدرجة الأولى بمن اختاروا الفرار عبر المعابر الحدودية مع جورجيا؛ نظراً لأن الأجهزة الخاصة الجورجية طلبت تعبئة استمارات من القادمين الروس تثبت أنهم يعارضون قرار التعبئة الجزئية.
وذكرت وكالة «تاس» للأنباء، انتهاء الازدحام المروري، في إشارة إلى الخدمة الصحفية لإدارة جمارك شمال القوقاز: «الآن لا يوجد طابور للسيارات على الحدود مع جورجيا، ولم يعد هناك أي أشخاص يرغبون في عبور الحدود».
في 3 أكتوبر (تشرين الأول)، أفاد نائب رئيس وزراء جمهورية أوسيتيا الشمالية، القريبة من الحدود الجورجية إيربيك تومايف، أن ما يقرب من 70 ألف شخص عبروا الحدود بين روسيا وجورجيا خلال أسبوع. وزاد أنه «تم تطبيق نظام تأهب مشدد في الجمهورية، ومنع عبور السيارات المقبلة من مناطق روسية إلى الحدود مع جورجيا».
أيضاً في إطار كبح عمليات الفرار، أقام الجيش الروسي مراكز للتعبئة على الحدود مع جورجيا وكازاخستان، وذكرت تقارير أن مكاتب التسجيل والتجنيد العسكري بدأت بالتحقق مما إذا كان الشخص المغادر يخضع لقانون تعبئة جزئية.
وتم بالفعل احتجاز مئات الأشخاص الذين لم يحالفهم الحظ. وساعدت الإجراءات العسكرية العاجلة في ضبط الموقف على الحدود بعد مرور نحو أسبوعين على الظاهرة التي أثارت استياء المسؤولين الروس، وبقي مصير المركبات العالقة في المناطق الحدودية حبيس التعديلات القانونية المنتظرة.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
TT

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)

أثار هجوم نيو أورليانز، فجر أمس الأربعاء، الذي استهدف محتفلين برأس السنة، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، إدانات دولية.

فيما يأتي أبرزها:

فرنسا

أبدى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعاطفه «مع الشعب الأميركي الذي نشاطره الألم»، مؤكداً عبر منصة «إكس» أن المدينة التي «ضربها الإرهاب غالية على قلوب الفرنسيين».

وأسس مستعمرون فرنسيون نيو أورليانز، وقد وقع الهجوم في الحي الفرنسي الشهير بالمدينة.

كذلك، قدّم كريستيان إستروسي، رئيس بلدية مدينة نيس الجنوبية التي تعرضت لهجوم دهس عام 2016 أدى إلى مقتل 86 شخصاً، تعازيه.

وقال إن «المأساة التي وقعت في نيو أورليانز، المدينة الشقيقة لنيس، تذكرنا بشكل مؤلم بالمأساة التي شهدناها... أفكارنا مع العائلات والأرواح التي راحت ضحية عملية الدهس في احتفالات منتصف العام الجديد».

المملكة المتحدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عبر «إكس» إن «الهجوم العنيف الصادم في نيو أورليانز مروع».

وأضاف: «تعاطفي مع الضحايا وعائلاتهم وأجهزة الطوارئ وشعب الولايات المتحدة في هذا الوقت المأسوي».

الصين

قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحافي: «صدمنا بهذا الهجوم العنيف»، مضيفة أن «الصين تعارض كل أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف المدنيين».

وتابعت: «نحن حزانى على الضحايا، ونعرب عن تعاطفنا مع أسرهم ومع المصابين».

أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عبر «إكس» إنه «روّع بالهجوم الذي وقع في نيو أورليانز بالولايات المتحدة الذي أودى بحياة أبرياء وأدى إلى إصابة العديد من الأشخاص».

وأضاف: «نحن على ثقة بأن المسؤولين عن هذا العمل الفظيع سيحاسبون. إن العنف والإرهاب وأي تهديدات لحياة الناس ليس لها مكان في عالمنا، ويجب عدم التسامح معها. نقدم تعازينا الصادقة لأسر الضحايا... أوكرانيا تقف بجانب الشعب الأميركي وتدين العنف».

الاتحاد الأوروبي

عدّت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عبر منصة «إكس» أن «لا عذر لعنف مماثل»، مبدية «حزنها الكبير».

وأضافت: «نحن نتضامن بشكل كامل مع الضحايا وعائلاتهم خلال هذه اللحظة المأسوية».

الأمم المتحدة

دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم «بشدة» و«قدم تعازيه لأسر الذين فقدوا أرواحهم»، «كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى» بحسب بيان صادر عن الناطق باسمه.

ألمانيا

قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، عبر «إكس»: «إنها أخبار فظيعة من نيو أورليانز».

وأضاف: «أشخاص يحتفلون تؤخذ حياتهم أو يصابون بسبب كراهية لا معنى لها. نحن نحزن مع عائلات الضحايا وأصدقائهم، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين».

إسرائيل

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عبر «إكس»: «أشعر بحزن كبير إزاء الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز».

وأضاف: «أقدم خالص التعازي لأسر الضحايا. أتمنى الشفاء العاجل للمواطنين الإسرائيليين المصابين وجميع الجرحى... لا مكان للإرهاب في عالمنا».

تركيا

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان: «نحن نشعر بحزن عميق جراء الهجوم الذي وقع في نيو أورليانز في الولايات المتحدة».

وأضافت: «نتقدم بتعازينا لأسر وأصدقاء الذين فقدوا أرواحهم... نأمل في أن يتم الكشف عن دوافع الهجوم في أقرب وقت ممكن، وأن تتم محاسبة المسؤولين عنه».