بعد إغلاقها خلال السنوات الماضية لاستكمال أعمال الترميم والتطوير، فتحت مواقع أثرية إسلامية وقبطية بالعاصمة المصرية القاهرة أبوابها مجدداً للزائرين، بعد ارتدائها حلة جديدة أنيقة، تواكب التطورات التي تشهدها منطقة القاهرة التاريخية التي تضم مئات المباني الأثرية والتراثية بين جوانبها.
وفي منطقة الخليفة بالعاصمة المصرية القاهرة، باتت زاوية حسن الرومي، الأثرية جاهزة لاستقبال الزوار المحليين والسائحين، عقب افتتاحها رسمياً أمس السبت، حيث تم توثيق الزاوية من الداخل والخارج قبل البدء في أعمال تنظيف وتكحيل الواجهة الرئيسية والواجهة الجنوبية الغربية وللزاوية من الداخل، كما تمت إزالة ورفع المخلفات والأتربة بالجهة الجنوبية، حيث تم الكشف عن الباب الجانبي الموجود بها أثناء الأعمال، بحسب الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الذي أضاف في بيان أمس، «أن أعمال الترميم ورفع الكفاءة للزاوية، شملت ترميم الشبابيك الموجودة بالضريح، وتنظيف الباب الخشبي بالمدخل الرئيسي، كما تمت إزالة الأملاح الموجودة على الأحجار الداخلية، فضلاً عن ترميم الشبابيك الجصية الموجودة، ومعالجة الشروخ التي كانت موجودة بالقباب واستكمال الأحجار المفقودة بالأرضية، كما تم عمل عزل كامل لسطح الزاوية حماية لها، وتبليط الممر الداخلي للزاوية ببلاطات رخامية.
افتتاح زاوية حسن الرومي بحي الخليفة بالقاهرة
زاوية حسن الرومي المسجلة في عداد الآثار الإسلامية منذ عام 1951 تقع في شارع سكة المحجر المتفرع من ميدان القلعة بالقرب من دار المحفوظات، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 929هـ-1522م، وشيدها خاير بك للشيخ حسن الرومي، وتتخذ شكل مستطيل حيث تبلغ مساحتها 10 أمتار × 9 أمتار، وتنقسم بواسطة عمودين بالوسط إلى ست مساحات؛ ويتنوع سقف الزاوية ما بين القباب الضحلة والمقبية، ويوجد بكل من الجانب الشرقي والغربي والجنوبي للزاوية صفان من النوافذ، ويتوسط المحراب جدار القبلة وهو محراب بسيط، وفي الركن الشمالي من الزاوية الضريح المدفون به حسن الرومي، وله نافذة تفتح بالواجهة الخارجية الرئيسية الشمالية الغربية، وبوسط هذه الواجهة باب الدخول الرئيسي للزاوية وكانت تتدلى من منتصفه سلسلة حديدية كان معلقاً بها عمود صغير يرمز للشيخ حسن الرومي، الذي كان يلقب بشيخ العمود لالتزامه بالجلوس بجوار عمود محدد برواق الأتراك في الجامع الأزهر الشريف قرابة أربع سنوات، كما عرفت الزاوية لذلك أيضاً بزاوية العمود.
ويتوقع الخبير السياحي المصري، محمد كارم، حدوث انتعاشة في السياحة الدينية خلال الفترة المقبلة مع توالي الافتتاحات الرسمية لعدد من المواقع الإسلامية والقبطية بالقاهرة والمحافظات.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «يوجد اتجاه لافت خلال الآونة الأخيرة نحو الاهتمام بالسياحة الدينية، من خلال تطوير وترميم أضرحة آل البيت وعدد من المزارات الإسلامية الأخرى، بجانب قرب الانتهاء من محطات مسار العائلة المقدسة بالمحافظات المصرية».
افتتاح شجرة مريم بعد التطوير
مشيراً إلى «تنوع السياحة في مصر لتشمل أنماطاً متعددة من بينها السياحة الشاطئية، والثقافية والدينية وحتى حفلات الزفاف».
وفي حي المطرية (شرق القاهرة)، افتتح وزيرا السياحة والآثار والتنمية المحلية، ومحافظ القاهرة، أمس، منطقة شجرة مريم (إحدى نقاط رحلة العائلة المقدسة)، بعد الانتهاء من مشروع ترميمها وتطوير المنطقة المحيطة بها، ضمن مشروع إحياء مسار رحلة العائلة المقدسة وتطوير ورفع كفاءة الخدمات السياحية المقدمة للزائرين من المصريين والسائحين.
وشملت أعمال التطوير توفير مظلات ومقاعد للزائرين بجانب وضع لوحات إرشادية وتعريفية، وإتاحة الموقع للسياحة الميسرة من ذوي الهمم، كما تم إعداد مطويات باللغتين العربية والإنجليزية بطريقة برايل.
ووصف أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، منطقة شجرة مريم بـ«المكان المهيب، الذي سوف يقدم للزائرين تجربة سياحية وروحانية متميزة».
وأشاد اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، باستكمال ترميم وتأهيل منطقة شجرة مريم، (أحد أركان مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة) لتكتمل الصورة الكلية للمشروع الذي شارك فيه مؤسسات ووزارات عدة، ليصبح خط المسار مهيأً لافتتاح عالمي».
وأشار آمنة إلى «الانتهاء من طلاء 37 منزلاً بالمنطقة المحيطة بمزار شجرة مريم، مشيداً بالجهود الذاتية من أهالي المنطقة والمجتمع المدني، حيث بلغت تكلفة عملية الطلاء نحو 5 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 19.4 جنيه مصري).
واعتبر وزيري أن افتتاح شجرة مريم والمنطقة المحيطة سيكون نقطة جذب للسياحة، متوقعاً أن «تشهد المنطقة رواجاً كبيراً وستستقبل شريحة كبيرة من محبي منتج السياحة الدينية»، موضحاً: «أن المجلس الأعلى للآثار يعمل على قدم وساق لسرعة الانتهاء من أعمال ترميم باقي المواقع الأثرية بالمحافظات الثمانية التي تحتوي على نقاط مسار رحلة العائلة المقدسة».
زاوية الرومي
وتعد منطقة شجرة السيدة العذراء مريم إحدى النقاط المهمة التي مرت بها العائلة المقدسة في مصر، والتي تم تسجيلها في عداد الآثار المصرية عام 1966. بحسب د. أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، والذي أشار إلى أن «الموقع الأثري يتضمن الشجرة والبئر والمغارة، وأن مشروع التطوير شمل أيضاً تطوير البطاقات التعريفية للأيقونات الموجودة بالساحة الخارجية للمنطقة الأثرية، بالإضافة إلى وضع لوحات تعريفية لمسار الزيارة بالشجرة من الداخل مع وضع خريطة عامة لمسار رحلة العائلة المقدسة ونقاطه وصور تعريفية لها بصفة عامة.
ولإثراء زيارة المنطقة، تم تطوير الممرات التي تصل بين موقع شجرة مريم والكنيسة الكاثوليكية المجاورة للموقع، بحسب عادل الجندي، مدير عام الإدارة العامة للاستراتيجية بوزارة السياحة والآثار، والمنسق الوطني لمشروع إحياء رحلة العائلة المقدسة، والذي يضيف أن فلسفة تطوير تلك النقاط تقوم على تطوير الموقع ومحيطه العمراني من حيث طرق الوصول والخدمات السياحية والهوية البصرية للموقع والمنطقة المحيطة ككل.
ويضم مسار رحلة العائلة المقدسة 25 نقطة تمتد لمسافة 3500 كم ذهاباً وعودة من سيناء (شمال شرقي مصر) حتى أسيوط (جنوب مصر) حيث يحوي كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقاً لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.