هل يحدث برلوسكوني مفاجأة في انتخابات إيطاليا على غرار فريقه لكرة القدم؟

برلوسكوني (وسط الصورة) خلال مشاهدته مباراة لفريقه «مونزا» يوم 13 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
برلوسكوني (وسط الصورة) خلال مشاهدته مباراة لفريقه «مونزا» يوم 13 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
TT

هل يحدث برلوسكوني مفاجأة في انتخابات إيطاليا على غرار فريقه لكرة القدم؟

برلوسكوني (وسط الصورة) خلال مشاهدته مباراة لفريقه «مونزا» يوم 13 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)
برلوسكوني (وسط الصورة) خلال مشاهدته مباراة لفريقه «مونزا» يوم 13 أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

يوم الأحد الماضي، وقبل سبعة أيام من موعد إجراء الانتخابات الإيطالية العامة، ذهب سيلفيو برلوسكوني لمشاهدة مباراة فريق «مونزا» بكرة القدم. ولم يكن يتوقع أن هذا الفريق، الذي كان قد اشتراه منذ عامين بثلاثة ملايين يورو وأنفق عليه خمسين مليوناً لتعزيزه بشراء مجموعة من اللاعبين، سيفوز على فريق نادي «يوفنتوس» أحد أقوى الفرق الإيطالية والأوروبية.
لم يفوت برلوسكوني تلك الفرصة ليصرح أمام أنصاره أن هذا الفوز ليس سوى مؤشر على ما سيحصل في انتخابات هذا الأسبوع، حيث ترجح كل الاستطلاعات ألا يتجاوز حزب «فورزا إيطاليا» الذي يتزعمه 7 في المائة من الأصوات، ولا يستبعد عدم حصوله على الحد الأدنى الذي يحدده القانون للدخول إلى البرلمان.
فريق «مونزا»، الذي صعد العام الماضي إلى الدرجة الأولى، هو اليوم في المركز الأخير ضمن ترتيب بطولة الدوري الإيطالي، ولم يحقق حتى الآن سوى هذا الانتصار المفاجئ الذي يريد برلوسكوني أن يجعل منه رمزاً لانبعاثه السياسي ومحاولة لاستعادة أسطورته السياسية المتهاوية، فيما لا يزال يملك ثروة مالية هائلة وإمبراطورية إعلامية لا سابقة لها في إيطاليا.
تقع مونزا في قلب المنطقة التي يمكن أن نسميها «برلوسكونيا»، شمال شرقي مدينة ميلانو، المركز الصناعي والاقتصادي والمالي الإيطالي الأول. وفي ميلانو، يوجد المجمع السكني الضخم الذي بناه برلوسكوني في سبعينات القرن الماضي، وأطلق منه القناة التلفزيونية الأولى التي كانت أساس إمبراطوريته الإعلامية التي تضم أكثر من خمسة آلاف موظف. وفي ميلانو أيضا، يقوم المقر الرئيسي لدار النشر الأولى في إيطاليا «موندادوري» التي اشتراها برلوسكوني منذ سنوات، وعلى مسافة قريبة منها تقع دارته الشهيرة «فيلا سان مارتينو» التي اشتراها في العام 1974 بمبلغ زهيد من أرستقراطية شابة ويتيمة، بفضل مساعي المحامي الذي كان في الواقع يعمل لحسابه.
منذ أسابيع، تردد الأوساط المحيطة بسيلفيو برلوسكوني أنه العقل الراجح في الائتلاف اليميني الذي بات من شبه المؤكد فوزه في الانتخابات المقبلة، وأن الفاشيين الجدد الذين تخشى أوروبا ونصف إيطاليا وصولهم إلى الحكم، سوف يحتكمون لرشده واعتداله.
لكن جميع الاستطلاعات تقول عكس ذلك تماماً. الفاشيون الجدد في حزب «إخوان إيطاليا»، يطمحون بزعامة جيورجيا ميلوني للحصول على 25 في المائة من الأصوات، وحزب «الرابطة اليميني» المتطرف على 12 في المائة. فيما من المستبعد أن يتجاوز حزب «فورزا إيطاليا»، الركيزة الثالثة في الترويكا اليمينية، نسبة 8 في المائة ليكون الخاصرة الرخوة في الحكومة اليمينية المتطرفة التي تستعد للإمساك بالسلطة، وبالتالي يعجز أن يكون قادراً على دفعها نحو الاعتدال والامتثال لقواعد اللعبة المتفق عليها في المشروع الأوروبي الذي كان، عدة مرات، خشبة الخلاص لإيطاليا من مشاكلها الاقتصادية ومتاعبها المالية.
لكن الوقائع تبقى أهم من الاستطلاعات، وهي تلقي بظلال كثيفة على برلوسكوني الذي يدخل عامه السابع والثمانين قبل نهاية هذا الشهر. ترشح برلوسكوني تسع مرات لمنصب رئيس الوزراء، وتولى رئاسة الحكومة الإيطالية أربع مرات، على الرغم من أنه واجه 36 دعوى قضائية، بعضها لا يزال جارياً في قضايا الفساد المالي والتهرب من الضرائب والتحرش الجنسي والرشوة. وقد تعافى في السنوات الأخيرة من إصابة بالسرطان، وخضع لعملية قلب مفتوح، ثم تعافى من (كوفيد) ويتردد على المستشفى بانتظام.
في بداية هذا العام، حاول الوصول إلى رئاسة الجمهورية التي يحلم بها منذ سنين، لكنه فشل فشلاً ذريعاً حيث كان حلفاؤه أول من تخلى عنه.
وفي يوليو (تموز) الفائت، عندما قرر سحب تأييده لحكومة ماريو دراغي، انشق عنه عدد من القيادات الوازنة في حزبه، وبات أثراً بعد عين في المشهد السياسي.
لكن رغم كل هذه الانتكاسات، لم تنقصه الحيلة يوماً للبقاء في واجهة الأحداث التي تفاخر دوماً بأنه الأقدر على صنعها. في مارس (آذار) الماضي، أعلن خطوبته الرسمية مع رفيقته مرتا فاسينا، البالغة من العمر 33 عاماً، وهي موظفة سابقة في المكتب الصحافي لفريق ميلان، وكانت «هديته» لها في تلك المناسبة ترشيحها على قائمة الحزب في جزيرة صقلية.
السؤال الذي يحير كثيرين، هو لماذا يصر برلوسكوني على خوض هذه المعركة الأخيرة في مثل هذه الظروف من الوهن الشخصي والانهيار في شعبيته السياسية؟ هل أن الهدف الحقيقي، كما كان دائماً، هو حماية مصالحه المالية والاقتصادية؟
يقول الذين يعرفونه عن كثب، ومنهم كاتب سيرته الصحافي الأميركي آلان فريدمان الذي يعيش في إيطاليا منذ سنوات، إن ما يسعى إليه برلوسكوني هو استعادة الاعتبار والانتقام من خصومه وأعدائه الكثر.
في العام 2013 طُرد برلوسكوني من عضوية مجلس الشيوخ بعد صدور حكم ضده يقضي بتأديته الخدمة الاجتماعية سنتين، وهو مصمم على الثأر والعودة ربما رئيساً للمجلس الذي طرد منه، إذا صدقت التسريبات بأن الاتفاق بين أطراف الائتلاف اليميني يقضي بإعطائه رئاسة مجلس الشيوخ.
الانطباع العام في الأوساط السياسية الإيطالية هو أن الحكومة المقبلة، في حال الفوز المرجح للائتلاف اليميني، ستكون عنصرية، ضد الهجرة، وضد الاتحاد الأوروبي، وأن برلوسكوني لن يكون قادراً على منع ذلك. لكن الذين ما زالوا يؤمنون بقدرته على صنع الأحداث، لا يستبعدون في اللحظة الحاسمة أن يخرج أرنباً آخر من قبعة الساحر.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».