وزير الدفاع الأميركي يسعى لدعم أكبر من «الناتو» في جولته الأوروبية

كارتر يلتقي بنظرائه من «البلطيق» وسط مطالب بنشر قوات الحلف فيها

وزير الدفاع الأميركي يسعى لدعم أكبر من «الناتو» في جولته الأوروبية
TT

وزير الدفاع الأميركي يسعى لدعم أكبر من «الناتو» في جولته الأوروبية

وزير الدفاع الأميركي يسعى لدعم أكبر من «الناتو» في جولته الأوروبية

يزور وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر نظراءه الأوروبيين هذا الأسبوع لبحث التعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) بعد التدخل العسكري الروسي في القرم وأوكرانيا. وتأتي الزيارة في وقت يقول فيه مسؤولون إن نشاطات الحلف العسكرية في أوروبا في أعلى مستوياتها منذ عقود.
وصرح مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أول من أمس: «هذا الشهر بلغت نشاطات الولايات المتحدة والناتو في التدريب والمناورات، أعلى مستوى لها منذ الحرب الباردة». وأورد مسؤول أميركي أن زيارة كارتر فرصة للتعرف على رد الدول الأعضاء في الحلف على تحركات روسيا في المنطقة ومناقشة «ما يجب الاستمرار في القيام به».
ومن المقرر أن يتوجه كارتر إلى ألمانيا اليوم، وبعد ذلك يزور تالين عاصمة إستونيا غدا، قبل أن يتوجه إلى بلجيكا حيث سيشارك في اجتماع وزراء الدفاع في «الناتو»، وهو أول اجتماع له منذ توليه الوزارة في فبراير (شباط) الماضي. ومن المرتقب أن يركز الاجتماع الوزاري على دعم التحالف وزيادة الإنفاق العسكري.
وأثناء وجوده في تالين، سيلتقي كارتر وزراء الدفاع في دول البلطيق؛ إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، بحسب البنتاغون. وطالبت الدول الثلاث بوجود دائم لقوات «الناتو» على أراضيها. إلا أن دول الحلف مترددة في تلبية ذلك الطلب، لأن نشر جنود يمكن أن يقوض القانون التأسيسي للحلف الموقع مع روسيا ما بعد الحقبة الشيوعية، والذي ينص على بناء «سلام دائم وشامل».
ووسط المخاوف المتزايدة لدول أوروبا الشرقية حيال سلوك روسيا، أعلنت واشنطن استعدادها لنشر أسلحة ثقيلة في المنطقة مما دفع موسكو إلى التهديد بتعزيز ترسانتها النووية.
وقال مسؤول البنتاغون إن تلك المعدات ستستخدم في تدريب القوات الأميركية في المنطقة، مقللا من أهمية اتهامات موسكو بأن «الناتو» يهدد حدودها. وأضاف أن «هذه المعدات مخصصة حاليا لألمانيا. والسؤال الذي طرحناه على أنفسنا العام الماضي حول فترة زيادة التدريبات في أوروبا الشرقية، هو: ما أفضل مكان لتخزين المعدات بشكل فعال؟».
ويتوقع أن يلقي كارتر كلمة مهمة حول السياسة اليوم في ألمانيا، كما سيتوجه إلى مونستر في شمال غربي البلاد مع وزيرة الدفاع الألمانية ارسولا فون دير لين، ووزيرة دفاع هولندا جنين هينز بلاسشارت، ونظيره النرويجي اين اريكسن سوريد. وفي مونستر سيزور كارتر قوة «الناتو» المؤقتة السريعة.
وتدعو الولايات المتحدة التي ينتشر نحو 65 ألفا من جنودها في أوروبا، باستمرار إلى زيادة دمج الجهود العسكرية والمساهمة بقوات في الحلف الأطلسي. وأعلنت رغبتها في تشكيل مزيد من قوات الرد السريع. وفي 2014 أنفقت ثلاث دول أوروبية فقط هي إستونيا واليونان وبريطانيا، اثنين في المائة من ميزانيتها على الدفاع، وهو الهدف الذي حدده «الناتو» في قمة ويلز العام الماضي.
إلا أنه يبدو أن بريطانيا تتجه إلى خفض إنفاقها العام المقبل، بحسب محللين من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وأشاد مسؤول البنتاغون بالمساعدة التي قدمتها ألمانيا في زيادة إنفاق الدفاع في الحلف هذا العام، إلا أنه قال إنه يرغب في أن تزيد ألمانيا، التي تعد قائدة للحلف، جهودها. وقال: «نود أن نشجعهم على عمل المزيد. هذا عام تاريخي للقيام بذلك». وعقب زيارته إستونيا وبلجيكا، فسيعود كارتر إلى ألمانيا الجمعة المقبل لحضور تدريبات عسكرية تشارك فيها أكثر من 12 دولة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.