إيطاليا اليوم أمام الفصل الأخير من صعود اليمين المتطرف إلى السلطة

قلق جديد للأوروبيين في زمن المواجهة المفتوحة مع موسكو

جورجيا ميلوني وسيلفيو برلوسكوني وماتيو سافليني في المهرجان الانتخابي الأخير في روما، 22 سبتمبر (أيلول) الحالي (أ.ب)
جورجيا ميلوني وسيلفيو برلوسكوني وماتيو سافليني في المهرجان الانتخابي الأخير في روما، 22 سبتمبر (أيلول) الحالي (أ.ب)
TT

إيطاليا اليوم أمام الفصل الأخير من صعود اليمين المتطرف إلى السلطة

جورجيا ميلوني وسيلفيو برلوسكوني وماتيو سافليني في المهرجان الانتخابي الأخير في روما، 22 سبتمبر (أيلول) الحالي (أ.ب)
جورجيا ميلوني وسيلفيو برلوسكوني وماتيو سافليني في المهرجان الانتخابي الأخير في روما، 22 سبتمبر (أيلول) الحالي (أ.ب)

يذهب الإيطاليون اليوم إلى الانتخابات العامة وسط اهتمام أوروبي غير مسبوق بنتائجها التي ترجح كل الاستطلاعات بأنها ستكون لصالح الائتلاف اليميني المتطرف الذي يقوده حزب «إخوان إيطاليا»، وعدم اكتراث داخلي أمام هذا الاستحقاق الذي يتكرر بوتيرة قياسية منذ سبعين عاماً تعاقبت خلالها على إيطاليا 67 حكومة من غير أن تعدل قيراطاً واحداً في النزعة المتأصلة لدى طبقتها السياسية للمكائد والوقوف دائماً على شفا الهاوية.
لا يتوقف الإيطاليون كثيراً عند التحذيرات المتداولة في الأوساط الأوروبية من وصول فلول الفاشيين وحلفائهم من اليمين المتطرف إلى الحكم، لأن هؤلاء سبق وشاركوا في الحكومات الأربع التي رأسها سيلفيو برلوسكوني، وفي الحكومتين الائتلافيتين بين «حركة النجوم الخمس» وحزب «الرابطة». لكنهم لم يصلوا أبداً إلى رأس السلطة التنفيذية كما هو متوقع غداً عندما تتوج النتائج النهائية جيورجيا ميلوني، الطالعة من صفوف الحركة الفاشية، كأول رئيسة للحكومة في تاريخ إيطاليا.
لكن القلق الذي يسود الأوساط الأوروبية منذ السقوط المفاجئ لحكومة ماريو دراغي مطلع الصيف الماضي، له ما يكفي ويزيد من مبررات على الجبهات السياسية والاقتصادية، رغم الجهود التي بذلتها ميلوني في الأسابيع الأخيرة للتطمين والتهدئة والتخفيف من حدة خطابها الناري، الذي رفع شعبية حزبها من 4 في المائة في انتخابات عام 2018 إلى 25 في المائة، إذا صحت التوقعات التي ترجح فوز الائتلاف اليميني بما يزيد عن 60 في المائة من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب.
يتزامن الوصول المتوقع لليمين المتطرف إلى الحكم في إيطاليا مع وصول حزب «النازيين الجدد» إلى السلطة في السويد، التي تعد من أكثر الدول اعتدالاً في أوروبا، ومع احتدام الصدام بين المفوضية الأوروبية والمجر حول الامتثال لقواعد المشروع الأوروبي، واحترام المبادئ والقيم الأساسية التي يقوم عليها. ولم تتردد ميلوني خلال الأسابيع الأخيرة في تكرار دعمها لرئيس الحكومة المجرية، وحليفها السياسي الأول في أوروبا، فكتور أوروبان، مؤكدة وجوب احترام نتائج الانتخابات الديمقراطية التي جددت ولايته للمرة الثالثة، ورافضة القرار الأوروبي حرمان المجر من المساعدات المالية، ومشددة مرة أخرى على موقفها المعروف، وملخصه «أن سياسة المؤسسات الأوروبية خاضعة للنقاش، والأولوية للمصالح الوطنية».
المسؤولون الأوروبيون، الذين يحرصون كثيراً على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لا يخفون قلقهم من وقوع إيطاليا في قبضة اليمين المتطرف في هذه المرحلة من الإصلاحات المهمة المطروحة أمام المشروع الأوروبي وطرائق عمله، والمواجهة المفتوحة مع موسكو التي تسعى لتحريك بيادقها داخل الاتحاد الأوروبي لضرب وحدة الموقف من العقوبات والمساعدات العسكرية لأوكرانيا.
هذا القلق المتنامي على وقع التصعيد الأخير في الموقف الروسي، هو الذي دفع المستشار الألماني أولاف شولز إلى التصريح مؤخراً بأن فوز ميلوني سوف يأخذ إيطاليا في الاتجاه الخطأ، وبرئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، إلى الشطط والخروج عن الرصانة الدبلوماسية عندما قالت منذ يومين «سنرى ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات في إيطاليا، بعد الانتخابات الأخيرة في السويد. إن موقفنا يقوم على الاستعداد للعمل مع أي حكومة ديمقراطية مستعدة للعمل معنا... أما إذا سارت الأمور في الاتجاه الصعب، وكانت لنا تجارب سابقاً مع بولندا والمجر، فلدينا الأدوات اللازمة».
كانت فرنسا أيضاً ألمحت إلى خشيتها من اصطفاف إيطاليا بجانب المحور البولندي - المجري، وفقدان المحور الألماني - الفرنسي حليفاً مهماً مثل إيطاليا.
المخاوف الأكثر إلحاحاً بالنسبة للشركاء الأوروبيين مصدرها الموقف الذي يمكن أن تتخذه الحكومة الجديدة في إيطاليا من المواجهة مع موسكو، رغم التصريحات المتكررة التي صدرت عن ميلوني مؤكدة دعمها للموقف الغربي الموحد من العقوبات والمساعدات العسكرية. فالحليف الأقوى لميلوني، ماتيو سالفيني الذي ينتظر أن يتولى منصب نائب رئيس الحكومة، ينادي منذ فترة بإنهاء العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو، التي أعلن رئيس الوزراء المجري فكتور أوروبان مؤخراً أنه يتطلع إلى إلغائها في موعد لا يتجاوز نهاية السنة الحالية، في وقت كان وزراء خارجية الاتحاد قرروا منذ يومين في نيويورك إعداد حزمة جديدة منها.
وما زاد من هذه المخاوف التصريحات التي أدلى بها يوم الخميس الماضي الحليف الآخر لميلوني، سيلفيو برلوسكوني، الذي قال إن العملية العسكرية الخاصة التي قامت بها القوات الروسية، كانت تقضي بالوصول إلى كييف في غضون أسبوع واستبدال حكومة زيلنسكي بأخرى من أشخاص صالحين، والعودة إلى قواعدها بعد أسبوع، مضيفاً: «لكنها واجهت مقاومة غير متوقعة تعززت بفضل إمدادات بكل أنواع الأسلحة من الغرب». ولم تنفع التوضيحات اللاحقة التي صدرت عن حزب برلوسكوني مؤكدة تأييده للموقف الغربي، ولا تصريحات ميلوني التي أحالت إلى تلك التوضيحات، بتهدئة خواطر الشركاء الأوروبيين الذين يخشون خروج روما عن وحدة الصف الأوروبي مع وصول الحكومة الجديدة.
لكن مصادر رفيعة في المفوضية الأوروبية، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، تعتقد أن الحكومة الإيطالية الجديدة لن تجنح نحو المواجهة الصدامية مع بروكسل على غرار ما حصل مع بولندا والمجر، لأن ميلوني أدركت أن المصالح الحيوية لإيطاليا مرتبطة عضوياً بالمشروع الأوروبي الذي شكل خشبة الخلاص لها في كل الأزمات الاقتصادية الماضية، التي تنتظر أن يمدها اليوم بمساعدات تزيد عن 200 مليار يورو للنهوض من تداعيات الجائحة، وضخ النشاط في شرايين الاقتصاد الراكد منذ سنوات، على أبواب أزمة اقتصادية واجتماعية تنذر بشتاء عاصف في البلد الذي يزيد دينه العام عن 150 في المائة من إجمالي ناتجه القومي.
وتتوقع هذه الأوساط أن تستمر ميلوني في خطابها التقليدي ضد الهجرة غير الشرعية والإجهاض والحريات الجنسية، والمناداة بالدفاع عن المصالح الوطنية، وتقاسم الأعباء بين الشركاء الأوروبيين، لكنها ستسعى إلى الحفاظ على علاقات بناءة ومثمرة مع المؤسسات الأوروبية.
ترجيحات استطلاعات الرأي الأخيرة
ترجح آخر استطلاعات الرأي أن ينال الائتلاف اليميني، الذي يضم أحزاب «إخوان إيطاليا» و«الرابطة» و«فورزا إيطاليا»، ثلثي المقاعد تقريباً في مجلسي الشيوخ والنواب. لكن في الوقت نفسه، قد يكون عدد الأصوات التي تحصل عليها الأحزاب والقوى اليسارية مجتمعة، أكبر من الأصوات الإجمالية لأحزاب اليمين الثلاثة التي تخوض الانتخابات متحالفة للمرة الأولى.
السبب في ذلك هو أن القانون الانتخابي الإيطالي، وهو صيغة هجينة بين نظام الأغلبية والنظام النسبي، «يكافئ» التحالفات التي تتشكل قبل الانتخابات، حيث إن 37 في المائة من المقاعد تعطى على أساس قاعدة الأغلبية الجغرافية التي تقوم على انتخاب مرشح واحد هو الذي يجمع أكبر عدد من الأصوات. وتفيد آخر التقديرات بأن الائتلاف اليميني قد يحصل على 90 في المائة من هذه المقاعد التي يبلغ عددها 147.
تجدر الإشارة إلى أن أحزاب اليسار، كعادتها في إيطاليا، تخوض هذه الانتخابات في تحالفات صغيرة وضيقة، لا بل أحياناً منشطرة على ذاتها داخل الحزب الواحد. يذكر أن إيطاليا غيرت قانونها الانتخابي خمس مرات في العقود الثلاثة المنصرمة، ومن المرجح أن يبادر الائتلاف اليميني، في حال الفوز، إلى تعديل القانون الحالي، كما دعا في برنامجه الانتخابي الذي يتضمن أيضاً اقتراحاً بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب ومنحه صلاحيات واسعة على غرار النظام الرئاسي الفرنسي.


مقالات ذات صلة

برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

العالم برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

برلين: اعتقالات جديدة في قضية «محاولة الانقلاب»

حدد ممثلو ادعاء ألمان هويات خمسة مشتبه بهم آخرين، لهم صلة بحركة «مواطني الرايخ» اليمينية المتطرفة، في أعقاب مداهمات وقعت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، قالت متحدثة باسم مكتب المدعي العام الاتحادي، في كارلسروه، إن مداهمات جرت اليوم الأربعاء واستهدفت خمسة مشتبه بهم من بافاريا وساكسونيا السفلى وساكسونيا وسويسرا، حيث يشتبه أنهم يدعمون منظمة إرهابية. بالإضافة إلى ذلك، تم تفتيش منازل 14 آخرين، لا ينظر إليهم على أنهم مشتبه بهم. وأجريت عمليات تفتيش للمنازل أيضا في سويسرا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم مظاهرة ضد السياسي السويدي الذي أحرق القرآن خارج سفارة السويد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

استنكار واسع لإحراق نسخة من المصحف في استوكهولم

تسبب قيام سياسي دنماركي سويدي متطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم خلال احتجاج أمام مبنى السفارة التركية في ستوكهولم، بمزيد من العقبات في طريق حصول السويد على موافقة تركيا على طلب انضمامها إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ إذ ردّت أنقرة بإلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الدفاع السويدي في 27 يناير (كانون الثاني) الحالي إليها، لبحث موقف تركيا من مسألة الانضمام، وذلك بعد أن ألغت تركيا زيارة رئيس البرلمان السويدي، بسبب فعالية لأنصار حزب «العمال الكردستاني» أهانوا فيها الرئيس رجب طيب إردوغان. وأعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لسماح السلطات السويدية بإحراق نسخة من المصحف ال

العالم مظاهرة ضد السياسي السويدي الذي أحرق القرآن خارج سفارة السويد في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

تنديد بإحراق القرآن الكريم أمام سفارة تركيا في استوكهولم

أضاف قيام سياسي دنماركي سويدي متطرف بإحراق نسخة من القرآن الكريم أمام مبنى السفارة التركية في استوكهولم، مزيداً من العقبات في طريق حصول السويد على موافقة تركيا على طلب انضمامها إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ إذ ردت أنقرة بإلغاء زيارة كانت مقررة لوزير الدفاع السويدي في 27 يناير (كانون الثاني) الحالي إليها، لبحث موقف تركيا من مسألة الانضمام، وذلك بعد أن ألغت تركيا زيارة رئيس البرلمان السويدي، بسبب فعالية لأنصار حزب «العمال الكردستاني» أهانوا فيها الرئيس رجب طيب إردوغان. ونددت وزارة الخارجية التركية، بشدة، بسماح السلطات السويدية لرئيس حزب «الخط المتشدد» الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالو

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم السعودية تدين سماح السويد لمتطرف بحرق المصحف

السعودية تدين سماح السويد لمتطرف بحرق المصحف

أعربت المملكة العربية السعودية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لسماح السلطات السويدية لأحد المتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف أمام سفارة تركيا في استوكهولم. وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان أمس موقف بلادها الثابت الداعي إلى أهمية نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش، ونبذ الكراهية والتطرف. كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي بأشد العبارات العمل الدنيء الذي أقدم عليه نشطاء من اليمين المتطرف بحرق نسخة من القرآن الكريم في استوكهولم، وبترخيص من السلطات السويدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال حديثه اليوم مع الصحافيين في برازيليا (د.ب.أ)

لولا يؤكد أن أبواب القصر الرئاسي شُرّعت أمام المتظاهرين من الداخل

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا اليوم (الخميس) اقتناعه بأن المتظاهرين الذين اقتحموا القصر الرئاسي في برازيليا الأحد، تلقوا مساعدة من الداخل، معلناً عملية «تدقيق عميقة» بالموظفين. ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، قال الزعيم اليساري خلال مأدبة الفطور الأولى مع الصحافيين منذ تنصيبه في الأول من يناير (كانون الثاني): «أنا مقتنع بأن أبواب قصر بلانالتو فتحت ليتمكن الناس من الدخول لأنه لم يتم خلع أي باب». وأوضح: «هذا يعني أن أحدهم سهل دخولهم إلى هنا».

«الشرق الأوسط» (برازيليا)

ناجون من طائرة أذربيجان: سمعنا دوي انفجارات قبل السقوط

فافا شبانوفا ناجية من حادثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية في كازاخستان (رويترز)
فافا شبانوفا ناجية من حادثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية في كازاخستان (رويترز)
TT

ناجون من طائرة أذربيجان: سمعنا دوي انفجارات قبل السقوط

فافا شبانوفا ناجية من حادثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية في كازاخستان (رويترز)
فافا شبانوفا ناجية من حادثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية في كازاخستان (رويترز)

قال أحد ركاب طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية التي تحطمت في كازاخستان، لوكالة «رويترز»، إنه سمع دوي انفجار قوي لدى اقتراب الطائرة من وجهتها في مدينة غروزني الواقعة بجنوب روسيا.

وتحطمت الرحلة «جيه 2-8243»، يوم الأربعاء، بالقرب من مدينة أكتاو في كازاخستان، بعد أن حولت مسارها من منطقة في جنوب روسيا، تنتشر فيها أنظمة الدفاع الجوي التي تُستخدم في إسقاط الطائرات المسيرة الأوكرانية. ولقي ما لا يقل عن 38 شخصاً حتفهم في هذه الواقعة، بينما نجا 29 شخصاً.

وقال سوبهونكول رحيموف أحد الركاب، لوكالة «رويترز»، من المستشفى: «بعد الانفجار... اعتقدت أن الطائرة ستتحطم»، مضيفاً أنه بدأ في الدعاء والاستعداد للموت بعد سماع دوي انفجار.

وقال: «كان من الواضح أن الطائرة تعرضت لأضرار بطريقة ما، كما لو كانت في حالة سكر. لم تعد الطائرة نفسها».

وقالت ناجية أخرى، لوكالة «رويترز»، إنها سمعت أيضاً دوياً قوياً. وأضافت فافا شبانوفا: «كنت خائفة جداً»، وأضافت أن انفجاراً ثانياً وقع أيضاً. ثم طلب منها مضيف الطيران أن تنتقل إلى مؤخرة الطائرة.

وقال الناجيان إن مشكلة ما وقعت فيما يبدو في مستويات الأكسجين بغرفة الركاب بعد الانفجار.

وقال مضيف الطيران ذو الفقار أسدوف، إن طلب الهبوط في غروزني قوبل بالرفض بسبب الضباب، لذا استدار الطيار، «وعند هذه النقطة سمعنا أصوات انفجارات خارج الطائرة».

وقال: «كان القائد قد ارتفع بالطائرة للتو حين سمعت صوت انفجار من الجناح الأيسر. حدثت 3 انفجارات». واصطدم شيء ما بذراعه اليسرى، وفقدت غرفة الركاب الضغط».

وبخلاف وصف هول الحادث، تقدم الروايات الشخصية للركاب نظرة لاحتمالات لما قد يكون وقوع الكارثة.

مضيف الطيران ذو الفقار أسدوف أحد الناجين من حادثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية في كازاخستان (رويترز)

وعلقت الخطوط الجوية الأذربيجانية عدداً من رحلاتها إلى المدن الروسية، اليوم (الجمعة)، وقالت إنها تعدّ أن الحادث ناجم عما تطلق عليه «تدخلاً خارجياً مادياً وتقنياً». ولم توضح الشركة طبيعة هذا التدخل.

وقالت 4 مصادر مطلعة على النتائج الأولية للتحقيق الذي تجريه أذربيجان، لوكالة «رويترز»، الخميس، إن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت الطائرة بالخطأ.

وقالت روسيا إن من الضروري انتظار انتهاء التحقيق الرسمي لمعرفة ما حدث للطائرة.

هبوط اضطراري

كانت الطائرة «إمبراير» انطلقت من باكو عاصمة أذربيجان إلى غروزني في جمهورية الشيشان بجنوب روسيا، قبل أن تنحرف عن مسارها مئات الأميال قبالة بحر قزوين.

وقال مضيف الطيران أسدوف: «قائد الطائرة قال إنه نُصح بالهبوط بالطائرة في البحر، لكنه قرر التوجه إلى أكتاو والهبوط بها على الأرض».

وأضاف: «حذر من أنه سيكون هناك هبوط اضطراري، وطلب منا أن نكون على أهبة الاستعداد وإعداد الركاب».

وتحطمت الطائرة على الشاطئ المقابل من بحر قزوين، بعد ما وصفته هيئة مراقبة الطيران الروسية بأنه حالة طوارئ ربما نجمت عن اصطدام بسرب طيور.

وأظهرت مقاطع مصورة التقطها الركاب على متن الطائرة قبل تحطمها سقوط أقنعة الأكسجين، وأشخاصاً يرتدون سترات النجاة. وأظهرت لقطات لاحقة ركاباً ملطخين بالدماء ومصابين بكدمات، وهم يخرجون من الطائرة.

وقال رحيموف إنه بعد كل ضجيج الهبوط الاضطراري، ساد صمت قبل أن يبدأ صعود صوت أنين الجرحى.

وسلط الحادث الضوء على المخاطر التي يتعرض لها الطيران المدني، حتى حين تحلق طائرات على بعد مئات الكيلومترات من منطقة حرب، خصوصاً حين تكون هناك حرب كبرى جارية باستخدام طائرات مسيرة.

ومن بين الكوارث السابقة، إسقاط الحرس الثوري الإيراني الرحلة «بي إس 752» للخطوط الجوية الدولية الأوكرانية في عام 2020، مما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصاً.

وفي عام 2014، أسقط نظام الصواريخ «بو» الروسي الرحلة «إم إتش17» للخطوط الجوية الماليزية فوق شرق أوكرانيا، مما أدى إلى مقتل 298 فرداً من الركاب والطاقم.

وفي عام 1983، أسقط الاتحاد السوفياتي الرحلة 007 للخطوط الجوية الكورية، بعد أن انحرفت عن مسارها وحلقت في مجال جوي محظور.

وفي عام 1988، أثناء الحرب بين إيران والعراق، أسقطت المقاتلة الأميركية «فينسينز» طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية فوق الخليج، مما أسفر عن مقتل 290 شخصاً كانوا على متنها.

حرب المسيرات

وتعرضت طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية لمشكلة بالقرب من غروزني، التي تبعد أكثر من 850 كيلومتراً عن خطوط المواجهة في أوكرانيا، لكنها لا تزال هدفاً متكرراً للطائرات الأوكرانية المسيرة التي تضرب بعيداً خلف الخطوط الروسية.

وتستخدم روسيا معدات إلكترونية متطورة لإرباك أنظمة تحديد المواقع وأنظمة الاتصالات في الطائرات المسيرة الأوكرانية، وتستعين أيضاً بعدد كبير من أنظمة الدفاع الجوي لإسقاط الطائرات المسيرة.

ومنذ أن أرسلت روسيا آلاف الجنود إلى أوكرانيا في عام 2022، تلتف خطوط الطيران حول أوكرانيا، وتغلق روسيا المطارات الرئيسية في الجنوب الغربي.

وقال أندرو نيكلسون، الرئيس التنفيذي لشركة «أوسبري فلايت سوليوشنز»: «نحن في صراع في تلك المنطقة، وهذا لن يتغير».

وأضاف: «في اللحظة الثانية التي تدخل فيها طائرة مدنية في المجال الجوي نفسه، فإنك تفاقم المخاطر بشدة، خصوصاً حين يكون هناك هجوم دائر بطائرات مسيرة ونشاط دفاع جوي قائم، كما الحال فيما حدث».

وقالت هيئة الطيران الروسية (روسافياتسيا)، الجمعة، إن الطائرة قررت تغيير مسارها من وجهتها الأصلية في الشيشان، وسط ضباب كثيف وتحذير محلي من طائرات مسيرة أوكرانية.

وقالت «روسافياتسيا» إن قائد الطائرة عُرضت عليه مطارات أخرى للهبوط، لكنه اختار مطار أكتاو في كازاخستان. وأضافت أنها ستقدم دعماً شاملاً للتحقيقات في كازاخستان وأذربيجان في الحادث.

ورداً على سؤال بشأن ما أثير عن أن الدفاعات الجوية الروسية هي التي أسقطت الطائرة عن طريق الخطأ، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، اليوم (الجمعة)، إنه ليست لديه معلومات إضافية، وإنه لا يريد تقديم أي تقييمات قبل ظهور نتائج التحقيقات الرسمية.