«سيلفي».. كوميديا اجتماعية ترصد الواقع بلا رتوش والتناقضات في المجتمع

أثارت حلقاته الأولى جدلاً غير مسبوق بلغة قوامها التهديد والتكفير والوعيد بالقتل

كوميديا اجتماعية ترصد الواقع  -  لقطة من مسلسل «سيلفي»
كوميديا اجتماعية ترصد الواقع - لقطة من مسلسل «سيلفي»
TT

«سيلفي».. كوميديا اجتماعية ترصد الواقع بلا رتوش والتناقضات في المجتمع

كوميديا اجتماعية ترصد الواقع  -  لقطة من مسلسل «سيلفي»
كوميديا اجتماعية ترصد الواقع - لقطة من مسلسل «سيلفي»

أعاد مسلسل «سيلفي» الذي تعرضه قناة «mbc» خلال شهر رمضان، من خلال ثلاث حلقات تناولت موضوعين على درجة من الأهمية الأول التدين المفاجئ والبحث عن الأضواء والشهرة والمال من خلال عباءة الدين بعد تجربة فاشلة مع الطرب والفن، والثاني حقيقة تنظيم داعش ودوافع انضمام الشباب إليه خصوصا أصحاب السوابق بصورة فجائية ومؤلمة.. أعاد المسلسل الأجواء ذاتها التي صاحبت مسلسل «طاش» الشهير، الذي واجه الحملات ذاتها التي طالت المسلسل الجديد، وكان الممثل السعودي ناصر القصبي أحد أبطال المسلسلين.
ولم يفاجأ القصبي من خلال «سيلفي» في الأيام الثلاثة الأول من عرض المسلسل بالهجوم المحموم الذي تعرض له ووصل إلى تهديده بالقتل، وتكفيره، حيث استقرأ الممثل السعودي الأكثر حضورا وشهرة المشهد وردود الفعل تجاه مسلسله قبل عرضه أثناء تصوير حلقاته، وأكد وقتها أن المسلسل الجديد سيكون محاولة للعودة إلى الكوميديا الاجتماعية الجادة والتي تضيء على الواقع العربي بشكل عام والسعودي والخليجي بشكل خاص، وتصوب نقدها البناء على بعض مكامن الخلل في مجتمعاتنا، وذلك ضمن أجواء تمزج بين الابتسامة والرسالة الاجتماعية بطريقة متوازنة. وجاءت توقعات القصبي في محلها، إذ غرد في حسابه في «تويتر»: «حسابي طفح بالشاتمين والمهددين واللاعنين بكل فنون اللعن والتهديد والشتم، وأقول لهم: قليلا من الهدوء.. ورمضان كريم.. واحنا بأول يوم».
وأثارت البداية الساخنة للمسلسل من خلال حلقتين إحداهما على جزءين، خلال الأيام الثلاثة الأولى من رمضان، جدلا غير مسبوق وبلغة قوامها التهديد والتكفير والوعيد بالقتل، وأسقطت على الدين، رغم أن الحلقات عمل فني شخص الداء وصور الواقع، وشارك في هذه الحملة دعاة وأئمة مساجد وإعلاميون ومتابعون انقسموا في قراءتهم لمشاهد الحلقات الثلاث.. حيث رأى البعض أن المشاهد المعروضة هي استهزاء بالدين ورجاله وانتقاد لفرائض في الإسلام، وأظهرت فئة ثانية تأييدها لما جاء في الحلقات، مدافعة عن فكرة المسلسل وبطله وممثليه. ورأت فئة ثالثة أن المسلسل في الحلقات المعروضة صور «داعش» على أنه بيئة آمنة وحاضنة وملجأ للعاطلين وأصحاب السوابق وذوي الميول الإرهابية والعنف والمطلوبين لدى بلدانهم في قضايا مختلفة.
وأعاد المسلسل من خلال ثلاث حلقات، أولاها عن توبة مطرب بعد تعرضه للفشل، والحلقتان الأخريان عن أب ذهب للبحث عن ابنه الذي انضم إلى تنظيم داعش الإرهابي، أجواء مسلسل «طاش» الذي كان يبث قبل سنوات عبر التلفزيون السعودي، ثم انتقل إلى قناة «mbc» وتوقف، وحقق شهرة وحضورًا لدى المتلقي ليس في السعودية فحسب بل في أغلب الدول الخليجية والعربية، ليأتي مسلسل «سيلفي» بأفكار تناسب حوادث العصر.
ويبدو أن المعارضين لمسلسل «سيلفي» الذين صبوا جام غضبهم عليه لديهم علم مسبق بفكرة المسلسل، إذ وجه البعض منهم قبل عرض المسلسل بأيام انتقادًا لقناتي «mbc»، و«العربية»، وطالبوا بمقاطعتهما، رغم أن مسلسل «سيلفي» عبر عن الواقع في أغلب مشاهد حلقاته المعروضة في الأيام الثلاثة الماضية، مع الأخذ في الاعتبار متطلبات الدراما والكوميديا، ولم يكن فيه اختلاق أو خيال، بل قدم الواقع كما هو، إلا أنه كان صادمًا للغاية لأولئك الذين تناول العمل سلوكياتهم وتناقضاتهم وإسقاطاتهم، ففي الحلقة الأولى بعنوان «دنفسة» دارت المشاهد حول مغن شاب دخل مضمار الفن من خلال أدائه للطرب بكلمات وألحان مسروقة وسجل حضورًا ليدخل في دائرة الأضواء وينال شهرة ومالا واسعين، وبعد أن واجه الفشل وخسر كل ما حققه من الطرب عاد إلى الأضواء والشهرة والحصول على المال من جديد لكن هذه المرة من خلال عباءة الدين وبوابته، ليحمل عوده، ويتجه إلى محاضرة دينية ويعلن توبته عن الغناء ويقوم بتكسير عوده أمام الحضور، لتتعالى التكبيرات ابتهاجًا بتوبته، وهو مشهد يتكرر في الواقع المعيش. وبدلا من مباركة هذا العمل من الجميع، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بهجوم غير مبرر من قبل الغاضبين، واعتبروا المشهد مسًا بالدين واستهزاء بأهله، ليرد المؤيدون للحلقة عليهم بأن «المسلسل قدّم الواقع بلا رتوش أو مبالغة أو اختلاق أو تجن على أحد، فالمشهد يتكرر في المخيمات الدعوية والمحاضرات، وكل ما في الأمر أن الحلقة نقلت للمشاهد ما يحدث على أرض الواقع من خلال المحاضرات والتجمعات الشبابية التي شهدت تحطيم الآلات الموسيقية أمام الحضور إما بالمصادرة أو بمبادرة من الفنانين التائبين، وقد امتلأت وسائل التواصل الاجتماعية بصور ومقاطع عن ذلك الواقع تم تداولها بكثرة في السنوات الماضية».
ولفت المؤيدون إلى أن المسلسل طرح قضايا إنسانية وظواهر اجتماعية متعددة، وسجلوا التناقضات التي يعيشها المشاهير وأساليب الوصول إلى المال والشهرة بطرق شتى ومنها التدين، وهو ما فسره المتشددون بأن العمل يتناول أفكارًا تمس الثوابت والدين ورموزه من خلال تعليقاته المحمومة، ولوحوا بمقاطعة القناة وعدم مشاهدتها. وقال أحدهم ساخرًا «الأمر لا يتعدى فصل موصل الكهرباء وتنتهي القصة»، ليرد عليه أحد المؤيدين «وكيف ستعلق على الحلقات اللاحقة ما دمت لم تشاهدها؟»، معتبرًا أن حربهم الشعواء على المسلسل وبطله تعبر عن حالة من اليأس أصابت المعارضين والمنتقدين بحدة للمسلسل وبطله بسبب ما رأوا أنه مس لعروشهم وذواتهم، رغم أن المشهد الذي أثارهم يتكرر على أرض الواقع وقد يكونون أبطاله، وانتقد البعض إسقاط المشاهد على الدين وأهله.
وجاءت أقوى الردود على حلقة «دنفسة» من قبل داعية وإمام مسجد أطلق صفة الكفر وكلمات بذيئة بحق القصبي وأسرته، لكنه سرعان ما تراجع عن تكفيره خوفًا من المساءلة القانونية وفقا للقصبي في رده عليه.
وفي حلقة بعنوان «بيضة الشيطان»، عرضت على جزءين، تناولت موضوع تنظيم داعش الإرهابي وانضمام بعض أبناء الوطن إليه من خلال مشهد الأب الذي ذهب إلى مواطن القتال للبحث عن ابنه ليجده في أحد معسكرات التنظيم ويحاول جاهدًا أن يعيده إلى أهله ووطنه، وتفشل كل محاولاته، وينتهي مصير الأب بمقتله على يد ابنه نحرًا.. هذه الحلقة بفكرتها التي انطلقت من الواقع أثارت الدواعش والمتعاطفين معهم، رغم أنها رسالة مؤثرة بعث بها المسلسل عن أب يبحث عن ابنه بعد سيناريوهات محزنة انتهت بجريمة، حيث غدر الابن بأبيه عندما صارحه الأخير برغبته في تهريبه، ليبلغ الابن التنظيم عن نوايا والده ويقاد الأب إلى ساحة القتال ويطلب الابن من قائد الجماعة أن يمنحه شرف قتل الأب بيده. وقدمت الحلقة الدوافع للانضمام إلى التنظيم الإرهابي، وكان الجنس الدافع الأول، وأثارت الحلقة على مدى يومين الدواعش والمتعاطفين معهم وأطلقوا تغريدات كانت أقواها من التنظيم ذاته من خلال تغريدة في «تويتر» وعبر حساب حمل اسم «جليبيب الجزراوي» خاطب فيها الممثل ناصر القصبي بعد عرض حلقته الثانية عن الدواعش: «تكفون يا مجاهدي (الجزيرة) نريد رأس هذا الخبيث.. جزوا الرؤوس لنصرة الدين»، وغرد أيضا: «أقسم بالله لتندم يا زنديق ولن يرتاح بال للمجاهدين في الجزيرة حتى يفصلوا رأسك عن جسدك.. والأيام بيننا». في حين أن بعض المغردين من المعارضين للمسلسل اكتفوا خوفًا من اتهامهم بالتعاطف مع «داعش» باعتبار أن الحلقة تمس فريضة «الجهاد»، وهو أسلوب مداهنة.
ووصف الآلاف من المغردين والكتاب المسلسل بأنه عمل فني رائع، شخص الداء وصور الواقع، ودافعوا عن فكرته وبطله وأداء ممثليه، واختصرت تغريدة من أحد مؤيدي المسلسل وبطله المسألة بالقول: «ما فعله القصبي ليس تمثيلا. لقد رفع مرآة كبيرة في وجه أبناء المجتمع وجعلهم يشاهدون أنفسهم على حقيقتها. أعظم لقطة تساوي الفن السعودي بأكمله».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.