مجموعة «بيجو ـ سيتروين» الفرنسية تستثمر 557 مليون يورو في مصنعين للسيارات والدراجات بالمغرب

الرئيس التنفيذي للمجموعة وقع اتفاقية الاستثمار مع وزير التجارة والصناعة المغربي بحضور الملك محمد السادس

الملك محمد السادس لدى استقباله رئيس مجموعة «بيجو- سيتروين» الفرنسية  في الرباط مساء أول من أمس (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله رئيس مجموعة «بيجو- سيتروين» الفرنسية في الرباط مساء أول من أمس (ماب)
TT

مجموعة «بيجو ـ سيتروين» الفرنسية تستثمر 557 مليون يورو في مصنعين للسيارات والدراجات بالمغرب

الملك محمد السادس لدى استقباله رئيس مجموعة «بيجو- سيتروين» الفرنسية  في الرباط مساء أول من أمس (ماب)
الملك محمد السادس لدى استقباله رئيس مجموعة «بيجو- سيتروين» الفرنسية في الرباط مساء أول من أمس (ماب)

أبرمت مجموعة «بيجو سيتروين» الفرنسية اتفاقية استثمار بقيمة 557 مليون يورو مساء أول من أمس، مع الحكومة المغربية، بهدف بناء مصنعين للسيارات والدراجات في المنطقة الأطلسية لصناعة السيارات قرب مدينة القنيطرة، شمال الرباط.
ويندرج المشروع، الذي سيجري تمويله بنسبة 95 في المائة من طرف «بيجو سيتروين» وبنسبة 5 في المائة من طرف صندوق الإيداع والتدبير المغربي، في سياق الخطة الجديدة للمجموعة الصناعية الفرنسية التي تهدف إلى رفع حجم صادراتها من السيارات في اتجاه الأسواق الأفريقية إلى مليون سيارة في أفق 2025، حسب كارلوس تفاريس، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيجو سيتروين، الذي وقع اتفاقية الاستثمار مساء أول من أمس مع حفيظ العلمي، وزير التجارة والصناعة المغربي، أمام العاهل المغربي الملك محمد السادس بقصر الضيافة بالرباط. وكان الملك محمد السادس قد استقبل رئيس المجموعة الفرنسية.
وأوضح تفاريس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العلمي، حضرته { الشرق الأوسط” أن هذا الاستثمار يندرج في سياق المخطط التنموي الجديد لمجموعة بيجو سيتروين الذي يهدف إلى إعادة انتشار القدرات الإنتاجية للمجموعة على الصعيد العالمي للاستفادة من تفاوت الأوضاع في مختلف المناطق والأسواق العالمية، بدل تركيزها في أوروبا.
وقال تفاريس {مجموعتنا خرجت للتو من مرحلة صعبة بسبب الأزمة في أوروبا. وبعد أن نجحنا في تنفيذ خطة تقويم الشركة خلال العام الماضي نحن الآن بصدد مخطط جديد للنمو والتوسع على أسس ومنطلقات جديدة أبرزها تنويع الأسواق ومواقع مراكز التصنيع لتقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات الأسواق والأزمات الإقليمية}. وأشار إلى أن المصنع الجديد للشركة في المغرب تنتظره آفاق واعدة بارتباط مع فرص النمو القوي في أفريقيا. وأوضح تفاريس أن السوق الأفريقية للسيارات مقبلة على مرحلة نمو قوي، متوقعا ارتفاعها من 5.5 مليون سيارة حاليا إلى 8 مليون سيارة في 2025، تستهدف منها شركة بيجو مليون سيارة بدل 200 ألف سيارة التي تبيعها حاليا في الأسواق الأفريقية.
وأشار تفاريس إلى أن أشغال بناء المركب الصناعي الجديد ستنطلق مع بداية العام المقبل، وسيصدر سياراته الأولى نحو أفريقيا في 2019. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمركب الصناعي الجديد عند اكتماله 200 ألف سيارة و200 ألف دراجة نارية سنويا.
من جهته، نوه وزير التجارة والصناعة المغربي، بقدوم بيجو إلى المغرب، والدور الذي ستلعبه في تعزيز القدرات الصناعية المغربية في قطاع السيارات. وأشار العلمي إلى أن مشروع بيجو سيجتذب المزيد من الاستثمارات في تصنيع أجهزة ومكونات السيارات في المغرب لترتفع نسبة الإدماج الصناعي للمكونات المحلية من 40 في المائة حاليا إلى 80 في المائة. وقال {حققنا تقدما كبيرا في السنوات الأخيرة منذ استثمار رونو في مصنعها الضخم في طنجة. غير أننا لاحظنا فتورا في نسبة الإدماج الصناعي في مستوى 40 في المائة. اليوم مع قدوم بيجو انتقلنا إلى مرحلة أعلى وأصبحت لدينا صناعة في حجم يمكن من اجتذاب استثمارات جديدة وبالتالي الرفع من نسبة الإدماج المحلي}.
وذكرالعلمي أن صناعة السيارات بالمغرب أصبحت القطاع الأول من حيث قيمة الصادرات، إذ بلغت صادراته 4 مليار دولار في 2014، نصفها سيارات كاملة التركيب، ونصفها مكونات وأجزاء مصنعة محليا، مضيفا أن صادرات القطاع ستبلغ قريبا 10 مليار دولار. كما أشار العلمي إلى كون قطاع صناعة السيارات أصبح من أقوى القطاعات نموا في المغرب، إذ عرف نموا بمعدل 26 في المائة خلال العام الماضي، مقابل نمو بنسبة 11 في المائة لقطاع الصناعات الإلكترونية، و8.6 في المائة لقطاع الصناعات الغذائية.



ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».