ما بين محابر ومقالم من عصور مختلفة، ولوحات تعليمية بدائية، تحتفي متاحف مصرية عدة باقتراب بدء العام الدراسي الجديد عبر عرض مجموعات متنوعة من مقتنياتها النادرة توثق لتاريخ التعلم وأدوات الكتابة وتطورها التاريخي، وتغير أشكالها، واستخدام الأحجار والفخار وعظام الحيوانات للكتابة في حقب تاريخية متنوعة.
يهدف عرض مقتنيات المتاحف المرتبطة بالدراسة وتطور أدوات الكتابة عبر العصور إلى تعريف الأجيال الجديدة بتاريخ المدرسة والدراسة والتعلم عبر عصور مختلفة. القطع المعروضة تم اختيارها من الجمهور بالتصويت عبر صفحات المتاحف على موقع «فيسبوك» ويستمر عرضها حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
لوحة أوستراكا من مقتنيات المتحف القبطي
وتتنوع مقتنيات المتاحف المصرية المرتبطة بالدراسة والكتابة ما بين أدوات كتابية من مقالم ومسارج وألواح كتابة حجرية وفخارية، وتماثيل لفلاسفة من عصور مختلفة، ويعرض متحف الفن الإسلامي مقلمة مصنوعة من النحاس المكفت بالفضة، تعود إلى العصر المملوكي. فيما يعرض متحف الشرطة القومي بالقلعة مسرجة مصرية قديمة من الفخار المحروق على شكل أسد كانت تستخدم للإنارة ليلاً، وعند الكتابة. بينما يعرض متحف قصر المنيل حافظة أوراق مصنوعة من العاج ومطعمة بالصدف والكهرمان، بها محبرتان يليهما مكان حفظ الأوراق، وفي أعلى الحافظة حلية ذهبية على شكل تاج، من ممتلكات الأمير محمد علي توفيق «صاحب القصر».
أدوات ولوحات كتابة من عصور مختلفة
ويقول محمد السيد البرديني، مدير متحف قصر المنيل، لـ«الشرق الأوسط» إن «حافظة الأوراق التي يعرضها المتحف هذا الشهر تعود للقرن التاسع عشر، وهي من الممتلكات الشخصية للأمير محمد علي توفيق، وتأتي ضمن تقليد (قطعة الشهر) حيث نطرح عدداً من القطع على الجمهور للتصويت عبر صفحة المتحف ليختار واحدة منها، فنقوم بعرضها في مكان بارز».
ويشير البرديني إلى أن «قطع هذا الشهر ترتبط ببدء العام الدراسي، وتسلط الضوء على تاريخ الكتابة وتطورها والأدوات المستخدمة في عصور مختلفة بهدف تعريف الأجيال الجديدة بمراحل مختلفة لفكرة الدراسة والتعلم».
وتعرض بعض المتاحف لوحات كتابة متنوعة بلغات مختلفة، منها لوحة يعرضها متحف السويس القومي، تعود لعصر الدولة المصرية القديمة لشخص يدعى «أكاو»، ويوجد بها بالجزء العلوي دائرتان للحبر، وفي وسطها تجويف لوضع فرشاة الكتابة، وفي نهايتها سطران رأسيان بالخط الهيروغليفي بهما خرطوش للملك بيبي الأول، فيما يعرض متحف المجوهرات الملكية «تعليقة» من مقتنيات أسرة محمد علي، لوحة على شكل باب معبد فرعوني مزين بكتابات وأعلى الباب نسر ناشرٌ جناحيه، وفي المنتصف تمثال لشخص يجلس على كرسي حجري، مثبت بإطار من الذهب.
تماثيل تبرز دور الفلاسفة والكتبة
وتسلط بعض القطع المعروضة الضوء على استخدام «الأوستراكا» (لوحات كتابة سواء في التعلم أو لتدوين الملاحظات بتفاصيل الحياة اليومية) ومنها قطعة «أوستراكا» يعرضها المتحف القبطي، مصنوعة من الحجر الجيري، نُقش عليها تدريب مدرسي تعليمي لحروف اللغة القبطية، وإلى جانب استخدامها كلوحات تعليمية استُخدمت «الأوستراكا» في الكتابة بشكل عام وتدوين الملاحظات والنصوص المختلفة، وفق سالي محمد، أمين المتحف القبطي، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «قطع الأوستراكا الحجرية استُخدمت أيضاً في عصور مختلفة لتدوين ملاحظات الحياة اليومية والخطابات و(وصولات الأمانة)، وقد شاع في حقب متنوعة الكتابة على قطع الفخار، فعندما تنكسر (جرة) يتم استخدامها في الكتابة».
ويمتلك المتحف القبطي مقتنيات كثيرة تؤرخ لاستخدام لوحات كتابة من مواد مختلفة -حسب أمين المتحف القبطي- أبرزها قطع توضح استخدام عظام الحيوانات كلوحات كتابة، مدوّن عليها كتابات باللغة القبطية، وكذلك قطعا خشبية كثيرة استُخدمت لتعليم الكتابة وتدوين الملاحظات.
وكان للفلاسفة والعلماء نصيب وافر في معروضات المتاحف المرتبطة بالكتابة عبر مجموعة من التماثيل المختلفة، منها تمثال للمهندس «إيمحوتب» من عصر الأسرة الرابعة، يعرضه متحف آثار طنطا، وهو من أشهر العلماء والمهندسين والكتاب، وأول مَن أسس بناء أول هرم مدرج للملك زوسر، وتمثال للمعبود سيرابيس على هيئة الفيلسوف فاقد الرأس يعرضه متحف آثار كفر الشيخ، ويعرض متحف آثار مطروح تمثال نصفي من الرخام للفيلسوف اليوناني أبيقور، مؤسس المدرسة الفلسفية الأبيقورية، من العصر اليوناني.