معرض «مصري- إسباني» يحتفي برائد علم المصريات «إدوارد تودا»

صور توثق رحلات التفتيش على المواقع الأثرية خلال القرن التاسع عشر

أفراد رحلة التفتيش إلى صعيد مصر في معبد الأقصر عام 1886
أفراد رحلة التفتيش إلى صعيد مصر في معبد الأقصر عام 1886
TT

معرض «مصري- إسباني» يحتفي برائد علم المصريات «إدوارد تودا»

أفراد رحلة التفتيش إلى صعيد مصر في معبد الأقصر عام 1886
أفراد رحلة التفتيش إلى صعيد مصر في معبد الأقصر عام 1886

يعتبر الإسباني إدوارد تودا إي غويل (1852 - 1941م)، الذي شغل منصب نائب القنصل الإسباني في القاهرة خلال الفترة ما بين عامي 1884 و1886م، واحد من أهم رواد علم المصريات، بفضل أنشطته التي قام بها أثناء إقامته في مصر، والتي لم تقتصر على مهام منصبه الرسمي، بل تخطتها مع إبحاره وسط مفردات الحياة المصرية، مدفوعا إليها بمجدافي حبه الكبير للتصوير الفوتوغرافي، وتمتعه بشخصية منفتحة وفضول تجاه الجوانب الثقافية، ما جعله مهتما بجميع فترات الحضارة المصرية.

أقام إدوارد تودا علاقات ودية مع علماء المصريات بوزارة الأشغال العامة، التي كانت مصلحة الآثار المصرية تتبع لها آنذاك، حيث رافقهم في أسفارهم، وكان أبرزها مرافقته لرحلات تفتيش صعيد مصر في عام 1886م، التي وثق خلالها بعدسته لأهم الاكتشافات الأثرية على أيدي البعثات الأثرية، وهي الوثائق التي أضافت كثيرا إلى تاريخ علم الآثار المصرية.
واحتفاء بهذه الإسهامات؛ دشن المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط وسفارة إسبانيا بالقاهرة معرضاً للصور الأرشيفية بعنوان «رحلات التفتيش على المواقع الأثرية في صعيد مصر وأرشيف إدوارد تودا»، الذي يعرض جانبا من أعماله، خلال هذه الرحلة، التي رافق فيها عالما الآثار جاستون ماسبيرو وتشارلز إي ويلبور، وشهدت اكتشاف مقبرة «سن - نيجم»، ما جعل أعماله بمثابة توثيق لعمل مصلحة الآثار المصرية خلال القرن التاسع عشر.
عن المعرض؛ يقول الدكتور ميسرة عبد الله، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية للشؤون الأثرية، لـ«الشرق الأوسط»: «أتاح المنصب الدبلوماسي لـ(إدوارد تودا) وصداقته بعلماء المصريات المقيمين في مصر بأن يشارك في رحلة التفتيش عام 1886م كمرافق لموظفي مصلحة الآثار وآثاريين متعددي الجنسيات، حيث كانت هذه الرحلات تنطلق من القاهرة عبر نهر النيل بهدف التأكد من حالة الحفظ الجيدة للآثار الفرعونية ومن ثم تنظيم الأعمال اللازمة للصيانة، ومتابعة أعمال التنقيب على الآثار، ومع وصول الرحلة مدينة الكاب الأثرية في إدفو (شمال أسوان) قام بتصوير مقابر المدينة من الداخل، والذي يعد أول تصوير لها، ومن أسوان رافق أعضاء الرحلة إلى كوم أمبو والأقصر حيث صور معابدها خاصةً الكرنك والأقصر».

يستطرد: «مع وصول الرحلة إلى دير المدينة، في شمال وادي الملوك في محافظة الأقصر، كان العثور على باب مقبرة (سن - نيجم)، التي وجدت سليمة ومحتوياتها لم يسرقها اللصوص، ولحسن حظ إدوارد تودا أنه حضر عملية فتح المقبرة، وقام بتصوير أول لقطات لاكتشاف المقبرة».

