وفاة القرضاوي وانقضاء حقبة!

TT

وفاة القرضاوي وانقضاء حقبة!

ما قصدتُ من عنوان «الانقضاء» الشماتة أو التشفّي، وليس لديّ سبب لذلك. لكنّ الرجل كان طوال 3 عقودٍ وأكثر عنوان حقبة، باعتباره أحد أكبر الناطقين والممثلين للإسلام الصحوي والثقافي والسياسي، وأحياناً الجهادي! ويرجع ذلك لـ4 أسباب؛ الاندفاع مع الأفكار الشائعة التي تجتذب الجمهور وتحوله إلى مرجع، وقد صار كذلك بالفعل - وكثرة كتاباته، ثم برنامجه الطويل العمر في «الجزيرة» (= الشريعة والحياة) ما جعل آراءه وفتاويه على كل شفة ولسان وعلى مشهدٍ ومرأى من كل ذي عينين - واعتماده على مدى عقود على مصدر مادي ثابت، وجهة سياسية مرموقة - وقيامه على عددٍ كبيرٍ من مؤسسات التأثير والتدبير في البيئات الإسلامية الإعلامية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية.
ولكي أبدأ مع السبب الأول؛ اعتناق الآراء الشائعة؛ أذكر أنني كنت عائداً مع الراحل الأستاذ حسن حنفي من مكتبة الإسكندرية عام 2009 أو 2010 بسيارة إلى القاهرة؛ فضربني على كتفي وقال؛ لماذا يملك الشيخ القرضاوي هذا التأثير ولا نمتلكه نحن؟ ويومها كان القرضاوي يزور الرئيس بشار الأسد بدمشق بعد أن زار العقيد القذافي عام 2007. وكان قصد حنفي أنّ القرضاوي وزملاءه يزورون الحكام العرب داعمين، ومعروفٌ أنهم ضد الدول الوطنية، وبخاصة أنظمة الضباط، فلا يؤثر ذلك في شعبيتهم، ونحن نكتب ونسعى ونعمل مؤتمرات فلا نجد لذلك صدى، مع أننا «مبدئيون» لا نزور الحكام ولا نمتدحهم! ولا أذكر بماذا أجبته وقتها، فربما قلتُ شيئاً عن «جهاد» المفكرين العرب في تفكيك الموروث، وهي مقولة للنُخَب لا تجتذب العامة وتدفعها للتشكك في تديُّن أهل القطيعة «الإبستمولوجية» هؤلاء!
بعدها فكّرتُ في جاذبية القرضاوي، ورحتُ أُحلِّل أسبابها وشروطها وسياقاتها، وبخاصة عندما بلغت إحدى ذُراها عام 2011 حين أتى للقاهرة وميدان التحرير. رأس مال القرضاوي الرمزي الرئيسي وعشرات من قادة الإسلاميين الآخرين منذ الثلاثينات من القرن العشرين الأفكار والانطباعات الشائعة التي تنتشر بين العامة باعتبارها تعرض حلولاً سحرية سريعة في أزمنة الأزمات. في السبعينات قرأ جيلنا للقرضاوي كتبه في فقه الزكاة، ومشكلة الفقر وكيف حلَّها الإسلام، والحلال والحرام. وهي مؤلفات فقهية مقبولة وتُعنى بالشأن الاجتماعي- الاقتصادي عندما كان الإسلاميون يستنهضون البنوك اللاربوية. بيد أنّ النزوع العقدي الجدالي ظهر في سلسلة أُخرى من الكتب تحت تأثير الحرب الباردة الثقافية عن بينات الحلّ الإسلامي، وشبهات الحلّ الإسلامي... إلخ. وفي هذه السلسلة تظهر العقيدة الموروثة من «الإخوان»، التي تهبُّ في الأزمات للبساطة والتبسط والشعبوية في اجتراح الجديد التصحيحي الإسلامي الجاهز. هناك عقائدية شيوعية غلّابة، وأخرى ليبرالية رأسمالية مستعلية؛ وقد خالطهما الفشل بعد صراعٍ طويل. وقد جربنا في المنطقة سائر هذه الآيديولوجيات وفشلت، فلماذا لا نلجأ للحلّ الأقرب؛ الحلّ الإسلامي! والحلّ الإسلامي يقوم على الحكم الرشيد الذي يطبق الشريعة التي هي العدل كلّه والرحمة كلّها. وهذا كله بعد هزيمة العام 1967 وانتشار الأفكار الراديكالية بشأن التطبيق الاشتراكي، وبشأن الحلّ الإسلامي أو النظام الكامل! القرضاوي عاد في الثمانينات والتسعينات فدعا لترشيد الصحوة، وانتقد أفكار سيد قطب المتطرفة التي تشجع على العنف. لكنه في سلسلة الحلّ الإسلامي كان قد قال بالأفكار ذاتها (!) لكن وهو يُرشِّد في الثمانينات ما كان يخرج على السوائد في أوساط الإسلاميين وقتها. فقد انضمت للصحويين فئات من الطبقات الوسطى ما كانت تميل للعنف، وإنما تجتذبها الطهوريات الدينية، وتنشد الاستقرار. وما عادت النزعات الثورية تتناسب مع وضعه في الخليج. بيد أنّ الحدّة الخطابية كانت تعاوده بتوجيه أو من دون مثلما حصل في التسعينات من القرن الماضي، فقد أيَّد الانتحاريات من دون تفرقة بين العسكري والمدني، عندما كانت حركة «حماس» ومن ورائها إيران والرئيس حافظ الأسد تخوض تلك الهجمات العشوائية لإسقاط اتفاق أوسلو. الحماس للشائع من الأفكار والتوجهات في أوساط الصحويين والمسلمين المتعبين هو السبب الأول لنجاح القرضاوي وأقرانه وشهرتهم.
أما السبب الثاني للشهرة والمرجعية فيتمثل في نشاط القرضاوي ودأَبه في الكتابة وفي الإعلام. فعندما تخطر للقرضاوي فكرة يسارع لتدوينها وينشرها. ثم تخطر له مؤيّدات لتلك الفكرة فيعود لكتابة كتابٍ ثانٍ في الموضوع نفسه. وبسبب السرعة تصبح الكتابات آنية ومكرورة، لكنها واسعة الانتشار.
إنما كل هذا كوم، وبرنامجه التلفزيوني «الشريعة والحياة» على فضائية «الجزيرة» كوم آخر. فلنحو 15 عاماً وكل أسبوع إلا ما ندر يظهر الشيخ القرضاوي وهناك مَنْ يسائله وينقل إليه استفسارات المستفتين، وهو يجيب بسلاسة، وإنما بثقة وحزم كأنما هو قد فكر في الأمر طويلاً. وكثيراً ما يحيل إلى أحد كتبه. وهكذا فهناك ملايين شاهدوه على مدى سنواتٍ وسنواتٍ، فصارت فتاواه جزءاً مهماً في ثقافتهم الدينية. وبعد التلفزيون، هناك متابعات من خلال مكتبه على وسائل التواصل، ما دفع أحد تلامذته ومتابعيه إلى تسميته في مقالاتٍ مجموعة عنه؛ المفتي العالمي وأنا اعتبرته وقتها أشهر فقهاء العصر!
والسبب الثالث للشهرة والحضور الدائم مزدوج بين الإيجاب والتوجيه. فقد استقر الشيخ في قطر عقوداً وقد أمّن له ذلك مصدراً دائماً للدعم. بيد أنّ هذا الاستمرار والاستقرار كان يتلاءم أحياناً مع ميوله الأصلية مثل السياسات تجاه التنظيم الدولي لـ«الإخوان»، والسياسات تجاههم بعد العام 2011 بين قطر وتركيا. أما في أحيانٍ أُخرى فيبدو أنه كان يقوم بهذا الأمر أو ذاك بتوجيه، مثل زيارة الجماهيرية العظمى وسوريا الأسد. لقد أفتى الشيخ بعد سنوات قليلة بقتال النظامين، ولم يُساءَل عن التناقض بين الموقفين!
