نسخ إلكترونية مجانية من كل مؤلفات نصر حامد أبو زيد

نصر حامد أبو زيد
نصر حامد أبو زيد
TT

نسخ إلكترونية مجانية من كل مؤلفات نصر حامد أبو زيد

نصر حامد أبو زيد
نصر حامد أبو زيد

أعلنت مؤسسة «هنداوي» الثقافية بالقاهرة عن حصولها على موافقة ورثة الباحث والمفكر المصري د. نصر حامد أبو زيد لإتاحة النسخة الإلكترونية من جميع مؤلفاته للجمهور بالمجان. وقال بيان صادر عن المؤسسة إنها تواصلت مع د. ابتهال يونس، زوجة أبو زيد، وتم الاتفاق على إتاحة جميع المؤلفات مجاناً عبر الموقع الإلكتروني للمؤسسة وكذلك عبر تطبيق «هنداوي كتب».
أسهم أبو زيد بحظ وافر في تجديد الحركة الفكرية والنقدية في مصر والعالم العربي، لا سيما في عقدي الثمانينات والتسعينات. وُلد بمحافظة الغربية في 10 يوليو (تموز) 1943 ونشأ في أسرة ريفية بسيطة، والمفارقة أنه رغم نبوغه المبكر لم يحصل في البداية على شهادة الثانوية العامة التوجيهية ليستطيع استكمال دراسته الجامعية، لأن أسرته لم تكن تستطيع أن تنفق عليه في الجامعة، لهذا اكتفى في البداية بالحصول على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية، قسم اللاسلكي عام 1960. ثم واصل تعليمه الجامعي.
من أبرز مؤلفاته «التفكير في زمن التكفير»، «الإمام الشافعي وتأسيس الآيدلوجية الوسطية»، «فلسفة التأويل»، «مفهوم النص»، «المرأة في خطاب الأزمة»، «الخلافة وسلطة الأمة»، «دوائر الخوف - قراءة في خطاب المرأة»، «إشكاليات القراءة وآليات التأويل».
ومن أبرز آرائه قوله: «إننا مجتمعات تكره النقد، ربما نتيجة الالتباس في الوعي العام بين النقد والنقض أي الهدم، بينما الحقيقة أنه لا فكر من دون نقد. كما أنَّ هناك عجزاً عن التفاعل مع هذا الفكر النقدي، وبالتالي لا تكون هناك وسيلة سوى إسكات هذا الخطاب، وأقرب وسائل الإسكات في مجتمعاتنا هي التكفير. ويظل الحديث عن الإصلاح والتجديد والتغيير بلا قيمة إذا استمر هذا الخوف من النقد».
حقق أبو زيد مسيرة أكاديمية لافتة، حيث عين معيداً بقسم اللغة العربية بجامعة القاهرة 1972، وكذلك أستاذ مساعد بكلية الآداب، قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة بالخرطوم في 1983. كما عمل أستاذاً زائراً بجامعة «أوساكا» للغات الأجنبية باليابان في 1985، وتدرج في مسيرته العملية إلى أن صار أستاذاً بكلية الآداب، جامعة القاهرة في 1995. ونال العديد من التكريمات منها «وسام الاستحقاق الثقافي» من الرئيس التونسي 1993، وكذلك جائزة اتحاد الكتاب الأردني لحقوق الإنسان في 1996.


مقالات ذات صلة

«سيدة البحار السبعة»... الحُب في زمن اللعنة

ثقافة وفنون «سيدة البحار السبعة»... الحُب في زمن اللعنة

«سيدة البحار السبعة»... الحُب في زمن اللعنة

لطالما اقترن الرقم «سبعة» بخصوصية سِحرية في مُخيلة سرديات البِحار، فحكايات السندباد البحري وأسفاره السبعة تُحيلنا إلى متاهات البحور التي لا تنقطع حبائل غرابتها

منى أبو النصر (القاهرة)
كتب غلاف كتاب «العراق دراسات في المتغيرات السكانية»

دراسات في متغيرات العراق السكانية... والهجرات القسرية

شهد المجتمع العراقي تحولات عميقة في بنيته الديموغرافية، ارتباطاً بما شهده البلد من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وحروب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب شللي

