مظاهرات في بغداد والمحافظات احتجاجا على امتيازات كبار المسؤولين

منسقها: الحراك الشعبي سيستمر حتى إلغائها

مظاهرات في بغداد والمحافظات احتجاجا على امتيازات كبار المسؤولين
TT

مظاهرات في بغداد والمحافظات احتجاجا على امتيازات كبار المسؤولين

مظاهرات في بغداد والمحافظات احتجاجا على امتيازات كبار المسؤولين

بينما لا تزال حرب الاتهامات بالتسقيط السياسي قائمة بين النواب والكتل السياسية العراقية على خلفية إقرار البرلمان قانون التقاعد الموحد قبل نحو أسبوعين، تظاهر آلاف العراقيين في بغداد وعدد من المحافظات الأخرى، لا سيما الوسطى والجنوبية، أمس ضد المادتين 37 و38 من القانون اللتين تتعلقان بما يسمى «الخدمة الجهادية» وامتيازات الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب وذوي الدرجات الخاصة.
وكانت المرجعية الشيعية العليا في مدينة النجف أصدرت فتوى ألزمت فيها أتباعها بعدم انتخاب من لا يتعهد بإلغاء فقرة الامتيازات من قانون التقاعد. وبينما ترفض رئاسة البرلمان تسليم الكتل قرصا مدمجا بمن صوت بـ«نعم» أو بـ«لا» من أعضائها، لا سيما كتل التحالف الوطني الشيعي الملزمة شرعا بتوجيهات المرجعية الدينية، أعلن النابان حيدر الملا (كتلة متحدون للإصلاح)، وبهاء الأعرجي (كتلة الأحرار) التابعة للتيار الصدري عن تسريب عشرات الأسماء من أعضاء البرلمان الشيعة ممن صوتوا بنعم الأمر الذي أدى إلى احتجاجات شاملة من قبل النواب المعنيين.
من جهتهم، دعا قادة الحراك الشعبي المدني إلى مظاهرات جماهيرية أمس بهدف الضغط على البرلمان لإعادة التصويت على فقرتي الخدمة الجهادية والامتيازات. وفي بغداد طالب المتظاهرون بإلغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب، والرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة. وفي حين حصل المتظاهرون على الموافقات الأصولية من قبل وزارة الداخلية للتظاهر فإنه وطبقا لما أبلغت به «الشرق الأوسط» الناشطة المدنية وأحد قادة الحراك الشعبي، شروق العبايجي، فإن «المظاهرة حصلت على موافقة إلا إن الطرق والشوارع المؤدية إلى مكانها قطعت، الأمر الذي جعلها محصورة في نطاق ضيق ولم تتوسع مثلما كان مخططا لها». وأضافت الناشطة أن «الموافقة على المظاهرة مع وجود الكثير من الإجراءات الأمنية أمر مؤسف ويبدو أن الجهات الأمنية اضطرت لمنح الموافقة لهذه المظاهرة لسببين الأول هو أنها لا تريد أن يقال عنها إنها ضد من يرفض الامتيازات لأن هناك إرادة جماهيرية مدعومة بموقف قوي من المرجعيات الدينية ضدها. والسبب الثاني، هو أنها منحت موافقات لمظاهرات أخرى قبل مدة قصيرة». وأضافت الناشطة أن «المظاهرات في بغداد والمحافظات الأخرى وبهذه الكثافة التي رأيناها إنما هي رسالة بليغة تؤكد أن الشعب بكل قواه المدنية والاجتماعية والدينية يرفض الامتيازات التي منحها النواب لأنفسهم لأن ذلك أثار حفيظة الشارع العراقي بل إنه شكل استفزازا له». وتابعت «إننا مع إقرار قانون منصف وعادل للتقاعد، لكن ليس من العدالة والإنصاف أن تترتب كل هذه الامتيازات لا سيما أن النواب وحتى الحكومة لم يقدموا خلال السنوات الماضية ما يمكن أن يجعل الشعب ينظر إليهم على أنهم يستحقون ما شرعوه لأنفسهم من امتيازات غير مقبولة ولا معقولة».
من جهته، أكد جلال الشحماني، منسق المظاهرات، لـ«الشرق الأوسط» أن «الحراك الشعبي المدني وكل القوى والجهات الساندة له في كل العراق انتظروا خلال الفترة الماضية أن يراجع البرلمان نفسه ويتراجع عما قرره من امتيازات، لكن اتضح لنا أن هناك إصرارا على المضي في ذلك دون وجه حق». وأضاف «بدلا من أن يحصل الاعتذار ومعالجة المسألة في وقت سريع فإن ما نشاهده الآن هو أن النواب أنفسهم بدأوا يتبادلون الاتهامات فيما بينهم وكل ينفي أنه صوت لصالح تمرير القانون في حين أن القانون بكامل فقراته تم تمريره بالأغلبية المريحة وصوت عليه نحو 138 نائبا». وأشار الشحماني إلى أن «هذا الحراك سيستمر حتى إلغاء فقرة الامتيازات والخدمة الجهادية من القانون الذي نعترف بأنه أنصف شريحة الفقراء».
وامتدت المظاهرات إلى الكثير من المحافظات الوسطى والجنوبية، مثل بابل وكربلاء والديوانية وميسان وذي قار والبصرة. ورفع المتظاهرون شعارات مثل «أرواح شريرة صوتت على الفقرة من دون علم البرلمانيين»، في إشارة إلى النواب الذين ينكرون أنهم صوتوا على الفقرات موضوع الاختلاف. وسخر المتظاهرون قائلين إنهم «سيحرقون البخور لطرد تلك الأرواح الشريرة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.