والسبب الرابع تعدد الألسنة والأطاريح التي تزيد التأثير. فقد كان طوال 4 عقود واسع الانتشار بين المواقع في قطر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ومجلس الافتاء في أوروبا ومؤسسات في تركيا، واستشاريات في البنوك الإسلامية؛ وجهات كثيرة أخرى لا أعرفها. وقد تابعناه لسنوات على موقع «إسلام أون لاين»، ومن مصر خاصة.
جاء القرضاوي في حقبة الازدواج؛ حقبة الإسلام الراديكالي أو الصحوي - وحقبة الفضائيات ووسائل الاتصال، وقد التقتا عنده. وفي حين كان الشعراوي مثلاً أدنى إلى الواعظ المحترف الحريص على التجديد في التقليد، كان القرضاوي مثل الدعاة الإنجيليين بالولايات المتحدة، أي آيديولوجيا على طول الخط، واستعراض هائل، وهؤلاء تتحول دعواتهم إلى مؤسساتٍ ضخمة تفوق في علوّ صوتها وعجائبياتها الأُطروحة نفسها أحياناً!
ما علاقة القرضاوي بـ«الإخوان»؟
يقول الرجل في سيرته إنه بايع في فتوته حسن البنا. وظل مرتبطاً بهم وإنْ لم يكن بارزاً حتى غادر مصر مطالع الستينات، فظلَّ على علاقة بالذين ذهبوا إلى المنافي منهم. وهو قال مراراً إنه لم يعد له منذ السبعينات ارتباط تنظيمي بالجماعة، وإن كان يساعدهم ويشير عليهم في الأزمات، وقد عرضوا عليه مرتين أن يتولى منصب المرشد؛ لكنه لم يقبل!
عندما ظهر القرضاوي في ميدان التحرير عام 2011 أو عندما زار راشد الغنوشي بتونس، بدت أُطروحاته على ما كانت عليه أيام بينات الحلّ الإسلامي - النظام العالمي الإسلامي، وقيامه بتطبيق الشريعة، وقيام نظام الحكم الرشيد مع «الإخوان»! وذلك مثلما ظهر الإسلام قديماً ليفضّ النزاع بين الفرس والروم وينشر حكم الله والسلام في الأرض. ووقتها ازدادت فتاويه بقتال الأنظمة لأنه حسب أنه جاء زمان «تمكين الإخوان»!
يوسف القرضاوي آخر رجالات حقبة الصحوة ذات الزمانين؛ زمان حركات الهوية، ثم زمان الأحزاب الساعية للسلطة. وقد شهد القرضاوي الزمانين، وأسهم إسهاماً بارزاً في صناعة أُطروحاتهما. وعندما بدأ الانكسار عام 2013 قاوم وانتقد ونصح وبدا ساخطاً على الجميع. ثم انكفأ كئيباً للفشل النازل وبسبب التقدم في السن.
تحولت الصحوة من حركات هوية إلى أحزاب سلطوية، على وقع تصاعد مشكلات الدولة الوطنية في المشرق بحيث استطاع الخميني إسقاطها في إيران عام 1979. أما في العالم العربي فإنّ صحويات الإسلام السياسي قامت نصف قومة، ثم تساقطت تباعاً في السودان ومصر وتونس والجزائر والمغرب. لقد أوشكت حقبة الوهم والإيهام - التي كان القرضاوي رحمه الله أحد حملة لوائها - على الانتهاء في الهوية والنظر والواقع والمؤسسات، فلا استقرار ولا استمرار لدولة دينية في عوالم العرب والمسلمين. أما الصراع على الإسلام فلا يزال جارياً تحت وطأة التجاذبات والاستنزافات!



