بعد أسابيع قليلة من وصفها نفسَها بأنها «تقدم محتوى تاريخياً جاداً»، والتعبير عن طموحها نحو «إعادة كتابة التاريخ في حلقات مصورة»، أثارت المدونة المصرية ريهام عياد جدلاً واسعاً في مصر، عقب انتشار صورة على «السوشيال ميديا» لإحدى حلقات برنامجها «القصة وما فيها» الذي تقدمه على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تظهر صورة الأديب الكبير نجيب محفوظ، وقد كُتب تحتها اسم عميد الأدب العربي طه حسين، وهو ما أثار تساؤلات في دقة المحتوى التاريخي الذي يقدمه المدونون على الوسائط الاجتماعية.
بدأ الهجوم على المدونة ريهام عياد عقب نشرها صورة الأديب نجيب محفوظ وقد كُتب تحتها اسم طه حسين. ورأت عياد أن هذه الانتقادات والاتهامات «تصيد للأخطاء الوارد حدوثها في أي برنامج»، وردت عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك» قائلة: «لاحظت اليومين دول انتشار هذه الصورة على أنها خطأ فادح في برنامجنا أو تشكيك في معلوماتنا، والحقيقة أنه واضح جداً إن دا غلطة مونتير، وكمان تم التنويه في الحلقة عن هذا الخطأ غير المقصود، والوارد الحدوث في أكبر البرامج». وتابعت: «للأسف إحنا مضايقين ناس كتير جداً، لدرجة إنهم بيدوروا على أي خطأ عشان يحطوا اسمنا في جمله مفيدة، وكل دا لإننا بنطلع حقائق مدفونة هما مش عايزنها تطلع».
رد عياد الذي تسبب في زيادة حالة الجدل والانقسام بين آراء الجمهور عبر صفحتها الرسمية، والتعليقات الفردية، أثار مزيداً من الأسئلة في آليات تدقيق المحتوى التاريخي الذي يقدمه المدونون على وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى خطورة عدم الدقة أو الخبرة في تناول الوقائع التاريخية، وفقاً للدكتور شريف يونس، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة حلوان الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن منصات التواصل الاجتماعي مجال مفتوح لا يمكن التحكم فيه، والأمر يرتبط بالمتابعين وقدرتهم على تحديد المحتوى الذي يثقون في دقته أو يناسبهم».
ويتابع يونس الذي يقدم محتوى تاريخياً على «يوتيوب» بحكم تخصصه: «التاريخ قد يُفسَّر وتُطوَّع وقائعه وفق آيديولوجيات سياسية مختلفة. لذلك أي محتوى تاريخي غير دقيق سيثير التباساً لدى المتلقي، ويجب أن يبذل مقدم المحتوى جهداً في التدقيق والمراجعة».
وقبل نحو ثلاثة أسابيع، ظهرت ريهام عياد مع الإعلامية منى الشاذلي في برنامجها «معكم» على قناة «CBC»، تحدثت فيه عن حلمها قائلة: «أنا عندي حلم، أعيد كتابة التاريخ في حلقات مصورة تكون مصدراً لأجيال قادمة»، وتابعت: «أكتر حاجة بعتمد عليها في برنامجي إني أقرأ كتب كتير».
وعلى الرغم من الانتقادات اللاذعة الموجهة لبعض مقدمي المحتوى التاريخي على «السوشيال ميديا»، فإن بعض الحلقات التي قدمها الدكتور خالد فهمي، أستاذ الدراسات العربية الحديثة، في جامعة كامبريدج، نالت إشادات لافتة، ما يُظهر -وفق خبراء- أهمية المعالجات التي يقدمها متخصصون.
وتطرقت مواقع إخبارية محلية لما وصفته بـ«فلسفة أخطاء ريهام عياد»، ومن أبرز الأخطاء التي تناولها برنامجها «القصة وما فيها»، حلقة عن الفنان إسماعيل ياسين، حين ذكرت أنه عند موته وجدوا في جيبه رسالة إلى وزير الثقافة، وذكرت نص الرسالة الذي تبين أنه ورد في الحلقة الأخيرة من مسلسل «يا أبو ضحكة جنان» الذي يتناول حياة الراحل، كما ذكرت أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اعتقل الشيخ محمد متولي الشعراوي، وهي رواية لم تذكرها أي كتب تاريخية. كما قالت عياد في إحدى حلقات برنامجها، إن «جمال عبد الناصر منع فيلمَي (الكرنك)، و(إحنا بتوع الأتوبيس)»، في حين أن عبد الناصر مات عام 1970 قبل صدور الرواية والفيلم، إذ صدرت رواية الكرنك عام 1971، وتحولت إلى فيلم عام 1975، بينما أُنتج فيلم «إحنا بتوع الأتوبيس» عام 1979.
ومن جانبها، رأت الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميدة كلية الإعلام السابقة في جامعة القاهرة، أن «خطورة بث محتوى تاريخي غير دقيق على وسائل التواصل الاجتماعي أمر في غاية الخطورة»، موضحة لـ«الشرق الأوسط»: «إن وسائل الإعلام التقليدية صنعت من بعض نماذج (السوشيال ميديا) نجوماً من لا شيء، لذلك لا بد من وقفة ترتكز على توعية الجمهور، كي يتمكنوا من معرفة الجاد من غيره، لا سيما أننا لن نستطيع السيطرة على (السوشيال ميديا)».
المحتوى التاريخي على مواقع التواصل... بين «دقة التوثيق» و«التصيد»
مدونة مصرية تثير جدلاً بسبب إحدى حلقاتها على «فيسبوك»
المحتوى التاريخي على مواقع التواصل... بين «دقة التوثيق» و«التصيد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة