العملات الناشئة في مستنقع «الفائدة الأميركية»

البنوك تهرع لإنقاذ الموقف مع الدولار في قمة 20 عاماً

هرعت العديد من البنوك المركزية بالاقتصادات الناشئة لمحاولة إنقاذ العملات المحلية عقب رفع الفائدة الأميركية (رويترز)
هرعت العديد من البنوك المركزية بالاقتصادات الناشئة لمحاولة إنقاذ العملات المحلية عقب رفع الفائدة الأميركية (رويترز)
TT

العملات الناشئة في مستنقع «الفائدة الأميركية»

هرعت العديد من البنوك المركزية بالاقتصادات الناشئة لمحاولة إنقاذ العملات المحلية عقب رفع الفائدة الأميركية (رويترز)
هرعت العديد من البنوك المركزية بالاقتصادات الناشئة لمحاولة إنقاذ العملات المحلية عقب رفع الفائدة الأميركية (رويترز)

دخلت العملات، الخاصة بالدول الناشئة منها على وجه الخصوص، في مأزق حاد بعدما ارتفع الدولار الأميركي ليبلغ أعلى مستوى في 20 عاماً، مقارنة بعملات رئيسية يوم الخميس، مدعوماً بتوقعات تشديد السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، وبعدما أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمراً بأول تعبئة عامة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
وصعد مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات رئيسية منها اليورو والإسترليني والين إلى 111.79 نقطة لأول مرة منذ منتصف 2002. وارتفع الدولار إلى أعلى مستوى في 24 عاماً متجاوزاً 145 يناً بعد أن أبقى بنك اليابان على أسعار فائدة شديدة الانخفاض وتوجيهات سياسة نقدية ميسرة يوم الخميس.
كما بلغ الدولار مستويات مرتفعة جديدة مقابل الدولارين النيوزيلندي والأسترالي وارتفع مقابل اليوان الصيني في المعاملات الخارجية والوون الكوري.
وتظهر توقعات المركزي الأميركي أن سعر الفائدة سيرتفع إلى 4.6 في المائة في العام المقبل وعدم خفض الفائدة حتى 2024، ورفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى ليصل إلى نطاق بين 3.00 و3.25 في المائة كما كان متوقعاً على نطاق واسع.
وانخفض الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى في 37 عاماً إلى 1.1221 دولار وسجل في أحدث تداول له انخفاضاً بنسبة 0.26 في المائة إلى 1.1240 دولار. وتراجع اليورو إلى أدنى مستوى في 20 عاماً إلى 0.9807 دولار قبل أن يجري تداوله بانخفاض 0.18 في المائة عند 0.9820 دولار. وانخفض الدولار الأسترالي 0.6 في المائة إلى 0.6593 دولار بعدما لامس 0.6583 دولار، وهو أدنى مستوياته منذ 2020.
وكانت الأزمة أشد أثراً في الأسواق الناشئة، وتراجعت العملة الهندية إلى مستوى قياسي جديد خلال تعاملات الخميس بعد قرار الفيدرالي، وذكرت «بلومبرغ» أن الدولار ارتفع أمام الروبية 0.7 في المائة إلى 80.54 روبية لكل دولار، في حين وصل خلال التعاملات إلى مستوى قياسي قدره 80.6212 روبية.
وقال أنينديا بانجيرجي، خبير العملات في شركة كوتاك سيكيورتيز للوساطة المالية، إن الروبية تحقق أداء جيداً منذ يوليو (تموز) الماضي بفضل دعم بنك الاحتياطي الهندي (المركزي) للعملة المحلية. وفي حال استمرار صعود مؤشر قيمة الدولار سيصل إلى 81 روبية.
كما هبطت العملة الكورية الجنوبية (وون) دون مستوى 1400 مقابل الدولار لأول مرة منذ أكثر من 13 عاماً خلال تداولاتها اليومية في أعقاب رفع أسعار الفائدة. وتم تداول العملة الكورية عند 1403.80 وون مقابل الدولار اعتباراً من الساعة 0907 صباحاً بالتوقيت المحلي، بانخفاض 9.60 وون عن الجلسة السابقة. وكان الوون قد انخفض عن مستوى 1400 للمرة الأولى في 31 مارس (آذار) 2009، عندما وصلت العملة المحلية إلى 1422 وون لكل دولار في تداولاتها اليومية.
من ناحيته، قال وزير المالية تشو كيونغ - هو، إن كوريا الجنوبية تعتزم التعامل بنشاط مع سلوك القطيع في سوق الصرف الأجنبي؛ حيث قد تسرع المراهنات المضاربة من ضعف العملة الكورية مقابل الدولار. وأضاف بعد اجتماع مع محافظ البنك المركزي وكبار المنظمين الماليين: «من خلال تعبئة كل الوسائل الممكنة، ستتعامل الحكومة بصرامة مع سلوك القطيع بطريقة حاسمة وسريعة عند الحاجة».

- محاولات إنقاذ
وفي محاولة سريعة لإنقاذ الموقف، تحركت عدة بنوك مركزية بشكل عاجل، وفي هونغ كونغ رفعت هيئة النقد سعر الاسترشادي يوم الخميس، وجرى تعديل السعر الأساسي صعوداً إلى 3.5 في المائة.
كما قرر البنك المركزي في فيتنام، في تشديد نادر للسياسة النقدية، رفع الفائدة على معدلي إعادة التمويل والخصم بمقدار نقطة مئوية. وذلك لدعم العملة المحلية، التي تراجعت لليوم التاسع على التوالي أمام الدولار لتسجل 23.712 دونغ مقابل الدولار الواحد، وهذا هو أدنى مستوى تبلغه العملة المحلية منذ عام 1993، وفق بيانات «بلومبرغ».
وبدوره أبلغ وزير المالية التايلاندي اركوم تيرمبيتايابايسيت، البنك المركزي بمراقبة عن كثب العملة المحلية والتدخل للحد من تدهورها بشكل كبير. ويشار إلى أن العملة المحلية وصلت إلى 37.30 بات لكل دولار، وتراجعت العملة بواقع أكثر من 10 في المائة العام الجاري.
كما رفع البنك المركزي الفلبيني معدل الفائدة للمرة الخامسة هذا العام من أجل السيطرة على التضخم المتصاعد وتعزيز العملة الفلبينية «بيسو» التي تراجعت لمستوى قياسي أمام الدولار. وقال البنك: «في ظل الغموض المتصاعد والمخاطر المتصاعدة المهيمنة لبيئة التضخم، أدرك المجلس النقدي الحاجة لإجراء مستمر لخفض توقعات التضخم ومنع ضغوط الأسعار من أن تصبح أكثر ترسيخاً».
كما رفع البنك المركزي الإندونيسي معدلات الفائدة 50 نقطة أساس، وهي نسبة أكبر من المتوقع لاحتواء التضخم، الذي يُتوقع أن يتخطى 6 في المائة هذا العام في ظل ضعف العملة المحلية الروبية. ويأتي رفع البنك للفائدة، وهو الأكبر منذ منتصف عام 2018، في ظل ضعف أداء العملة المحلية، وتجاوزها 15 ألف روبية مقابل الدولار الواحد، بعد قرار الفيدرالي.


مقالات ذات صلة

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
TT

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)
منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

قال مجلس الوزراء المصري، في بيان، السبت، إن مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية وقعتا اتفاقين باستثمارات إجمالية 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

يأتي توقيع هذين الاتفاقين اللذين حصلا بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات مصر في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث يهدف المشروع إلى دعم استراتيجية مصر الوطنية للطاقة المتجددة، التي تستهدف تحقيق 42 في المائة من مزيج الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وفق البيان.

ويُعد هذا المشروع إضافة نوعية لقطاع الطاقة في مصر؛ حيث من المقرر أن يُسهم في تعزيز إنتاج الكهرباء النظيفة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير فرص عمل جديدة.

وعقب التوقيع، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الاستراتيجية الوطنية المصرية في قطاع الطاقة ترتكز على ضرورة العمل على زيادة حجم اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة إسهاماتها في مزيج الطاقة الكهربائية؛ حيث تنظر مصر إلى تطوير قطاع الطاقة المتجددة بها على أنه أولوية في أجندة العمل، خصوصاً مع ما يتوفر في مصر من إمكانات واعدة، وثروات طبيعية في هذا المجال.

وأشار وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محمود عصمت، إلى أن هذا المشروع يأتي ضمن خطة موسعة لدعم مشروعات الطاقة المتجددة، بما يعكس التزام الدولة المصرية في توفير بيئة استثمارية مشجعة، وجذب الشركات العالمية للاستثمار في قطاعاتها الحيوية، بما يُعزز مكانتها بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة.

وأشاد ممثلو وزارة الكهرباء والشركة الإماراتية بالمشروع، بوصفه خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي بين مصر والإمارات في مجالات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة.