هل البقع الشمسية لونها أسود أم هو خداع بصري؟

هل البقع الشمسية لونها أسود أم هو خداع بصري؟
TT

هل البقع الشمسية لونها أسود أم هو خداع بصري؟

هل البقع الشمسية لونها أسود أم هو خداع بصري؟

الشمس كرة كبيرة من الغاز الناري المشحون كهربائيًا. ومع تقدم الشمس خلال الدورة الشمسية المنتظمة التي مدتها 11 عامًا، يصبح النشاط الكهرومغناطيسي على سطح النجم أكثر فوضى. ويؤدي هذا الاضطراب حتمًا إلى ظهور البقع الشمسية؛ وهي مناطق مظلمة بحجم الكوكب تتشكل في الغلاف الجوي السفلي للشمس نتيجة للاضطرابات المغناطيسية الشديدة.
وبالنسبة لمعظم تلسكوبات الضوء المرئي، تظهر البقع الشمسية باللون الأسود. لكن لماذا تبدو بهذ اللون، وهل هي حقاً سوداء؟
فقد اتضح أن البقع الشمسية ليست سوداء في الواقع. وبدلاً من ذلك، فإن الظلام هو مجرد خداع بصري ناتج عن تباين حرارة البقع الشمسية ومحيطها، وذلك حسبما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
فالبقع الشمسية مظلمة فقط على عكس وجه الشمس الساطع، وفقًا لمؤسسة الجامعة لأبحاث الغلاف الجوي (UCAR)، التي تقول «إذا تمكنت من قطع متوسط ​​بقعة شمسية من الشمس ووضعتها بمكان آخر في سماء الليل فستكون ساطعة مثل البدر».
وأصبحت مجموعتا البقع الشمسية الضخمة والمعروفة باسم AR 2993 و AR 2994 مرئية قبل أيام قليلة في الطرف الشمالي الشرقي للشمس بعد أن أصبحت نشطة بينما لا تزال مخفية بواسطة قرص الشمس.
وسبب ظهور البقع الشمسية أغمق بكثير من بقية السطح المرئي للشمس أو الفوتوسفير، هو أنها أكثر برودة بكثير، والغاز الموجود أسفل البقع الشمسية ينبعث منه حوالى 25 % من الضوء مثل بقية الشمس، وفقًا لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا».
ولا تزال البقع الشمسية شديدة الحرارة؛ إذ يقدر علماء الفلك أن درجة حرارتها النموذجية تبلغ حوالى 6300 درجة فهرنهايت (3500 درجة مئوية). لكن الغلاف الضوئي المحيط يشتعل عند حوالى 10000 فهرنهايت (5500 درجة مئوية)، وفقًا لخدمة الطقس الوطنية (NWS).
فالبقع الشمسية باردة لأنها تتشكل في المناطق التي تكون فيها المجالات المغناطيسية قوية بشكل خاص (حوالى 2500 مرة أقوى من الأرض وأقوى بكثير من أي مكان آخر على الشمس)، وفقًا لـ NWS. ويؤدي هذا إلى زيادة الضغط المغناطيسي الذي يمارس على البقع الشمسية، وبالتالي يمنع تدفق الحرارة من باطن الشمس إلى السطح ويترك المنطقة أكثر برودة من محيطها.
وفي هذا الاطار، يمكن أن يكون للطاقة المغناطيسية المكبوتة للبقع الشمسية بعض الآثار الجانبية المذهلة والخطيرة؛ فعندما تصبح خطوط المجال المغناطيسي حول البقع الشمسية متشابكة للغاية، يمكن أن تنجذب إلى تكوينات جديدة وتطلق رشقات مفاجئة من الطاقة المغناطيسية. كما يمكن أن تتفاعل هذه الطاقة مع البلازما المحيطة (غاز ساخن مشحون كهربائيًا يشكل جزءًا كبيرًا من الشمس) ويحدث انفجارًا للطاقة يُعرف باسم «التوهج الشمسي».
جدير بالذكر، ظهرت أكبر مجموعة من البقع الشمسية منذ 24 عامًا على الشمس بأكتوبر (تشرين الأول) 2014. حيث تقع البقع الشمسية أسفل المنطقة النشطة المشرقة في منتصف الشمس.
وهذه التوهجات الشمسية تحدث دائمًا في المناطق النشطة بالقرب من البقع الشمسية، ما يعني أنه كلما زاد عدد البقع الشمسية الموجودة على الشمس في وقت معين، زاد احتمال اندلاع التوهج. كما ان من المرجح أن تحدث البقع الشمسية بالقرب من ذروة دورة نشاط الشمس لمدة 11 عامًا؛ والمعروفة أيضًا باسم «الحد الأقصى للشمس»، عندما يبلغ النشاط المغناطيسي ذروته.
ويمكن للحرارة الناتجة عن التوهج، بدورها، أن تؤدي إلى نوع آخر من الانفجار يسمى طرد الكتلة الإكليلية (CME)، حيث تنفجر جسيمات الشمس المشحونة مباشرة من الغلاف الجوي للشمس وتكبر عبر الفضاء بسرعات عالية. إذ تبحر معظم الكتل الإكليلية المقذوفة في الفضاء دون ضرر. ولكن إذا حدث أن CME يستهدف الأرض، فقد تكون هناك عواقب وخيمة؛ فعندما يمر CME فوق الغلاف الجوي للأرض، فإنه يمكن أن يقطع شبكات الطاقة أو يتسبب في انقطاع التيار الراديوي أو إتلاف الأقمار الصناعية؛ وتظل الحياة على الأرض محمية بواسطة المجال المغناطيسي لكوكبنا. لكن قد يتعرض رواد الفضاء الذين يعملون في الفضاء لجرعات إشعاع أعلى من المعتاد.


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».