رومانتيكية فائضة في عالم سريع التغيّر

لم تعُدْ مفردة «الرومانتيكية» تُذكَرُ إلّا قليلاً، وحتى عندما تذكّرُ فغالباً ما تكون في سياق استذكار تاريخ التيارات الأدبية التي سادت في بدايات القرن التاسع عشر

لطفية الدليمي
كتب «سكك حديد مصر»... قاطرة للنهضة والتحديث

«سكك حديد مصر»... قاطرة للنهضة والتحديث

عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «مصر والطرق الحديدية» للكاتب محمد أمين حسونة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مجموعة من الكتب القديمة (أرشيفية - رويترز)

خبراء الكيمياء يحذّرون: الكتب العتيقة تحتوي على صبغات سامة

أطلقت الجمعية الكيميائية الأميركية تحذيراً بشأن المخاطر الصحية المحتملة التي قد تنطوي عليها الكتب القديمة، خصوصاً تلك التي تعود إلى العصر الفيكتوري.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تهميش تاريخ القبيلة العربية

علي الوردي
علي الوردي
TT

تهميش تاريخ القبيلة العربية

علي الوردي
علي الوردي

لعلنا لا نشتطّ في الدعاوى إذا قلنا إن القبيلة العربية هي التي جعلت الشرق شرقاً عربياً كما نعرفه متصلاً بعضه ببعضه الآخر من نجد إلى ليبيا، بعيداً عن الحديث عن دورها من جهة التطور أو محاربته. عندما تنظر في كتابات عالم كبير مثل علي الوردي ستجد أنه جعل القبيلة ثالثة الأثافيّ التي أضرت بالعراق، بالإضافة إلى الفرس والترك، لكننا لن نتحدث في هذا الموضوع الآن.

والقبيلة العربية تعني أيضاً الشعب العربي الذي عايش تصحر جزيرة العرب التي كانت خضراء وذات أنهار وبساتين في الأحقاب القديمة. وقد كافح ذلك الشعب ما حدث من تحول بيئي قاسٍ فتكيف معه ودمج حياته فيه على الصورة التي نعرفها. والقبيلة العربية تعني بصورة أخص المملكة العربية السعودية، أي ذلك التمدد في المراعي الخصيبة وبث العنفوان وروح الحرية التي لم تعرف الاستبداد قط، كما أنها لم تعرف أي نوع من أنواع الإقطاع. في هذه المساحة التي همشها المؤرخون لفترة طويلة تأسست حضارات مستقرة ومتعاقبة.

ولم تحصر القبيلة العربية نفسها في الجزيرة، بل انسابت وصعدت شمالاً بحيث أصبحت هي النسيج الذي تكونت منه النزوحات التاريخية الكبرى خارج جزيرة العرب منذ الأزمنة البعيدة، حين تكونت الحضارات والدول التاريخية في بلاد الرافدين والهلال الخصيب، بل وأبعد من ذلك، إلى المغرب العربي والأندلس.

وإذا عدنا لاستعراض تاريخ قبيلة الجزيرة السياسي فسنقول إن القبائل لم تخضع قط إلا لدولتين؛ دولة الخلافة الراشدة والدولة السعودية، ولعل خروج الخليفة الرابع علي بن أبي طالب من المدينة إلى الكوفة هو بداية التهميش الذي حدث فيما بعد. لم تعد الجزيرة مركزاً للدولة، حتى حين. خروج المركز أدى إلى بقية أنواع التهميش، ولم يعد بالإمكان الحديث عن حضارة. بقيت مكة والمدينة بسبب مكانتهما الدينية بحيث تحرص الدول المتعاقبة على ضمهما إلى الدولة بالقوة، ومع ذلك لم تكونا مركزاً سياسياً، بل بقي من يحكمهما تابعاً لدولة خارج الجزيرة؛ الأمويون ثم العباسيون ثم الأيوبيون ثم المماليك ثم العثمانيون.

وفي نظري أن عرب الجزيرة يخضعون فقط للزعيم الذي يكون منهم ويقيم معهم، ولذلك لم تخضع القبيلة العربية في نجد لأحد من الممالك القديمة والدول المتعاقبة، ولذلك كان السلاطين يتصالحون مع القبيلة بأن يتركوا لها المراعي الخصيبة، في مقابل أن تحصُل من القبائل على نوع من الحلف في وقت الحاجة، وهو حلف لم يكن يدوم على كل الأحوال، وكانت القبيلة تستفيد أيضاً من هذا الحلف، أعني حصولها على غنائم من الغزو، ولم تكن تتضرر كثيراً من هزيمة جيش الدولة الحليفة.

وربما تمردت القبيلة العربية على دولة الخلافة في البداية ورفعوا شعار:

أطعنا رسول الله إذ كان بيننا

فيا لعباد الله مالِ أبي بكرِ

أيورثها بكراً إذا مات بعده

وتلك لعمر الله قاصمة الظهرِ

إلا أنها عادت وخضعت للراشدين لأنها رأت أنها في ظل دولة عربية قبائلية تعرف طبيعة القبيلة. القبائل العربية أو الأعراب أو البدو هم «أصل العرب ومادة الإسلام»، حسب تعبير عمر بن الخطاب (جامع البخاري، حديث رقم 3700) وهو من هو في معرفته وخبرته بالقبيلة العربية وحميّتها، ولذلك كان حريصاً على كل العهود التي قُطعت لهم، وألا تُمس أموالهم، وإن كان للدولة حق في حواشي أموالهم، فقد كانت تُردّ على فقرائهم هم، وألا تُنقل القبيلة إلى مكان آخر، لأن هذا قد يؤدي إلى شعورها بأن ثروتها من الإبل تُغتصب. هكذا كانت القبيلة العربية التي شكَّلت روح الفروسية العربية والرومانسية العربية. وقد كانت الجسد الرئيسي الفاعل في معارك الدفاع والهجوم التي قادها العرب بعد الإسلام فهزمت معظم الممالك التي كانت سائدة في ذلك الزمان.

ومع الدولة السعودية التي نشأت أصلاً في حضن القبيلة وبنت ذاتها من نسيج ذلك الحضن، لم يكن ثمة إشكال فيما يتعلق بولاء القبيلة السياسي، وإن كانت القبيلة قد تمردت، على سبيل المثال في معركة السبلة التي كان النصر فيها للملك عبد العزيز، إلا أن معظم القبائل والإمارات القبلية كانت مع الملك وضد المتمردين.

كان جُل إنتاج عرب الجزيرة الثقافي -سواء التاريخي أو الأدبي– شفهياً لا يعتمد على الكتابة إلا نادراً

يغلب على ظني أن أهل الجزيرة العربية شاركوا في محاربة المغول والصليبيين مع إخوانهم أهل الشام والعراق ومصر، لكنَّ هذا التاريخ لا يبدو جلياً، فكما أسلفت، عانى عرب الجزيرة من التهميش عبر القرون المتعاقبة. بالنسبة إلى القرون القريبة الأمر واضح، ثمة تهميش مريع ومكتمل الجوانب. ولا شك أن عرب الجزيرة يُلامون بدورهم لأنهم لم يصنعوا مؤرخيهم الخاصين بهم ولم يكتبوا تاريخهم، وإن وجدت كتب تاريخ فهي كتب تؤرِّخ لسير رجال الدين والفقهاء ولا تتحدث عما هو حضاري ومن نتاج الإنسان العادي. وكان جُلُّ إنتاجهم الثقافي -سواء التاريخي أو الأدبي– شفهياً لا يعتمد على الكتابة إلا نادراً. تاريخ ما قبل الإسلام دونه الشعراء الفحول ورواة الشعر من أمثال المفضَّل الضَّبِّي والأصمعي وغيرهما ممن بذلوا جهوداً لتثبيت السرديات التي تصف مناسبات القصائد والوقائع والمعارك التي صاحبتها. كما أن الإشارة إلى تلك القصائد في كتب من الأمهات ككتاب «الأغاني» أدى إلى مزيد من السرد والتاريخ. ومع ذلك فقد جرى، بالإضافة إلى التهميش، شيء من التشويه.

لقد حظيت بغداد ودمشق والقاهرة وبلاد المغرب العربي والأندلس بمن حفظوا تاريخ مدن العرب الكبرى هذه، لكن الجزيرة لم تحظَ في الزمن القديم بشيء من هذا، وهذا أمر قد يكون إصلاحه على درجة كبيرة من الصعوبة لو قررنا أن نعيد كتابة تاريخ هذا الجزء من العالم الآن بعد قرون طويلة من موت كل الشهود وغياب المراجع الموثوقة.

* كاتب سعودي