لقاح «محتمل» من غلاف بروتيني شبيه بفيروس كورونا

آثار استجابات مناعية في حيوانات التجارب

الغلاف البروتيني الشبيه بالفيروس كنقاط خضراء في الخلايا المحددة باللون الأحمر (الفريق البحثي)
الغلاف البروتيني الشبيه بالفيروس كنقاط خضراء في الخلايا المحددة باللون الأحمر (الفريق البحثي)
TT

لقاح «محتمل» من غلاف بروتيني شبيه بفيروس كورونا

الغلاف البروتيني الشبيه بالفيروس كنقاط خضراء في الخلايا المحددة باللون الأحمر (الفريق البحثي)
الغلاف البروتيني الشبيه بالفيروس كنقاط خضراء في الخلايا المحددة باللون الأحمر (الفريق البحثي)

خلال الموجة الأولى من وباء «كوفيد 19»، كان سوميترا داس وزملاؤه، من المعهد الهندي للعلوم، يراقبون تسلسل آلاف العينات كل يوم للتحقق من متغيرات الفيروس، كجزء من مبادرة مراقبة الجينوم التابعة لحكومة الهند (INSACOG).
وتضمن بروتوكول الفحص المتبع على نطاق واسع عزل الفيروس من العينات، وإنشاء نسخ متعددة من الفيروس، ودراسة قابليته للانتقال وكفاءته في دخول الخلايا الحية.
ويعد العمل مع مثل هذا الفيروس شديد العدوى أمراً خطيراً، ويتطلب مختبراً من المستوى الثالث للسلامة الحيوية «BSL 3»، لكن لا يوجد سوى عدد قليل من هذه المعامل مجهز للتعامل مع مثل هذه الفيروسات.
ولمعالجة هذه المشكلة، عمل داس وفريقه على تطوير واختبار غلاف بروتيني شبيه بالفيروس «VLP»، وهو جزيء نانوي غير معدٍ يشبه الفيروس ويتصرف مثله، لكنه لا يحتوي على مادته الجينية الأصلية، وذلك لاستخدامه من أجل دراسة آمنة لتأثير الطفرات التي قد تنشأ في الفيروس، دون الحاجة إلى مختبر من المستوى الثالث للسلامة الحيوية «BSL 3»، واكتشفوا لاحقاً أنه يمكن أيضاً تطويره ليصبح لقاحاً مرشحاً يؤدي إلى استجابة مناعية في أجسامنا، ويمكن أيضاً استخدامه لتقليل الوقت الذي يستغرقه فحص الأدوية المقاومة للفيروس، كما ذكر الباحثون في دراسة نشرت بالعدد الأخير من دورية «ميكروبيولوجي سبيكتريم».
واستوحى داس هذا الإنجاز من عملهم السابق على فيروس التهاب الكبد الوبائي؛ حيث درس مختبره هذا الفيروس لمدة 28 عاماً، وأظهروا أنه يمكن استخدام غلاف بروتيني شبيه به كلقاح مرشح لتحفيز الاستجابة المناعية.
وعندما ضرب وباء «كوفيد 19»، بدأ داس وفريقه العمل على غلاف بروتيني شبيه بـ«كورونا» المستجد، وكان عليهم في البداية تصنيعه باستخدام جميع البروتينات الهيكلية الأربعة الخاصة بالفيروس (سبايك) والغلاف والغشاء والنيوكليوكابسيد، التي شوهدت في الفيروس الفعلي، وكان التحدي الرئيسي هو التعبير عن جميع البروتينات الهيكلية الأربعة معاً.
ويتكاثر فيروس كورونا المستجد عن طريق إنتاج «كل بروتين هيكلي على حدة، ثم تجميعه في غلاف يحتوي على المادة الوراثية بداخله لتشكيل جسيم فيروس نشط، ولإعادة إنشاء ذلك، اختار الفريق فيروس «باكولوفيروس» وهو فيروس يؤثر على الحشرات، لكن ليس البشر، ليكون الناقل لتخليق غلاف بروتيني شبيه بـ«كورونا المستجد»، نظراً لأنه يمتلك القدرة على إنتاج وتجميع كل هذه البروتينات، والتكاثر بسرعة، وبعد ذلك، قام الباحثون بتحليل هذا الغلاف البروتيني تحت المجهر الإلكتروني النافذ، ووجدوا أنه كان مستقراً تماماً مثل «كورونا» الأصلي عند 4 درجات مئوية، ويمكن أن يلتصق بسطح الخلية المضيفة، وعند 37 درجة مئوية (درجة حرارة جسم الإنسان العادية) كان قادراً على دخول الخلية.
وعندما حقن الفريق جرعة عالية من الغلاف البروتيني الشبيه بالفيروس في فئران المختبر، لم يؤثر ذلك على أنسجة الكبد أو الرئة أو الكلى، ولاختبار استجابتها المناعية، أعطوا حقنة أولية وجرعتين معززتين لنماذج الفئران بفاصل 15 يوماً، وبعد ذلك وجدوا عدداً كبيراً من الأجسام المضادة المتولدة في مصل الدم لدى الفئران، ووجد الفريق أن هذه الأجسام المضادة كانت أيضاً قادرة على تحييد الفيروس الحي، وهذا يعني أنهم يحمون الحيوانات.
وتقدم الباحثون بطلب للحصول على براءة اختراع لهذا الغلاف البروتيني، ويأملون في تطويره إلى لقاح مرشح، ويخططون أيضاً لدرس تأثيره على نماذج حيوانية أخرى، وفي النهاية البشر.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».