منذ منتصف القرن العشرين والخوف يدفع الحكومات في غرب أفريقيا إلى اقتناء مزيد من الأسلحة. خوفٌ على المقاعد والمناصب، وخوفٌ من المتمردين والجيران، وحتى الخوف من الشعب. إلا أن السنوات الأخيرة ضاعفت الخوفَ مع صعود الإرهاب، فتضاعفت معه الرغبة لدى هذه الحكومات في اقتناء مزيد من السّلاح، لتصبح المنطقة واحدة من أهم الأسواق التي يتنافسُ عليها تجارُه، وكانت دولة مالي المهددة في وجودها والأكثر خوفاً على مستقبلها، في قلب عاصفة الصراع بين تجار السّلاح ومروجيه.
مالي التي احتل تنظيم «القاعدة» قبل عشر سنوات أجزاء واسعة من أراضيها، وعاشت منذ ذلك الوقت حرباً شرسة لاستعادة الاستقرار دون جدوى، يحكمها اليوم بقوة السّلاح، ضباط أغلبهم من مواليد مطلع ثمانينات القرن الماضي، يصفهم خصومهم بالمغرورين عديمي الخبرة والتجربة، بينما يرى فيهم أنصارهم الأبطالَ الذين امتلكوا شجاعة أخذ زمام المبادرة وطرد المستعمر الفرنسي السابق بعد أن عاد تحت ذريعة «الحرب على الإرهاب».
ولكن هؤلاء الضباط في حقيقة الأمر إنما ألغوا صفقات سلاح كانت ستوقع مع الفرنسيين، وتوجهوا نحو روسيا لعقد شراكة عسكرية وأمنية، مكنتهم خلال عامين فقط من امتلاك تجهيزات عسكرية وأسلحة لم يكن الجيش المالي يحلم بها، مع خدمات خاصة تقدمها مجموعة «فاغنر» الروسية، دون أن تُعرف تفاصيل الصفقة، ولا ما ستدفعه مالي الفقيرة مقابل هذا السّلاح، غير أن موسكو بكل تأكيد ربحتْ موطئ قدم لها في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، حيث أصبحت تتمركزُ الحرب العالمية ضد الإرهاب، وحيث سوق الأسلحة النشطة والواعدة.
في منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي، جلس الكولونيل آسيمي غويتا رئيس مالي الانتقالي، كان بالقرب منه وزير دفاعه القوي الكولونيل ساديو كامرا، ليتصدرا احتفالية ضخمة بتسليم مروحيات عسكرية وأسلحة متنوعة مقبلة من موسكو، كان السفير الروسي إيغور غروميكو حاضراً إلى جانبهما، مستمتعاً بشمس باماكو الحارقة، ومزهواً بحجم التقدير الذي يحظى به في مدينة شيّدها الفرنسيون مطلع القرن العشرين، حين كانوا أسياد البلد، اليوم يحتفي الماليون بسفير موسكو بعد أن طردوا سفير باريس، وغادر آخر جندي فرنسي بلادهم.
لا يهتم الماليون لدخول قادتهم الجدد في صراع جيو - استراتيجي أكبر من دولتهم الهشة والمهددة، وإنما يعقدون كثيراً من الأمل على السّلاح الروسي، من أجل قلب موازين القوة لصالح جيشهم في حربه ضد تنظيمي «القاعدة» و«داعش» اللذين يسيطران على مناطق من البلاد، ولكن هذا السّلاح من شأنه أن يغير المعادلة في شبه المنطقة، فقد أُشعل سباق تسلح صامت بين جيران مالي، وهم يخشون تكرار السيناريو الليبي، حين سقط سلاح القذافي قبل أكثر من عشر سنواتٍ، في أيدي جماعات إرهابية وإجرامية، أشعلت ليبيا وجيرانها في الساحل الأفريقي، حريق لا يزال مستمراً حتى اليوم، بل إن دائرة لهبه تتسع وتتسع.
