انتقال «سلس» للسلطة... هل باتت كينيا نموذجاً للديمقراطية في أفريقيا؟

تنصيب ويليام روتو رئيساً خامساً للبلاد

الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (أ.ب)
الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (أ.ب)
TT

انتقال «سلس» للسلطة... هل باتت كينيا نموذجاً للديمقراطية في أفريقيا؟

الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (أ.ب)
الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (أ.ب)

فيما وصفت بأنها عملية انتقال «سلسة» للسلطة، أدى ويليام روتو المنتخب حديثاً رئيساً لكينيا، اليمين الدستورية، أمس (الثلاثاء)، في أجواء احتفالية باستاد «كاساراني» الأكبر في العاصمة نيروبي، بحضور نحو 20 زعيماً ومسؤولاً أفريقياً.
وفاز روتو (55 عاماً)، بفارق ضئيل في الانتخابات التي أجريت في التاسع من أغسطس (آب) الماضي، أمام زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق رايلا أودينغا، المدعوم من رئيس الدولة المنتهية ولايته أوهورو كينياتا وحزبه القوي؛ ليصبح خامس رئيس لكينيا منذ استقلال البلاد عام 1963.
وعلى الرغم من عدم اعتراف أودينغا بالهزيمة، فور الإعلان عنها، ولجوئه إلى الطعن أمام محكمة العليا، فإنه أقر في النهاية بخسارته، بعد رفض المحكمة الطعن الذي قدمه بداعي «التزوير»، مهنئاً خصمه.
وتحدث الرئيس المنتهية ولايته كينياتا عن انتقال «سلس» للسلطة. وصافح كينياتا الرئيس المنتخب روتو، على الرغم من الخلافات بينهما منذ سنوات، خلال لقاء يوم الاثنين الماضي، في القصر الرئاسي، هنأ فيه كينياتا خليفته «بحرارة».
ويرى مراقبون أن كينيا، إحدى أهم دول الشرق الأفريقي، باتت تشكل نموذجاً يمكن البناء عليه لترسيخ الديمقراطيات في دول القارة التي تعاني من أنظمة سياسية هشة. تقول الدكتورة إيمان الشعراوي، مدير وحدة الدراسات الأفريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، إن «كينيا تقدم صورة متميزة لانتقال الحكم بشكل ديمقراطي، ليست بين دول شرق أفريقيا فقط؛ لكن على مستوى القارة بوجه عام، بعد نجاحها في التداول السلمي للسلطة في انتخاباتها الرئاسية الأخيرة، من دون مظاهر عنف كبيرة، دائماً ما صاحبت انتخاباتها السابقة».
ولفتت شعراوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «احترام المرشح الخاسر أودينغا حكم المحكمة النهائي بفوز روتو، فضلاً عن الإشادة الدولية والإقليمية بالعملية الانتخابية، والأهم نجاحها في تخطي الولاءات الإثنية والعرقية التي أضرت بتجربتها الديمقراطية، وكانت سبباً في عدم الاستقرار السياسي واندلاع الفوضى، على مدار سنوات سابقة، بما يؤكد أن التطور الديمقراطي في كينيا لم يكن على مستوى النخب والأحزاب السياسية؛ بل تخطى ذلك لعدد كبير من المواطنين الذين شاركوا في الانتخابات».
وأوضحت الشعراوي أن النموذج الكيني يحاط بكثير من التجارب التي تواجه أزمات سياسية في دول الجوار، وتحديات متعلقة بالأمن والاقتصاد، مثل الصومال الذي يعاني خطر انتشار الجماعات الإرهابية التي تعيق أي تقدم على المستوى السياسي والاقتصادي، فضلاً عن أوغندا واستمرار الرئيس يوري موسيفيني في الحكم لمدة 35 عاماً، والأزمات السياسية في كل من السودان وإثيوبيا؛ بينما لا تتوقع إحداث ذلك النموذج انعكاسات إيجابية ذات تأثير على دول الجوار، وذلك لـ«خصوصية كل دولة وتعقد أزماتها بالشكل الذي وصل في بعض الدول لاندلاع حروب أهلية».
وفاز روتو على أودينغا (77 عاماً)، بفارق نحو 233 ألفاً من عدد الأصوات الإجمالي البالغ 14 مليون صوت. وبعدما صادقت المحكمة العليا على انتخابه، دعا روتو إلى الوحدة ومد «يد الأخوة» إلى خصومه. وقال في كلمة: «لسنا أعداء، كلنا كينيون».
ويرى محللون أن روتو يرث دولة منقسمة بشدة بسبب الانتخابات الساخنة. وكتبت «ذي ستاندارد» (أكبر صحيفة يومية في البلاد) أن أداء روتو اليمين يأتي في «لحظة تاريخية»، مؤكدة أنه «حان الوقت لتوحيد الصفوف، وقبول الخصوم، وتشكيل جبهة موحدة».
ووعد الرئيس الجديد الذي جاء من عائلة متواضعة قبل أن يصبح واحداً من أغنى الرجال في البلاد، بإحداث فرص عمل، ومعالجة التضخم الذي يطول بالخصوص: الوقود، والمواد الغذائية، والبذور، والأسمدة.
ولإخراج البلاد من الوضع الاقتصادي الصعب، وعد بإنشاء صندوق رأسماله 50 مليار شلن كيني (حوالي 410 ملايين يورو) لمنح قروض للأعمال الصغيرة.
لكن مركز الأبحاث «مجموعة الأزمات الدولية» يتوقع أن تكون المهمة صعبة على الرئيس الجديد في المجال الاقتصادي. وقال إن الانتخابات الكينية كانت «نموذجاً يحتذى به في المنطقة» لكن على الرئيس الجديد تحقيق «آمال عالية جداً، ومعالجة اقتصاد في حالة سيئة»، محذراً من أن «الحكم سيكون أصعب من الحملة».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.