البصرة مدينة التمور الأولى في العالم وتعتمد على المستورد

الحروب والجفاف وتهريب فسائل النخيل لدول الجوار أفقدتها 550 صنفًا منها

بساتين نخيل البصرة انحسرت بسبب الجفاف وملوحة المياه والتجريف («الشرق الأوسط»)
بساتين نخيل البصرة انحسرت بسبب الجفاف وملوحة المياه والتجريف («الشرق الأوسط»)
TT

البصرة مدينة التمور الأولى في العالم وتعتمد على المستورد

بساتين نخيل البصرة انحسرت بسبب الجفاف وملوحة المياه والتجريف («الشرق الأوسط»)
بساتين نخيل البصرة انحسرت بسبب الجفاف وملوحة المياه والتجريف («الشرق الأوسط»)

عند التجول ذهابا من منطقة «الخورة» حتى آخر نقطة في «رأس البيشة» في الفاو، في منطقة يبلغ طولها أكثر من 120 كلم تجد أنها تحولت إلى أرض بور بعد أن كانت مناطق وغابات من النخيل العراقي الذي يضم أصنافا نادرة لا تنبت إلا في أرض البصرة، حيث مدينة التمور الأولى في العراق والعالم لغاية فترات قريبة.
وعند التجول في الأسواق، وخصوصا خلال شهر رمضان المبارك، لا تكاد ترى تلك الأصناف البصرية من التمور، ويوجد فقط المستورد منها سواء من مدن عراقية أخرى مثل الحلة وكربلاء أو من إيران، بعد أن تراجع عدد النخيل في المدينة من 30 مليون نخلة في سبعينات القرن الماضي إلى أقل من مليوني نخلة في الوقت الحالي، في حين أكد مزارعون وتجار تمور ومختصون أن الحروب المتوالية والملوحة والتجريف وتهريب فسائل النخيل إلى دول الجوار وخصوصا (إيران) أثرت سلبا على الزراعة في المدينة التي يقال عنها «مدينة الخليل والنخيل»، ومدينة السياب الذي تغنى بالنخلة ومجَّدها في شعره.
وقال عبد المجيد الحمد، صاحب أحد بساتين النخيل في قضاء أبي الخصيب لـ«الشرق الأوسط»، إن «بساتين النخيل في المنطقة بدأت تتلاشى ولعدة أسباب مما أثر سلبا على إنتاج التمور في مدينة كانت تعد الأولى عالميا في إنتاج التمور، ولغاية وقت قريب».
وأضاف أن «الأسباب كثيرة، ومنها الملوحة التي عصفت بمياه المنطقة، والتجريف، حيث تحولت أغلب البساتين إلى دور سكنية، والحروب المتوالية مما أثر على نمو النخيل، بالإضافة إلى تهريب الفسائل وخصوصا النادرة منها إلى دول الجوار ومنها إيران».
وتابع أن «مصير أشجار النخيل المتبقية في البصرة الهلاك إذا لم تتدخل السلطات الحكومية في معالجة مشكلات الفلاحين سريعا، حيث لم يعد في البصرة لا (البرحي) الشهير ولا (الساير والحلاوي)».
وفي الوقت الذي امتلأت فيه البصرة، وخصوصا في سوق المقام وسط منطقة العشار، أشهر أسواق المدينة، بأنواع مستوردة من التمور قدمت من دول الجوار والخليج، كشف خبراء زراعيون أن المحافظة خسرت أكثر من 550 صنفا من أصل 600 صنف كانت تنتجه بساتين نخيلها سابقا رغم كل المحاولات الحكومية لإعادتها.
وقال عمار النجار، مهندس زراعي، إن «البصرة مدينة السواد الحقيقي في العراق لم تعد كذلك، فلغاية فترة قريبة كانت تضم أكثر من 600 صنف من التمور ليتضاءل العدد ولا يبقى سوى 50 صنفا».
وأضاف أن «مدينة النخيل بعد أن كانت تحتوي على 30 مليون نخلة في سبعينات القرن الماضي، تضاءل العدد إلى 13 مليون نخلة في الثمانينات والتسعينات، وصولا إلى مليوني نخلة في الوقت الراهن قابلة للتناقص».
وتابع أن «الكارثة تكمن في أن أغلب تلك الأصناف غير موجودة في البصرة اليوم وكأنها تلاشت بشكل نهائي لعدة أسباب ومنها عدم وجود تقنيات للتكاثر، بالإضافة إلى موت بعضها وتهريب البعض الآخر من فسائل النخيل إلى إيران، وحل مكانها تمور مستوردة سيطرت على أسواق في المدينة». المزارعون وتجار التمور في البصرة عبروا عن سخطهم على الحكومتين المحلية في البصرة والمركزية في بغداد، متهمين دول الجوار والسياسيين العراقيين بالعمل على عدم إعادة وإحياء نخيل البصرة ولغايات عدة.
وقال حيدر عبود، تاجر تمور في البصرة، إن «تجارة التمور في هذه المحافظة صابها الكساد فلم نعد نرى تلك التمور البصرية الشهيرة، وحتى وإن وجدناها فهي صغيرة الحجم وقليلة، وذلك بسبب تأثرها بالملوحة وتجريف الأراضي».
وأضاف أن «المتجول في السوق لا يجد التمور البصرية، وإنما تمور مقبلة من محافظات عراقية أخرى كبغداد والحلة وكربلاء أو من دول الجوار، وخصوصا إيران التي أصبح منتجها مجتاح لأسواقنا، وكأن هناك مؤامرة على نخيل البصرة وتمرها». الحكومة المحلية في البصرة بدورها حاولت وضع برنامجا لاستعادة مكانة التمور البصرية مجددا، حيث قال رئيس لجنة الزراعة في مجلس محافظة البصرة جمعة الزيني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك عددا من القوانين التي شرعتها الحكومة المحلية في البصرة بهدف استعادة مكانة البصرة الدولية، من حيث أعداد التمور المنتجة في بساتينها، أو من حيث عدد الأنواع أنواعها والعمل على تقليل المستورد».
وأضاف أن «المجلس صادق على قانون تطوير زراعة النخيل في البصرة حيث سيحافظ ذلك القانون على عملية تطوير زراعة النخيل وتقديم الدعم وتسهيلات إلى مزارعي النخيل ومنتجي التمور، كما يفرض عقوبات صارمة على الذين يلحقون الضرر ببساتين النخيل من خلال تجريفها».
يُذكر أن البصرة كانت من أقدم منتجي التمور في العالم، إلا أن الأسواق الكبرى بدأت تتناسى هذا الأمر حيث كانت تنتج ما يجاوز الـ130 ألف طن سنويًا لتلجأ خلال السنوات القليلة الماضية إلى استيراد تمور ذات أصناف جيدة من السعودية وإيران لرفد الأسواق المحلية بها في ظل تدهور إنتاج المحافظة من التمور، رغم أنها كانت تنتج أفضل أنواع التمور في العالم، وأشهرها «البرحي»، و«الحلاوي»، و«البريم».



الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال العميد يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين المدعومين من إيران في بيان: «انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، نفذت قواتنا المسلحة عملية عسكرية استهدفت السفينة (جروتون)، وذلك لانتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الدخول إلى مواني فلسطين المحتلة».

وأضاف سريع: «نفذت العملية القوات البحرية وسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية. وقد أدت العملية إلى إصابة السفينة بشكل دقيق ومباشر».

وأشار إلى أن هذا الاستهداف «هو الثاني للسفينة بعد استهدافها في الثالث من أغسطس (آب) الحالي».

وأوضح المتحدث العسكري الحوثي أن قوات جماعته «أكدت نجاحها في منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وكذلك فرض قرار حظر الملاحة في منطقة العمليات المعلن عنها على جميع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بغض النظر عن وجهتها أو السفن التابعة لشركات لها علاقة بهذا العدو».

كما أكد سريع استمرار عملياتهم البحرية في منطقة العمليات التابعة لهم «وكذلك استمرار إسنادها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يواصل الحوثيون استهداف كثير من السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لغزة».