> جيش مبادر
الضباط الشبان الذين يحكمون مالي، أعلنوا كثيراً من الوعود منذ البداية، ولكن وعدهم الأكبر كان إعادة بناء الجيش، حتى يكون جيشاً مبادراً وقادراً على الهجوم، بدل الاختباء وانتظار هجمات الإرهابيين ليقوم بعد ذلك بردّةِ فعلٍ باردة وبطيئة، كان شعارهم في ذلك «الصعود القوي»، وتحت ذلك الشعار أبرموا اتفاقياتهم مع روسيا، فلم يتأخر سلاح موسكو كثيراً.
السفير الروسي في باماكو أصبح أكثر حضوراً في الإعلام المحلي، وكثيراً ما يوجه إلى الماليين رسائل التطمين؛ تحدث مرة قائلاً إن «روسيا لن تدخر أي جهد في سبيل تعزيز تعاونها مع مالي، على الصعيد السياسي والأمني والعسكري، ولن يقف أي أحد في وجه صداقتنا وأخوتنا»، ثم أضاف: «روسيا ستقف دوماً إلى جانب مالي لمساعدتها، وأنا متأكد من أن مالي من جانبها سوف تساعدنا».
كان التحدي الأكبر أمام حكام مالي الجدد هو تحقيق نتائج على الأرض، لأن ذلك هو السبيل لإقناع شعبهم بأن استبدال الروس بالفرنسيين لم يكن خطأ ولا قراراً طائشاً، وهم الذين يدفعون ثمن قرارهم غالياً على شكل حصار اقتصادي وسياسي فرضته دول غرب أفريقيا المتحالفة مع فرنسا. وبالفعل تحققت سريعاً نتائج على الأرض، وبدأ الجيش المالي في شن هجمات فعالة ضد مقاتلي «القاعدة» و«داعش»، ولكن ذلك لا يعني تحقيق النصر، لأن الجماعات الإرهابية هي الأخرى غيرت استراتيجيتها، واقتربت أكثر من العاصمة باماكو، ذلك ما يؤكده سيديك آبَّا، وهو صحافي وكاتب من النيجر يقيم في فرنسا، مختص في ملفات الأمن والإرهاب في أفريقيا.
سيديك آبَّا الذي ألف كثيراً من الكتب حول التحديات الأمنية في منطقة غرب أفريقيا، من أشهرها كتابه «رحلة إلى عمق بوكو حرام»، قال في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن «التعاون الثنائي بين مالي وروسيا، سمح لسلطات مالي بالحصول على كثير من المعدات العسكرية، منها نصف دزينة من مروحيات سوكوي وميغ 35 وميغ 21، وطائرات شحن الجنود، إلى جانب كميات هائلة من الأسلحة الفردية، وبشكل خاص مدافع الكلاشنيكوف».
> الهجمات الإرهابية
وأكد الكاتب والصحافي النيجري أن السّلاح الروسي «مكن الجيش المالي من تحسين قدرته على التنقل، ليصبح أكثر حيوية وفاعلية، ما غير بعضَ الأمور في الميدان، إذ إنه قبل التعاون العسكري مع روسيا، كان الجيش في وضعية الدفاع عن النفس، تقبع وحداته في الثكنات مكتفية بصد الهجمات الإرهابية، ولكنها لا تبادر أبداً بالهجوم، ومنذ أن توجه الماليون نحو التعاون العسكري مع روسيا، وقطعوا خطوات ملموسة لتطوير هذا التعاون، خصوصاً فيما يتعلق بالقدرات الجوية والاستخباراتية، أصبح الجيش المالي يشن هجمات ضد قواعد الإرهابيين، وهذا بحد ذاته كان تغيراً كبيراً في موازين المواجهة على الميدان».
يضيف الصحافي الذي يتابع عن كثب التطورات على الأرض، أن جيش مالي حقق «بعض النتائج الإيجابية ميدانياً، على شكل انتصارات في وسط البلاد»، إلا أن الصحافي يبدي بعض التحفظ، مشيراً إلى أن «هذا التحسن في قدرات الجيش المالي لا يعني أن الوضع الأمني في منطقة الساحل قد تغير إلى الأحسن، لأنه حتى إن تحسنت الأمور في مالي، إن لم يشمل ذلك بقية الدول المجاورة، فالوضع سيبقى دوماً يسوده التعقيد».
