تقرير: استخدام روسيا للأسلحة النووية الصغيرة يعرضها لمخاطر تفوق المكاسب المرجوة

أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)
أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)
TT

تقرير: استخدام روسيا للأسلحة النووية الصغيرة يعرضها لمخاطر تفوق المكاسب المرجوة

أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)
أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)

على الرغم من مخاوف الكثير من الدول والمسؤولين من إمكانية استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أسلحة نووية صغيرة تعرف بالأسلحة النووية «التكتيكية» في حربه بأوكرانيا بعد تكبد قواته خسائر كبيرة ومحرجة هناك، إلا أن بعض الخبراء والمحليين يقولون إنه من الصعب استخدام هذا النوع من الأسلحة، ويصعب التحكم فيها، هذا إلى جانب حقيقة أنها ستكون خياراً محفوفاً بالمخاطر لروسيا أيضاً، وقد تتسبب في أضرار خطيرة ولا رجعة فيها بها.
الأسلحة النووية التكتيكية هي تلك التي يمكن استخدامها على مسافات قصيرة نسبياً. وهذا ما يميزها عن الأسلحة النووية «الاستراتيجية».
وقال العديد من المسؤولين الأميركيين لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن استخدام بوتين لهذه الأسلحة سيكون جزءاً من محاولة أخيرة من جانبه لوقف الهجوم المضاد الأوكراني.
وأشار المسؤولون إلى أن هناك عدة سيناريوهات حول كيفية استخدام الروس للأسلحة النووية الصغيرة في الحرب، حيث يمكنهم إطلاق قذيفة قطرها 6 بوصات من سلاح مدفعي على الأراضي الأوكرانية، أو رأس حربي وزنه نصف طن من صاروخ ينطلق من الحدود بين روسيا وأوكرانيا. ويمكن أن تستهدف هذه الأسلحة قاعدة عسكرية أوكرانية أو مدينة صغيرة.
ويعتمد مقدار الدمار والإشعاع الناتج عنها على عوامل تشمل حجم السلاح والرياح. إلا أن المسؤولين الأميركيين أشاروا إلى أن حتى حدوث انفجار نووي صغير يمكن أن يتسبب في مقتل الآلاف ويجعل منطقة أو مدينة ما غير صالحة للسكن لسنوات.

ومع ذلك، فإن المخاطر التي قد يتعرض لها بوتين جراء استخدام هذه الأسلحة يمكن أن تفوق بسهولة أي مكاسب قد تنتج عنها، وفقاً للمسؤولين. فإلى جانب حقيقة أن بلاده ستصبح منبوذة بشكل أكبر على المستوى العالمي، سيحاول الغرب الاستفادة من هذه الانفجارات لمحاولة إدخال الصين والهند، وغيرها من الدول التي ما زالت تشتري النفط والغاز الروسيين، في العقوبات التي حاولوا تجنبها كثيراً.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتسبب قوة الرياح واتجاهها في تسرب الإشعاع المنبعث من الأسلحة النووية بسهولة إلى الأراضي الروسية.
ولعدة أشهر، كانت المحاكاة الحاسوبية من البنتاغون والمختبرات النووية الأميركية ووكالات الاستخبارات تحاول صياغة نموذج لما قد يحدث في حال استخدام بوتين للأسلحة التكتيكية، وكيف يمكن للولايات المتحدة الرد. إنها ليست مهمة سهلة لأن هذه الأسلحة تأتي بأحجام وأنواع عديدة، ومعظمها يمتلك جزءاً صغيراً من القوة التدميرية للقنابل التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي في عام 1945.
وقال مسؤول مطلع إن نتائج النمذجة تتباين بشكل كبير، اعتماداً على ما إذا كان هدف بوتين هو قاعدة عسكرية أوكرانية نائية أو مدينة صغيرة أو انفجار ظاهري فوق البحر الأسود.
ومن المفهوم أن أكثر ما يقلق الأوروبيون بشأنه هو الرأس الحربي الثقيل الذي يمكن تركيبه فوق صاروخ «إسكندر إم» الباليستي، ويمكن أن يصل إلى مدن في أوروبا الغربية.

وتشير البيانات الروسية إلى أن أصغر انفجار نووي قد ينتج عن الرؤوس النووية المنطلقة من صاروخ «إسكندر إم» ستبلغ قوته حوالي ثلث القوة التفجيرية لقنبلة هيروشيما.
وقال مايكل جي فيكرز، المسؤول المدني السابق في البنتاغون، إنه في حين أن انفجار الأسلحة التكتيكية في حد ذاته سيؤدي إلى كارثة بكل تأكيد، إلا أن النشاط الإشعاعي الناتج عن هذه الأسلحة قد يشكل كارثة أكبر، حيث إنه سيكون طويل الأمد.
وأكد فيكرز أن الفائدة الاستراتيجية للأسلحة التكتيكية الروسية «ستكون موضع شك كبير، بالنظر إلى العواقب التي ستواجهها روسيا بشكل شبه مؤكد بعد استخدامها».
وأشار فيكرز إلى ما حدث في عام 1986 عندما تعرض أحد مفاعلات تشيرنوبيل الأربعة لانهيار وانفجارات دمرت مبنى المفاعل، لافتاً إلى أنه في ذلك الوقت، هبت رياح جنوبية وجنوبية شرقية، ما أدى إلى إرسال إشعاعات إلى بيلاروسيا وروسيا.
وفي الأسبوع الماضي، خلص معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة، إلى أن «الاستخدام النووي الروسي سيكون مقامرة هائلة لتحقيق مكاسب محدودة لن تحقق أهداف بوتين المعلنة للحرب».
وأضاف المعهد: «في أحسن الأحوال، سيؤدي الاستخدام النووي الروسي إلى تمكين الكرملين من الحفاظ على أراضيه المحتلة حالياً في أوكرانيا دون الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها»، الذي كان بالطبع الهدف الأصلي لبوتين من البداية.


مقالات ذات صلة

كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

العالم كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

كوريا الشمالية تحذر من «خطر أكثر فداحة» بعد اتفاق بين سيول وواشنطن

حذرت كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون من أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لتعزيز الردع النووي ضد بيونغ يانغ لن يؤدي إلا إلى «خطر أكثر فداحة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. كانت واشنطن وسيول حذرتا الأربعاء كوريا الشمالية من أن أي هجوم نووي تطلقه «سيفضي إلى نهاية» نظامها. وردت الشقيقة الشديدة النفوذ للزعيم الكوري الشمالي على هذا التهديد، قائلة إن كوريا الشمالية مقتنعة بضرورة «أن تحسن بشكل أكبر» برنامج الردع النووي الخاص بها، وفقا لتصريحات نقلتها «وكالة الأنباء الكورية الشمالية» اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
العالم في ذكرى كارثة «تشرنوبيل»... أوكرانيا تحذّر من «ابتزاز» نووي روسي

في ذكرى كارثة «تشرنوبيل»... أوكرانيا تحذّر من «ابتزاز» نووي روسي

في الذكرى السنوية الـ37 لكارثة «تشرنوبيل» النووية، حثت أوكرانيا اليوم (الأربعاء)، العالم على ألا يستسلم لـ«ابتزاز» روسيا بخصوص المنشآت النووية التي استولت عليها خلال غزوها لأوكرانيا. وبدأ العاملون السابقون فعاليات إحياء الذكرى في الموقع الذي كان يطلق عليه «محطة تشرنوبيل للطاقة النووية». ووقف العاملون السابقون ليلاً في بلدة سلافوتيتش بشمال البلاد، لإحياء ذكرى ضحايا أسوأ كارثة نووية في العالم والتي وقعت في 26 أبريل (نيسان) 1986. وأسفر انفجار في المحطة، التي كانت تقع في أوكرانيا السوفياتية آنذاك، عن إرسال مواد إشعاعية عبر أوروبا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم «الطاقة الذرية» تحذر من تجدد القتال حول محطة زابوريجيا النووية

«الطاقة الذرية» تحذر من تجدد القتال حول محطة زابوريجيا النووية

حذر رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس (الجمعة)، من أن الأعمال العدائية المتزايدة حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية الواقعة جنوبي أوكرانيا تزيد مرة أخرى من خطر وقوع كارثة، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وقال غروسي إنه شاهد بنفسه «مؤشرات واضحة على تجهيزات عسكرية» حول محطة زابوريجيا، أكبر محطة نووية في أوروبا عندما زارها قبل ثلاثة أسابيع. وتابع غروسي في بيان يوم الجمعة، أنه «ومنذ ذلك الحين، أبلغ خبراؤنا في المحطة بشكل متكرر عن سماع دوي انفجارات، مما يشير في بعض الأحيان إلى وقوع قصف مكثف ليس بعيدا عن الموقع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم كوريا الشمالية ترفض دعوة «مجموعة السبع» للامتناع عن تجارب نووية جديدة

كوريا الشمالية ترفض دعوة «مجموعة السبع» للامتناع عن تجارب نووية جديدة

رفضت كوريا الشمالية، اليوم (الجمعة)، دعوة مجموعة السبع لها إلى «الامتناع» عن أي تجارب نووية أخرى، أو إطلاق صواريخ باليستية، مجددةً التأكيد أن وضعها بوصفها قوة نووية «نهائي ولا رجعة فيه»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ونددت وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي بالبيان «التدخلي جداً» الصادر عن «مجموعة السبع»، قائلة إن القوى الاقتصادية السبع الكبرى في العالم تُهاجم «بشكل خبيث الممارسة المشروعة للسيادة» من جانب بلادها. وقالت تشوي في بيان نشرته «وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية» إن «موقف جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بصفتها قوة نووية عالمية نهائي ولا رجوع فيه». واعتبرت أن «(مج

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
العالم روسيا تختبر بنجاح صاروخاً باليستياً «متقدماً»

روسيا تختبر بنجاح صاروخاً باليستياً «متقدماً»

أعلنت روسيا أنها أجرت تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ باليستي «متقدم» عابر للقارات، بعد أسابيع على تعليق مشاركتها في آخر اتفاق للحد من الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن «طاقماً قتالياً أطلق بنجاح صاروخاً باليستياً عابراً للقارات (آي سي بي إم) من نظام صاروخي أرضي متحرك» من موقع التجارب في كابوستين يار (الثلاثاء). وأضاف البيان أن «الرأس الحربي للصاروخ ضرب هدفاً وهمياً في ميدان التدريب ساري شاجان (كازاخستان) بدقة محددة». ومنذ إرسال قوات إلى أوكرانيا العام الماضي، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تحذيرات مبطنة بأنه قد يستخدم أسلحة

«الشرق الأوسط» (موسكو)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».