الرابحون والخاسرون في عائلة ميردوخ

ربح ولدا البريطانية.. وخسرت بنتا الصينية وبنت الأسترالية

روبرت ميردوخ بين ولديه لاشلان (يسار) وجيمس.. وفي الاطار إليزابيث (46 عامًا) وهي أيضًا مثل شقيقيها من زوجة ميردوخ البريطانية (الإسكتلندية) (أ.ب)
روبرت ميردوخ بين ولديه لاشلان (يسار) وجيمس.. وفي الاطار إليزابيث (46 عامًا) وهي أيضًا مثل شقيقيها من زوجة ميردوخ البريطانية (الإسكتلندية) (أ.ب)
TT

الرابحون والخاسرون في عائلة ميردوخ

روبرت ميردوخ بين ولديه لاشلان (يسار) وجيمس.. وفي الاطار إليزابيث (46 عامًا) وهي أيضًا مثل شقيقيها من زوجة ميردوخ البريطانية (الإسكتلندية) (أ.ب)
روبرت ميردوخ بين ولديه لاشلان (يسار) وجيمس.. وفي الاطار إليزابيث (46 عامًا) وهي أيضًا مثل شقيقيها من زوجة ميردوخ البريطانية (الإسكتلندية) (أ.ب)

جمع روبرت ميردوخ، أغنى إمبراطور صحف وتلفزيونات وإذاعات في العالم، بين النجاح المادي وعدم النجاح العاطفي. بين جمع ثروة تزيد على 10 مليارات دولار (عمره 84 عامًا)، وبين حياة زوجية مضطربة. تزوج ثلاث مرات، وطلق ثلاث مرات، وعاقر، وقامر، وانتقل من فضيحة إلى أخرى.
قالت وكالة «الأسوشيتيد برس» إنه جمع بين «حب السلطة، والغراميات، والفضائح».
وقال مايكل وولف، كاتب كتاب عنه بأنه «وسط صراع الأبناء والبنات على السلطة، يظل اسم ميردوخ هو اسم النجاح». لا بد أن وولف يعرف ميردوخ كثيرًا، وذلك لأن اسم كتابه هو: «الرجل الذي يملك الأخبار: داخل الحياة السرية لميردوخ».
وقالت لورا مارتن، خبيرة في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك): «تسبب هذه التغييرات (في مناصب قيادة شركات ميردوخ) كمية كبيرة من الغموض (في سوق الاستثمارات)».
وقالت كلير أندارز، خبيرة بريطانية في الاستثمارات ومتابعة لاستثمارات ميردوخ: «في نهاية المطاف، فضل ميردوخ الرجال على النساء. فضل توريث ولديه على توريث بناته الأربع». لم تقل إنه «شوفينيستيك بيغ» (خنزير لا يحترم النساء)، كما كتبت بعض الأميركيات اللائي يقدن حركة تحرير المرأة (المعتدلة)، والحركة الأنثوية (المتطرفة). كتب هؤلاء:
أولاً: عن العلاقة بين الرجل والمرأة في مكان العمل.
ثانيًا: عما يمكن أن تسمى عقيدة «سكسيزم» (تفضيل جنس على آخر).
ثالثًا: عن أن الرجال يؤمنون بهذه العقيدة إيمانا مضاعفًا، مرات ومرات، أكثر من النساء.
فعلاً، صار الولدان جيمس (42 عامًا) ولاشلان (43 عامًا) مسؤولين عن مجموعة شركات ميردوخ:
الأول: يدير مجموعة شركات «فوكس الحادي والعشرين» (تملك شركات إنتاج سينمائي، وتلفزيوني ودور سينما).
الثاني: يدير مجموعة شركات «نيوز كورب» (تملكات شركات صحف، وتلفزيونات، ونشر كتب).
صحيح أنه، حتى وسط الرجال، فرق ميردوخ بين جيمس الأصغر ولاشلان الأكبر (بفرق عام واحد). لكنه فعل ذلك لأن جيمس ظل يعمل معه منذ أن تخرج من الجامعة قبل عشرين عامًا تقريبًا، وحقق نجاحات كثيرة. لكن، تردد لاشلان بين شركات المجموعة، وبين العمل في المجموعة كلها. أكثر من مرة، ترك كل المجموعة، وعاد إلى أستراليا (وطن العائلة الأول). ويقال إنه متردد، وغير فصيح، وغير واثق من نفسه، على الأقل بالمقارنة مع أخيه.
كسب رجلان، وخسرت أربع نساء.
أول الخاسرات هي إليزابيث (46 عامًا)، وهي أيضًا، مثل شقيقيها، من زوجة ميردوخ البريطانية (الاسكوتلندية).
لكن، ربما لم تخسر. وذلك لأنها، بعد أن تمردت على والدها، وعلى شركاته قبل أكثر من عشرة أعوام، لم تتأرجح مثلما تأرجح شقيقها لاشلان، ولم تهجر بريطانيا إلى أستراليا. تركت شركات والدها، وأسس شركة «شاين» الإعلامية (من نصيبها من أموال والدها). ونجحت فيها نجاحًا كبيرًا. وقبل أربعة أعوام، باعتها إلى والدها بستمائة مليون دولار (عشرة أضعاف تكاليف تأسيسها). في ذلك الوقت، قالت صحيفة «غارديان» البريطانية إن هذا نوع من أنواع «الفساد العائلي» («نيبوتيزم»، تفضيل الأقرباء) الذي اشتهرت به عائلة ميردوخ.
حسب الصحيفة، كررت إليزابيث أنها لم ترد، ولا تريد، منصبًا في مجموعة شركات والدها. ربما لأنها كانت، ولا تزال، تعرف أن والدها، في نهاية المطاف، سيفضل الرجال على النساء في ميراث إمبراطوريته.
الخاسرة الثانية هي برودانس (65 عامًا) من أول زوجات ميردوخ، الأسترالية باتريشا. وهي المولودة الوحيدة من زواج استمر عشر سنوات. كان ميردوخ صحافيًا عاديًا، وكانت هي مضيفة في شركة طيران. وعندما طلقها، لم يكن يملك مالاً كثيرًا. (يقال إنه، في وقت لاحق، زاد نصيبها من ثروته. خصوصًا عن طريق بنتهما برودانس). منذ البداية، مثل والدتها، لم تهتم البنت اهتمامًا كبيرًا بالصحافة والصحف والصحافيين. (يقال إن ميردوخ طلق أمها، مضيفة الطائرات، لنفس السبب). حتى اليوم، تظل البنت تبتعد عن مهنة البحث عن المتاعب.
الخاسرتان الثالثة والرابعة صغيرتان في السن، لكن، مع مرور الزمن، لا يبدو أن فرصهما في السيطرة على شركات والدهما ستزيد. بعد عشرين عامًا، مثلاً، سيكون كل من جيمس ولاشلان بلغ أكثر من الستين عامًا، وسيريدان، مثل والدهما، توريث أبنائهم (ربما، مثل الوالد، سيفضلان الرجال على النساء في قيادة شركات العائلة).
البنتان الصغيرتان في السن هما: غريس (13 عامًا) وكلوي (11 عامًا). وهما من زوجة ميردوخ الثالثة: الصينية ويندي دينغ.
قبل عامين، ربما جزء من خطة بعيدة المدى خلطت بين السياسة والصحافة والجنس، طلقها ميردوخ.
أولاً: تحاشي سيطرة الصينية وبنتيها (وربما الصين نفسها) على إمبراطوريته.
ثانيًا: التزم بحبه واحترامه للبريطانيين (وبريطانيا)، وفضل ولدي زوجته البريطانية.
لهذا، يمكن القول إن ميردوخ، في بعد نظر يدل على حكمة وطموح (رغم كل مشكلاته)، مال نحو الغرب ضد الشرق. عن هذا كتبت مجلة «تايم» الأميركية، عندما طلق ميردوخ الزوجة الصينية: «ليس سرًا أن كثيرًا من الأستراليين يخشون أن تصل توسعات الصين إليهم. بل هي وصلت فعلاً، في صورة استثمارات. يوجد أستراليون يقبلون ذلك على مضض، يقبلونه كأمر واقع. لكن، ليس ميردوخ من بين هؤلاء».
لكن، انتقدت المجلة ميردوخ لأنه ظل يخلط بين المال والحب، بين توسع شركاته وبين زوجاته وعشيقاته. تزوج الصينية مع دخول شركاته الصين. وطلقها مع خوفه من توسعات الصين (في أستراليا، وفي الغرب).
وأخيرًا، حتى وكالة «الأسوشيتيد برس» أشارت إلى علاقات الصينية (مع توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق، وإيريك شمت، رئيس شركة «غوغل»). وقالت إن ذلك كان من أسباب الطلاق. وكأنها تقول إن ميردوخ كان على حق مرتين:
أولاً: عندما فضل الرجال على النساء في وراثة شركاته.
ثانيًا: عندما فضل البريطانيين على الصينيات (عندما فضل الغرب على الشرق).



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.