«بؤرة الانقلابات» تهدد آمال التحول الديمقراطي في أفريقيا

تحكم واسع للعسكريين غرب ووسط القارة

«بؤرة الانقلابات» تهدد آمال التحول الديمقراطي في أفريقيا
TT

«بؤرة الانقلابات» تهدد آمال التحول الديمقراطي في أفريقيا

«بؤرة الانقلابات» تهدد آمال التحول الديمقراطي في أفريقيا

ضربت عدوى الانقلابات دول غرب ووسط أفريقيا، على مدار العامين الماضيين، حتى إن المنطقة باتت توصف بـ«بؤرة الانقلابات». وشهدت دول مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو انقلابات متتالية منذ عام 2020 هددت آمال التحول الديمقراطي في القارة الأفريقية.
وأطاح إبراهيم تراوري الكابتن بجيش بوركينا فاسو، الجمعة، بالزعيم العسكري بول هنري داميبا في ثاني انقلاب هذا العام لنفس الدولة، وسادس استيلاء للجيش على السلطة خلال ما يزيد قليلاً على عامين في غرب ووسط أفريقيا.
وترى الدكتورة إيمان زهران، خبيرة العلاقات الدولية والأمن الإقليمي، «أن التجارب الديمقراطية الأفريقية في مجملها لم تتمكن من تحقيق احتياجات المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، بل إنها اتجهت في الغالب إلى إضفاء الشرعية على سيطرة المجموعات العرقية والقبَلية ومراكز القوة الداخلية والخارجية، وهو ما أفضى تدريجياً إلى الخلل بالعلاقات المتباينة بين أنظمة الحكم والقاعدة الاجتماعية بتلك الدول».
نقطة أخرى تؤثر بشكل مباشر في مسار التطورات السياسية الأخيرة، تحدثت عنها زهران لـ«الشرق الأوسط»، وتتعلق بنمط «المجموعات الإرهابية المسلحة» التي أصبحت «أحد أبرز العوامل التي تسهم في التأزم السياسي» في تلك الدول.
وسبق أن أطاح جيش بوركينا فاسو بالرئيس روك كابوري في يناير (كانون الثاني) منحياً باللوم عليه في تقاعسه عن احتواء عنف الجماعات المتشددة.
وتعهد زعيم الانقلاب اللفتنانت كولونيل بول هنري داميبا بإعادة الأمن ولكن الهجمات تفاقمت ما أدى إلى تراجع الروح المعنوية في صفوف القوات المسلحة.
مالي الجارة الشمالية لبوركينا، شهدت بدورها انقلاباً في أغسطس (آب) 2020، عندما أطاحت مجموعة من ضباط الجيش بقيادة أسيمي غويتا بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، في أعقاب احتجاجات مناهضة للحكومة على تدهور الوضع الأمني والانتخابات التشريعية المتنازع عليها ومزاعم بالفساد.
وتحت ضغط من جيران مالي في غرب أفريقيا وافق المجلس العسكري على التنازل عن السلطة لحكومة مؤقتة بقيادة مدنية مكلفة بالإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهراً إلى انتخابات ديمقراطية في فبراير (شباط) 2022، لكن قادة الانقلاب اشتبكوا مع الرئيس المؤقت الكولونيل المتقاعد باه نداو وقاموا بتدبير انقلاب ثانٍ في مايو (أيار) 2021 تم على إثره ترقية غويتا، الذي كان يشغل منصب النائب المؤقت للرئيس، إلى منصب الرئيس.
وأعلنت حكومة غويتا أنها تعتزم تأجيل الانتخابات لما يصل إلى خمس سنوات ما دفع إيكواس إلى فرض عقوبات شلت اقتصاد مالي الهش بالفعل.
ورفعت إيكواس بعض العقوبات في يوليو (تموز) بعد أن اقترح الحكام العسكريون لمالي فترة انتقالية إلى الديمقراطية لمدة عامين ونشر قانون انتخابي جديد.
وفي الشرق منهما، تولى الجيش التشادي السلطة في أبريل (نيسان) 2021 بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي في ساحة المعركة أثناء زيارته للقوات التي تقاتل المتمردين في الشمال.
وبموجب القانون التشادي، كان يجب أن يصبح رئيس البرلمان رئيساً للبلاد. لكن مجلساً عسكرياً تدخل وحل البرلمان باسم ضمان الاستقرار. وتم تعيين نجل ديبي، الجنرال محمد إدريس ديبي، رئيساً مؤقتاً وكُلف بالإشراف على فترة انتقالية مدتها 18 شهراً للانتخابات.
وفي غينيا، أطاح قائد القوات الخاصة الكولونيل مامادي دومبويا بالرئيس ألفا كوندي في سبتمبر (أيلول) 2021، وقبل ذلك بعام غير كوندي الدستور للالتفاف على القيود التي كانت ستمنعه من الترشح لفترة ثالثة ما أثار أعمال شغب واسعة النطاق.
وأصبح دومبويا رئيسا مؤقتا وإجراء انتخابات ديمقراطية في غضون ثلاث سنوات.
ورفضت إيكواس الجدول الزمني وفرضت عقوبات على أعضاء المجلس العسكري وأقاربهم بما في ذلك تجميد حساباتهم المصرفية.
وفي يوليو (تموز) الماضي، أمهلت إيكواس غينيا حتى 22 أكتوبر (تشرين الأول) لوضع جدول زمني «معقول» أو مواجهة عقوبات إضافية.
وبحسب دراسة لخبير العلوم السياسة بجامعة القاهرة، الدكتور حمدي عبد الرحمن، فإن 20 في المائة من بلدان أفريقيا شهدت انقلابات عسكرية منذ عام 2013، ومن بين نحو 200 محاولة انقلابية منذ الستينات كان نصفها ناجحاً، تبدو بوركينا فاسو الأكثر من حيث عدد الانقلابات الناجحة.
ويعتقد عبد الرحمن أن العقوبات ورد الفعل الدولي ليس لهما تأثير رادع، وأن المبادئ الديمقراطية آخذة في التدهور في هذا المجال.



زعماء العالم يجتمعون في الأمم المتحدة وسط تداعيات حربي غزة وأوكرانيا

مبنى الأمم المتحدة في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
مبنى الأمم المتحدة في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

زعماء العالم يجتمعون في الأمم المتحدة وسط تداعيات حربي غزة وأوكرانيا

مبنى الأمم المتحدة في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
مبنى الأمم المتحدة في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

يجتمع أكثر من 130 من زعماء العالم في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل، وسط تهديد باتساع نطاق الحروب في الشرق الأوسط وأوروبا وإحباط من بطء وتيرة الجهود الرامية لإنهاء تلك الصراعات، إضافة إلى تفاقم الأزمات المناخية والإنسانية، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وبينما من المتوقع أن يهيمن الصراع بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة وحرب روسيا في أوكرانيا على الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، يقول دبلوماسيون ومحللون إنهم لا يتوقعون تحقيق تقدم نحو إقرار السلام.

وقال ريتشارد جوان، مدير شؤون الأمم المتحدة بمجموعة الأزمات الدولية: «ستكون الحروب في غزة وأوكرانيا والسودان الأزمات الثلاث الرئيسية التي ستركز عليها اجتماعات الجمعية العامة. ولا أرى أن من المرجح أن نشهد تقدماً في أي منها».

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي، للوكالة إن الحربين في غزة وأوكرانيا «عالقتان دون أي حلول سلمية في الأفق».

وتصاعدت المخاوف من امتداد نطاق الصراع في غزة إلى منطقة الشرق الأوسط بعد أن اتهم «حزب الله» إسرائيل بالوقوف وراء تفجير أجهزة اتصال لاسلكي (بيجر) وأجهزة اتصال لاسلكي محمولة في يومين من الهجمات القاتلة. ولم تعلق إسرائيل على الاتهام.

وقال غوتيريش للصحافيين، أمس: «هناك خطر جدي لتصعيد كبير في لبنان ويجب بذل كل ما في وسعنا لتجنب هذا التصعيد».

وأشعل فتيل الحرب في قطاع غزة المحاصر هجوم شنه مقاتلو «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى على مدنيين في جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بعد أسبوعين من اختتام الاجتماع السنوي لزعماء العالم العام الماضي.

ولم تنجح جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة ومصر وقطر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار حتى الآن، كما ينفد صبر العالم بعد 9 أشهر من مطالبة الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة بهدنة إنسانية، ومع تجاوز عدد القتلى في غزة 41 ألفاً.