من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
TT

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)

ليست الوثائقيات المخصصة لاستكشاف أعماق البحار مادّةً تلفزيونية جديدة، فأول هذه الأعمال يعود إلى عام 1954. ومع مرور السنوات، توالت تلك الأفلام الوثائقية إلى أن باتت تُعَدّ بالآلاف وتملأ شاشات التلفزيون ومنصات البث. صحيح أنّها مادّة عابرة للأزمنة ولا يُملّ منها، غير أنه صار من الصعب إنتاج وثائقي آخر عن عالم ما تحت الماء، وتقديم محتوى جديد ومختلف عمّا سبق.

لعلّ التميّز والاختلاف هما أكثر ما سعى إليه فريق عمل «Our Oceans (محيطاتنا)»، السلسلة الوثائقية الجديدة التي تُعرض على «نتفليكس». وقد اجتمعت عناصر كثيرة لتحقّق هذا الهدف؛ بدءاً باللقطات الحصريّة للمخلوقات البحريّة التي جرى تصويرها بتكنولوجيا تُستَخدم للمرة الأولى ومن مسافاتٍ قريبة جداً، وليس انتهاءً بصوت الراوي... باراك أوباما شخصياً.

وما بين هاتين الميزتَين، عناصر أخرى كثيرة تجعل من مشاهَدة «Our Oceans» تجربة استثنائية، لا تختلف كثيراً عن متابعة مسلسل مشوّق وزاخرٍ بالمؤثّرات البصريّة.

تُخصَصُ كلٌ من الحلقات الـ5 لأحد محيطات هذا العالم، بدءاً بالمحيط الهادئ، وصولاً إلى الجنوبي، مروراً بالهندي والأطلسي والمتجمّد. يقول الراوي إنّ تيّاراً يسافر بين تلك المحيطات ويجعل منها عالماً واحداً. لكن بين الحلقة والحلقة، تختلف السرديّات وتتنوّع المَشاهد، لتبقى نبرة الراوي ثابتةً ومُريحة للسمع.

ليس من المنصف مقارنة موهبة أوباما الصوتيّة بأيقونة وثائقيات الطبيعة، المذيع والعالِم البريطاني ديفيد أتينبورو. فالأخير رائدٌ في مجاله وأحد مؤسسي هذا النوع من الأعمال التوثيقية، بينما أوباما حديث العهد في هذا المجال. قد يغرق الرئيس الأميركي الأسبق في السرد الرتيب أحياناً، إلا أنه يحاول جاهداً أن يجعل من صوته مرآةً للصورة المذهلة، لاجئاً إلى التلوين في النبرة، وإلى خفّة الظلّ المثيرة للابتسام، وإلى التفاعل الصوتيّ البارز مع المَشاهد المُدهشة. فأوباما، إلى جانب كونه موهبة تلفزيونية صاعدة، مدافعٌ شرس عن البيئة البَحريّة، هو الذي ترعرع في جزيرة هاواي الأميركية.

صُوّر الوثائقي بتكنولوجيا متطوّرة أتاحت الاقتراب من الكائنات البحريّة بشكل غير مسبوق (نتفليكس)

يتلاقى صوت أوباما مع نصٍّ كُتبَ بحنكةٍ وإحساسٍ عاليَين، مع لمسةٍ لافتة من الفكاهة. تتميّز السلسلة الوثائقية بسرديّتها التي لا تُشبه النصوص المرافقة عادةً لهذا النوع من المحتوى، وهي ترتكز إلى تقنية الكتابة على الصورة، أي استلهاماً ممّا تقدّمه المحيطات وكائناتها من مَشاهد مذهلة. في «Our Oceans»، تتحوّل الكائنات البَحريّة إلى شخصيات، لكلٍّ منها قصة بما فيها من كفاح وتحديات ومشاعر وعلاقات صداقة وعداوة. وأمام هكذا نص على قدرٍ عالٍ من الإنسانية، لا بدّ للمُتفرّج من أن يتماهى مع المواقف التي تواجه المخلوقات المائية والطيور البَحريّة.

في المحيط الهنديّ، يتعرّف المُشاهد إلى أنثى الحوت التي تسعى جاهدةً لأكل ما تستطيع، من أجل إرضاع صغيرها المولود حديثاً الذي يستهلك الكثير من الحليب. أمّا في المحيط الأطلسي، فيجهّز ذكور سمكة الفرّيدي الأرض لاستقبال إناثها من أجل أن تضع بيضها. تتنافس الأسماك فيما بينها لترتيب المكان وتنظيفه من كل ما قد يزعج الإناث، كالأعشاب والأصداف وحتى نجمات البحر.

يُدرك فريق «Our Oceans» أنّ المعلومات العلميّة وحدَها لا تُقنع الجمهور ولا تكفي لتُعلّقه في شرك العمل. لذلك فقد ارتأى أن يستند إلى المشاعر، من خلال ملاحقة الأسماك وسائر الحيوانات، وتصويرها ضمن مواقف يسهل التماهي البشري معها؛ كما أنثى الدب تلك في حلقة المحيط المتجمّد الشمالي، والتي تبحث بشراسة عن طريدةٍ ما من أجل إطعام صغيرها المتضوّر جوعاً.

ومن بين المَشاهد التي تذهل العين والفكر على حدٍّ سواء، ذاك الأخطبوط الصغير في المحيط الهندي، الذي يصرّ على العثور على طبقتين متجانستَين من إحدى الأصداف، كي يختبئ بينهما من عيون الأسماك المفترسة وأفواهها.

لا يعتمد الوثائقي بث المعلومات العلمية بقدر ما يرتكز إلى نص وتصوير زاخرَين بالمشاعر (نتفليكس)

ما يميّز السلسلة الوثائقية كذلك، مواكبتُها لسلوكيّات المجتمعات البَحريّة. تساعد في التقاط تلك المشاهد عن قُرب، تكنولوجيا متطوّرة جداً تُستخدم للمرة الأولى على هذا العمق. ولم تنتج عن ذلك التصوير الفريد متعة بصريّة فحسب، بل انهماكُ علماء البحار في تحضير 20 دراسة جديدة حول سلوكيّات الكائنات البحريّة، بناءً على ما شاهدوه ضمن السلسلة. مع العلم بأنّ 700 عالِم وباحث شاركوا في تحضير «Our Oceans».

من المواضيع المهمّة التي يلقي الوثائقي الضوء عليها، التلوّث البحري والآثار السلبية للتغيّر المناخي على المحيطات. يأتي ذلك انطلاقاً من الاهتمام الذي يوليه المنتجان المنفّذان، باراك وميشيل أوباما، للتوعية البيئية. وإذا كانت الحلقة الأولى مكرّسة لتصوير السِّحر البحري، فإنّ الحلقة الثانية والخاصة بالمحيط الهندي تُظهر كيف يمكن أن تتحوّل جنّة ما تحت الماء إلى حاوية نفايات ضخمة. وفي هذه الحاوية، كائناتٌ صغيرة وكبيرة تآلفت مع المواد البلاستيكية وسائر أشكال القمامة وباتت تقتات منها.

لا يغفل الوثائقي موضوع التلوّث البحري المتسببة به أيادي البشر (نتفليكس)

ليس الهدف من الوثائقي تجارياً بقَدر ما هو توعويّ إلى خطورة اليد البشريّة على جمال المحيطات. يجتاز فريق العمل 75 ألف ميل انطلاقاً من حب كبير للبحار والمياه التي تغطّي 71 في المائة من مساحة كوكب الأرض. على رأس الفريق، الثنائي الرئاسي الأميركي الأسبَق المنشغل منذ عام 2018 بمشروعٍ ترفيهيّ كبير، هو عبارة عن شركة إنتاج تُدعى Higher Ground.

اجتاز فريق العمل 75 ألف ميل واستعان بـ700 باحث وعالِم بحار (نتفليكس)

أنتجت شركة آل أوباما حتى اللحظة، أكثر من 20 مشروعاً تتنوّع ما بين أفلام روائية، ووثائقيات، ومسلسلات، وبرامج للأطفال، وبودكاست. وتُعتبر معظم تلك الإنتاجات هادفة، بما أنها تتضمّن رسائل توعويّة إنسانياً، وبيئياً، ومجتمعياً.

أمّا الموهبة الصاعدة التي يلوّن صوتُها بعض تلك الأعمال، أي باراك أوباما، فيبدو صاحبَ مستقبلٍ واعد في المجال. تُوّج مجهوده الصوتيّ بجائزة «إيمي» عام 2022 عن فئة أفضل راوٍ. وكان قد حاز سابقاً جائزتَي «غرامي» في الإطار ذاته.