غروندبرغ في صنعاء لإقناع الحوثيين بتوسيع الهدنة قبيل أيام من انقضائها

العليمي خلال استقباله غروندبرغ أخيراً في الرياض (سبأ)
العليمي خلال استقباله غروندبرغ أخيراً في الرياض (سبأ)
TT

غروندبرغ في صنعاء لإقناع الحوثيين بتوسيع الهدنة قبيل أيام من انقضائها

العليمي خلال استقباله غروندبرغ أخيراً في الرياض (سبأ)
العليمي خلال استقباله غروندبرغ أخيراً في الرياض (سبأ)

غداة تحذيره من وجود خطر حقيقي لعودة الحرب اليمنية المتوقفة منذ الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، وصل إلى صنعاء، أمس (الأربعاء)، المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في إطار مساعيه لإقناع الميليشيات الحوثية بتمديد الهدنة وتوسيعها وفق الخطة التي اقترحها على الأطراف.
وفي حين يتفاءل المجتمع الدولي بأن يتمكن غروندبرغ من انتزاع موافقة الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية على تمديد الهدنة إلى وقت أطول من مدة الشهرين وتوسيع بنودها، تتصاعد المخاوف من عودة القتال على نطاق أوسع، خصوصاً مع تعنت الميليشيات ورفضها فك الحصار عن تعز (جنوب غرب) وطرحها شروطاً للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية جديدة.
وكان المبعوث الأممي غروندبرغ أوضح، في بيان، أنه التقى، الاثنين الماضي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي في مدينة الرياض، لمناقشة الجهود الجارية لتنفيذ وتمديد الهدنة. حيث أطلع غروندبرغ الرئيس العليمي على آخر التطورات، وتمت مناقشة مقترح الهدنة الذي قدمته الأمم المتحدة.
كما التقى المبعوث الخاص، بحسب بيانه، خلال زيارته للرياض، كبار المسؤولين السعوديين الذين أعربوا عن دعم المملكة العربية السعودية القوي لجهود الأمم المتحدة لتمديد الهدنة في اليمن من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وتسوية سياسية دائمة.
وأوضح المبعوث أنه التقى، الثلاثاء، في العاصمة العمانية مسقط، وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي وعدداً من كبار المسؤولين العمانيين، وأنه أشاد خلال لقائه بدور سلطنة عمان الحيوي لدعم جهود الأمم المتحدة. كما التقى مع المتحدث باسم الميليشيات الحوثية محمد عبد السلام فليتة، الذي يعد المشرف الفعلي على خارجية الجماعة الانقلابية.
وأشار غروندبرغ إلى أنه ناقش مع فليتة مقترح الأمم المتحدة لتمديد الاتفاقية وتوسيعها إلى ما بعد 2 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك قبل أن يشد رحاله إلى صنعاء للقاء كبار قادة الميليشيات للغرض ذاته. وفي جميع محادثاته، شدد المبعوث على «أهمية التمديد لفترات زمنية أطول لإتاحة الفرصة أمام اليمنيين لإحراز تقدم على نطاق أوسع يستوعب الأولويات ويوفر مساحة للإعداد للتوجه نحو مفاوضات سياسية شاملة، بما في ذلك وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني».
وحذر غروندبرغ من عودة الحرب، وقال: «نحن نقف عند مفترق الطرق، حيث بات خطر العودة إلى الحرب حقيقياً»، داعياً الأطراف إلى «اختيار النهج البديل الذي يعطي الأولوية لاحتياجات الشعب اليمني».
من جهته، أفاد عضو الوفد الحكومي المفاوض نبيل جامل، في تغريدة على «تويتر»، بأن الوفد تسلم مقترحاً جديداً من المبعوث الأممي ضمن المسار الواسع للهدنة، وقال إن فتح الطرقات الرئيسية في تعز وبقية المحافظات ودفع رواتب الموظفين تحت سيطرة الميليشيات على رأس الأولويات.وأضاف: «نأمل أن يدرك الحوثيون أهمية التجاوب مع الجهود الدولية، لرفع المعاناة عن اليمنيين بعيداً عن الحسابات الإقليمية».
وكانت المصادر اليمنية الرسمية أفادت بأن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد محمد العليمي، برفقة عضوي المجلس عثمان مجلي وفرج البحسني، التقى المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ؛ حيث أكد للأخير التزام المجلس والحكومة بنهج السلام الشامل القائم على مرجعيات المبادرة الخليجية ومقررات الحوار الوطني والقرارات الدولية ذات الصلة، خصوصا القرار 2216.
وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ»، تطرق اللقاء إلى «المساعي الأممية المنسقة مع الإقليم والمجتمع الدولي، لتجديد الهدنة وفرص توسيعها لتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، والضغوط الدولية المطلوبة لدفع الميليشيات الحوثية إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب الإعلان الأممي واتفاق ستوكهولم».
وإلى جانب الجهود الأممية التي يقودها غروندبرغ، يضغط المجتمع الدولي، خصوصاً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، من أجل توسيع الهدنة اليمنية، غير أن عدم تنفيذ الحوثيين لبند إنهاء الحصار على تعز لا يزال عائقاً أمام الانتقال إلى مناقشة أي ملفات أخرى.
وتطرح الميليشيات الحوثية، من جهتها، كل مرة شروطاً جديدة للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية في ظل الهدنة التي استغلتها للاستمرار في نهب الموارد وعائدات سفن الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة وحشد المجندين والاستعراضات العسكرية.
ولمّح المتحدث باسم الميليشيات محمد عبد السلام فليتة، في أحدث تصريحاته، إلى أن جماعته ستعرقل تنفيذ مقترحات المبعوث الأممي، إذ تشترط الجماعة فتح مطار صنعاء تجارياً دون أي قيود، وإلغاء الرقابة على الواردات إلى ميناء الحديدة بعيداً عن الآليات التي أقرتها الحكومة اليمنية، كما تطالب الحكومة الشرعية بصرف الرواتب بعيداً عن الأموال الضخمة التي تجنيها في مناطق سيطرتها.
وتقول الحكومة اليمنية إن الميليشيات الحوثية حصلت خلال الأشهر الستة الماضية على نحو 200 مليار ريال يمني (الدولار نحو 560 ريالاً في مناطق سيطرتها) من الرسوم على واردات الوقود إلى موانئ الحديدة، وهي الأموال التي سخرتها للإنفاق على الاستعراضات العسكرية وعلى حشد المزيد من المجندين استعداداً لجولة أخرى من الحرب.
وفي سلوك تصعيدي من جانب الميليشيات الحوثية، هدّد كبار قادتها أخيراً بأنهم سوف يقومون باستهداف المنشآت النفطية الخاضعة للحكومة الشرعية وموانئ التصدير على البحر العربي، إذا لم يحصلوا على حصة من العائدات.
وتتكهن مصادر سياسية يمنية بأن المبعوث الأممي سينتزع على الأقل موافقة الطرفين؛ الحكومة والحوثيين، على تمديد الهدنة ببنودها الحالية، إذا لم يتمكن من إقناعهم ببنودها المحسنة التي تشمل آلية لصرف رواتب الموظفين وإتاحة وجهات أخرى من مطار صنعاء وإليه، وضمان تدفق كميات أكثر من الوقود إلى ميناء الحديدة.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».