جرائم الحوثيين في تعز تحت مجهر الرصد الحقوقي

تدمير وتضرر 675 منزلاً و8 مستشفيات و14 فندقاً سياحياً و48 منشأة ومؤسسة ومدرسة و554 محلا تجاريا و20 مسجداً و3 مواقع أثرية

جرائم الحوثيين في تعز تحت مجهر الرصد الحقوقي
TT

جرائم الحوثيين في تعز تحت مجهر الرصد الحقوقي

جرائم الحوثيين في تعز تحت مجهر الرصد الحقوقي

اتهمت شبكة راصدين محليين، مؤلفة من عدة منظمات حقوقية، ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح بارتكاب جرائم حرب في مدينة تعز.
وقالت الشبكة إن "339 قتيلاً من المدنيين سقطوا في مدينة تعز خلال الفترة من 26 مارس (آذار) 2015 وحتى 20يونيو(حزيران) الحالي على يد ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، إثر اجتياحهم للمدينة الواقعة شمال وسط اليمن.
وذكرت الشبكة، في مؤتمر صحافي عقدته في المدينة صباح أمس، أنها استندت في رصدها أعداد وأسماء الضحايا على بيانات المستشفيات الحكومية والأهلية الخمس العاملة في مدينة تعز إضافة إلى بيانات مكتب الصحة في تعز، مشيرة إلى أن "أكثر ضحايا ما سمته "العدوان الحوثي العفاشي على تعز" كانوا من المدنيين، حيث سقط جراء المعارك "64 طفلاً و38 امرأة و237 رجلاً" حسب رصد الشبكة.
وقالت الناشطة الحقوقية البارزة إشراق المقطري، في حديث أجرته معها «الشرق الأوسط» إن شبكة الراصدين المحليين لمحافظة تعز مبادرة مجتمعية تتألف من "5 ممثلين للمستشفيات الخمس التي استقبلت الضحايا، إضافة إلى 6 منظمات مجتمع مدني من ذوات الخبرة والكفاءة في الجانب الرصدي، وإلى جانب 7 محاميين، و4 موثقين فوتوغرافيين، وتضم الشبكة أيضاً ممثلين عن أربع مبادرات شبابية، و15 راصد ميدانياً تم توزيعهم بشكل مدروس على أبرز مناطق الاشتباكات والمواجهات المسلحة في المدينة".
وأوضحت الناشطة إشراق المقطري، وهي مدربه بمجال آليات حماية حقوق الإنسان، إن "العدوان الحوثي العفاشي على تعز طال كل شيء في المدينة: البشر، والمساكن والمنشآت العامة والخاصة، والآثار والمساجد التاريخية، ولم يبق ولم يذر"، منوهة إلى أن الشبكة توصلت بعد عمليات الرصد والمسح الميداني الشامل في المدينة إلى أنه خلال الفترة من 17 ابريل وحتى 20 يونيو2015 تم تدمير وتضرر "675 منزلاً ، إضافة إلى 8 مستشفيات عامه وخاصة، و14 فندقاً سياحياً، علاوة على 48 منشأة ومؤسسة ومدرسة، و554 محلا تجاريا، و20 مسجداً، إلى جانب 3 مواقع أثرية".
وأضافت المقطري: "لم تكن تعز يوما حاضنة لأية ميليشيات أو مشاريع جماعات مسلحة، ولم تصدر لليمن سوى مشاريع الدولة المدنية وأسلحتها المتمثلة بالتعليم والفكر والتعددية السياسية والفكرية، لكنها اضطرت أن تعبر عن رفض فرض القوة بطرق السلاح التي دفع بها الحوثيون وجيش صالح العائلي الذي ينتقم من ثورة فبراير والمدينة التي كانت نواة وشرارة المطالبة برحيل صالح ونظامه".
وذكرت المقطري أن "الخسائر في أوساط المدنيين كانت عالية، حيث أمطر الحوثيون وقوات صالح سكان المدينة بمئات القذائف العشوائية التي أصابت أحياء مكتظة بالسكان"، مشيرة إلى "منازل ومساكن المدنيين تعرضت حسب رصد الشبكة إلى نحو "533 منزلا بقذائف، إلى جانب 4 حالات قصف تعرضت لها وسائل مواصلات، و7 حالات قنص لوسائل مواصلات، إلى جانب العشرات من حالات قنص المارة خاصة في شهري مايو(أيار) ويونيو الحالي".


وحول الجرحى في صفوف المدنيين قالت المقطري في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الجرحى في مدينة تعز ناهز 3500 جريح معظمهم من المدنيين. يتوزعون، حسب رصد الشبكة، على النحو التالي "222 طفلاً و112 امرأة، في حين بلغ عدد الجرحى من الذكور 944 جريحاً مجموعهم 1278 جريحاً على وجه التحديد حسب الإحصائيات المتوفرة والتي يستثنى منها جرحى مستشفى اليمن الدولي"، مشيرة إلى أن "إجمالي الجرحى في مدينة تعز بعد حصول شبكة الرصد على قائمة جرحى مستشفى اليمن الدولي بلغ 3530 جريحاً".
واتهمت الشبكة ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية لصالح باعتقال أكثر من 600 معتقل سياسي، وتحويل المدارس والحدائق العامة إلى معتقلات وسجون للجماعة.
وقالت المقطري إن "مليشيات الحوثي وقوات صالح قامت حسب رصد الشبكة بخطف واعتقال عدد كبير من الناشطين والمدنيين في محافظة تعز واحتجازهم في عدد من الأماكن أبرزها: مدرسة اروي المجلية، مدينة الصالح الحوبان، حدائق الصالح الضباب، قسم شرطة الجحملية، إضافة إلى مقر الحوثيين، ومنازل القيادات البارزة في صفوف الحوثيين والمؤتمرين في منطقتي الجحملية والأمن السياسي". ومن أبرز المعتقلين في سجون الجماعة الناشطان المعتقل احمد الرامسي وفواز العديني فضلاً عن الناشط والصحافي هشام السامعي الذي تم الإفراج عنه مؤخراً، إلى جانب الشخصيتين البارزتين د. عبد الرحيم السامعي ود. ياسين القباطي مؤسس مبادرة صدقة جارية.
على الصعيد الصحي اتهمت الشبكة ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية بمنع وصول الإمدادات الصحية للمستشفيات العاملة في تعز وقطع التيار الكهربائي عنها وعدم صرف المرتبات وموازنة النصف الثاني التشغيلية واحتجاز المشتقات النفطية، وقالت الشبكة إن الحوثيين "قصفوا مستشفى الجمهوري بتعز بالمدفعية وقذائف الهاون ومضاد الطيران أكثر من 7 مرات، مما أدى إلى إغلاق العديد من الأقسام داخل المستشفى، ومنها قسم الولادة، الباطنية رجال ونساء، العيون، القسطرة القلبية، قسم العناية القلبية. فضلاً عن توثيق العديد من حالات القنص إلى داخل المستشفى بالقناصة بشكل يومي".
ذات الشيء فيما يتعلق بمستشفى الثورة كبرى المستشفيات الحكومية. حيث تم "قنص الكادر الطبي في المستشفى منهم عبد الحليم الاصبحي وجمال القدسي"، (سبق أن نشرت «الشرق الأوسط» قصة عن الجريمة) ولا تقتصر حالات القنص على الكادر الطبي، حيث جرى قنص واستهداف المستشفى برصاص القناصة ما نجم عنه إصابة مرافق مريض يدعى فهد صالح برجله اليسرى ومرافق مريض آخر يدعى احمد محمد الشوافي".
ونوهت الشبكة إلى أن الحوثيين قصفوا "مبنى مستشفى الثورة مرات عديدة بقذائف تضرر بسببها العديد من الأقسام والمرافق في المستشفى، خاصة قسم العناية المركزة الذي دمر بشكل كلي". ونتج عن القصف حسب رصد الشبكة "إصابة الممرض أنور سعيد سيف ووفاة مريض آخر".
وإلى جانب المعاناة الإنسانية للسكان المحليين الناجمة عن انقطاع التيار الكهربائي والمياه منذ نحو ثلاثة أشهر عن المدينة، قالت الشبكة إن "إغلاق مكتب صندوق النظافة وعدم توفير المشتقات النفطية الخاصة بسيارات النظافة، تسببت في تكدس مخيف ومهول للقمامة في جميع الأحياء السكنية في محافظة تعز، ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض".
وبحسب رصد الشبكة فإن أبرز الأحياء السكنية المتضررة من قذائف الحوثيين وقوات صالح هي أحياء "المناخ- الجمهوري - حوض الأشراف -والشماسي الثورة - التحرير شارع 26 سبتمبر -المالية والبريد- سوق الصميل- الروضة- جبل جرة - بر باشا - وادي القاضي- الحصب المرور- وعصيفيره و كلابة - شوارع الستين والأربعين".



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.