ويلفت د.ميسرة إلى أن المعرض يعرض جانبا من الصور الفوتوغرافية التي التقطها «تودا»، وهي من مقتنيات مكتبة متحف فيكتور بالاجيه، في بلدية بيلانوبا إلا غيلترو في برشلونة، كما يعرض به مجموعة من مستنسخات رسومات ذات الطباعة المستوية القديمة (الليثوجراف)، وهي رسومات مكبرة لصور صغيرة الحجم، وهي مقاس معتاد للصور التي أنتجها «تودا» في ذلك.
لا تقتصر مسيرة «تودا» على رحلة التفتيش بصعيد مصر، حيث توغل في مظاهر الحياة المصرية، حيث كان محبا للآثار الإسلامية، بل إنه تقدم بطلب للحصول على إذن خاص لدخول مساجد القاهرة، كما عشق منازل القاهرة وطبيعتها، وزار مقابر الجيزة وسقارة وصور الأهرامات والنيل والمراكب، ومواقع أثرية مختلفة في الدلتا، وأتاح له منصبه الدبلوماسي الفرصة لحضور مختلف المناسبات الرسمية في بلاط الخديوي توفيق، وكذلك مشاهدة الاحتفالات الشعبية المختلفة، وأبرزها خروج قافلة المحمل إلى مكة حاملة كسوة الكعبة المطرزة، والإفطار الجماعي خلال شهر رمضان.
ويوضح نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية للشؤون الأثرية أن أعمال المعرض تشمل الكثير من الصور والرسومات التي تعكس هذا الشغف، لافتا إلى أن اختيار أعمال المعرض جاءت للصور الأكثر وضوحا لأن غالبية الأعمال قديمة للغاية.
ويبين أن الصور الفوتوغرافية التي التقطها «تودا»، إلى جانب منشوراته التي كتبها لمختلف الصحف الإسبانية، والكتب التي أصدرها، تعد من أقدم الوثائق التي ترصد عمل مصلحة الآثار المصرية خلال القرن التاسع عشر، كما أن وثائقه بشكل عام أضافت كثيراً إلى تاريخ علم الآثار المصرية.
يذكر أن المعرض، الذي يستمر حتى يوم 30 سبتمبر (أيلول) الجاري، افتتح بكلمة من سفير إسبانيا في مصر، ألبارو إيرانثو، أوضح فيها أن «إدوارد تودا» طور اهتماما فريدا بالثقافة المصرية القديمة والحديثة، وكتب العديد من الكتب والمقالات الصحافية التي تمت قراءتها بشغف في إسبانيا، وساعدت منشوراته في تأسيس علم المصريات في كاتالونيا.

فيما أكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أن إقامة هذا المعرض يعد أحد أوجه التعاون القائمة بين المتحف ودولة إسبانيا، مشيرا إلى ضرورة استثمار هذا التعاون الثقافي والمعرفي بين الجانبين وتبادل الخبرات في كافة المجالات بما يليق بتاريخ وتراث البلدين.
كما تم تنظيم ندوة علمية على هامش المعرض تم تنظيم بين مجموعة من علماء الآثار المصريين والإسبان حول تاريخ أعمال البعثات الأثرية الإسبانية في صعيد مصر وأهم الاكتشافات التي تمت بها.



أديل... هل هي النهاية حقاً أم أنها استراحة موسيقية وبداية هوليووديّة؟

المغنية البريطانية أديل خلال عرضها الموسيقي في لاس فيغاس والذي استمر سنتين (إنستغرام)
المغنية البريطانية أديل خلال عرضها الموسيقي في لاس فيغاس والذي استمر سنتين (إنستغرام)
TT

أديل... هل هي النهاية حقاً أم أنها استراحة موسيقية وبداية هوليووديّة؟

المغنية البريطانية أديل خلال عرضها الموسيقي في لاس فيغاس والذي استمر سنتين (إنستغرام)
المغنية البريطانية أديل خلال عرضها الموسيقي في لاس فيغاس والذي استمر سنتين (إنستغرام)

في وداع لاس فيغاس قبل أيام، بكت أديل أمام جمهورها الذي اعتاد أن يضرب معها موعداً أسبوعياً منذ سنتَين. ليست الدموع غريبةً على عروض الفنانة البريطانية، فهي معروفة بالعفويّة وفائض المشاعر، إلا أنّ لدموع فيغاس نكهة أخرى.

