ميليشيات فجر ليبيا تقصف مواقع لـ«داعش» في سرت

أزمة في الجيش بعد اعتراض القبائل على قرار حفتر بإقالة أحد العسكريين

ميليشيات فجر ليبيا تقصف مواقع لـ«داعش» في سرت
TT

ميليشيات فجر ليبيا تقصف مواقع لـ«داعش» في سرت

ميليشيات فجر ليبيا تقصف مواقع لـ«داعش» في سرت

في مؤشر على تعثر محاولات بناء الجيش الليبي، تحولت إقالة الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي لأحد ضباط الجيش إلى أزمة سياسية وعسكرية، بعدما عقدت بعض قبائل المنطقة الشرقية اجتماعا طالبت خلاله المستشار صالح عقيلة رئيس مجلس النواب بالتدخل باعتباره نظريا القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية. وكان حفتر الموالي للسلطات الشرعية في ليبيا، قد أصدر قرارا بإقالة العقيد فرج البرعصي من منصبه كقائد للقوات المسؤولة عن تحرير مدينة درنة معقل الجماعات الإرهابية والمتطرفين في شرق ليبيا، وحذر العسكريين من مغبة إطاعة وتنفيذ أي أمر أو تعليمات، يصدرها لهم. لكن قبائل العبيدات والبراعصة في شرق ليبيا، اعترضوا في اجتماع مطول عقدوه مساء أمس على القرار وطالبوا حفتر بالتراجع عن عزل البرعصي وإقالته من منصبه، بحجة أن المسؤول عن تعيينه هو رئيس البرلمان باعتباره القائد الأعلى للجيش.
وأجرى المستشار عقيلة اتصالا هاتفيا بالحاضرين ووعدهم بمحاولة إقناع الفريق حفتر بالإبقاء على البرعصي في منصبه كقائد لمحور لملودة العسكري.
ووزع مكتب حفتر في المقابل رسالة مطولة منه إلى رئيس مجلس النواب تتضمن أسباب اعتراضه على بقاء البرعصي داخل المؤسسة العسكرية الليبية، واتهمه بعدم الانضباط والتحرك بشكل مشبوه.
واتهمت الرسالة المنسوبة إلى حفتر وتحمل توقيعه، العقيد البرعصي بممارسة أعمال غير عسكرية بالإضافة إلى عدم الكفاءة وتجاهل تنفيذ التعليمات الصادرة إليه، كما انتقد حفتر ضعف أدائه العسكري ما أدى إلى إرباك كبير في العمليات العسكرية في بنغازي على حد قوله.
وهذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها قبائل في المنطقة الشرقية على خط الأزمة بين كبار قيادات الجيش الليبي، لكن لا مؤشرات على احتمال قبول حفتر عودة البرعصي إلى ممارسة عمله مجددا داخل المؤسسة العسكرية.
وبينما يقول أنصار البرعصي بأن من يملك عزله من منصبه هو من عينه أول مرة في إشارة إلى القائد الأعلى للجيش المستشار صالح عقيلة، فإن معسكر حفتر يعتبر البرعصي في المقابل شخصية غير جديرة بالانتماء إلى المؤسسة العسكرية الليبية.
في غضون ذلك، قصفت مساء أول من أمس مقاتلة حربية تابعة لميليشيات «فجر ليبيا» المسيطرة على العاصمة الليبية موقعا لتنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية شرق طرابلس.
وقل مسؤولون وشهود إن ميليشيات حكومة طرابلس نفذت ضربات جوية على مقر «الأمن الداخلي» سابقًا وهو مبنى كان المقاتلون يجتمعون فيه، ولفتوا إلى أن الضربات كانت دقيقة وأن المتشددين المصابين نقلوا إلى مستشفيات.
وقالت مصادر محلية بأن عناصر تنظيم داعش أغلقت مستشفى «ابن سينا» بعد هذه الغارة الجوية بسبب نقل جرحى التنظيم إلى المستشفى.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع في حكومة طرابلس محمد عبد الكافي عبر الهاتف إن طائرات القوات الجوية لحكومة الإنقاذ الوطني نفذت ضربات جوية على مبنى للأمن الداخلي في سرت.
وأضاف أن الضربات استهدفت تجمعا لمقاتلي داعش لكن لم ترد أنباء عن وقوع خسائر حتى الآن.
وقال أحد شهود العيان في المدينة إن قنابل أصابت مقرا سابقا لقوات أمن العقيد الراحل معمر القذافي في سرت، وارتفعت سحب الدخان الأسود فوق المدينة. وطبقا لما أعلنه مصدر بالكتيبة 166 مشاة الموالية لحكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا، فإن مقاتلة حربية من نوع (ميغ 21) انطلقت من القاعدة الجوية بمصراتة وشنت ضربات جوية على مقر الأمن الداخلي السابق وسط سرت، حيث يتحصن عدد من عناصر «داعش» وعربات مسلحة تابعة لهم. وأضاف المصدر لوكالة شينخوا الصينية أن «عشرات القتلى والجرحى» سقطوا جراء الضربة الجوية، لافتا إلى أنه تم نقلهم إلى مستشفى ابن سينا التعليمي، وسط إجراءات مشددة. والكتيبة (166 مشاة) التابعة لقوات فجر ليبيا كلفت في منتصف فبراير (شباط) الماضي من قبل السلطات الليبية غير المعترف بها من المجتمع الدولي في طرابلس بقتال تنظيم داعش في سرت.
وخاضت هذه الكتيبة مواجهات ضد التنظيم المتطرف في سرت قبل أن يتمكن مطلع الشهر الجاري من إخراجها من مسقط رأس القذافي، بعد هجوم ضخم سيطر على أثره على قاعدة «القرضابية» الجوية وميناء المدينة الواقعة على بعد (450 كلم شرق طرابلس)، بالإضافة إلى مقرات عسكرية هامة. وتتمركز الكتيبة حاليًا غرب مدينة سرت، وتقوم قوات «فجر ليبيا» بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة، تمهيدا لاقتحام سرت من جديد.
وسيطرت حكومة الإنقاذ الوطني على طرابلس منذ اجتاحت قواتها العاصمة في الصيف الماضي، الأمر الذي أجبر حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني المعترف بها دوليا على العمل من الشرق. وكسب تنظيم داعش أراضي في مدن مثل سرت ودرنة إلى الشرق ليتحدى الجماعات المسلحة المحلية وقوات الحكومة على حد سواء، وأصبحت سرت على الأخص معقلا للتنظيم.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.