التحسن الذي أدخله السلاح الروسي على قدرات جيش مالي، ووجود مقاتلي «فاغنر» إلى جانب الجنود الماليين، لا يزال غير كافٍ للقضاء على بؤر الإرهاب، وهنا يؤكد الصحافي سيديك آبَّا: «في الوقت الذي يحقق فيه الجيش المالي بعض الانتصارات والنتائج الإيجابية، لا يزال الوضع الأمني معقداً جداً في البلد، إذ إنه منذ أيام قليلة لاحظنا أن الجماعات الإرهابية حققت هي الأخرى توسعاً نحو مناطق جديدة، ونفذت هجمات قبل أيام معدودة في مناطق من مالي لم تكن أبداً داخل دائرة نفوذها، في محافظتي كوليكورو وخاي، جنوب البلاد»، ويضيف في السياق ذاته، أن «الملاحظة الثانية التي توقفنا عندها مؤخراً، هي أن المجموعات الإرهابية نفذت ست هجمات متزامنة في مدن مختلفة، وهو أمر لم يسبق أن حدث في مالي».
> سباق تسلح
النموذجُ الذي قدمته مالي، حين تخلت عن الشراكة التقليدية مع المستعمر الفرنسي السابق، واستبدلت به حضن الدب الروسي، يثير انتباه بقية دول الساحل وغرب أفريقيا التي تراقب التجربة المالية، وفي حالة ما إذا نجحت الأمور في مالي، فسيكون الوضعُ سيئاً بالنسبة للفرنسيين.
تلك هي الفكرة التي يدافعُ عنها مامادو سوادوغو، وهو خبير أمني من بوركينا فاسو، قال في حديث مع «الشرق الأوسط»، إنه لا يستبعدُ اتساع دائرة النفوذ الروسي في غرب أفريقيا، وأضاف: «بإمكان روسيا أن تخلق سوقاً كبرى لبيع سلاحها في المنطقة، إذ يمكننا اعتبار دولة مالي البوابة التي ستدخل منها هذه الأسلحة منطقة غرب أفريقيا، فهنالك عدة دول تراقب الوضع في مالي، وحين تتحقق نتائج ملموسة على الأرض ويقلب السلاح الروسي المعادلة، لا شك أنَّ هذه الدول ستحذو حذو باماكو».
إلا أن الخبير الأمني البوركينابي يستدركُ قائلاً إن «فرنسا تملك نفوذاً قوياً في غرب أفريقيا، حيث مستعمراتها السابقة، وإن كانت قد أخذت على حين غرّة في مالي، فإنها يقظة جداً الآن، وأي دولة تفكر في أن تسلك طريق مالي مستقبلاً ستواجه ضغوطاً قوية لن تكون قادرة على تحملها». ولكن الكاتب النيجري المختص في قضايا الأمن والإرهاب سيديك آبَّا، لديه رأي آخر، إذ يقول: «لست متأكداً من أن النموذج الذي اعتمدته سلطات مالي يثير اهتمام دول الساحل وغرب أفريقيا»، ويشرحُ سيديك آبَّا رأيه بالقول: «على سبيل المثال بوركينا فاسو قررت أن تسلك طريقاً مختلفاً، وهو الاعتماد على نفسها، فشكلت وحدات عسكرية خاصة بمحاربة الإرهاب، وأعادت تمركزها خارج العاصمة، تحديداً في المناطق الأكثر تضرراً من الهجمات».
ويضيف في السياق ذاته، أن «النيجر اختارت تعزيز شراكتها العسكرية والأمنية مع فرنسا، واستقبلت أكثر من ألف جندي فرنسي انسحبوا من مالي، كما توجهت النيجر إلى شراء الأسلحة التركية، فأبرمت صفقة لشراء مروحيات وطائرات من دون طيار تركية الصنع، نفس الطائرات بدأت بوركينا فاسو تخطط لشرائها».