«ويكند مع أديل» هو العرض الغنائي المبهر الذي استثمرت فيه المغنية صاحبة الصوت الاستثنائي السنتَين الأخيرتَين من حياتها، والذي انتقلت من أجله إلى الولايات المتحدة. في الحفل رقم 100 والأخير، وبعد أن قدّمت جزءاً من قائمة الأغاني الـ20 الخاصة بهذا العرض، تحدّثت أديل إلى الـ4100 شخص الحاضرين وهي تبكي: «سأشتاق إلى هذا المكان وإليكم كثيراً. لا أعرف متى سأعود إلى الحفلات، لكنني طبعاً راجعة. فالأمر الوحيد الذي أجيدُه هو الغناء. غير أنني لا أعلم متى أريد أن أصعد إلى المسرح من جديد».

من الواضح أنّ عرض لاس فيغاس استنزفها كثيراً، وهي كانت قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام أنها ستأخذ إجازة طويلة من الموسيقى بعد محطتها الأميركية. تحدّثت أديل (36 عاماً) إلى الإعلام الصيف الفائت قائلةً: «أشعر بأنّ خزّاني فارغٌ تماماً حالياً، ولا مخططات موسيقية لديّ على الإطلاق. أشتاق إلى حياة ما قبل الشهرة». وما كاد يمرّ شهر على هذا الإعلان، حتى عادت وتوجّهت إلى محبّيها بالقول: «لن أراكم قبل وقتٍ طويل جداً. أريد أن أستريح فحسب. أريد أن أعيش الحياة التي أمضيت السنوات الـ7 الأخيرة وأنا أبنيها».

من نوفمبر 2022 حتى نوفمبر 2024 غنّت أديل كل جمعة وسبت أمام 8000 شخص (إنستغرام)

لا موعدَ محدداً لعودة أديل إلى ملعبها المفضّل أي الموسيقى. إلا أنّ المؤكّد هو أن الستارة التي أُسدلت عليها لن يُعاد فتحُها قريباً. وفق ما أعلنت، ستنتقل الفنانة إلى حياةٍ أقلّ صخباً تمضي فيها مزيداً من الوقت مع ابنها أنجيلو (12 عاماً) وشريكها ريتش بول. ربما تُحقّق أحد أحلامها كذلك بأن تُنجب طفلاً ثانياً، وهي كانت قد أخبرت جمهورها من على خشبة المسرح بأنها ترغب بفتاةٍ هذه المرة. قد تتّجه كذلك إلى تنفيذ مشروعٍ مؤجّل وهو دراسة الأدب الإنجليزي.

إلا أن مصادر مقرّبة من أديل تحدّثت إلى صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، كاشفةً أنها خضعت خلال السنة المنصرمة لدروسٍ مكثّفة في التمثيل على يد أحد أشهر المدرّبين في هوليوود، كما أنها تبحث عن فرصٍ للانخراط في العمل السينمائي.

تحدّثت مصادر مقرّبة من الفنانة عن احتمال خوضها تجربة سينمائية في هوليوود (إنستغرام)

ليس من المستبعد إذن أن تفتح استوديوهات هوليوود أبوابها للمغنية البريطانية، كما فُتح باب أحد أبرز مسارح لوس أنجليس أمامها. من الواضح أنها شخصية محبّبة لدى الأميركيين، وقد شهدت على ذلك المقاعد الممتلئة في مسرح «كولوسيوم – سيزرس بالاس» في كل ليلتي الجمعة والسبت منذ نوفمبر 2022. ولم يقتصر الحضور على معجبي أديل من عامة الناس، بل انسحب على عدد كبير من المشاهير.

في طليعة مَن قصدوها، الفنانة سيلين ديون التي بُني هذا المسرح الأسطوري خصيصاً من أجل عرضها التاريخي الذي انطلق عام 2003. وقد جمعت بين الفنانتَين لحظات مؤثّرة لم تخلُ من الدموع أمام جمهور الحفل، مع العلم بأنّ ديون هي من أكثر المغنيات اللواتي تأثّرت بهنّ أديل.

على لائحة الشخصيات المعروفة التي قصدت العرض كذلك، المغنية ليدي غاغا والتي أثارت رهبة أديل وفق تعبير الأخيرة. ومن بين مَن حضروا الحفلات كلٌّ من جنيفر لوبيز، ونيكول كيدمان، وهيلاري كلينتون، وسامويل ل. جاكسون، وميريل ستريب، وكيم كارداشيان.

الممثلة الأميركية ميريل ستريب خلال حضورها إحدى حفلات أديل في لاس فيغاس (إكس)

لم يُثنِ هذا الالتفاف الجماهيريّ أديل عن قرارها الابتعاد عن الأضواء، مستعيدةً بذلك بعض فصول مسيرتها الفنية. فهي لطالما أخذت فواصل طويلة بين إصدارٍ موسيقيّ وآخر. ولعلّ الفاصل الزمني ما بين ألبومَيها الثالث والرابع كان الأطوَل، إذ امتدّ 6 سنوات برّرتها بأنها كانت منشغلة بالاعتناء بطفلها، كما أنها عانت في تلك الفترة من اكتئاب ما بعد الولادة.

بدأت رحلة أديل المضنية مع الاضطرابات النفسية منذ الصغر، فهي لم تختبر طفولةً عاديّة، إذ غادر والدها البيت إلى غير رجعة عندما كانت في الثانية من العمر، فتولّت والدتها تربيتها. ومع دخولها عالم الشهرة في الـ18 من عمرها، تعرّضت لحملات تنمّر على وزنها الزائد. حتى بعد أن خسرت 45 كيلوغراماً في غضون سنتَين، بقيَ شكلُها الخارجيّ الشغل الشاغل للرأي العام والإعلام.

في بداية مسيرتها تعرّضت أديل للتنمّر بسبب وزنها الزائد (رويترز)

أثّر ذلك بشكلٍ كبير على استقرارها النفسي، وفي حديثٍ مع مجلّة «فوغ» قالت مرةً إنّها شعرت وكأنّ جسدها تحوّل إلى غرضٍ تحدّث عنه الناس على مرّ 12 عاماً من مسيرتها الغنائية.

إلّا أنّ أبرز محطات أديل مع الاضطرابات النفسية كان ما بين 2018 و2021، وذلك على خلفيّة طلاقها من زوجها الأوّل سايمون كونيكي. تحدّثت في تلك الآونة عن عيشها في بيتٍ خالٍ من الفرح الحقيقي، كما فاتحت جمهورها بخضوعها لـ5 جلسات علاج نفسي في اليوم الواحد. أما أكثر ما آلمها وأحرجَها حينها، فكان تحوُّل طلاقها إلى عنوانٍ أوّل في الصحافة.

أديل مع شريكها الحالي ريتش بول وهي كانت قد انفصلت عن زوجها الأول عام 2019 (إنستغرام)

من على مسرح فيغاس، فتحت أديل قلبها من جديد لجمهورها بخصوص صحتها النفسية. «لقد عدتُ إلى العلاج النفسي كي أتمكّن من تقديم أفضل ما لديّ لكم. أحب أن أصنع الموسيقى، لكن ثمة ما يرعبني في الأداء المباشر أمام الناس». أضافت صاحبة جوائز الـ«غرامي» الـ16 وإحدى أكثر الفنانات مبيعاً حول العالم، أنها لطالما وضعت نفسها تحت ضغط أنّ كل ما تُقدّم يجب أن يكون مثالياً.

ذلك الصدق حول صحتها النفسية، والذي ترافق مع الكثير من العفويّة وخفّة الدم، وسّعَ قاعدة أديل الجماهيريّة. تماهى كثيرون معها لناحية الهشاشة النفسية، كما أنّ عدداً كبيراً من محبّيها تجرّأوا على خوض تجربة العلاج النفسي، بعد أن سمعوا إحدى أسطَع نجمات الأغنية تتحدّث عن معاناتها مع الاكتئاب بتلك الصراحة والبساطة.