الأمين العام لـ«الحركة الشعبية» المغربي يلمح بإمكانية الانسحاب من الحكومة إذا لم يشرك حزبه في القرارات الكبرى

العنصر أقر بغياب الانسجام التام بين قادة الغالبية

الأمين العام لـ«الحركة الشعبية» المغربي يلمح بإمكانية الانسحاب من الحكومة إذا لم يشرك حزبه في القرارات الكبرى
TT

الأمين العام لـ«الحركة الشعبية» المغربي يلمح بإمكانية الانسحاب من الحكومة إذا لم يشرك حزبه في القرارات الكبرى

الأمين العام لـ«الحركة الشعبية» المغربي يلمح بإمكانية الانسحاب من الحكومة إذا لم يشرك حزبه في القرارات الكبرى

لمح محند العنصر، الأمين العام لحزب «الحركة الشعبية»، ووزير التعمير وإعداد التراب الوطني، من جديد، بإمكانية انسحاب حزبه من حكومة عبد الإله ابن كيران في حال شعر بأنه لا يجري إشراك حزبه في اتخاذ القرارات الكبرى، بيد أنه أكد في المقابل أن لا نية لديه للانسحاب في الوقت الراهن.
وفي غضون ذلك، نفى وزراء الحزب مختلف التهم التي راجت ضدهم في الصحف في الآونة الأخيرة.
وكانت تصريحات العنصر التي هدد فيها بالخروج من الحكومة، خلال انعقاد المجلس الوطني لحزبه قبل أسبوع، قد أثارت علامات استفهام كبيرة حول مدى تماسك تحالف أحزاب الغالبية الأربعة المكونة للتحالف الحكومي في نسخته الثانية بعد انسحاب حزب الاستقلال وانضمام حزب «التجمع الوطني للأحرار» إليه. إلا أنه جرى تبديد هذه الشكوك في اجتماع قادة الغالبية الثلاثاء الماضي.
وعاد العنصر ليؤكد في لقاء صحافي عقد بمقر حزبه في الرباط مساء أول من أمس، حضره عدد من وزراء الحزب وقيادييه، أن حزبه شارك في حكومة ابن كيران في نسختها الأولى والثانية عن قناعة ووفاء لالتزامات الغالبية، بيد أن هذا الوفاء ليس من دون حدود، وأضاف: «إذا ما شعرنا بأننا لا نعامل كشريك، ولا يجري إشراكنا في القضايا الكبرى، لا سيما تلك التي تمس الطبقة الشعبية، قد يكون لنا رد فعل قد يذهب إلى حد الانسحاب من الحكومة».
وقلل العنصر من أهمية تداعيات انسحاب حزبه من الحكومة في حال حدث ذلك، وقال إنه قد يجري تعويض حزبه بحزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» المعارض، وتبدأ مفاوضات تشكيل غالبية جديدة أو تنظم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وهو أمر طبيعي، في رأيه، يحدث في مختلف الدول.
وردا على سؤال حول ما إذا كان تهديده بالانسحاب من الحكومة له أهداف انتخابية، قال العنصر إن تاريخ الانتخابات لم يعرف بعد، وقد تجرى بعد الأشهر الستة الأولى من 2015، فهي ما زالت بعيدة، ولا يعتقد أن الناخب سيتذكر كلاما قاله بعد مرور كل هذه المدة.
ونفى العنصر وجود خلافات داخل الغالبية، بل مجرد تباين في وجهات النظر حول التعامل مع الملفات الكبرى، وتصنيف الأولويات، وهو أمر طبيعي. وأضاف أنه من الصعب حدوث انسجام تام بين أربعة أحزاب مكونة للتحالف الحكومي، وقال في هذا الصدد إن حزبه يرى أن الأمازيغية أولوية، بينما يرى حليف آخر، لم يسمه، عكس ذلك، مشيرا إلى أن الجميع متفق من حيث المبدأ على ضرورة القيام بإصلاحات الكبرى، من بينها إصلاح أنظمة التقاعد، الذي سيجري على مراحل.
وقال العنصر إن الحكومة الحالية اتخذت قرارات شجاعة لم تفكر فيها الحكومات السابقة، على الرغم مما قد يظهر على أن لها تأثيرا سلبيا على المواطن من قبيل إلغاء الدعم عن أصناف من المحروقات، في إطار إصلاح صندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية)، مشيرا إلى أن هذا الإصلاح ضروري لتخفيف العبء على موازنة الدولة.
وردا على ما يروج بشأن اعتزام حزبه عقد تحالف مع حزبي «الاتحاد الدستوري» المعارض و«التجمع الوطني للأحرار» المشارك في الحكومة، في أفق التحضير للانتخابات المقبلة، قال العنصر: «نحن الآن في الحكومة وملتزمين بالتحالف الحكومي، وليس من الأخلاق الحديث الآن عن تحالف آخر».
من جهة أخرى، ترك العنصر الباب مواربا بشأن ترشحه لمنصب الأمين العام للحزب خلال المؤتمر الوطني المقرر إجراؤه الصيف المقبل، وقال إنه لن يعلن عن الترشيحات إلا خلال شهر مايو (أيار) المقبل، وسيعرف حينها من له الرغبة في تولي المنصب بمن فيهم هو نفسه.
يذكر أن اللقاء الصحافي الذي عقده العنصر وحضره وزراء الحزب وعدد من قيادييه كان مخصصا في الأصل لإجراء صلح بين الحزب وصحيفة «الخبر» المغربية، التي نشرت في وقت سابق خبرا زعمت فيه أن محمد مبديع، الوزير المنتدب المكلف الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة المنتمي إلى الحزب، قدم مبلغا ماليا كرشوة للنائبة حليمة العسالي القيادية في الحزب، من أجل التوسط له لدى ابن كيران للحصول على منصبه الوزاري الحالي. إذ قرر الحزب مقاضاة الصحيفة والصحافي كاتب الخبر، بيد أن وساطة قام بها عدد من الصحافيين نجحت في إقناع كل من مبديع والعسالي بالتنازل عن الدعوى بعد اعتذار الصحافي. إذ أكدا أن حجم الإساءة التي طالتهما كان كبيرا جدا جراء نشر الخبر.
واستغل اللقاء وزراء آخرون أيضا للرد على كل ما كتب عنهم في الصحف، من ضمنهم محمد أوزين وزير الشباب والرياضة، وعبد العظيم الكروج الوزير المكلف التكوين المهني، الذي استغل الفرصة لـ«رفع اللبس» من جديد عن «قضية الشوكولاته» الذي اتهمته صحيفة باقتنائها من المال العام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.