قِيل قديماً: «القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ»، لكن اليوم صارت الرياض تكتب وتطبع وتقرأ، وذلك بعد أن قام عدد من دور النشر العربية بنقل طباعة نتاجها الأدبي إلى السعودية، لمواجهة ارتفاع أسعار الورق وتكلفة الطباعة، في محاولة من تلك الدور لتخفف الأعباء المالية، ومن بينها تكاليف الشحن، الأمر الذي جعل مطابع السعودية الوجهة المثلى لدور النشر.
ويوضح سليمان قويدر، مدير الدار العربية للعلوم (ناشرون) في السعودية، وهي دار لبنانية، مقرها الرئيسي في بيروت، أنهم حصلوا مؤخراً على موافقة الإدارة ببيروت لطباعة عدد من الكتب في السعودية، وذلك بطريقة مختلفة قليلة، مرجعاً السبب في ذلك إلى أن المطابع في السعودية ليست مملوكة للدار العربية للعلوم (ناشرون) كما هو الحال في لبنان؛ حيث إن المطابع هناك مملوكة للدار، ما يجعل التكلفة ترتفع قليلاً، إلا أن ذلك يعد الخيار الأمثل.
وقال قويدر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد في السعودية كثير من المطابع المهمة التي تعتبر داعمة لدور النشر، خاصة أنها تقدم أسعاراً مشجعة للناشرين». مضيفاً: «أي دار نشر تحصل على موافقة لطباعة كتبها في السعودية، ستخف كثيراً من الأعباء المادية عليها، ومن بينها رسوم الشحن. فالطباعة في السعودية تحل مشكلات عدة».
أسعار الكتب
هذه التحديات من شأنها أن تدفع دور النشر لرفع أسعار الكتب، وعلى سبيل المثال ما قامت به دار الساقي، ومقرها بيروت؛ حيث أبلغت قراءها هذا الأسبوع نيتها رفع أسعار بعض الكتب، مرجعة السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار الورق، وقد اشتملت قائمة الساقي على 20 كتاباً، من بينها «العصفورية» لغازي القصيبي، و«موت صغير» لمحمد حسن علوان، و«مدن تأكل العشب» لعبده خال، وعدد من مؤلفات محمد شحرور.
وفي حين يؤكد مدير الدار العربية للعلوم (ناشرون) في السعودية، لـ«الشرق الأوسط» أن داره لم تلجأ لهذا الخيار؛ حيث تحافظ الكتب على أسعارها السابقة حتى النسخ الحديثة منها، واستطرد بالقول: «ربما يبدو أن هناك تكاليف أخرى بالنسبة إلى الكتب الجديدة، وبشكل خاص عندما ننظر لأسعار الورق سنرى أنها أزمة عالمية، ولكن نحن نحاول قدر المستطاع أن تبقى أسعار الكتب في متناول الجميع، وكثير من الكتب ما زلنا نبيعها بنفس سعرها الذي اعتمدناه قبل 10 سنوات».
القارئ السعودي
ولتجاوز هذه التحديات، تعوّل دور النشر العربية كثيراً على معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي ينطلق الأسبوع المقبل، بمشاركة ما يقرب من 1000 دار نشر من نحو 30 دولة، وهنا يعود سليمان قويدر للقول: «بحسب تجاربنا السابقة، فإن معرض الرياض هو الأهم، وفي العام الماضي كان الإقبال على المعرض أكبر من المتوقع، ونعتقد أنه سيتفوق هذا العام على كل السنوات السابقة».
ويصف القارئ السعودي بالقول: «هو قارئ واعٍ، ونلاحظ أن القراء كانوا في السنوات السابقة يلحقون بركب الزخم الذي يحظى به كتاب ما (الترند)، وهو ما تغيّر لدى القارئ السعودي الذي تشكّل لديه وعي جديد، وبات يدرك أن الكتاب الأكثر مبيعاً ليس بالضرورة هو كتاب جيّد، فعلى سبيل المثال لدينا كتب تجاوز عمرها 10 سنوات وما زالت تُطلب في معرض الرياض للكتاب، وهذا يشير إلى أن ذائقة القارئ السعودي في تطور دائم».
عرس ثقافي
ويوم الخميس المقبل، تتجه أنظار دور النشر العربية وعشاق القراءة نحو العاصمة السعودية الرياض؛ حيث سيفتح معرض الرياض الدولي للكتاب أبوابه، في واجهة الرياض، بتنظيم وإشراف هيئة الأدب والنشر والترجمة، وستكون تونس ضيف شرف هذا العام، وذلك في سياق العلاقات الأخوية التي تجمع الشعبين الشقيقين السعودي والتونسي، وفي إطار الجهود المشتركة من البلدين لتعزيز التعاون في المجال الثقافي.
ومن الجدير بالذكر أن هذا المعرض الذي احتل مكاناً مرموقاً بين معارض الكتب العربية، يمثّل نافذة ثقافية تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة من المؤسسات والشركات المحلية والدولية مع القراء والمهتمين، إلى جانب ما يقدمه عبر برنامجه الثقافي من فعاليات ثقافية نوعية، ومنصات حوارية، ومحاضرات تفاعلية، وورش عمل تغطي مختلف المجالات الثقافية والفنية.