من «بيان البيانات» إلى «أم الحواسم»... مآسي أجيال العراق بين حربين

(تقرير إخباري)

جنود عراقيون في 20 أبريل 1988 يحتفلون بانتصارهم على إيران في شبه جزيرة الفاو الاستراتيجية (أ.ف.ب)
جنود عراقيون في 20 أبريل 1988 يحتفلون بانتصارهم على إيران في شبه جزيرة الفاو الاستراتيجية (أ.ف.ب)
TT
20

من «بيان البيانات» إلى «أم الحواسم»... مآسي أجيال العراق بين حربين

جنود عراقيون في 20 أبريل 1988 يحتفلون بانتصارهم على إيران في شبه جزيرة الفاو الاستراتيجية (أ.ف.ب)
جنود عراقيون في 20 أبريل 1988 يحتفلون بانتصارهم على إيران في شبه جزيرة الفاو الاستراتيجية (أ.ف.ب)

ولادتان لا تتذكر منهما الأجيال العراقية سوى المآسي؛ فمن ولد عام 1980 أصبح عمره الآن 42 عاماً، ومتزوجاً وله دزينة أطفال، لكنه لا يستطيع أن ينسى أنه يتيم.
عشرات أو ربما مئات الآلاف من هؤلاء كانت لهم سنة أو سنتان أو ثلاث من العمر حين جرى سوق مواليد آبائهم الشبان آنذاك إلى حرب كانت القيادة العراقية قدرت أنها سوف تنتهي في غضون أسبوعين. وبينما العراق أعلن بعد أسبوع واحد أن «الحرب الشاملة» اندلعت يوم 22 سبتمبر (أيلول) عام 1980، فيما صدرت موافقة العراق على أول قرارات مجلس الأمن الداعية إلى وقف الحرب يوم 28 من الشهر نفسه، فإن إيران لم توافق. استمرت الحرب منذ ذلك التاريخ المختلف عليه (العراق يرى أن الحرب بدأت يوم 4/ 9/ 1980 حين قصفت إيران المناطق الحدودية العراقية، بينما إيران تصر على أن بداية الحرب هي حين شن العراق غارات جوية شاملة استهدفت مطارات وقواعد إيران العسكرية فجر يوم 22 سبتمبر). الجدل بين البلدين حول بدء الحرب لا يزال مستمراً حتى على مستوى الكتاب والمؤرخين، فيما لا يختلف أحد على نهاية تلك الحرب التي هي بالنسبة إلى العراق يوم 8/ 8/ 1988، وهو ما يعدّه العراق نصراً كبيراً؛ حتى إن البيان العسكري الصادر لإنهاء الحرب أطلقت عليه القيادة العراقية اسم «بيان البيانات».
بالنسبة إلى إيران؛ فإن الحرب لم تنته بعد. وإذا كان العراق يدافع بشأن بدايتها قبل 22 سبتمبر بنحو أسبوعين محتفظاً لأغراض التوثيق بطيار إيراني أسير أسقطت طائرته في الفترة الواقعة بين 4 سبتمبر و22 من الشهر ذاته، فهذه الحجة لم تقنع إيران حتى اليوم بشأن بدء الحرب ومسؤولية صدام حسين عنها، في الوقت الذي كف فيه العراق عن ذلك؛ لا سيما بعد عام 2003 حين أكملت الولايات المتحدة الأميركية احتلال العراق يوم 9/ 4/ 2003 بعد المعركة التي اطلق عليها «أم الحواسم»، لتقف متسائلة يوم 10/ 4/ 2003 ما الذي يمكن أن تفعله غداً. هذا السؤال لم يكن بحاجة إلى جواب من قبل إيران التي تكفلت الباقي من دون أن تكلف نفسها أن تشكر الولايات المتحدة على صنيعها هذا. ليس هذا فقط؛ فإن إيران، التي لا يزال رؤساؤها وآخرهم رئيسي يذكرون العالم سنوياً من على منبر الأمم المتحدة بمسؤولية صدام حسين عن تلك الحرب، استبقت قادة العراق الجدد بتسمية ما وقع للعراق بأنه «احتلال» في وقت كان فيه معظم قادة العراق الجدد؛ لا سيما الذين عادوا مع القوات الأميركية، يطلقون عليه تحريراً.
وإذا كان من ولد عام 1980 أصبح الآن أباً أو ربما جداً، لكنه يتذكر يتمه لأنه لم ير أباه القتيل في الحرب أو الأسير الذي لم يعد، مثل أحدث قصة رويت مؤخراً في وسائل الإعلام عن طيار عراقي أسر في إيران بعد إسقاط طائرته، فإن الذين ولدوا بعد عام 2003 عشية الاحتلال الأميركي للعراق هم اليوم شبان يافعون لا يتذكرون من صدام حسين ولا الحرب العراقية ـ الإيرانية، ومن بعدها غزو الكويت، سوى ما تجود به عليهم الكتب أو ما يجود به عليهم آباؤهم ممن بقوا أحياء حتى الآن يرزقون ويتلوعون على مآس ما زالت تتكرر؛ لأن الخطأ هو نفسه لا يزال يتكرر؛ مرة بسبب سوء التقدير، ومرة مدفوعاً بدوافع الانتقام والأحقاد. فعلى صعيد أطفال الحرب الأولى (1980 ـ 1988) لا يزال من يظهر بينهم على شاشات التلفاز، وقد اشتعلت رؤوسهم شيباً، مذكراً أو مستذكراً أو ناعياً أو مطالباً. ولأن الشيء بالشيء يذكر؛ فإذا كان العراق احتفظ بأسير إيراني طيار أسقطت طائرته قبل بدء الحرب الشاملة دلالة على أن إيران هي التي بدأت الحرب ولم يسلمه حتى بعد أن جرت عمليات تبادل الأسرى بعد نهاية الحرب عام 1988، فإن هناك صورة مختلفة تماماً؛ لكن هذه المرة من إيران. قبل أيام ظهر فيديو في إحدى القنوات على «يوتيوب» لطيار عراقي أسير أسقطت طائرته في الأراضي الإيرانية. وكان إلى جانب هذا الطيار؛ الذي ظهر راقداً في المستشفى، طفل يبدو أنه جرى تلقينه ما يقول له. وبينما بدا رد الطيار موارباً؛ فإن التداعيات التي حصلت بعد ظهور الفيديو أعادت إلى الذاكرة الطرية مقطعاً قاسياً من تلك الحرب التي سميت منسية... أهالي هذا الطيار الذين فقدوا الصلة به منذ عام 1982؛ وهو تاريخ أسره، أعلنوا أن هذا هو ابنهم. وفي فيديو مقابل، ظهر رجل كبير السن يقول إن الطيار هو شقيقه وإنهم تواصلوا خلال الفترة الماضية مع جهات عدة حتى داخل إيران عن طريق وسطاء، لكن لم يحصلوا على نتيجة. لكن النتيجة جاءتهم من عراقي متبرع تمكن بطريقته الخاصة من أن يكشف عن أن الإيرانيين قتلوا هذا الطيار. العراقي المتبرع لم يقف عند هذا الحد؛ بل أعلن أنه قرر مواصلة البحث عن مصير جثة هذا الطيار، وذلك بنقله إلى «محكمة العدل الدولية» في لاهاي.
رسمياً انتهت الحرب؛ لكن عملياً لم تنته، فمن بين ما كان يشاهده الجنود العراقيون خلال مراحل الانكسار في الحرب أن الإيرانيين حين يدخلون الأراضي العراقية يحملون شارات على رؤوسهم مكتوباً عليها: «طريق القدس يمر عبر كربلاء». بالنسبة إلى هذا الشعار؛ لا يزال مستمراً، حيث رفعت أعداد من الزوار الإيرانيين الشعار نفسه خلال مراسم عاشوراء الأخيرة. الزمن اختلف؛ لكن الدلالة واحدة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

انطلاق أول لقاءات اللجنة التحضيرية للحوار السوري من حمص

الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)
الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)
TT
20

انطلاق أول لقاءات اللجنة التحضيرية للحوار السوري من حمص

الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)
الرئيس الشرع يجتمع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني (سانا)

قالت عضوة اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، هدى الأتاسي، إن «اللجنة مهمتها إدارة تسيير عملية الحوار وتلمس هموم المواطنين وأخذ آرائهم والتأكد من تطبيق المعايير في اختيار الشخصيات المشاركة».

وأوضحت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «موعد انعقاد المؤتمر الوطني متروك للنقاش لما بعد زيارة المحافظات وإقامة حوارات مفتوحة مع شرائح متعددة من السوريين والسوريات، وبعد تسلُّم أوراق العمل منهم ودراستها سيتم تحديد موعد انطلاقه».

وعن تمثيل أكراد سوريا في المؤتمر بعد خروج عدة بيانات تمثلهم، أهمها انتقاد «المجلس الوطني الكردي في سوريا»، للتحضيرات الجارية لمؤتمر الحوار الوطني في دمشق، وأن «تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر لم يراعِ التعددية السياسية والقومية في البلاد، ولا يضمن تمثيلاً حقيقياً لجميع المكونات الوطنية».

الجلسة الحوارية التحضيرية التي انطلقت من حمص الأحد (سانا)
الجلسة الحوارية التحضيرية التي انطلقت من حمص الأحد (سانا)

في هذا السياق، قالت هدى الأتاسي، إن «الإخوة الأكراد لا تمثلهم قسد (قوات سوريا الديمقراطية) فقط، وهم مكون مهم من مكونات الشعب السوري وموجودون في جميع المحافظات السورية، ومنهم من خرج من تحت سلطة قسد، وسوف يُدعون إلى المؤتمر أسوة ببقية مكونات الشعب السوري».

وكانت اللجنة قد افتتحت أول لقاءاتها الجماهيرية في قصر الثقافة بمدينة حمص وسط سوريا، الأحد، بمشاركة ممثلين عن منظمات المجتمع المدني في حمص وريفها وأكاديميين من جامعة حمص، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية.

وتركزت المناقشات على العدالة الانتقالية، والإصلاح الدستوري، وإعادة هيكلة المؤسسات، وإطلاق الحريات السياسية والمجتمعية، وسبل إصلاح الأضرار التي خلّفها النظام السابق، مع التركيز على خصوصية حمص كمدينة لها رمزية خاصة في المشهد السياسي والاجتماعي، حسب تلفزيون سوريا.

البعد الآيديولوجي الواحد

المحامي والسياسي السوري محمد صبرا وهو شغل منصب كبير مفاوضي المعارضة السورية سابقاً: قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «استقلالية اللجنة وقدرة الحكم الانتقالي على التأثير عليها أمر لا يمكن أن نتنبأ به الآن».

المحامي والسياسي السوري محمد صبرا (أرشيفية)
المحامي والسياسي السوري محمد صبرا (أرشيفية)

وأوضح، أنه «يجب أن ننتظر أداء اللجنة وقدرتها على أن تتجاوز البعد الآيديولوجي الواحد القادمة منه، وهل ستكون لجنة قادرة على وضع أوراق عمل مناسبة بناء على حواراتها مع المناطق والمحافظات السورية، أم ستكون مجرد لجنة الهدف منها هو وضع أسماء لأعضاء المؤتمر».

ووصف صبرا الإعلان عن تشكيل لجنة للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني بـ«الخطوة الإيجابية»؛ لأنه «يشير إلى جدية الحكم الانتقالي في تحضير بيئة مناسبة لهذا الحوار ليكون حواراً منتجاً».

وفيما يتعلق بأعضاء اللجنة، قال صبرا: «ليس لدينا أي تحفظ على الأعضاء كأشخاص، لكن تحفظنا الأساسي هو غياب التنوع الفكري والآيديولوجي عنها، فجميع أعضاء اللجنة بلا استثناء جاءوا من خلفية آيديولوجية محافظة، وبالتالي فإن باقي التيارات الآيديولوجية والفكرية في سوريا تم استبعادها، وأنا أتحدث عن تيارات وليس عن قوى سياسية».

تجمع حاشد تكريماً لضحايا نظام الأسد في ساحة الأمويين بدمشق ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
تجمع حاشد تكريماً لضحايا نظام الأسد في ساحة الأمويين بدمشق ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

وتابع: «أدرك أن الوسط السياسي في سوريا محطم بالكامل، وأن لا وجود لقوى سياسية حقيقية فاعلة لها حوامل اجتماعية مؤثرة، نتيجة القمع الشديد الذي تعرضت له الأحزاب في سوريا طيلة 6 عقود، لكن رغم ذلك بقي المجتمع السوري يمور بتيارات آيديولوجية مختلفة، فهناك التيار الليبرالي والقومي العربي والقومي الكردي واليساري، هذه التيارات جميعاً استبعدت».

صيغة المؤتمر (كونغرس)

وتوقع صبرا أن «التحضير الجيد للمؤتمر قد يستغرق نحو 6 أشهر، كي تتمكن اللجنة من الوقوف على الهواجس الحقيقية للمواطنين في عموم سوريا»، وفق تعبيره، وأردف: «للأسف يتم التركيز حالياً على عملية انتقاء أعضاء المؤتمر أكثر من التركيز على المواضيع التي يجب أن يتم الحوار حولها، وهي مواضيع تتعلق بشكل الدولة وشكل نظام الحكم والنظام الاقتصادي الذي سنتبناه ومسار العدالة الانتقالية الأنسب لسوريا، إضافة لقضايا إعادة الإعمار وحقوق الملكية والقيم التي يجب حمايتها في الدستور، مثل قيمة الحرية ومفهوم دولة القانون والسيادة الشعبية إلى آخر هذه القيم المؤسسة للاجتماع السياسي السوري».

صورة تذكارية للرئيس الشرع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري مساء الأربعاء (سانا)
صورة تذكارية للرئيس الشرع مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري مساء الأربعاء (سانا)

وأشار إلى أنه من خلال كتاب التكليف الذي أصدره الرئيس أحمد الشرع للجنة، نقرأ أن «عمل اللجنة ينتهي بصدور البيان الختامي عن المؤتمر، ما يعني أن الحكم الانتقالي قد يكون تبنى صيغة مؤتمر الحوار التشاوري».

وختم صبرا حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، بالقول: «شخصياً أنا أكثر قناعة بأن ما تحتاج إليه سوريا في هذه المرحلة هو صيغة المؤتمر الوطني (كونغرس)؛ لأن عملية إعادة بناء الاجتماع السياسي السوري وتثبيت بناء الدولة يحتاج لمثل هذه المشاركة حفاظاً على قدرة المواطنين عبر أعضاء المؤتمر للتأثير على مسار عملية الانتقال السياسي».