ويؤكد سيديك آبَّا أن «لكل بلد مقاربته الخاصة، ولا أعتقد أن هنالك بلداناً في شبه المنطقة قد تقلد مالي في شراكتها مع موسكو، وأنا شبه متأكد من ذلك»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن «السلاح الروسي ليس بالغريب على منطقة الساحل، رغم أن الحديث عنه زاد مؤخراً، ولكننا نعلم أن النيجر اقتنت في السابق مروحيات ميغ من موسكو لمحاربة تمرد الطوارق، وهنالك كميات كبيرة من السلاح الروسي في منطقة الساحل، لعبت أدواراً كبيرة في حركات التمرد والحروب، ومن هنا يمكنني القول إن السلاح الروسي لن يكونَ جزءاً من الحل، ولا أي سلاحٍ آخر».
وعبر الكاتب النيجري عن قلقه حيال سباق «التسلح الصامت» الدائر في غرب أفريقيا، وهو سباق سببه الأول رغبة القوى الدولية في بيع أسلحتها، وقال في هذا السياق، إن «منطقة غرب أفريقيا أصبحت سوقاً كبيرة للسلاح، ولكن هذا السلاح لم يغير أي شيء وإنما زاد من تعقيد الأوضاع الأمنية، إذ يكفي أن نعلم أن نيجيريا من أجل مواجهة جماعة بوكو حرام، أنفقت 1.3 مليار دولار على السلاح الأميركي، خلال حكم دونالد ترمب وما مضى من حكم جو بايدن».
> تهريب السلاح
وفي ظل القلق المتنامي من سباق التسلح الصامت في غرب أفريقيا، يعتقدُ الباحث الموريتاني المختص في الشأن الأفريقي محفوظ ولد السالك، أن الوضع يجعلُ مالي مقبلة على «السيناريو الأسوأ»، معتمداً على التجارب السابقة للسّلاح الروسي في أفريقيا، ويوضح في حديثه مع «الشرق الأوسط»، أنه «قياساً على بعض البلدان الأفريقية الأخرى، التي دخلتها مجموعة فاغنر، وحظيت بالدعم العسكري الروسي، على غرار ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية وغيرها، فإن مالي مقبلة على سيناريو أكثر خطورة مما هو متوقع».
وأضاف في السياق ذاته، أن الدول التي سبق أن دخلها السلاح الروسي، ضمن سباق التسلح العالمي «تشهد نشاطاً كبيراً لمهربي السّلاح، وهذا ما فتح جبهات أمنية أخرى أشد خطورة، وأصبح السلاح نشاطاً تجارياً ومصدر تمويل مربحاً، تستفيد منه حتى الجماعات المسلحة نفسها، وهكذا تنتقل عدوى عدم الاستقرار إلى دول أخرى آمنة، وهذا السيناريو هو ما يُخشى تكراره في منطقة الساحل، بعد الوجود العسكري الروسي المتنامي في مالي».
ولم يستبعد الباحث الموريتاني أن تتحول دولة مالي في المستقبل القريب إلى «مصدر لتهريب السلاح»، وفي ذلك خطر كبير يثير قلق دول الجوار، وأضاف: «السّلاح الروسي المتفقد على مالي سيعمق الانتهاكات الإنسانية والحقوقية في البلد، ويذكي الصراع بين مكوناته الاجتماعية، وستكون (فاغنر) هي الرابحُ الأول حينها، فمن ناحية تستفيد من المتاجرة بالسلاح ونشاط التهريب في المنطقة، ومن ناحية أخرى تستفيد من استغلال موارد مالي الطبيعية، لأن ميزانية الدولة على المدى المتوسط لن تكون قادرة على توفير الـ10 ملايين دولار شهرياً، التي يتحدث الغرب عن أنها مبلغ الصفقة بين باماكو وفاغنر».
