هل يضع تيودورو أوبيانغ حداً لـ«رقمه القياسي» في الحكم؟

رئيس غينيا الاستوائية يسعى لتحسين صورته عالمياً قبل «توريث» السلطة

هل يضع تيودورو أوبيانغ حداً لـ«رقمه القياسي» في الحكم؟
TT

هل يضع تيودورو أوبيانغ حداً لـ«رقمه القياسي» في الحكم؟

هل يضع تيودورو أوبيانغ حداً لـ«رقمه القياسي» في الحكم؟

يبدو أن تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو، رئيس غينيا الاستوائية، صاحب «الرقم القياسي» العالمي لأطول ولاية رئاسية في دولة يحكمها نظام جمهوري، يدرك أن عليه وضع ترتيبات نهاية عهده، الذي امتد 43 سنة وما زال مستمراً. فرغم عدم إفصاحه علناً عن موقفه من الترشح مجدداً للمنصب، في انتخابات قام بتقديم موعدها، فإنه اتخذ مؤخراً عدة إجراءات تستهدف إلى تحسين صورته العالمية، فيما لا تزال غينيا الاستوائية تملك أحد أسوأ سجلات حقوق الإنسان في العالم، وربما تُمهد لتمرير مشروعه لتوريث كرسي الحكم إلى «نجله المدلل»، بحسب معارضيه، الذين يرون في حكمه «نظاماً ديكتاتورياً»، يحكم البلاد بـ«قبضة من حديد».
وتعتبر غينيا الاستوائية، القابعة في وسط القارة الأفريقية، من أكثر دول العالم انغلاقاً وفقراً، رغم ثروتها النفطية، في ظل اتهامات بتفشي الفساد.
تزداد أهمية غينيا الاستوائية، الدولة الأفريقية الوحيدة الناطقة بالإسبانية، في ظل تداعيات الأزمات الدولية الراهنة وسياق التنافس الأميركي - الصيني في قارة أفريقيا، وفقاً للدكتور محمد عبد الكريم أحمد، الباحث في الشؤون الأفريقية في معهد «الدراسات المستقبلية» في بيروت، إذ برز اسم غينيا الاستوائية على قائمة الدول الأفريقية المرشحة لاستضافة أول قاعدة بحرية صينية في المحيط الأطلسي، الأمر الذي نبه إلى خطورته القائد السابق للقوات الأميركية في أفريقيا، ستيفن تاونسند، في أواخر عام 2021.
ويرى عبد الكريم، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه رغم بلوغ الرئيس أوبيانغ الـ80 عاماً، واستمراره في السلطة منذ عام 1979، من المرجح أن يعمد إلى ترتيب الأوضاع الهادفة لاستمرار توليه المنصب، على الأقل في العامين المقبلين، ريثما يتيسر التوصل لاتفاق فعلي مع الصين بخصوص إنشاء قاعدة بحرية، مع توقعات اقتصاديين بنفاد موارد الطاقة في غينيا الاستوائية، حسب معدلات الاستخراج الحالية، بحلول عام 2035، ما يتطلب البحث عن بدائل اقتصادية لتعويض النقص في الدخل الوطني.
ولا يستبعد الخبير في الشأن الأفريقي، سيناريو التوريث لنجله ونائبه تيودورين، الذي حُكم عليه غيابياً في فرنسا في عام 2020 بتهمة الاحتيال، بالتوازي مع عزم الرئيس الحالي على تولي فترة رئاسة جديدة يكمل خلالها كثيرا من الملفات العالقة (مثل العلاقات مع فرنسا) والمثيرة للجدل، لتهيئة المجال أمام رئاسة مستقرة لابنه.
- تجميل الصورة دولياً
وفي محاولة لتحسين سجل بلاده الحقوقي، والذي يواجه انتقادات دولية عدة، أقدم الرئيس أوبيانغ نغويما مباسوغو، الأسبوع الماضي، على قرار إلغاء عقوبة الإعدام، مع العلم أنه عادة ما تصف منظمات حقوقية دولية النظام الحاكم في غينيا الاستوائية، بـ«الاستبدادي»، وتتهمه بـ«الوقوف خلف عمليات اختفاء قسري واعتقال تعسفي وتعذيب للمعارضين». وكان آخر حكم بالإعدام نُفّذ رسمياً في غينيا الاستوائية في 2014، بحسب منظمة العفو الدولية.
وفي تغريدة على تويتر، قال تيودورين، نائب الرئيس: «أكتبها بالخط العريض لتكريس هذه اللحظة الفريدة: غينيا الاستوائية ألغت عقوبة الإعدام». وهذا القانون الذي سبق أن أقرّه البرلمان، سيدخل حيّز التنفيذ «خلال 90 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية». وفي هذا السياق، وفي أحدث تقرير لها حول مكافحة العصابات في غينيا الاستوائية، أدانت منظمة العفو الدولية سياسة الحكومة لمحاربة هذه العصابات، معتبرة أنها «تقوّض حقوق الإنسان» عبر ممارستها اعتقالات تعسفية وأعمال تعذيب وإخفاء قسريا. لكن نائب الرئيس رد معتبراً أن التقارير التي تتهم بلاده بانتهاكات لحقوق الإنسان ««تفتقر إلى الأساس والمصداقية». مع هذا، عبّر تقرير للمفوّض الساميّ لحقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، عام 2018، عن «قلق عميق حيال توقيف المعارضين، دون إجراء تحقيقات شفّافة وشاملة، واحترام ضمانات الإجراءات القانونيّة الواجبة».
- تقديم موعد الانتخابات
بموازاة إلغاء الإعدام، أعلن مرسوم رئاسي الأسبوع الماضي، إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ما يعني تقديم موعد الرئاسيات 5 أشهر، إذ كان مقرراً إجراؤها في البداية في الربع الأول من عام 2023 المقبل.
وبرر الرئيس الغيني توحيد موعد إجراء الانتخابات بكلفتها المالية «في ظل أزمة اقتصادية بسبب الحرب في أوكرانيا، وجائحة كوفيد-19 على وجه الخصوص». وقال الرئيس إن «قرار إجراء جميع الانتخابات في الوقت نفسه مدفوع بالرغبة في مساعدة الحكومة على الوفاء بالالتزامات العديدة الملقاة على عاتقها، في وقت تضرب فيه الأزمة الاقتصادية العالم بشكل عام، وبلدنا بشكل خاص». وتابع أن «تمويل عدة انتخابات سيكون له تأثير على الوضع الاقتصادي للبلاد». في الواقع، ليس من الواضح في الوقت الحالي ما إذا كان الرئيس سيكون مرشحاً لفترة ولاية جديدة مدتها سبع سنوات، أم أنه سيفسح المجال لابنه، خصوصاً وأن الحزب الحاكم لم يعلن عن اسم مرشحه خلال مؤتمره الأخير الذي عقد نهاية عام 2021.
ويرى الدكتور عبد الكريم أحمد أن تحركات الرئيس الأخيرة، مثل إلغاء عقوبة الإعدام لتحسين سجل بلاده في ملف حقوق الإنسان، والتبكير بالانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في العام المقبل لتعقد نهاية العام الحالي، لا تعني بالضرورة بدء إجراءات توريث الحكم، ولكن في المقابل فإن «التبكير بوقت الانتخابات لتكون في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل يجعلها عملياً مترافقة مع تصعيد دولي مرتقب، لا سيما على ساحة الأزمة الروسية الأوكرانية... ومن ثم يزيد من هامشية الاهتمام الدولي بهذه الانتخابات ومخرجاتها، سواءً لجهة تجديد فترة رئاسة الرئيس الحالي أم اختيار نائبه».
وهنا تجدر الإشارة إلى أن «الحزب الديمقراطي في غينيا الاستوائية» (PDGE) يهيمن تقريباً على كل سلطات الحكم في الدولة، بينما يمنح الدستور، الذي صدر عام 1982، الرئيس سلطات غير محدودة، بما في ذلك سن القوانين بأمر مباشر.
ومن بين صلاحيات أوبيانغ، تعيين وإقصاء أعضاء البرلمان، وسن القوانين بالأمر المباشر، وحل البرلمان والمطالبة بانتخابات تشريعية.
- بطاقة هوية... ونشأة عسكرية
نشأ تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو، الذي ولد في بلدة أكواكان الصغيرة أقصى شرق البلاد، في 5 يونيو (حزيران) 1942، وتلقى نشأة عسكرية صارمة. فقد انضم إلى المؤسسة العسكرية خلال فترة الاستعمار الإسباني للبلاد، ما أهله لدخول الأكاديمية العسكرية في مدينة سرقسطة في شمال إسبانيا.
وبعد التخرج من الأكاديمية العسكرية، شغل أوبيانغ العديد من المناصب في عهد رئاسة عمه فرانسيسكو ماسياس نغويما، بما في ذلك منصب مدير سجن «بلاك بيتش» سيئ السمعة، وهذا قبل أن يطيح بعمه في انقلاب دموي وقع يوم 3 أغسطس (آب) 1979.
وأحكم أوبيانغ قبضته على السلطة، وأصدر الأمر بإعدام سلفه رمياً بالرصاص على يد فرقة عسكرية، وفرض سيطرته رئيسا للبلاد، ورئيسا للمجلس العسكري الأعلى، قبل أن يعلن «عودة اسمية» إلى الحكم المدني في عام 1982.
وبعد صدور دستور 1982، تم انتخاب أوبيانغ رئيساً لمدة سبع سنوات، وكان المرشح الوحيد. ثم أعيد انتخابه في عام 1989، مرة أخرى باعتباره المرشح الوحيد. وبعدما سُمح اسمياً لأحزاب أخرى بالتنظيم في عام 1992، أُعيد انتخابه في عامي 1996 و2002 بنسب تتخطى الـ95 في المائة من الأصوات. وتكرر الأمر في عام 2009، بحصوله على أكثر من 95 في المائة من الأصوات، ثم في 2016، ولكن هذه المرة بنسبة 93.7 في المائة.
وأسس الرئيس أوبيانغ «الحزب الديمقراطي لغينيا الاستوائية» (PDGE) عام 1987، الذي ظل الحزب القانوني الوحيد في البلاد حتى عام 1992. ومع استفادة عهده من تحوّل غينيا الاستوائية إلى منتج مهم للنفط، بدءاً من التسعينيات، تولى أوبيانغ رئاسة الاتحاد الأفريقي من 31 يناير (كانون الثاني) 2011 إلى 29 يناير 2012.
خصوم الرئيس يتهمونه بأنه يحكم البلاد بيد من حديد، وأنه عمل على امتداد سنوات حكمه على تكديس ثروة هائلة، في حين بقيت أجزاء واسعة من غينيا الاستوائية عالقة في براثن الفقر، ولم تنجح في أن توفر لأبنائها إمكانية الحصول على التعليم أو الرعاية الصحية اللائقين. ومع أن البلاد أصبحت ثالث أكبر دول أفريقيا جنوب الصحراء في إنتاج النفط خلال السنوات الأخيرة، فإن الثروة لم توزع على أبناء البلاد بصورة عادلة. ويقول البنك الدولي إن 77 في المائة من سكان غينيا الاستوائية البالغ عددهم نحو 1.5 مليون نسمة يعيشون في فقر.
- اتهامات بالفساد
من جهة ثانية، يواجه الرئيس أوبيانغ اتهامات على نطاق واسع بالرشوة وإساءة استخدام السلطة، طوال فترة حكمه، من قبل معارضيه ومنظمات دولية (حكومية وغير حكومية). فقبل 12 سنة، وتحديداً في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، علقت «اليونسكو» منح جائزة في علوم الحياة تحمل اسم «تيودورو أوبيانغ»، بعدما اتهمت منظمات من المجتمع المدني الأمم المتحدة بالسماح للرئيس أوبيانغ بتلميع سمعته من خلال تمويل هذه الجائزة التي تبلغ قيمتها 3 ملايين دولار، بدلاً من استخدامها لتحسين مستويات معيشة شعبه الذي يقبع تحت براثن الفقر.
وتتسع دائرة الفساد حول الرئيس لتشمل عائلته، وعلى رأسها نجله تيودورين أوبيانغ الذي يتبوأ حالياً منصب نائب الرئيس.
تيودورين يُعرَف في أوروبا بـ«الابن المدلل». وقد شغل قبل عام 2012 منصب وزير الزراعة والغابات في حكومة والده، ثم عُيّن في مايو (أيار) 2012 نائباً ثانياً للرئيس (والده)، وكان مسؤولاً عن الدفاع والأمن في غينيا الاستوائية. وفي يونيو (حزيران) 2016 رُقّي إلى منصب النائب الأول للرئيس.
وتشير حسابات تيودورين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى نمط حياة مترفة، حيث ينشر فيها رحلاته وممتلكاته ولقاءاته مع المشاهير، الأمر الذي ضاعف شبهات الفساد حوله، لتمويل صفقاته الشرائية للمنتجات الفارهة، بدءاً بالطائرات الخاصة النفاثة، وصولاً إلى مقتنيات مغني البوب العالمي الراحل مايكل جاكسون.
بل إن الأمر تخطى الاتهامات ليبلغ الملاحقات القانونية. ففي عام 2016، صادرت سويسرا مجموعة من سياراته الفاخرة بعد تحقيق فساد، ووصل حصاد مبيعات تلك السيارات إلى ملايين الدولارات عندما باعتها السلطات في مزاد علني عام 2019. ووفق مدعين سويسريين فإنهم «حفظوا تحقيقاً مع تيودورين بشأن غسل أموال واختلاس مال عام، بترتيب يقضي ببيع السيارات لتمويل برامج اجتماعية». وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2017، حكم القضاء الفرنسي على تيودورين (غيابياً) بالسجن 3 سنوات مع وقف التنفيذ، وبغرامة قيمتها 30 مليون يورو، في إطار قضية تتعلق بحيازة ممتلكات بطريقة غير مشروعة. وأمرت المحكمة أيضاً بمصادرة كل الممتلكات التي حجزتها. وتتضمن الاتهامات تبييض أموال عبر استغلال مساعدات اجتماعية، وغسل أموال عامة مختلسة، واستغلال الثقة وتبييض أموال من طريق الفساد.
وبينما انتقد نائب الرئيس محاكمته في فرنسا، أوضحت المحكمة أنها تتمتع بصلاحية محاكمة تيودورين أوبيانغ، لأن قرارها يتعلق «بمخالفة تبييض أموال في فرنسا» من قبل نائب الرئيس لاستخدامه «الشخصي»، وليس «لوقائع ارتكبت في غينيا الاستوائية خلال أدائه مهامه».
أيضاً، عام 2018 صادرت الشرطة البرازيلية ملايين الدولارات نقداً، بما في ذلك مجموعة من الساعات الفاخرة من وفد رافق تيودورين في السفر، بعد فحص طائرتهم الخاصة في ساو باولو. وفي يوليو (تموز) 2021، فرضت بريطانيا عقوبات على تيودورين بتهمة اختلاس أكثر من 425 مليون يورو (500 مليون دولار)، أنفقها على قصور فاخرة وطائرات خاصة وأشياء أخرى. ووجهت إليه بريطانيا تهمة المشاركة في «ترتيبات تعاقدية فاسدة وطلب رشاوى لتمويل أسلوب حياة فَخْم لا يتوافق مع راتبه الرسمي كوزير في الحكومة».
وبالإضافة إلى كل ذلك، أرغمت السلطات الأميركية تيودورين في أكتوبرعام 2014 على إعادة ما يزيد على 30 مليون دولار من الأموال المكتسبة بطرق غير شرعية، وممتلكات منها فيلا في ماليبو (كاليفورنيا) وسيارة من طراز فيراري وبعض المخلفات التذكارية لمايكل جاكسون.
- أزمة مستمرة مع الغرب
على صعيد آخر، في العادة يعتمد طول بقاء الرئيس في الدول الأفريقية في الحكم على علاقات خارجية قوية تتغاضى عن مخالفاته. لكن العكس صحيح مع تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو. فهو صاحب تاريخ واسع من العلاقات المتأزمة، خاصة مع الدول الغربية، بسبب الحملات والعقوبات الدولية ضد نجله تيودورين. بل إن الدول الأوروبية أغلقت سفاراتها في البلاد، واحدة تلو الأخرى، لتكون فرنسا وإسبانيا فقط الدولتين الأوروبيتين الوحيدتين اللتين أبقيتا على تمثيلهما في مدينة مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية.
وردّت السلطات في غينيا الاستوائية على بريطانيا بإعلان إغلاق سفارتها في لندن، احتجاجاً على العقوبات التي فرضتها بريطانيا على تيودورين، الذي جُمِّدت أصوله في لندن وحُظِرَ من دخول بريطانيا. كما ردت على إدانة تيودورين في فرنسا باحتجاز هليكوبتر عسكرية فرنسية، منتصف العام الماضي، ادعت سلطات مالابو أنها «هبطت من دون تصريح»، كما ذكرت السلطات أنها «لا تَستبعد أن تكون هذه الحادثة العسكرية عملية تجسُّس واستفزاز مِن قِبَل باريس».
لكن الجيش الفرنسي نفى اتهامات غينيا الاستوائية بتقويض أمن البلاد ومحاولات التجسس، وأوضح الناطق باسم رئيس أركان الجيوش الفرنسية أن هبوط الهليكوبتر «يعني ببساطة نفاد الوقود أثناء مهمة للجنود الفرنسيين بين الكاميرون وليبرفيل في الغابون، لا سيما أن الطائرة ما كانت مُسلَّحة، وكذلك الجنود».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.


كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

كيف وسّع تنظيم «القاعدة» نفوذه في غرب أفريقيا؟

عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في النيجر (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أعلن تنظيم «القاعدة» أنه شنّ خلال الشهر الماضي أكثر من 70 عملية في دول الساحل وغرب أفريقيا، ما أسفر عن سقوط أكثر من 139 قتيلاً، في وقت تعيش فيه هذه المنطقة أسوأ وضع أمني منذ عقدين.

ونشرت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة للتنظيم تقريراً يتضمن حصيلة عملياتها في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وبنين، بالإضافة إلى نيجيريا التي شنت فيها الجماعة أول هجوم على أراضيها خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وزعمت الجماعة أن عملياتها أسفرت عن تدمير قرابة 40 آلية عسكرية، وأكثر من 100 دراجة نارية.

آلية تابعة لجيش مالي قال تنظيم «القاعدة» إنه دمرها قرب مدينة غاو (تواصل اجتماعي)

وحول طبيعة العمليات، قالت الجماعة إنها شنّت أكثر من 62 غارة، و27 هجوماً باستخدام العبوات الناسفة، ونصبت أكثر من ستة كمائن، ونفذت عمليتين بالقصف المدفعي، واستولت على أكثر من 180 قطعة سلاح متوسط. كما زعمت أنها أسرت سبعة جنود، دون تحديد دولهم.

ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من هذه الأرقام، في ظل غياب مصادر مستقلة.

توسع النفوذ

وتعليقاً على هذه الحصيلة، قال الباحث في قضايا دول الساحل والصحراء والجماعات المسلحة محمدن أيب إن أغلب الهجمات كانت من تنفيذ «جبهة تحرير ماسينا»، التي وصفها بـ«القوة الضاربة» في جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» لأن أغلب مقاتلي الجماعة في المنطقة هم من هذه الجبهة التي أنشأها أمادو كوفا سنة 2015.

عناصر من الأمن تعزز وجودها في باماكو عاصمة مالي خلال حصار خانق فرضه تنظيم «القاعدة» (أ.ف.ب)

وأشار أيب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عدد مقاتلي «القاعدة» في منطقة الساحل وغرب أفريقيا يقدر بأكثر من 18 ألفاً، مستنداً لأرقام أوردها مصدر قال إنه «موثوق» من داخل «نصرة الإسلام والمسلمين». وأضاف أن ذلك أسهم في «زيادة عمليات التنظيم في المنطقة بنسبة 21 في المائة بالمقارنة مع الأشهر الأخيرة».

وأوضح أن ارتفاع عدد العمليات يعود إلى حصار باماكو، عاصمة مالي، وما حدث فيه من استهداف لصهاريج الوقود، بالإضافة إلى دخول مناطق جديدة إلى حيز الهجمات للمرة الأولى، مثل شمال نيجيريا. لكنه أكد أن حصيلة العمليات «ضعيفة جداً» بالمقارنة مع عددها ومع العمليات التي شنها التنظيم خلال أشهر سابقة.

صهاريج وقود أضرم مقاتلو «القاعدة» النار فيها على طريق يربط مالي بالسنغال (إعلام محلي)

من جهة أخرى، أكد الباحث أن توسع تنظيم «القاعدة» يرجع إلى نفوذ «جبهة تحرير ماسينا» والكتائب التابعة لها؛ وضرب مثلاً بـ«كتيبة حنيفة» التي توجد في النيجر، والتي قال إنها كانت في السابق مجرد كتيبة عادية وصغيرة قبل أن تصبح الآن «قوة ضاربة تحكم حدود النيجر مع بوركينا فاسو، وتتبع لها كتيبة أخرى تدعى (كتيبة مسلم) تنشط في شرق بوركينا فاسو وتنفذ عمليات شمال بنين».

وأضاف أن نفوذ كتائب «ماسينا» توسع في بوركينا فاسو ليصل إلى الحدود مع ساحل العاج، كما توسع في مالي ليصل إلى الحدود مع موريتانيا والسنغال.

جنود من جيش مالي خلال إنزال لمطاردة مسلحين من «القاعدة» في إحدى الغابات (إعلام محلي)

لكنه قال: «بالنظر إلى كل هذا التوسع، يمكن القول إن الحصيلة التي أعلن عنها التنظيم عادية جداً؛ سواء من حيث حصيلة العمليات، أو الحصول على العتاد والسلاح من ثكنات جيوش دول الساحل: النيجر ومالي وبوركينا فاسو».

العمليات «الانغماسية»

وفي رأي أيب، فإن تقرير تنظيم «القاعدة» غابت عنه العمليات «التي تسمى عندهم بالعمليات الانغماسية، وهي عمليات من تنفيذ كوماندوس يستهدف نقطة حساسة دون التخطيط للخروج منها أو العودة، مثل العملية التي استهدف فيها التنظيم مطار باماكو شهر سبتمبر (أيلول) 2024».

بقايا آلية عسكرية قال تنظيم «القاعدة» إنه دمرها في هجوم بولاية غاو شمال مالي في أكتوبر 2025 (تواصل اجتماعي)

وأوضح الباحث أن «العمليات الانغماسية رديفة للعمليات الانتحارية، وتسمى في أدبيات تنظيم (القاعدة) بالسلاح الاضطراري»، مشيراً إلى أن عدم لجوء التنظيم إليها في الفترة الأخيرة «يعني تحكمه في المنطقة، أي أن التنظيم لا يحتاج إلى انغماسيين أو انتحاريين يرسلهم لتنفيذ عمليات، لأنه يتحكم في طرق الإمداد».

وأضاف: «هذا التحكم جعل تنظيم (القاعدة) لا يلجأ إلى العمليات الانغماسية والانتحارية، واكتفى بالمحاصرة والهجوم واستخدام الدراجات النارية».

«فوضى إعلامية»

ولفت الباحث إلى أن جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» تعيش حالياً ما يمكن تسميته «الفوضى الإعلامية»، مشيراً إلى وجود حالة من «عدم التنسيق» بين الأذرع الإعلامية لتنظيم «القاعدة» في المنطقة.

وأوضح أن التنظيم كان يعتمد في السابق اعتماداً تاماً على «مؤسسة الأندلس» لنشر بياناته وتقاريره والدعاية لعملياته، ثم ظهرت بعد ذلك «مؤسسة الزلاقة» لتلعب الدور نفسه في غرب أفريقيا والساحل.

متحدث باسم «القاعدة» خلال مقطع فيديو يعلن فيه حصار باماكو (إعلام محلي)

وفي الوقت ذاته ظهرت قناة جديدة اسمها «الفتح»، تنشر أخبار التنظيم وعملياته، كما أن المقاتلين ينشرون بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من جوالاتهم مباشرة.

وأضاف أن ذلك دفع قاضي التنظيم والمتحدث الرسمي باسمه، محمود باري، إلى أن يتحدث ويطلب من المقاتلين «التخفيف في نشر مقاطع الفيديو»، وهو ما عدّه الباحث دليلاً على «فوضى إعلامية داخل جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين)، وأنها أصبحت خارج نطاق تحكم تنظيم (القاعدة) التقليدي»، أي التنظيم الأم.


نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
TT

نيجيريا تعين وزير دفاع جديداً وتعيد هيكلة منظومتها الأمنية «المتعثرة»

وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)
وزير الدفاع الجديد في نيجيريا الفريق كريستوفر موسى (الوكالة الرسمية)

وسط ازدياد عمليات «الخطف الجماعي» وغيرها من «الجرائم الإرهابية»، اتخذت نيجيريا خطوات لتعزيز منظومتها الأمنية وإعادة هيكلتها، وعينت وزير دفاع جديداً أملاً في التصدي لمثل هذه المخاطر؛ كما اتخذت قرارات تمنع العفو عن المتورطين في جرائم الخطف والإرهاب، وتشدد الرقابة على حيازة الأسلحة وبيعها.

وبعد جلسة فحص «معمَّقة»، أقر مجلسا الشيوخ والنواب، الأربعاء، تعيين رئيس الأركان السابق الفريق كريستوفر موسى وزيراً للدفاع، بعد استجوابه حول خطته لمواجهة انعدام الأمن وتصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية وعمليات الخطف الجماعي في البلاد.

واستمرت جلسة مجلس الشيوخ قرابة أربع ساعات، ووصفتها الصحف المحلية بأنها كانت «عاصفة وغلبت عليها الخلافات الحزبية»، كما توقفت عدة مرات بسبب «احتجاجات صاخبة داخل القاعة»؛ وهو ما يعكس مستوى التوتر والضغط الشعبي بسبب سوء الأوضاع الأمنية في بلد يتجاوز تعداد سكانه 200 مليون نسمة، ويُعد أكبر مُصدر للنفط والغاز في أفريقيا.

بدأت الجلسة ساخنة حين اقترح أحد أعضاء المجلس عدم «استجواب» الفريق موسى حين يمثل أمام الجلسة لعرض خطته، مشيراً إلى حساسية القضايا الأمنية التي عادة تناقش «وراء أبواب مغلقة»، على حد وصفه.

ولكن المقترح أثار غضب عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ؛ ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل رئيس المجلس غودسويل أكبابيو لضبط النظام قائلاً: «هذه ليست ساعة للمرور دون استجواب».

خطة الوزير

خضع موسى لأسئلة دقيقة حول تمويل الدفاع، وإخفاق الاستخبارات، وفجوات التكنولوجيا، وتصاعد عمليات قُطاع الطرق، وتوغّل الإرهابيين، وحوادث الاختطاف المتكررة.

أفراد من قوة مهام مدنية يجوبون مناطق بمدينة مينا النيجيرية لملء الفراغ الأمني 29 نوفمبر 2025 (رويترز)

وقدَّم موسى خطته لتسيير وزارة الدفاع، التي تضمنت تسع نقاط بارزة، على رأسها سحب الجيش من الحواجز الروتينية، وتسليم هذه الحواجز للشرطة والدفاع المدني، وإعادة نشر القوات المسلحة في الغابات لملاحقة الإرهابيين في مخابئهم.

كما تضمنت الخطة ما سماه «تعزيز التنسيق مع الحكّام والوزارات، وإشراك المجتمعات المحلية، ومكافحة التعدين غير المشروع المموّل للإرهاب». وأشار الوزير إلى أهمية تعزيز الأمن البحري، وتوسيع الرقابة الحدودية حتى الكاميرون، وحماية الأراضي الزراعية لضمان الأمن الغذائي.

وتعهد الوزير بالعمل على فرض «فحص صارم للتجنيد مدعوم بأنظمة رقمية»، وأكد أن القوات المسلحة «لن تسمح بضمّ عناصر سابقة في الجماعات المتطرفة»، وذلك وسط اتهامات بوجود ثغرات استخباراتية سببها وجود جنود لديهم سوابق إرهابية.

وقال الوزير الجديد إن الحل الجذري لهذه الشكوك هو «قاعدة بيانات وطنية شاملة تمنع المجرمين من الإفلات عبر تغيير أماكن إقامتهم».

«فجوة التسليح»

خلال مساءلة الفريق موسى، قال نائب رئيس مجلس الشيوخ غودسويل أكبابيو إن «التمرد الإرهابي» كان في تراجع قبل «التصريح الشهير» للرئيس الأميركي دونالد ترمب حول نيته التدخل عسكرياً في نيجيريا لحماية المسيحيين، لكن هذا التصريح أدى إلى «تفاقم التوتر الأمني».

أفراد من قوة مهام مدنية يقفون للحراسة أمام كنيسة بمدينة مينا النيجيرية 30 نوفمبر 2025 (رويترز)

وطالب السيناتور علي ندوم بوضع القوات المسلحة «ضمن بند الصرف المباشر»، وذلك «لضمان حصولها على تمويل فوري من الحساب الاتحادي دون عراقيل بيروقراطية»، وقال: «الأمن أهم من التسويف... لا مبرر لأي تأخير في التمويل»، ودعا إلى تحسين أوضاع الجنود، مشيراً إلى أنّ رواتب الجنود النيجيريين ليست ضمن الأفضل في غرب أفريقيا.

وأثار بعض أعضاء مجلس الشيوخ مسألة «فجوة التسليح»، وأشاروا إلى أن الجماعات الإرهابية والعصابات تمتلك أسلحة أكثر تطوراً من الجيش. وسأل أحدهم: «لماذا نرى قطّاع طرق يحملون أسلحة متقدمة، بينما ما زالت قواتنا تحمل بنادق كلاشنيكوف؟».

وهُنا أجاب الفريق موسى بالقول إن «فجوات كبيرة لا تزال موجودة، خصوصاً في الجانب التقني وتكامل المعلومات الاستخبارية»، وتعهد بالعمل على «إصلاحات عاجلة».

لا فدية

وفي سياق ردوده، قال موسى: «لا تفاوض مع المجرمين والإرهابيين. يجب وقف دفع الفدية. ولا يجوز للولايات عقد صفقات تُقوّض الأمن القومي»، وذلك في إشارة إلى الأموال الكبيرة التي تجنيها شبكات الإرهاب والجريمة في نيجيريا من عمليات الخطف.

فصل دراسي خاوٍ بمدرسة ثانوية للبنات في مدينة مينا النيجيرية بعد قرار الحكومة إغلاق المدارس بشمال البلاد لانعدام الأمن 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

وأضاف الوزير الجديد أن الانتصار في الحرب على الإرهاب لا يتوقف على الجيش وحده، وقال: «الأمن يبدأ من الحكم الرشيد والعدالة والإنصاف... 30 في المائة فقط من الحرب عسكرية، والباقي حوكمة».

وانتقد بشدة «التأخر الكبير في محاكمات الإرهاب والاختطاف»، عادّاً أن هذا التأخر «يُضعف معنويات الأجهزة الأمنية».

قوانين صارمة

وبالتزامن مع جلسة الشيوخ، عقد مجلس النواب جلسة أخرى كانت عاصفة، وانتهت بالمصادقة على قوانين جديدة تتضمن تصنيف الاختطاف «جريمة إرهابية» عقوبتها الإعدام دون خيار الغرامة، وحظر دفع الفدية ومنح العفو، وتشديد الرقابة على الأسلحة وإخضاعها لمراجعة وطنية شاملة، وإنشاء نظام جرد موحد مدعوم بتتبع رقمي.

وصادق النواب على قانون إنشاء محكمة خاصة بالإرهاب وقطاع الطرق والمتورطين في الخطف الجماعي، كما أقروا قانوناً ينص على «ملاحقة ممولي الإرهاب علناً».

وفي إطار تعزيز الحرب على الإرهاب، صادق النواب على قانون يعد «ميزانية الأمن ضمن خط الصرف المباشر، وأولوية تلقائية في الصرف المالي المباشر دون تأخير ودون قيود بيروقراطية»، كما وافق المجلس على إعلان الأمن الحدودي «حالة طوارئ»، وعلى إنشاء حرس الحدود الوطني، وتنظيم وتدقيق عمل شركات الأمن الخاصة.

وينص الدستور في نيجيريا على أن القوانين التي صادق عليها مجلس النواب، لا تكون سارية المفعول إلا إذا صادق عليها مجلس الشيوخ، ومن المنتظر أن تُحال للشيوخ خلال أيام، لمناقشتها والمصادقة عليها.