من خلال كشف الهوية الجزيئية لفصيلة الدم الجديدة نسبيا المعروفة باسم «نظام Er»، يأمل العلماء في أن تساعد دراستهم الجديدة بتحديد وعلاج بعض الحالات النادرة لعدم توافق الدم، على سبيل المثال بين النساء الحوامل والأجنة؛ فلقد زودت خسارة مؤلمة لطفلين حديثي الولادة العلماء بمعلومات أساسية حول مجموعة نادرة من أنواع الدم لوحظت لأول مرة في البشر منذ 40 عاما.
ويقول عالم الأحياء الخلوي بجامعة بريستول آش توي «يوضح هذا العمل أنه حتى بعد كل الأبحاث التي أجريت حتى الآن، ما يزال بإمكان خلايا الدم الحمراء البسيطة أن تفاجئنا»، وذلك وفق موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص.
ويتم تحديد فصيلة الدم من خلال وجود أو عدم وجود مستضدات معينة، مع كون الأنواع الرئيسية التي يعرفها الناس هي (A وB وO وAB) (الإيجابية والسلبية)، وهو ما يشكل أنواع الدم الثمانية.
ويصف تصنيف الدم وجود وغياب مجموعات من البروتينات والسكريات التي تغلف أسطح خلايا الدم الحمراء.
وعلى الرغم من أنها يمكن أن تخدم أغراضا مختلفة، إلا أن أجسامنا تستخدم عموما مستضدات سطح الخلية كعلامات تعريف يمكن بواسطتها فصل الذات عن الغزاة الذين يحتمل أن يكونوا ضارين.
ولمعرفة فصيلة الدم، هناك أنواع مختلفة من الأجسام المضادة التي يمكن استخدامها، والتي يعرف الناس منها نظام الزمر الدموية ABO (للدلالة على وجود أحد المستضدين A وB أو كلاهما أو غيابهما من سطح كريات الدم الحمراء).
ونظام الزمرة الدموية الريسوسية (rhesus) واحد من خمسة وثلاثين نظاما دمويا معروفا وهو ثاني أهم نظام بفصائل الدم بعد نظام مجموعة الدم ABO. وهذه الأنظمة مهمة بشكل أساسي في مطابقة عمليات نقل الدم. لكن هناك في الواقع العديد من أنظمة فصائل الدم المختلفة التي تعتمد على مجموعة واسعة من مستضدات سطح الخلية ومتغيراتها.
ودرس الفريق ثلاثة مستضدات لفصيلة الدم (جزيئات على سطح خلايا الدم الحمراء يمكن أن تسبب هجوما في جهاز المناعة) لا تتناسب مع أي نظام فصيلة دم قائم. وفي هذه العملية، أكد الفريق مجموعة جديدة من فصائل الدم تسمى «نظام Er» والتي أصبحت تمثل المجموعة الـ44 للدم.
جدير بالذكر، تم التعرف على معظم المجموعات الرئيسية للدم أوائل القرن العشرين؛ إلا أن الوافد الأخير للمجموعة «Er» ظهر فقط عام 1982.
وبعد ست سنوات، تم تحديد نسخة من المجموعة باسم «Erb». ثم حدد العلماء المستضدات «Er3 وEra»، إضافة إلى اكتشاف مستضدين جديدين «Er4 وEr5».
ويرتبط هذا النظام ببروتين معين موجود على سطح خلايا الدم الحمراء يسمى «Piezo1».
والاختلافات في فصيلة الدم التي تم تحديدها أخيرا (Er4 وEr5) نادرة للغاية، وقد ارتبطت بالداء الانحلالي في الأجنة وحديثي الولادة. إذ يتطور هذا المرض عندما يهاجم الجهاز المناعي للأم دم طفلها الذي لم يولد بعد.
وفي حين أنه كان من الواضح منذ عقود أن هذه المستضدات لخلايا الدم موجودة، إلا أنه لم يُعرف سوى القليل جدا عن تأثيرها السريري.
وعندما تظهر خلية دم مع مستضد لم يصنفه جسمنا على أنه خاص بنا، ينشط جهاز المناعة ويرسل أجساما مضادة للإبلاغ عن الخلايا الحاملة للمستضد المشتبه به لتدميرها.
وفي بعض الحالات، يمكن أن يتسبب عدم التوافق بين الجنين وفصيلة دم الأم في حدوث مشكلات إذا أصبح الجهاز المناعي للأم حساسا تجاه المستضدات الأجنبية.
ويمكن للأجسام المضادة المتولدة استجابة لذلك أن تمر عبر المشيمة، ما يؤدي إلى الداء الانحلالي في الجنين (اضطراب في الدم يصيب الجنين أو الرضيع حديث الولادة ويمكن أن يكون قاتلا).
ولحسن الحظ، هناك طرق عدة للوقاية من الداء الانحلالي لدى الأطفال حديثي الولادة أو حتى علاجه هذه الأيام، بما في ذلك الحقن للأمهات الحوامل وعمليات نقل الدم للأطفال. ولكن، بالنسبة لإحدى الحالات المذكورة في الدراسة، فشل نقل الدم بعد الولادة القيصرية في إنقاذ حياة الطفل، ما أشار إلى وجود شيء لم يتمكن الأطباء والباحثون من اكتشافه.
وفي ذلك تقول أخصائية الأمصال من دائرة الدم وزرع الدم التابعة للخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة (NHSBT) لمجلة Wired الدكتورة نيكول ثورنتون «ظهرت تلميحات عن هذه الأجسام المضادة النادرة على مر السنين، لكن ندرتها جعلت فهمنا لها بعيد المنال حتى الآن».
لذلك قامت ثورنتون وزملاؤها بقيادة فانجا كراماتيك كرو عالمة الأمصال في «NHSBT»، بتحليل دماء 13 مريضا لديهم المستضدات المشتبه بها. وحددوا خمسة اختلافات في مستضدات «Er» والمتغيرات المعروفة Era وErb وEr3 والاثنين الجديدين Er4 وEr5.
ومن خلال تسلسل الرموز الجينية للمرضى، تمكنت كرو وفريقها من تحديد الجين الذي يرمز لبروتينات سطح الخلية. ومن المثير للدهشة أنه كان جينا مألوفا بالفعل في العلوم الطبية (PIEZO1).
ويوضح آش توي «ان بروتينات PIEZO1 هي بروتينات حسية ميكانيكية تستخدمها الخلية الحمراء للاستشعار عند ضغطها»؛ حيث يرتبط البروتين (PIEZO1) بالفعل بالعديد من الأمراض المعروفة؛ إذ تموت الفئران التي لا تحتوي على هذا الجين قبل الولادة، وتلك التي تم حذف الجين منها في خلايا الدم الحمراء فقط ينتهي بها الأمر بخلايا دم هشة وفرط الماء.
وأكد الطاقم والفريق النتائج التي توصلوا إليها عن طريق حذف «PIEZO1» في خط خلوي من خلايا الدم الحمراء، وهي مقدمة لخلايا الدم الحمراء، واختبار المستضدات.
كما ان من المؤكد أن PIEZO1 مطلوب لإضافة مستضد Er إلى سطح الخلية.
ونظرا لأنهم وجدوا نسبة انتشار عالية لمتغير Er5 في السكان الأفارقة، يشتبه العلماء في أن هذا البديل قد ينقل نوعا من الميزة ضد الملاريا؛ مثل بعض أنواع الدم النادرة الأخرى الموجودة هناك.
اكتشاف فصيلة دم نادرة قد تنقذ الأطفال من مرض قاتل
اكتشاف فصيلة دم نادرة قد تنقذ الأطفال من مرض قاتل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة