«غبار الصحراء» لا يتحمل وحده مسؤولية تلوث هواء الشرق الأوسط

دائما ما يتهم «غبار الصحراء»، بأنه المساهم الرئيسي في ارتفاع نسبة تلوث الهواء بجميع أنحاء الشرق الأوسط، ولكن فريقا بحثيا دوليا، بمشاركة باحثين من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، أظهر أن الجانب الأكبر من المشكلة، تتحمله الأنشطة البشرية، ونشرت النتائج (الخميس) في دورية «كومينيكيشن إيرث آند إنفيرومينت».
ويقول سيرجي أوسيبوف، من معهد ماكس بلانك للكيمياء، الذي عمل فريقه بالمشروع، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لـ«كاوست»، بالتزامن مع نشر الدراسة، إن «التفكير التقليدي كان يشير إلى أن الغبار الذي تحمله العواصف فوق شبه الجزيرة العربية يهيمن على جودة الهواء فوق المنطقة، غير أن بحثنا أظهر أن الجسيمات الدقيقة الخطرة، والتي تختلف عن جزيئات الغبار الصحراوي الخشنة الأقل ضررا، هي بشرية المنشأ إلى حد كبير، وتعد عامل خطر رئيسيا على الصحة، كما أنها تساهم بشكل كبير في تغير المناخ».
ويتسبب تلوث الهواء في حوالي 745 لكل 100 ألف حالة وفاة زائدة سنويا في المنطقة، وهو مشابه لعوامل الخطر الصحية الرئيسية الأخرى، مثل تدخين التبغ وارتفاع الكوليسترول في الدم، كما يقول أوسيبوف.
وتميل دراسات النمذجة السابقة حول جودة الهواء في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى المبالغة في تقدير جزء الغبار الصحراوي، مما يحجب مساهمة الجسيمات الدقيقة، التي يكون مصدرها الأنشطة البشرية، في رداءة جودة الهواء. ويقول أوسيبوف إن الافتقار إلى بيانات المراقبة، إلى جانب التمثيل الضعيف لمصادر الانبعاث، أعاق بشكل كبير قدرتنا على نمذجة التركيب الكيميائي للغلاف الجوي في المنطقة.
ولمعالجة ندرة البيانات، قام الباحث المشارك بالدراسة، من معهد ماكس بلانك للكيمياء، جوس ليليفيلد وفريقه البحثي، بجمع القياسات التي تم إجراؤها في البحر كجزء من التعاون الدولي، المسمى «جودة الهواء والمناخ في الحوض العربي»، والمعروف اختصاراً باسم (AQABA)، وهو عبارة عن مهمة بحثية محمولة على متن السفن نظمها معهد ماكس بلانك للكيمياء في ماينز بألمانيا، بالتعاون مع معهد قبرص وجامعات ومراكز بحثية أخرى في جميع أنحاء العالم.
وغطت القياسات، التي تم جمعها على مدى شهرين خلال صيف عام 2017، مختلف الظروف المحيطة التي تتراوح من الغلاف الجوي البعيد إلى التلوث الشديد والعواصف الترابية. وسمح تحليل بيانات مشروع «جودة الهواء والمناخ في الحوض العربي» بمحاكاة أكثر واقعية لدورة الغبار، ونتيجة لذلك، كان الفريق قادرا على نمذجة التركيب الكيميائي الواقعي للهباء الجوي.
ويقول أوسيبوف: «وجدنا أن الجسيمات من مصادر بشرية المنشأ تمثل حوالي 53 في المائة من العمق البصري المرئي للهباء الجوي وتحدث تأثيرا إشعاعياً على المناخ يعادل مناخ الغبار الطبيعي في المنطقة، وتسلط دراستنا الضوء على أن تلوث الهواء الناتج عن الأنشطة البشرية، هو أحد المخاطر الصحية الرئيسية وعامل مناخي مهم في جميع أنحاء الشرق الأوسط».