الرئيس عباس يدعم التوجه الفرنسي مبدئيًا وحماس تعارضه

فابيوس: نعمل على مواكبة دولية للمفاوضات.. وما زلنا نستكشف الأفكار والردود

الرئيس محمود عباس والوزير الفرنسي لوران فابيوس أثناء لقائهما في رام الله أمس (رويترز)
الرئيس محمود عباس والوزير الفرنسي لوران فابيوس أثناء لقائهما في رام الله أمس (رويترز)
TT

الرئيس عباس يدعم التوجه الفرنسي مبدئيًا وحماس تعارضه

الرئيس محمود عباس والوزير الفرنسي لوران فابيوس أثناء لقائهما في رام الله أمس (رويترز)
الرئيس محمود عباس والوزير الفرنسي لوران فابيوس أثناء لقائهما في رام الله أمس (رويترز)

استبق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، لقاءه مع وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الذي يزور المنطقة لعرض مبادرة فرنسية لاستئناف عملية السلام المتعثرة، قائلا أمام حكومته في بداية اجتماعها الأسبوعي، إن «الطريقة الوحيدة للوصول إلى اتفاق هي عبر المفاوضات الثنائية، وسنرفض بقوة أي محاولات لفرض إملاءات دولية علينا».
وأضاف نتنياهو، أن «المقترحات الدولية التي تطرح علينا، والتي يحاولون بالفعل فرضها علينا، لا تتطرق بشكل حقيقي إلى الاحتياجات الأمنية لدولة إسرائيل وإلى مصالحنا الوطنية الأخرى». وتابع: «هذه الأطراف تحاول ببساطة دفعنا إلى حدود لا يمكن الدفاع عنها، متجاهلة بشكل تام الذي سيحدث على الجانب الآخر من هذه الحدود».
وكان مقررا أن يلتقي فابيوس، في ساعة متأخرة من مساء أمس، نتنياهو في مقره الرسمي بالقدس الغربية.
وعلم أن اللقاء مع نتنياهو كان متوترا، إذ اختلف رئيس الوزراء الإسرائيلي مع ضيفه الفرنسي بشأن وضع جدول زمني للمفاوضات. وقال له إن تحديد موعد نهائي يعني أن يفهم الفلسطينيون أنهم سيحصلون على دولة بمفاوضات أو من دونها. وهذا يشكل نوعا من الإملاء على إسرائيل. ولكن مصادر فرنسية قالت، إن المفاوضات كانت إيجابية، وهي تعطي دفعة قوية لعملية السلام.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد اجتمع أيضا، بالرئيس الإسرائيلي رئيوفين ريفلين، وعرض عليه المبادرة الفرنسية لإحياء عملية التسوية، ودعا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى استئناف المحادثات.
وقال فابيوس إنه يعمل على أن تكون هناك مواكبة دولية للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المقترحة، لمساعدة الطرفين على تجاوز العقبات.
وجاء حديث فابيوس بعد تلقيه دعما لأفكاره المبدئية حول استئناف عملية السلام من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي التقاه في مقره في رام الله أمس.
وقال فابيوس: «نريد مواكبة دولية للمفاوضات سواء عبر مجموعة أو آلية معينة، خصوصا في الأمتار الأخيرة للمفاوضات، سيكون هدف هذه المجموعة اجتياز هذه الأمتار الصعبة الأخيرة (..) لأن التضحيات كبيرة حسب رأي الأطراف المعنية، فهناك حاجة لمساعدة دولية».
وكان الوزير الفرنسي وصل إلى رام الله قادما من الأردن ومصر بعد لقائه العاهل الأردني عبد الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي، وقبل أن يلتقي إلى القدس للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في زيارة هي الرابعة للمنطقة منذ عام 2012، وتهدف إلى عرض الفكرة الأساسية للمشروع الفرنسي، وتقوم على استئناف المفاوضات تحت رعاية دولية ووفق جدول زمني محدد.
ويفترض أن يطرح المشروع الفرنسي بعد استكمال صياغته على مجلس الأمن لنيل موافقة الدول العظمى، لكن فابيوس قال إنه على الرغم من الحاجة إلى قرار من مجلس الأمن فإن ذلك ليس هدفا بحد ذاته.
وكان الفلسطينيون تقدموا في نهاية ديسمبر (كانون الأول) بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي حصل على دعم فرنسي، وينص على التوصل إلى اتفاق سلام خلال 12 شهرا، وعلى انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة قبل نهاية 2017، لكنّ دولا عدة عارضته بينها الولايات المتحدة التي استخدمت الفيتو.
وتسعى فرنسا الآن إلى مشروع آخر يحظى بموافقة الولايات المتحدة الأميركية، وقد حصل فابيوس مبدئيا على موافقة عباس، معربا عن شكره له على دعمه لهذه الأفكار.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مؤتمر صحافي مشترك مع فابيوس: «الرئيس عباس ثمن الاهتمام الفرنسي المتواصل بتقديم أفكار خاصة لتفعيل عملية السلام المتوقفة بسبب رفض إسرائيل تنفيذ التزاماتها وعدم الوفاء بها (..) الرئيس استمع لشرح من فابيوس حول طبيعة الأفكار الفرنسية، وأكد سيادته تطابق الأفكار الفلسطينية والفرنسية، ونحن ملتزمون بهذه الأفكار التي من شأنها العمل على إطلاق عملية السلام وبدء المفاوضات لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتواصلة جغرافيا في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ضمن مفهوم حل الدولتين».
وأضاف المالكي: «هذه الأفكار تهدف إلى خلق ديناميكية جديدة للمفاوضات، تأخذ في الاعتبار التجارب التفاوضية السابقة، من خلال استخلاص العبر والدروس منها».
وأردف: «نؤكد ترحيبنا بكل هذه الأفكار، ومستعدون لتقديم كل ما هو مطلوب منا كفلسطينيين من أجل إنجاح جهود فابيوس».
وأوضح المالكي أن اجتماعا عقد في القاهرة بين وزير الخارجية الفرنسي والأطراف العربية ذات العلاقة، وكان هناك أسئلة واستفسارات حول طبيعة الأفكار الفرنسية، وما سمعه الوزير منا هو تشجيع كامل لهذه الأفكار، وكيفية الاستمرار فيها، لكنه طلب عد التسرع في إطلاق الأحكام، باعتبار الزيارة هي «استكشافية».
وأكد فابيوس بدوره حصوله على دعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك عبد الله الثاني، وممثلين عن الجامعة العربية، محذرا من انعكاسات الجمود في عملية السلام وآثاره على المنطقة ودول العالم. وقال: «إذا بقيت القضية الفلسطينية دون حل فإن ذلك سينعكس سلبيا من خلال تنامي العنف والإرهاب، وهذا ما يقلقنا جميعا». وتابع: «هناك آراء مختلفة لدى الجانبين، يجب أن نجد حلولا توفيقية لها، وفرنسا قدمت بعض هذه الاقتراحات التي طرحناها مع أصدقائنا. نحن نناقش الأفكار ونسمع الردود، لبدء مفاوضات جادة (..) نحن نريد استئناف المفاوضات للوصول إلى السلام، فالأطراف هي التي يجب عليها التفاوض، لذلك نعمل على استئنافها».
وأكد فابيوس أنه سيكون هناك اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لبحث هذا الموضوع، إضافة إلى لقاء يجمعه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، لبحث هذه الأفكار.
وفي المقابل، قالت حركة حماس أمس إن المشروع الفرنسي ينتقص من الحقوق والثوابت، رافضة العودة إلى ما وصفته بـ«المفاوضات العبثية».
وشدد فابيوس، إن «بلاده تسعى إلى حل يضمن حقوق الفلسطينيين وأمن إسرائيل»، مؤكدا أن فرنسا لا تتفاوض نيابة عن أحد بل تسهم في دفع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتفاوض.
وحذر الوزير الفرنسي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني، ناصر جودة، في عمان، أمس، من عودة العنف في حال عدم استئناف المفاوضات. وأشاد بالدور المهم الذي يلعبه الأردن في هذه القضية، وفي استقرار المنطقة بشكل عام.
وقال فابيوس إن «المنطقة العربية تمر بظروف ليست سهلة، مثمنا جهود الأردن لإعادة الأمور إلى طبيعتها». موضحا أن الهدف الأول والأساسي من جولته في المنطقة، هو إعادة فتح مباحثات السلام بين فلسطين وإسرائيل، مؤكدا أن فرنسا لا تعترف إلا بضرورة إعادة السلام بحل القضية الفلسطينية.
وقال الوزير الفرنسي، إن «بلاده تعمل على عدم تدهور الأوضاع في الوقت الحالي، في ضوء توقف مباحثات السلام»، منوها بأن حل الدولتين هو الأمثل الذي يجب أن ترتكز عليه المفاوضات النهائية للسلام. وأن الحل الجزئي للقضية الفلسطينية غير وارد. وأن القضية الفلسطينية ليست قضية إقليمية بل قضية دولية، موضحا أن الوضع بين الجانبين يمكن أن يتدهور في أي لحظة.
وأعلن فابيوس أنه وجه دعوة إلى الأردن لتنظيم لقاء دولي في أوائل سبتمبر (أيلول) المقبل، تحت رعاية الأمم المتحدة. وهذه مبادرة من فرنسا لحماية الأقليات، في كل الدول، من التطرف وممارسات التنظيمات الإرهابية، كـ«داعش» وغيرها.
من جانبه، أكد العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، على ضرورة تكثيف العمل من قبل مختلف الأطراف الفاعلة، بما فيها فرنسا، لما لها من دور محوري، في سبيل تهيئة الظروف الملائمة لإحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، استنادا إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.
جاء ذلك خلال استقباله أمس، الوزير فابيوس، حيث أشاد العاهل الأردني، خلال اللقاء الذي جرى في قصر الحسينية بعمان، بعلاقات التعاون والصداقة التي تربط الأردن مع فرنسا، مؤكدًا حرص بلاده على تمتينها وتعميقها في شتى الميادين، وإدامة التنسيق المشترك حيال كل ما من شأنه تحقيق مصالح البلدين.
على صعيد متصل، قال وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع فابيوس، إنه «لا حل جزئيا للقضية الفلسطينية وإنما حل شامل»، مشددا على أن «الأردن صاحب مصلحة عليا عندما يكون الحديث عن القضية الفلسطينية»، مؤكدا أن هدف الأردن، هو «إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى حل الدولتين».
وقال جودة، إن «العلاقة بين بلاده وفرنسا متميزة ومتجددة، وإن اللجنة الوزارية العربية التقت وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لبحث إحياء مفاوضات السلام».
وأكد جودة أهمية الدور الفرنسي، وقال، إن «فرنسا من الدول التي تؤيدنا في موقفنا بأن معركة التطرف هي معركة الإسلام، وأننا يجب أن نتصدى لكل من يحاول الإساءة للدين الإسلامي، دين الوسطية والاعتدال. وهذا الحديث تم بين جلالة الملك والرئيس الفرنسي»، مؤكدا دور الأردن الطليعي والقيادي ضد التطرف.
وقال إن «فرنسا من أكبر المستثمرين في الأردن، مما يدل على الإيمان المطلق لأصدقائنا بأهمية الأردن واستقراره ومركزية الأردن كجاذب للاستثمار»، معبرا عن شكره وتقديره لفرنسا على هذه المشاريع الحيوية ونتطلع إلى مزيد من التعاون.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.