«إدارة الدولة» تُنجح أول جلسة للبرلمان العراقي بعد «التعطيل»

وسط قلق وصدامات وقذائف... والصدر يتبرأ من قصف «الخضراء»

رجال أمن عراقيون يمنعون محتجين من الوصول إلى البرلمان أمس (رويترز)
رجال أمن عراقيون يمنعون محتجين من الوصول إلى البرلمان أمس (رويترز)
TT

«إدارة الدولة» تُنجح أول جلسة للبرلمان العراقي بعد «التعطيل»

رجال أمن عراقيون يمنعون محتجين من الوصول إلى البرلمان أمس (رويترز)
رجال أمن عراقيون يمنعون محتجين من الوصول إلى البرلمان أمس (رويترز)

لم تحل المظاهرات التي انطلقت، صباح أمس (الأربعاء)، في العاصمة العراقية بغداد، دون بدء ائتلاف «إدارة الدولة»، الذي أعلنت عنه غالبية القوى السياسية التي لديها تمثيل برلماني، الخطوة الأولى باتجاه عزل «التيار الصدري»، بزعامة مقتدى الصدر، عملياً. فالإجراءات التي اتخذتها حكومة تصريف الأعمال (برئاسة مصطفى الكاظمي) غير المرضي عنها من «قوى الإطار التنسيقي»، التي أدّت إلى تقطيع أوصال بغداد، بما فيها الجسور بين جانبي الكرخ والرصافة، فضلاً عن شوارع وساحات رئيسية، كانت قد هيأت الأجواء لجلسة البرلمان.
ومع أن الجلسة التي عقدها البرلمان، أمس (الأربعاء) تضمنت فقرتين فقط، هما البت باستقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وانتخاب النائب الأول لرئيس البرلمان، فإن الاستحكامات التي قامت بها قوات الأمن العراقي حالت دون قدرة المتظاهرين على اقتحام الحاجز الأول، لكنها لم تحل دون سقوط عدة قذائف «هاون» على محيط مبنى البرلمان. وبينما أعلن مَن يُعرف بـ«وزير الصدر»، صالح محمد العراقي، عن رفضه ما سماه الموافقة على «صفقة الفساد»، في إشارة إلى عدم موافقته على العروض التي قدمتها له «قوى الإطار التنسيقي»، دان في تغريدة ثانية قصف المنطقة الخضراء، وتحديداً مبنى البرلمان، متهماً «البعثيين» بالوقوف وراءه.
العراقي قال في تغريدة إن قصف المنطقة الخضراء هدفه «إيقاع الفتنة في العراق». وأضاف: «نرفض رفضاً قاطعاً استعمال العنف والسلاح الذي قامت به جهات مجهولة، وذلك بقصف المنطقة الخضراء، تريد من خلاله إيقاع الفتنة في عراقنا الحبيب». وأوضح أنه «حسب الظاهر، فإن مَن قام بهذا العمل هو المحتل وأذنابه من الإرهاب وفلول البعث الصدامي، أو جهات تريد النيل من سمعة الإصلاح والمصلحين، أو اتهام (الثوار) بذلك».
وكانت خلية الإعلام الأمني أعلنت أن المنطقة الخضراء تعرضت إلى 2 قذائف؛ سقطت الأولى أمام مبنى مجلس النواب العراقي، والأخرى قرب دار الضيافة، أما القذيفة الثالثة فسقطت قرب سيطرة القدس». وأدى القصف إلى «إصابة ضابط و3 من المراتب بجروح مختلفة وأضرار بعدد من العجلات وأحد المباني».
ومع أن البرلمان رفع جلسته إلى إشعار آخر، بعد تجديد الثقة بالحلبوسي وانتخاب النائب المستقل محسن المندلاوي نائباً أول لرئيس البرلمان، فإن الأوضاع الطبيعية عادت إلى الشارع العراقي، بعد أن استيقظ العراقيون على حالة أشبه بمنع التجوال، بعد قطع معظم جسور العاصمة ومداخلها، فضلاً عن شوارعها الداخلية، لا سيما المؤدية إلى المنطقة الخصراء.
مع ذلك، فإن التطور الجديد المتمثل في عقد جلسة البرلمان بعد تعطيل لأكثر من شهرين ونصف الشهر، بسبب احتلال «الصدريين» له، بدا كأنه «عقوبة»، مثلما ترى أوساط سياسية عراقية متطابقة، لـ«التيار» الذي كان فاز بأعلى المقاعد في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت خلال أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، حين حصل على 73 مقعداً، لكنه تخلى عن هذه الأغلبية لخصمه اللدود (الإطار التنسيقي الشيعي) عقب قرار زعيم التيار مقتدى الصدر سحب نوابه من البرلمان، في يونيو (حزيران) الماضي.
وعقب انسحاب الصدر غير المتوقّع، بدأت «قوى الإطار التنسيقي» في توحيد صفوفها باتجاهين: الأول استكمال عملية تشكيل الحكومة، بوصفها باتت هي الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، طبقاً للمادة 76 من الدستور العراقي التي تكلف بتشكيل الحكومة، وكذلك فتح المفاوضات، مع تقديم المزيد من التسهيلات للكرد والسنة، بمن فيهم شريكا الصدر السابقان في تحالف «إنقاذ وطن»، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، و«تحالف السيادة السني»، بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي. ومع أن احتلال الصدريين للبرلمان انتهى بصدام مسلح مع قوى «الإطار التنسيقي» داخل المنطقة الخضراء، في الثلاثين من أغسطس (آب) الماضي راح ضحيته عشرات القتلى ومئات الجرحى، اضطر معه الصدر إلى سحب عناصر تياره؛ فإن «قوى الإطار التنسيقي» عدت ما جرى هزيمة لخصمها العنيد، مقتدى الصدر. غير أن الصدر الذي أعلن اعتزاله العمل السياسي وتفرغه للشؤون الداخلية، عاود التغريد عبر مَن يُعرف بـ«وزير القائد»، ليعيد فتح المشهد من جديد لصدام بقي حتى الآن سياسياً. أمام الخطوات التي عدتها «قوى الإطار التنسيقي» بمثابة انتصار لها، خصوصاً بعد أن أعلن حلفاء الصدر السابقون (الكرد والسنّة) عن موافقتهم على تشكيل حكومة جديدة، بهدف الإشراف على الانتخابات المبكرة المقبلة، تعنت الصدر أكثر في إمكانية حتى استقبال وفد ثلاثي (كردي، سني، شيعي) بهدف إقناعه بالمشاركة في الحكومة المقبلة، بعد أن قدمت له «قوى الإطار التنسيقي» ما يعادل نصف الحقائب الوزارية التي سوف يحصل عليها الشيعة في الحكومة المقبلة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
TT

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)
إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.

وإذا كان المتهمان الأساسيان بجرائم غزة هما نتنياهو وغالانت، فإنه يوجد منفذون أيضاً هم قادة الجيش الكبار والصغار وألوف الجنود والضباط الذين نشروا صوراً في الشبكات الاجتماعية يتباهون فيها بممارساتهم ضد الفلسطينيين.

ولم يشهد سكان غزة، أمس، ما يدعوهم للأمل في أن يؤديَ أمرا اعتقال نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات جديدة.