ومن المقرر أن يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتهم الأمم المتحدة منذ فترة طويلة بمعاداة إسرائيل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمتيهما أمام الجمعية العامة في 26 سبتمبر (أيلول).

لقاءات دبلوماسية سريعة

غالباً ما يُشار إلى التجمع السنوي لقادة العالم بمناسبة افتتاح كل دورة جديدة للجمعية العامة بوصفها لقاءات دبلوماسية سريعة.

ورغم أن الحدث الرئيسي يتضمن 6 أيام من خطابات زعماء العالم أمام الجمعية العامة، فإن الجزء الأكبر من الأنشطة يحدث على الهامش مع انعقاد مئات الاجتماعات الثنائية وعشرات الفعاليات الجانبية التي تهدف إلى تسليط الضوء العالمي على القضايا الرئيسية.

ويلوح في الأفق هذا العام احتمال ظهور إدارة أميركية جديدة، إذ يواجه الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترمب، الذي خفّض تمويل الأمم المتحدة ووصفها بالضعيفة وغير الفعالة خلال فترة رئاسته من 2017 إلى 2021، نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس، في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال جوان: «من الواضح أن الجميع سيضع في ذهنه شخصاً يُدعى دونالد ترمب... أعتقد أن أول سؤال سيُطرح في العديد من المحادثات الخاصة حول الجمعية العامة سيكون: ماذا سيفعل ترمب بالمنظمة؟».

ومن المقرر أن تقام فعاليات جانبية هذا العام حول الحرب والأزمة الإنسانية في السودان، حيث يتفشى الجوع، والجهود الدولية لمساعدة هايتي في مكافحة أعمال العنف التي ترتكبها عصابات، وحملة حركة «طالبان» على حقوق المرأة في أفغانستان.

ووصف غوتيريش نفسه مازحاً أمس بأنه «لا يملك نفوذاً ولا مالاً». وقال: «هناك أمران يتمتع بهما الأمين العام للأمم المتحدة، وأنا بالفعل استفيد منهما... الأول هو صوتي الذي لا يستطيع أحد إسكاته، والثاني هو قدرتي على جمع الناس ذوي النيات الحسنة لمناقشة وحل المشكلات».

إيران وأوكرانيا

الاتهامات الغربية بشأن دور إيران في الشرق الأوسط وتحالفاتها مع أطراف مثل حركة «حماس» و«حزب الله» والحوثي ودعمها لحرب روسيا في أوكرانيا تلقي بظلال أيضاً على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام.

وتسعى القوى الأوروبية إلى إحياء الجهود الرامية إلى كبح جماح البرنامج النووي الإيراني، ومن المقرر أن يجتمع المسؤولون الإيرانيون والأوروبيون في نيويورك الأسبوع المقبل لاختبار استعدادهم المتبادل لتحقيق ذلك المسعى.

وسيلقي الرئيس الإيراني الجديد المعتدل نسبياً مسعود بزشكيان كلمة أمام الأمم المتحدة يوم الثلاثاء المقبل.

وقال مسؤول إيراني كبير إن بزشكيان «سيركز على تحقيق تقارب وبناء ثقة مع العالم وخفض التصعيد»، لكنه سيؤكد أيضاً على «حق إيران في الرد» على إسرائيل إذا لزم الأمر.

كما سيلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمة أمام الجمعية العامة للمرة الثالثة منذ غزو روسيا لبلاده. ومن المقرر أن يلقي كلمة في اجتماع لمجلس الأمن حول أوكرانيا يوم الثلاثاء والجمعية العامة يوم الأربعاء.

ولدى زيلينسكي خطة لدفع روسيا إلى إنهاء الحرب بالجهود الدبلوماسية يرغب في طرحها على الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الشهر. كما يريد مشاركة تلك الخطة مع مرشحي الرئاسة هاريس وترمب.

واطّلع بعض المسؤولين الأميركيين بالفعل على عناصر الخطة.

وبينما ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلمة عن بُعد أمام الجمعية العامة في عام 2020 في أثناء جائحة «كوفيد – 19»، فإنه لم يسافر فعلياً إلى نيويورك لحضور الحدث منذ عام 2015.

ومن المقرر أن يتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدلاً منه أمام الجمعية العامة في 28 سبتمبر الحالي.