«هي الفنون»... مهرجان مصري يبحث عن القدرات الاستثنائية لحواء

ما سر العلاقة التاريخية التي تربط حواء بالفنون عبر التاريخ، لا سيما في مجالات بعينها مثل الرقص والغناء والعزف الموسيقي، وهل لا تزال المرأة تحافظ على مكانة متميزة في التجليات المعاصرة لهذه الإبداعات، وكيف يمكن تقديم مواهب جديدة في هذا السياق؟
تأتي هذه النوعية من التساؤلات بمثابة نقطة انطلاق أو إطار فكري لفاعليات الدورة الثانية من مهرجان «هي الفنون» أو «she arts»، الذي تستمر أعماله، حتى الرابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، على مسرح مركز التحرير الثقافي بالجامعة الأميركية، (وسط القاهرة) على نحو بدت فيها تلك الأعمال وكأنها تتبنى المقولة التراثية القديمة: «كل ما لا يؤنث لا يُعوّل عليه».
ويبدو أن نجاح النسخة الأولى من المهرجان والتي أقيمت في هذا التوقيت نفسه من العام الماضي، ساهمت في اتساع نطاق الاهتمام والدعم الرسمي المصري للدورة الجديدة، وتتوزع الفعاليات ما بين الفنون الأدائية كالرقص والعزف الموسيقي بمختلف تجلياته، شعبياً ونخبوياً، فضلاً عن عروض المسرح والسينما والندوات والحفلات الغنائية ومسابقات الهواة وورش العمل ذات الصلة.

وتشير نيفين قناوي، مؤسس ومدير مهرجان «هي الفنون»، إلى أن «الطابع العالمي هو ما يميز هذه الدورة عبر زيادة المشاركات الدولية وحضور فنانات موسيقيات ذات تجارب شديدة الخصوصية مثل البرازيلية إيروكو تريو والبرتغالية أمارا كوارتيت وجاسمين الباش من سويسرا التي تشكل ثنائياً موسيقياً مدهشاً مع الفنانة المصرية داليا فريد، وسيمون سيفريني من إيطاليا التي تتعاون مع نظيرتها سمر طارق، وتولديا من فرنسا التي تقدم عملاً مشتركاً مع شهيرة كمال»، مؤكدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان تحول إلى منصة تحظى بثقة وتقدير جهات محلية ودولية عديدة نظراً لما لمسته تلك الجهات من جدية وإصرار على النجاح عبر إطلاق منصة تبحث عن القدرات الاستثنائية للنساء في مجال الإبداع».
وتنفي نيفين قناوي عن هذا الحدث «صفة التعصب للمرأة أو التطرف في رفع شعارات نسوية»، لافتة إلى أن «العلاقة بين الذكر والأنثى تقوم على التكامل والتقدير المتبادل»، معتبرة أن «كل ما هنالك أننا بصدد نوع من الانحياز الإيجابي لإبداعات نسائية مدهشة بحاجة إلى تسليط الضوء عليها ومنحها ما تستحق من احتفاء»، على حد تعبيرها.
وجاءت ضربة البداية قوية وواعدة عبر حفل الافتتاح الذي أحيته مطربة الأوبرا العالمية «ميزو سوبرانو» فرح الديباني، التي تعد أول فنانة مصرية تنضم لأوبرا باريس ونالت العديد من التكريمات الدولية والمحلية، ومنها تكريم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في «منتدى شباب العالم» بشرم الشيخ، 2021.

وجاء الحضور العربي ممثلاً في الفيلم السوداني «الست»، تأليف وإخراج سوزانا ميرغني، الذي استطاع إلقاء الضوء بشكل شديد الرهافة، دون مباشرة أو خطاب صارخ، على مشكلات حواء في السودان سواء المهمشات أو اللاتي وصلن إلى مناصب قيادية في الدولة، وكيف تسهم التقاليد الراسخة أحياناً في قتل طموح وأحلام الجنس الناعم، فضلاً عن العرض الراقص الذي قدمته فرقة «كنعان» للتراث الشعبي بفلسطين، وكذلك فيلم «بيت سلمى» من الأردن والعرض الموسيقي «الماس» من الإمارات.
وحظي الحفل الذي قدمته فرقة «طبلة الست» المصرية بتفاعل جماهيري واسع بسبب جمال الإيقاعات التي تنفذها الفرقة المكونة من 12 عنصراً جمعيهن من النساء ولا يستخدمن سوى آلتي الطبلة والدف، فضلاً عن الأغاني التي يقدمنها والتي تميل عادة لاستدعاء التراث الشعبي كما في أغنيتي «على ورق الفل دلعني» و«بتناديني تاني ليه».