ويضيف ولد السالك أن «وسائل إعلام مالية قالت إن فاغنر تمتلك نسبة 78 في المائة من أسهم الشركة الوطنية المسؤولة عن تعدين الذهب وتكريره، كما قالت وسائل إعلام أميركية إن المجموعة الروسية ابتعثت جيولوجيين وخبراء للتنقيب إلى مالي، وكل ذلك يؤكد استغلال موارد مالي مقابل السّلاح، رغم أن فرنسا لم تكن بالطبع استثناء من ذلك، ولن يسلم منه أي حليف دولي آخر، الفرق فقط يكمن في الطرق والآليات»، على حد تعبيره.
> التدخل الدولي
أمام الوضع الأمني المتردي في منطقة الساحل، والمستقبل الغامض والمليء بالشك، لا تتقاعس حكومات دول غرب أفريقيا عن حضور معارض السلاح التي تقامُ عبر العالم سنوياً، وتعقد على هامشها صفقات واتفاقيات تُنفقُ فيها مليارات الدولار، في سباق محموم بدأ يظهر على شكل توتر في العلاقات بين دول المنطقة.
وقال الخبير الأمني البوركينابي مامادو سوادوغو في حديثه مع «الشرق الأوسط»، إن صراع القوى الدولية على سوق السلاح في غرب أفريقيا «أصبح يؤثر على العلاقات بين الدول، وشاهدنا كيف تدهورت العلاقات بين النيجر ومالي، حين قررت الأخيرة التوجه نحو موسكو بدل باريس، وقررت الأولى تعزيز شراكتها مع باريس، وهنا تحضر الأجندات الخارجية لتعقد الوضع على الأرض، لأن التنسيق الأمني بين مالي والنيجر توقف بشكل شبه تام، والمستفيد الأول هو الجماعات الإرهابية، الشيء نفسه حدث بين مالي وبوركينا فاسو، فالعلاقات ليست في أفضل حال، وشاهدنا أيضاً الأزمة التي وقعت بين مالي وكوت ديفوار». وأضاف الخبير الأمني والعسكري أن «الصراع الدولي ألقى بظلاله على شبه المنطقة، فالعلاقات بين دول غرب أفريقيا تعيش واحدة من أصعب فتراتها، وذلك من تداعيات الصراع بين المعسكر الغربي من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى».
أما الكاتب والصحافي النيجري سيديك آبَّا، فيعتقد أن على دول الساحل التوجه نحو «السلاح الأفريقي» كبديل للسلاح الغربي والروسي، مشيراً إلى أن هنالك عدة دول أفريقية تطورت فيها الصناعة العسكرية، على غرار مصر وجنوب أفريقيا، ولكن الكاتب النيجري يقدم فكرته ضمن ما يسميه مشروع «التضامن الأفريقي»، من خلال إيجاد حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية. وأوضح الكاتب النيجري أن «التضامن الأفريقي هو الضامن الوحيد لمنع التدخلات الخارجية، التي من شأنها أن تجعل الدول الأفريقية في مواجهة، بعضها مع بعض، فعلى سبيل المثال فرنسا قد تعمل على الإيقاع بين مالي والنيجر، أو الإيقاع بين مالي وكوت ديفوار، وتركيا قد تقوم بالشيء نفسه، والصين أيضاً وروسيا، إنها لعبة المصالح التي تتحكم في كل شيء».
من جانبه، يعتقدُ الباحث الموريتاني المختص في الشأن الأفريقي محفوظ ولد السالك، أن «إيجاد مقاربة أفريقية محلية بعيدة عن الارتهان للأطراف الدولية، تعوقه الوسائل والقدرات، لأن أفريقيا غير قادرة على إنتاج سلاحها ومتطلباتها التنموية، وبالتالي ستظل دائماً بحاجة لسند دولي في معارك الأمن والتنمية والاستقرار».
ويخلص ولد السالك إلى أن «التدخل الأجنبي في أفريقيا يوفر حماية سياسية لكثير من الأنظمة السياسية، التي تريد البقاء في السلطة مهما كلفها ذلك، والثمنُ غالباً ما يكون مدفوعاً من الثروات القابعة في باطن الأرض، من ذهب ونفط وغاز».