«نقر الجزيئات» يمنح 3 علماء «نوبل الكيمياء»

بينهم ثامن امرأة تحصل على الجائزة وخامس عالم يحوزها مرتين

العلماء الثلاثة الفائزون بـ«نوبل» في الكيمياء
العلماء الثلاثة الفائزون بـ«نوبل» في الكيمياء
TT

«نقر الجزيئات» يمنح 3 علماء «نوبل الكيمياء»

العلماء الثلاثة الفائزون بـ«نوبل» في الكيمياء
العلماء الثلاثة الفائزون بـ«نوبل» في الكيمياء

في عام 2001، وضع كارل شاربلس، من معهد «سكريبس للبحوث» بأميركا، فلسفة جديدة في علم الكيمياء هي «كيمياء النقر»، وكان ذلك في نفس العام الذي حصل فيه على جائزة «نوبل» في الكيمياء، بصحبة عالمين من أميركا واليابان، عن أبحاثه في مجال «تفاعلات الأكسدة المحفزة» التي مكّنت من تصنيع مضادات حيوية أكثر أماناً وفاعلية، وأدوية مضادة للالتهابات، وأدوية للقلب.
وأمس، كان شاربلس على موعد مع جائزة «نوبل» من جديد، حيث كرّمت الجائزة فلسفته بعد 21 عاماً، التي عمل عليها أيضاً العالم الدنماركي مورتن ميلدال من جامعة كوبنهاغن، فيما نقلتها العالمة الأميركية كارولين بيرتوزي من جامعة ستانفورد، إلى مستوى جديد من التفاعلات داخل الكائنات الحية، ليتشارك الثلاثة في الجائزة.
وتقوم فلسفة «كيمياء النقر» على تخليق المواد بسرعة وبشكل موثوق من خلال ضم وحدات صغيرة معاً، وهي فكرة مستلهمة من أن الطبيعة نفسها تخلق أيضاً مواد، من خلال ضم وحدات قياسية صغيرة إلى بعضها، فيما يشبه «مكعبات الليغو».
ووصف أولوف رامستروم، عضو لجنة «نوبل» للكيمياء، الجائزة بأنها «تكريم رائع لاكتشاف رائع لباحثين كانوا يعملون على طرق لمحاولة ربط الجزيئات، بحيث تترابط معاً بكل بساطة وبشكل مباشر، بنفس الطريقة التي تُبنى بها الليغو».
ويقول: «يمكنك الحصول على قطع الليغو، ويمكنك النقر عليها معاً، وبناء منازل أو أدوات أو مركبات متقدمة جداً، وحتى سفن الفضاء، إنه نفس الشيء مع هذه الكيمياء، على الرغم من أنه على المستوى الجزيئي للغاية».
وعلق فيليب برودويث، من مجلة الجمعية الملكية للكيمياء، في تصريحات نقلتها «الغارديان» على منح العلماء الثلاثة الجائزة، قائلاً: «لقد كانت الجائزة متوقعة منذ سنوات؛ بسبب ما أنجزه الباحثون من التحكم المطلق في التفاعلات الكيميائية، عبر (كيمياء النقر)».
ويوضح برودويث أن «شاربلس صاغ مصطلح (كيمياء النقر) لوصف التفاعلات السريعة والعالية العائد والنظيفة؛ مما يعني أنها لا تنتج الكثير من المنتجات الجانبية غير المرغوب فيها، واكتشف مع العالم ميلدال واحداً من أول تفاعلات النقر بشكل مستقل، مما أدى إلى إنشاء فرع خاص بها في الكيمياء التركيبية، ساعد آخرين على صنع أنواع جديدة من الجزيئات الحيوية وإنشاء مواد يمكنها توصيل الأدوية بدقة في الأماكن التي يحتاج إليها المرضى من البشر».
ويضيف: «وفي غضون ذلك، نقلت بيرتوزي هذه الكيمياء إلى مستوى جديد عبر تطوير طريقة لجعل النقرات الكيميائية تعمل داخل الكائنات الحية دون تعطيلها، وإنشاء طريقة جديدة تُعرف باسم (التفاعلات المتعامدة الحيوية)، التي تُستخدم الآن لاستكشاف الخلايا وتتبع العمليات البيولوجية وتصميم الأدوية التي يمكن أن تستهدف أمراضاً مثل السرطان بشكل أكثر دقة».
ومن جانبه، قال توم براون، أستاذ كيمياء الأحماض النووية بجامعة أكسفورد، في تقرير نشرته أمس صحيفة «واشنطن بوست»، إن «مفهوم (كيمياء النقر) أدى إلى ظهور مواد جديدة عالية الوظائف، وحفز التطورات الصيدلانية المهمة، وكان له تأثير في عديد من مجالات البيولوجيا الكيميائية».
وقالت ميشيل بوند، الباحثة بالمعهد الوطني للعلوم الطبية العامة بأميركا، إن «بيرتوزي كانت أحد أسباب ذهابي إلى جامعة كاليفورنيا، هي ليست فقط كيميائية ممتازة، ولكنها جيدة بشكل لا يصدق في إيصال أهمية عملها للجمهور وإمكاناته المستقبلية».
وأضافت أن «عمل بيرتوزي طور مجال علم السكري الذي يركز على الكربوهيدرات الموجودة على سطح جميع الخلايا تقريباً التي تشارك في الارتباط بالخلايا الأخرى والتواصل معها. وتختلف هذه الكربوهيدرات عندما تكون الخلايا سليمة أو مريضة، ويتيح تحديد هذه الاختلافات للباحثين استهداف الخلايا المريضة».
وفي أول رد فعل على إعلان فوزها، قالت بيرتوزي عبر مكالمة هاتفية خلال المؤتمر الصحافي الذي نظمته لجنة نوبل: «صُدمت تماماً، لتلقي الأخبار من استوكهولم، أنا أجلس هنا، بالكاد أستطيع التنفس».
وبفوز بيرتوزي، أصبحت ثامن امرأة تحصل على «نوبل» في الكيمياء، في تاريخ الجائزة التي بدأت عام 1901، وجاء فوزها ليعيد المرأة مرة أخرى لقائمة نوبل في الكيمياء بعد نحو عامين من حصول البروفيسور إيمانويل شاربنتييه، مدير وحدة أبحاث «ماكس بلانك» لعلوم مسببات الأمراض في برلين، والبروفيسور جينيفر دودنا، عالمة الكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا، لتكونا أول امرأتين تشتركان في جائزة الكيمياء لعملهما على «المقص الجزيئي» الذي يستخدم لتعديل الشفرة الجينية.
ووضعت جائزة هذا العام كارل شاربلس في النادي الأكثر حصرية للفائزين المزدوجين، فهذه هي المرة الثانية التي يفوز فيها بجائزة «نوبل» في الكيمياء، وكانت أول مرة في عام 2001، عن عمله على «تفاعلات الأكسدة المحفزة»، وفاز قبله 4 علماء فقط بالجائزة مرتين، وهم: جون باردين، وماري كوري، ولينس بولينج، وفريد سانجر.


مقالات ذات صلة

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

شؤون إقليمية نرجس محمدي (رويترز)

تدهور صحة السجينة الإيرانية نرجس محمدي ونقلها إلى المستشفى

وافقت السلطات الإيرانية على نقل السجينة الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي إلى المستشفى بعد نحو تسعة أسابيع من معاناتها من المرض.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد الخبير الاقتصادي سايمون جونسون بعد فوزه المشترك بجائزة نوبل في الاقتصاد بمنزله في واشنطن يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الفائز بـ«نوبل الاقتصاد»: لا تتركوا قادة شركات التكنولوجيا العملاقة يقرّرون المستقبل

يؤكد الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد سايمون جونسون على ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشدداً على مخاطر تحويل العمل إلى آلي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

«نوبل الاقتصاد» لـ 3 أميركيين

فاز خبراء الاقتصاد الأميركيون دارون أسيموغلو وسايمون جونسون وجيمس روبنسون، بجائزة «نوبل» في العلوم الاقتصادية، أمس، عن أبحاثهم في مجال اللامساواة في الثروة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد شاشة داخل «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» خلال الإعلان عن جائزة «نوبل الاقتصاد» في استوكهولم (رويترز)

عقد من التميز... نظرة على الفائزين بجائزة «نوبل الاقتصاد» وأبحاثهم المؤثرة

على مدار العقد الماضي، شهدت «الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم» تتويج عدد من الأسماء اللامعة التي أحدثت تحولاً جذرياً في فهم الديناميات الاقتصادية المعقدة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد خلال إعلان الأكاديمية الملكية السويدية عن فوز ثلاثة أميركيين بجائزة نوبل للاقتصاد (رويترز)

الفائزون الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد... سيرة ذاتية

تنشر «الشرق الأوسط» سيرة ذاتية للفائزين الثلاثة بجائزة نوبل للاقتصاد والذين فازوا نتيجة أبحاثهم بشأن عدم المساواة بتوزيع الثروات.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».