جنوب السودان يشكك في تقرير «يونيسيف» بتعرض عشرات الأطفال للقتل والاغتصاب

زعيم المتمردين رياك مشار يتحفظ على مقترحات الوساطة حول تقاسم السلطة مع سلفا كير

جنوب السودان يشكك في تقرير «يونيسيف» بتعرض عشرات الأطفال للقتل والاغتصاب
TT

جنوب السودان يشكك في تقرير «يونيسيف» بتعرض عشرات الأطفال للقتل والاغتصاب

جنوب السودان يشكك في تقرير «يونيسيف» بتعرض عشرات الأطفال للقتل والاغتصاب

نفت جمهورية جنوب السودان مصرع 129 طفلاً في ولاية الوحدة بهجوم من الجيش الشعبي (جيش البلاد)، وشككت في مصداقية تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) حول ارتكاب الجيش الحكومي فظائع ضد الأطفال والفتيات من اغتصاب وقتل، وعدت أن هذه التقارير محاولة لانتقام بعض الموظفين في البعثة الدولية ضد جوبا التي سبق أن طردت ممثلها، واصفًا التقارير بزرع الفتنة ونسف العملية السلمية الحالية في أديس أبابا، في وقت أعلن فيه زعيم المتمردين النائب السابق للرئيس رياك مشار تحفظه على المقترحات التي تقدم بها وسطاء «إيقاد» لأطراف النزاع، المتعلقة بتقاسم السلطة والترتيبات الأمنية، وأكد في خطاب وجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
وقال المدير التنفيذي لـ«يونيسيف» في بيان صحافي، أول من أمس (الخميس)، إن أرواح 129 طفلاً قد أزهقت في ولاية الوحدة الغنية بالنفط في جنوب السودان في شهر مايو (أيار) الماضي، وسرد البيان تفاصيل مروعة لأعمال عنف ارتكبت ضد الأطفال وفتيات لا تتجاوز أعمارهم 8 سنوات في جميع أنحاء البلاد، وقال: «تفاصيل تفاقم العنف ضد الأطفال أمر يعجز عن الوصف»، وأضاف: «لقد تم خصي الفتيان الناجين من أعمال العنف واغتصاب الفتيات جماعيًا وقتلهن في وقت لاحق، بعد أن ربط الأطفال معًا لذبحهم وتم رمي آخرون في مبانٍ مشتعلة بالنار»، مشيرًا إلى عمليات تجنيد قسري في الجماعات المسلحة من طرفي الحرب بإجبار ما يناهز 13 ألف طفل للمشاركة في الصراع.
غير أن ماوين اكول اريك المتحدث باسم وزارة خارجية جنوب السودان، شكك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، في تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وقال إنه ليس صحيحًا، وأضاف: «المناطق التي أشار إليها تقرير المنظمة تقع تحت سيطرة الحكومة التي هي مسؤولة عن حماية جميع المواطنين»، مشيرًا إلى أن المنظمة الدولية كانت قد خرجت من المنطقة عقب هجوم قوات التمرد على مواقع الحكومة، وقال: «المنظمات الأممية والدولية خرجت من المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة كيف لها أن تسجل مثل هذه الشهادات للمواطنين الذين نفوا بشكل قاطع وقوع هذه الجرائم»، مؤكدًا أن الحكومة شكلت لجنة ضمت جميع الجهات لتتقصى الحقائق وما أشار إليه التقرير»، وقال: «تقرير (اليونيسيف) ليس صحيحًا وفي كل فترة يفبركون مثل هذه التقارير، وعند استدعائهم ينكرونها».
واعتبر اريك التقارير المتواترة من الأمم المتحدة خلال الفترة الماضية محاولة للانتقام من جوبا، بسبب طردها ممثلها توبي لانزر من البلاد، وقال: «ليس مبررًا أن تنتقم الأمم المتحدة من دولة تقوم بأعمالها السيادية وتحافظ على أمن مواطنيها»، وتابع: «هذه محاولة لإضعاف الدولة في مساعي البعض داخل الأمم المتحدة أننا جزء منها، ومسؤوليتنا الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وملتزمون بمواثيق المنظمة الأممية».
من جانبه، قال المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أجوير لـ«الشرق الأوسط» إن التقرير الذي أصدرته منظمة «يونيسيف» غير ممكن حدوثه في جنوب السودان، مشككًا في مصداقية التقرير، وأضاف: «منظمة (يونيسيف) ليست موجودة على الأرض في هذه المناطق في ولاية الوحدة، ولكن يمكن أن يقترحوا إجراء تحقيق بدلاً من نشر التقرير للإعلام قبل التحقق من قتل وقطع رؤوس واغتصاب فتيات»، مؤكدًا أن الجيش الشعبي يقف مع إجراء تحقيق كامل وشفاف وإحالة المسؤول عن هذه الأعمال (إذا وقعت) إلى العدالة مهما كان منصبه»، وقال: «قتل الأطفال ليس من ثقافة شعب جنوب السودان، وإنما هي ثقافة نشاهدها في منطقة الشرق الأوسط مثلما يحدث في سوريا والعراق»، وتابع: «هذه الثقافة لم تصلنا نحن هنا في جنوب السودان».
إلى ذلك، وجه النائب السابق لرئيس جنوب السودان الدكتور رياك مشار، الذي يقود تمردًا ضد الحكومة انتقادات شديدة اللهجة لمسودة الاقتراح، التي قدمتها وساطة الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (إيقاد)، وعد في خطاب أرسله إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اطلعت «الشرق الأوسط» عليه أن الوثيقة لن تجلب اتفاق سلام بين الأطراف المتحاربة، مشيرًا إلى أن تقاسم السلطة والترتيبات الأمنية وتوزيع السلطة في الأقاليم فيها قصور كبير لا تعالج جذور الأزمة، ولم يتم التصدي لها، وقال إن مسودة مشروع «إيقاد» فيها الكثير من الأخطاء.



«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.