ياسين لـ {الشرق الأوسط}: مشاورات مؤتمر جنيف كانت من طرف واحد

«مجلس التعاون» يعرب عن أسفه لانتهائها من دون اتفاق

وزير الخارجية اليمني رياض ياسين (يسار) مع الوفد اليمني وهم يتشاورون في أحد أروقة مقر الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اليمني رياض ياسين (يسار) مع الوفد اليمني وهم يتشاورون في أحد أروقة مقر الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

ياسين لـ {الشرق الأوسط}: مشاورات مؤتمر جنيف كانت من طرف واحد

وزير الخارجية اليمني رياض ياسين (يسار) مع الوفد اليمني وهم يتشاورون في أحد أروقة مقر الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اليمني رياض ياسين (يسار) مع الوفد اليمني وهم يتشاورون في أحد أروقة مقر الأمم المتحدة أول من أمس (أ.ف.ب)

أكد الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن التشاورات في مؤتمر جنيف اليمني، كانت من طرف واحد، وفشل المؤتمر، ولم يتم الاتفاق، أو التوصل إلى نقاط مبدئية بين وفد الحكومة مع وفد الحوثيين وحلفائهم، مشيرًا إلى أن «تعنت الانقلابيين أدى إلى إعاقة تنفيذ آلية القرار الأممي 2216، وما قبلها، والاتفاق الذي قبلنا دعوة الأمم المتحدة، ووصلنا إلى جنيف من أجله».
وأوضح الدكتور ياسين في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» قبل مغادرته جنيف، أن وصول إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي إلى اليمن إلى المنطقة، لمحاولة حل المسائل خلال الفترة المقبلة، يعتبر من أساس عمله كمبعوث أممي، حيث قدمنا النصائح بعدم التشاور مع الحوثيين وحلفائهم في خارج اليمن، لأنهم يعتبرون في الأساس ميليشيات مسلحة، تعمل على السيطرة على المفاصل العسكرية، واحتلال المدن، واستهداف المدنيين.
وقال وزير الخارجية اليمني، إن وفد الحوثيين وحلفائهم، أشبه بـ«الأشباح»، حيث بقوا في الفندق في جنيف، من دون أن يحاولوا العمل من أجل مصلحة اليمن، لا سيما أن الوفد الانقلابي وصل إلى جنيف بعد محاولات أممية لإقناعهم وإرسال أكثر من طائرة من أجل التشاور، ولم يتوافقوا فيما بينهم على عدد أعضاء الوفد الأصلي الذي يتحدث بالنيابة عنهم، وكذلك الشخصية التي تترأس الانقلابيين.
وأشار الدكتور ياسين إلى أن وفد الحوثيين وحلفائهم، لم يلتزموا بكل محتويات الرسالة التي بعثها بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، التي أكد فيها أن المشاورات ستكون بين طرفين لا ثالث لهما، أي بين الطرف الأول الحكومة الشرعية والقوى السياسية اليمنية، والطرف الآخر الحوثيين وحلفائهم.
ولفت وزير الخارجية اليمني إلى أن «التشاورات بين الحكومة الشرعية مع الحوثيين وحلفائهم لم تتوصل إلى نقطة اتفاق، أو قطعنا شوطا في تبادل الأفكار بين الطرفين، أو كان هناك تقارب في المبادئ، بل إن مؤتمر جنيف اليمني، هو تشاوري من طرف واحد، حيث كان إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن، يجتمع معنا ونتبادل النقاش حول آلية تنفيذ القرار 2216، والطرق التي جرى التحضير لها منذ الموافقة على قبول دعوة جنيف، والتحضيرات المبدئية التي عملت في الرياض وجنيف».
وأضاف: «لم نسمع أي رؤية جديدة حول آلية التنفيذ القرار الأممي 2216، من المبعوث الأممي ولد الشيخ، حيث كانت الأمم المتحدة تسمع من طرف واحد، وهو الحكومة الشرعية، ولم نسمع الرؤية الطرف من الآخر، بسبب الفوضى وعدم ترتيب أوراقهم ومعرفة ماذا يريدون من جنيف، والاتفاق فيما بينهم».
وذكر الدكتور ياسين، أن الوفد وصل إلى جنيف من أجل نقطة معينة، وهي تنفيذ آلية القرار الأممي 2216 فقط، حيث سيتم الترتيب لاجتماعات أخرى في حال التوافق، فيما اتضح أن الحوثيين وحلفاءهم وصلوا بعد معاناة إلى جنيف، وهم لا يعرفون القرارات التي سيناقشونها، وبالتالي جرت عرقلة المؤتمر، وفشله. وأكد وزير الخارجية اليمني أن وقف إطلاق النار في داخل اليمن مرتبط بانسحاب الميليشيات الحوثية وحلفائهم من المدن، إذ إن وقف إطلاق النار لوحده لن يثمر نتيجة، والدليل الهدنة التي منحتها لهم قوات التحالف للمتمردين لمدة خمسة أيام، نتج عنها استهداف المدنيين، وزيادة تحركاتهم في داخل اليمن، واستفزاز الحدود السعودية الجنوبية، وإطلاق عدد من الصواريخ عليها.
من جهته، أعرب الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أمس، عن أسفه الشديد لانتهاء مشاورات جنيف بشأن اليمن، دون التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المعنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، يتضمن هدنة دائمة لإيصال المساعدات الإغاثية للشعب اليمني، داعين القوى المناوئة للشرعية إلى مراعاة المصلحة العليا لليمن، بعيدا عن المصالح الفئوية الضيقة التي تتعارض مع مصالح الشعب اليمني، كما عبرت عنها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وعبر الدكتور الزياني تقديره للجهود الحثيثة التي تبذلها الأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216، معربا عن دعمه لجهود إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، وتقديره البالغ للمساعي التي يبذلها سفراء دول مجموعة 16 في اليمن من أجل إنجاح جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن.
وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون، وقوف دول المجلس ودعمها للحكومة الشرعية بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مشيدا بتعاونها الإيجابي مع الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لرفع المعاناة عن الشعب اليمني، مؤكدا سعي دول المجلس وحرصها على الوصول إلى حل سياسي وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.