مجزرة تشارلستون العنصرية توحد الأميركيين على نبذ العنف والتفرقة

شكلت أسوأ مجزرة عنصرية في تاريخ الولايات المتحدة منذ عقود

أميركيون سود وبيض شاركوا أمس في تظاهرة بأحد شوارع تشارلستون للتعبير عن رفضهم للعنف والتفرقة العنصرية (أ.ف.ب)
أميركيون سود وبيض شاركوا أمس في تظاهرة بأحد شوارع تشارلستون للتعبير عن رفضهم للعنف والتفرقة العنصرية (أ.ف.ب)
TT

مجزرة تشارلستون العنصرية توحد الأميركيين على نبذ العنف والتفرقة

أميركيون سود وبيض شاركوا أمس في تظاهرة بأحد شوارع تشارلستون للتعبير عن رفضهم للعنف والتفرقة العنصرية (أ.ف.ب)
أميركيون سود وبيض شاركوا أمس في تظاهرة بأحد شوارع تشارلستون للتعبير عن رفضهم للعنف والتفرقة العنصرية (أ.ف.ب)

شارك آلاف الأشخاص الذين كانوا يحملون ورودا حمراء وبيضاء في حفل تكريمي، في وقت متأخر من مساء أول من أمس في تشارلستون (جنوب شرقي الولايات المتحدة)، للقتلى السود التسعة داخل كنيسة للسود، بعد مثول المتهم بتنفيذ الجريمة أمام القضاء، بدافع الحنين إلى أيام التمييز العنصري، وكره السود.
وقد أثارت هذه المجزرة غضب جل المواطنين في مدن الولايات المتحدة، على اعتبار أن مجزرة مساء الأربعاء الماضي شكلت أسوأ مجزرة عنصرية في تاريخ الولايات المتحدة منذ عقود. وستنظم مدينة تشارلستون التاريخية والسياحية عددا كبيرا من تجمعات التكريم للضحايا يوم غد الأحد، بعد أن نظمت تجمعات مماثلة أمس، عبر فيها آلاف الأميركيين عن نبذهم للعنف والتفرقة على أساس اللون أو الجنس.
وكان ديلان روف (21 عاما)، قد مثل بعد ظهر الجمعة أمام القضاء عبر تقنية الفيديو في السجن، وتم إبلاغه بالتهم الموجهة إليه وقرار سجنه، لكن لم يبد عليه أي تأثر.
وبينما تحدثت وزارة العدل الأميركية عن «عمل إرهابي داخلي»، ووعدت بفتح تحقيق لمعرفة ما إذا كان إطلاق النار الذي خلف 9 قتلى لا يشكل جريمة دافعها الكراهية فحسب، بل أيضا «عملا إرهابيا داخليا»، أوضحت إميلي بيرس، مديرة الإعلام في الوزارة، أن «هذه الواقعة الصادمة كانت تهدف من دون شك إلى زرع الخوف والرعب في هذه المجموعة، والوزارة تنظر إلى هذه الجريمة آخذة في الاعتبار كل الاحتمالات الممكنة، بما فيها أن تكون عملا دافعه الكراهية وعملا إرهابيا داخليا».
وفي ملعب مدرسة تشارلستون، أمسك البيض والسود أيدي بعضهم بعضا، وملأت الدموع عيون أعداد كبيرة منهم، وهم ينشدون أغنية «وي شال أوفركوم» (سننتصر)، التي ترمز إلى النضال من أجل الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة. لكن رغم أجواء الحزن التي سيطرت على الجميع، أكد مسؤولون عن السود أن المأساة لن تتسبب في انقسام عرقي في المدينة، فيما قال العمدة جوزيف ريلي، الذي كان يتقاسم المنصة مع رؤساء مختلف المجموعات الدينية في المدينة: «لقد جئنا جميعا هذا المساء من أجل التعبير عن محبتنا.. ونحن نشعر بحزن عميق وأسى لم نشعر بهما من قبل».
من جهتها، قالت نادين كولييه، التي قتلت والدتها إيتيل لانس (70 عاما)، موجهة حديثها للقاتل: «لقد سببت لي ولكثير من الأشخاص الألم، لكني أسامحك، أسامحك».
أما عائلة المتهم فخرجت ببيان قالت فيه إنها تشعر «بالانهيار»، ووجهت تعازيها إلى عائلات الضحايا بالقول: «يصعب علينا التعبير عن الصدمة التي نعاني منها وعن الألم، ومن الصعب أن نصدق ما حصل».
وتفيد الوثائق الرسمية بأن القاتل ديلان روف تلفظ أثناء تنفيذ هجومه «بتعابير عنصرية مقيتة». وبعدما استمع بهدوء إلى تلاوة نصوص الكتاب المقدس، نهض وأطلق النار. وذكرت امرأة نجت من الحادث أنه قال: «لقد اغتصبتم نساءنا، وأنتم تسيطرون على البلاد. ويتعين علي القيام بما يجب أن أفعله». وبعد اعتقاله قال ديلان لعناصر الشرطة إنه أراد «إعلان حرب عنصرية»، حسبما ذكرت قناة «سي إن إن».
وذكرت الصحافة الأميركية أن ديلان، العاطل عن العمل، ترك المدرسة صغيرا، وأنه كان يعيش وحيدا، ولم يتسبب بكثير من المشاكل، على ما يبدو. لكن ميوله كانت واضحة إلى التمييز العنصري، وهي التي تعطي التفسيرات الأولى لما أقدم عليه. وعلى صفحته في الـ«فيسبوك»، يبدو ديلان في صورة مرتديا سترة بألوان العلم السابق لجنوب أفريقيا أيام التمييز العنصري، رمز نظام الفصل العنصري، وعلم روديسيا (التي أصبحت زيمبابوي). وفيها يبدي إعجابا ببعض المجموعات الصغيرة التي تنادي بهيمنة البيض.
وقال جوزي ميك، أحد أصدقائه، في تصريح، إن روف «كان مهووسا بالفصل العنصري»، وكان دائما «يفكر في هذا الموضوع. كما كان يريد القيام بعمل يلفت الأنظار.. عمل يعيد تأجيج الحرب العنصرية». فيما قال صديق آخر، يدعى دالتون تايلر، إنه كان يريد العودة إلى الفصل العنصري «والتسبب في اندلاع حرب أهلية».
وبعد الجلسة، قالت المدعية سكارليت ويلسون إنه من المبكر الحديث عن عقوبة الإعدام، التي طالب بها نيكي هالي، الحاكم الجمهوري لكارولينا الجنوبية.
أما الرئيس باراك أوباما فقد اتهم أمام تجمع لعمدات سان فرانسيسكو الكونغرس بأنه لم يسن قانونا من أجل التشدد في حيازة الأسلحة النارية. وكان أوباما قد طالب بذلك بعد مجزرة نيوتون في 2012، والتي راح ضحيتها 26 قتيلا، منهم 20 طفلا.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.