قتلى وجرحى في عمليات لـ«مقاومة صنعاء» ضد الميليشيات الحوثية

تتوزع في مناطق محيطة بالعاصمة لصد اعتداءات المتمردين المسلحين

شيخ يمني يقرأ القرآن في المسجد الكبير بصنعاء أمس (رويترز)
شيخ يمني يقرأ القرآن في المسجد الكبير بصنعاء أمس (رويترز)
TT

قتلى وجرحى في عمليات لـ«مقاومة صنعاء» ضد الميليشيات الحوثية

شيخ يمني يقرأ القرآن في المسجد الكبير بصنعاء أمس (رويترز)
شيخ يمني يقرأ القرآن في المسجد الكبير بصنعاء أمس (رويترز)

لقي عدد من عناصر الميليشيا الحوثية، فجر أمس ومساء أول من أمس، مصرعهم، وجرح آخرون في سلسلة هجمات استهدفتهم في عدد من المناطق المجاورة للعاصمة صنعاء، وذكرت مصادر متطابقة أن مسلحين حوثيين سقطوا قتلى وجرحى في هجمات للمقاومة الشعبية في مديريتي بني مطر والحيمة الخارجية في غرب العاصمة صنعاء، ومديرية أرحب بشمال العاصمة، وهذه المديريات تتبع إداريا محافظة صنعاء، وجاءت هذه العمليات بعد أيام على عمليات مماثلة وقعت في مديرية همدان بمحافظة صنعاء في الشمال الغربي للعاصمة صنعاء، وقد تبنت المقاومة المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي وللشرعية الدستورية هذه العمليات التي تزايدت في الآونة الأخيرة.
ورغم سيطرة الحوثيين على معظم المحافظات اليمنية، فإنهم يواجهون مقاومة شرسة في مناطق يحاولون السيطرة عليها بقوة السلاح وإخضاعها لنفوذهم العسكري والسياسي والاقتصادي، وهو الأمر الذي يرفضه قطاع واسع من اليمنيين في طول البلاد وعرضها، فإلى جانب المقاومة الموجودة في تعز، وعدن، ولحج، والضالع، وأبين، والبيضاء، وشبوة، ومأرب، والجوف والحديدة وغيرها، هناك مؤشرات قوية على وجود مقاومة في المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء، وهي الموجودة في المناطق المشار إليها، ويعتقد المراقبون أن هذه المقاومة وجدت في تلك المساحات الجغرافية، رغم أن الحوثيين كانوا على يقين أنه لن يوجد من يقاومهم هناك، وذلك لسببين، الأول يتعلق باعتقادهم أن معظم سكان تلك المناطق من الموالين لهم وللرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والثاني لأنهم يعتقدون، أيضا، أنهم قد قضوا على كل معارضيهم في الحزام الزيدي المحيط بصنعاء، بدءا بمنطقة أرحب التي أخذت نصيب الأسد من الانتهاكات التي قامت بها ميليشيات الحوثي في شمال البلاد، وتأتي في المرتبة الثانية مديرية همدان، وقد مارس الحوثيون انتهاكات، في تلك المناطق، ضد خصومهم السياسيين، تنوعت بين عمليات الدهم والاعتقالات وتفجير المنازل والمؤسسات المدنية والدينية وتشويه صورة الزعماء القبليين وتشريد الكثيرين منهم خارج قراهم ومدنهم. وفي هذا السياق، لا يستبعد مراقبون، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أن تظهر، في القريب العاجل، مقاومة مماثلة في العاصمة صنعاء نفسها، رغم كل التعقيدات الأمنية المحيطة بموضوع كهذا، وفي ظل سيطرة الأجهزة الأمنية والمخابراتية الرسمية التي سيطر عليها الحوثيون، وغير الرسمية التي تمتلكها الميليشيات، إضافة إلى ما يشبه الخلايا الأمنية والمخابراتية التي تتبع مباشرة المخلوع صالح والتي تتكون من عاملين في أجهزة المخابرات الرسمية وآخرين من جهات واتجاهات مختلفة، ويعتقد المراقبون أن جماعة الحوثي تحاول «استدعاء المقاومة في صنعاء بطرق كثيرة، آخرها ما يتعلق بالتفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة ليلة الأربعاء الماضي، رغم السيطرة الأمنية الكاملة للميليشيات وأجهزة الأمن الموالية للحوثيين وصالح على كل المفاصل في المدينة»، لكن المراقبين يؤكدون أن «كل الأوراق سوف تختلط إذا ما حدث ذلك، وهو أمر ليس بالبعيد»، حسب المراقبين الذين يشيرون إلى «حالات غبن كثيرة تورط فيها الحوثيون ومست قطاعا واسعا من سكان العاصمة، وبالأخص من ينتمون لمحافظات أخرى وليسوا من السكان الأصليين لصنعاء».
وتمنع المقاومة الشعبية في الكثير من المحافظات والتي تشكلت من القوات العسكرية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والتكوينات القبلية والأهلية المجتمعية المؤيدة للشرعية والرافضة لسطوة المتمردين، جماعة الحوثي من السيطرة على عدن وتعز ومأرب والضالع وغيرها، وقد وحدت مساعي الحوثيين لابتلاع اليمن بكامله، الكثير من القوى المختلفة، وفي مقدمتها فصائل ومكونات «الحراك الجنوبي»، بعضها مع بعض، ومع مكونات سياسية أخرى تختلف عنها في التوجهات الفكرية والسياسية. وبحسب مصادر سياسية يمنية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، فإنه إذا فشلت مشاورات جنيف في التوصل إلى اتفاق لتطبيق أهم بنود القرار الأممي 2216 المتعلق بالانسحاب من المدن، فسوف تتواصل عمليات المقاومة للمجاميع الحوثية التي توصف بـ«الغازية»، وستتزايد بصورة أكثر ضراوة عما هي عليه في الوقت الحاضر، وخلال قرابة 3 أشهر من العمليات العسكرية في اليمن، تبينت القدرات الحقيقية للمقاومة المناوئة للحوثيين، وبالأخص في المدن التي عجزت الميليشيات المعززة بقوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة الموالية للمخلوع صالح، عن كسر شوكة المقاومة فيها، وباتت المواجهات والحرب هناك سجالا، حتى اللحظة، وتسجل الكثير من فصائل المقاومة في اليمن شكرها لقوات التحالف على دعمها بالأسلحة خلال الفترة الماضية، كما يقول أحد أفراد المقاومة في تعز، لكنه يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن المقاومة «ما زالت بحاجة لمزيد من الدعم، خاصة في ظل الحصار الذي تفرضه القوات المهاجمة على معظم مناطق الصمود والقتال».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.