بعد أن تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، عن التحمس الذي أبداه في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني على أساس حل الدولتين، وقال خلال مقابلات صحافية مع الصحف العبرية ووسائل الإعلام، الأحد، إنه لا توجد حالياً إمكانية لمفاوضات حول هذا الصراع وألقى اللوم كله على الفلسطينيين، حذرت حركة «السلام الآن» في تل أبيب، من خطورة تهرب قادة إسرائيل من مستلزمات السلام، ودعت إلى إنقاذ الموقف فوراً والجنوح إلى مفاوضات سلام.
وقالت الحركة الإسرائيلية، التي عرفت برصدها إجراءات الاحتلال والاستيطان التي تعيق وتعرقل عملية السلام، إن خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الأمم المتحدة الذي دعا خلاله إلى الاعتراف بدولة فلسطين والعمل على حل الدولتين، يؤكد أنه حتى بعد سنوات دامية من الركود السياسي وتفاقم الاحتلال والصراع، «يوجد هناك شريك فلسطيني لعملية السلام، وأن يده ممدودة ولا ينبغي تفويت فرصة وجود محمود عباس في قيادة الشعب الفلسطيني».
وطالبت رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن يعمل على تجديد المفاوضات من دون شروط مسبقة. وقالت إنه قد ثبت فعلاً أن إنهاء الصراع أمر ممكن وضروري، «فالدولتان اللتان تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن، في مصلحة إسرائيل، وعلينا أن نجتهد بشجاعة من أجل ذلك».
وكان لبيد قد أكد في خطابه بالأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، تأييده لحل الدولتين، واعتبره أفضل حل لأمن إسرائيل. ولكنه تعرض لهجوم شديد من أحزاب المعارضة اليمينية ومن عدد من وزرائه ونواب الائتلاف الحاكم الذي يقوده. وقد أجمعوا على أنه لا يتكلم باسم الحكومة، بل باسمه شخصياً.
وعلى أثر هذا الهجوم، اهتم لبيد بأن يبدد مخاوف الناخبين من اليمين، فأبدى بعض التراجع من خلال توجيه الاتهام للفلسطينيين، فقال إن إسرائيل ليست مذنبة في إضعاف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، «وإذا عدت إلى التاريخ، فإن الفلسطينيين تلقوا مقترحات ثلاث مرات حول اتفاق على أكثر من 90 في المائة من الأرض (في الضفة الغربية)، وتهربوا ثلاث مرات»، لافتاً إلى أنه في عام 2014 كان (وزيراً) في الحكومة التي أحضرت خطة كيري (وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري). «وذهبنا حينها أكثر بكثير مما جرى التخطيط له، وكان (رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق بنيامين) نتنياهو الذي قام بذلك، وذهب أبعد مما اعتقد أي أحد».
وتابع لبيد أن أبو مازن لم يرد على اقتراحات الرئيس الأميركي، باراك أوباما، حتى الآن. «وهذا ليس بذنبنا، هذا بسبب رفضهم اللا نهائي. وأقول ذلك كمن يؤمن بحل الدولتين. والسؤال المهم هو ماذا ينبغي أن نفعل الآن؟ والإجابة، حالياً، هي تجاوز هذه الأشهر بسلام ومحاولة دفع الوضع إلى الاستقرار».
واعتبر لبيد أن القادة الفلسطينيين لا يفعلون شيئاً جدياً لتمهيد الأرض لإقامة دولة فلسطينية. وأن السؤال الأكبر هو: «هل توجد مصلحة لدى السلطة الفلسطينية بالتحدث معنا عن دولة، فيما هم لا ينفذون الخطوات المطلوبة من أجل بناء دولة؟»، مضيفاً أنه عندما قامت دولة إسرائيل، كان لديها جهاز صحة عام، قطارات وتعاونيات زراعية وصناعية. «وأنت ترى جهداً ضئيلاً جداً كهذا في السلطة الفلسطينية وترى انتشاراً للفساد».
وتابع أنه حتى الأشخاص الذين يؤمنون في إسرائيل بضرورة الانفصال عن الفلسطينيين، لا يمكنهم غض النظر عن الفساد، وعن حقيقة أنهم يمتنعون بحجج مختلفة عن الذهاب إلى انتخابات منذ عام 2006، وعن أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية عاجزة أو تزعم أنها عاجزة عن تحمل مسؤولية الأمن في جميع الأماكن. ويعود قسم من أسباب ذلك، إلى أن «السلطة لم تنجح في إقناع المجتمع الفلسطيني بضرورة الانفصال إلى دولتين، ولأنها لا تبدو كمن لديها رؤية حقيقية حول كيف ينبغي أن يكون شكل هذه الدولة».
وفي رد على أسئلة حول سبب طرحه حل الدولتين في نيويورك، قال: «لم أقل إن هذا سيحدث غداً. وبنظري هناك خطآن يرافقان حياتنا. خطأ اليمين الإسرائيلي الذي يعتقد أنه لا ضير في عدم صنع سلام، رغم أنه بات هناك شك بشأن الأغلبية اليهودية بين البحر والنهر»، مشدداً على أن جميع الأقوال حول إدارة الصراع وصيانة الصراع ستقودنا في النهاية إلى دولة واحدة، وهذه كارثة للصهيونية والهوية اليهودية لدولة إسرائيل.
أما خطأ اليسار، بحسب لبيد، فهو أنه يتحدث بمصطلحات نهاية الصراع، أي «توقع على ورقة ما وبعدها نتعانق». وقال إنه لا هذا ولا ذاك سيحدث، مشدداً على أن الحاجة هي لاتفاق «حول الانفصال إلى دولتين يوجد بينهما سور عالٍ واتفاقيات أمنية تحافظ على أمن إسرائيل. وعلينا أن نعمل في العالم الحقيقي وهذا ما نفعله نحن أنصار طريق الوسط السياسي، نعمل في عالم الحقيقة».
وذكر لبيد أنه حاول فتح صفحة جديدة مع الرئيس عباس، عندما تحدث معه في يوليو (تموز) الماضي وهنأه بعيد الأضحى. لكن «عندما سمعته يتحدث في ألمانيا عن 50 هولوكست، شعرت بما يشبه الندم من أنني بادرت إلى هذه المحادثة».
يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الذي أعرب هو أيضاً قبل أسبوعين عن تأييده لحل الدولتين، خرج الأحد، بتصريحات يؤكد فيها أن هذا الحل غير مطروح حالياً ولا يبدو أنه ممكن في القريب المنظور.
غانتس يؤيد حل الدولتين ولكن لا يراه واقعياً الآن
حركة سلام إسرائيلية تدعو لبيد لمفاوضات فورية مع الفلسطينيين
غانتس يؤيد حل الدولتين ولكن لا يراه واقعياً الآن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة