«كانت امرأة عظيمة»... سودانيون يستعيدون ذكرياتهم مع إليزابيث الثانية

سبعينية تتذكر الإمساك بطرف فستانها خلال زيارتها للخرطوم

الملكة إليزابيث الثانية والرئيس السوداني التيجاني الماحي في الطريق من مطار الخرطوم عام 1965 (أ.ف.ب)
الملكة إليزابيث الثانية والرئيس السوداني التيجاني الماحي في الطريق من مطار الخرطوم عام 1965 (أ.ف.ب)
TT

«كانت امرأة عظيمة»... سودانيون يستعيدون ذكرياتهم مع إليزابيث الثانية

الملكة إليزابيث الثانية والرئيس السوداني التيجاني الماحي في الطريق من مطار الخرطوم عام 1965 (أ.ف.ب)
الملكة إليزابيث الثانية والرئيس السوداني التيجاني الماحي في الطريق من مطار الخرطوم عام 1965 (أ.ف.ب)

أعاد رحيل الملكة إليزابيث الثانية إلى أذهان السودانيين بعض الصور القديمة التي تحمل ذكريات زيارتها إلى بلدهم بعد أن مر عليها أكثر من نصف قرن.
زارت الملكة السودان في عام 1965 بعد نحو تسعة أعوام من إعلان استقلاله رسمياً، والذي رأى أكاديميون أنه فرض سياسات أدت لاحقاً إلى نشوب انقسامات بين الخرطوم وجوبا.
وتداول العديد من مستخدمي الإنترنت صور الزيارة وظهر فيها الآلاف من السودانيين الذين اصطفوا وهم يحملون بابتهاج لافتات كتب عليها «عاشت الملكة» على جوانب الطرق لتحية ضيفتهم التي كانت تلوح بيدها للحشود أثناء عبور موكبها.
تتذكر السودانية السبعينية بلقيس ركابي ذكرى مشاهدتها للملكة خلال زيارتها للخرطوم آنذاك. وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنت طالبة أرتدي الزي المدرسي وتم إخراجنا من المدرسة لتحية الملكة».
وأبدت بلقيس ركابي إعجابها الشديد بفستان الملكة وحاولت الإمساك بطرفه، إلا أن يد أحد جنود الحراسة حالت بينها وبين ذلك وأمسكت بها. وتتذكر بلقيس قائلة: «ضربني الحارس بشدة، وعندما رأت الملكة ذلك صرخت لا لا... ومدّت لي طرف فستانها لأراه».

شملت زيارة الملكة في ذلك الوقت العاصمة الخرطوم وولايات ود مدني وشمال كردفان والنيل الأزرق.
في الثامن من سبتمبر (أيلول) الحالي، توفيت الملكة إليزابيث الثانية، الملكة الأكثر شهرة في العالم والتي تولت العرش لأطول فترة في تاريخ المملكة المتحدة، عن عمر يناهز 96 عاماً، في قصرها في بالمورال.
وتبع ذلك قيام وسائل الإعلام المحلية في السودان بنشر الصور وشرائط الفيديو التي وثقت زيارتها، ومن بينها صورة تتسلم فيها الملكة باقة زهور من فتاة صغيرة، وظهرت في أخرى وهي تحيي المسؤولين السودانيين.
ومنذ استقلال السودان في 1956. عرف البلد تاريخاً سياسياً مضطرباً تخللته العديد من الثورات والانقلابات العسكرية، بينما كانت فترات الحكم الديمقراطي نادرة ومحدودة.

وفي الوقت الحالي، وإلى جانب التوتر السياسي في البلاد يعاني السودان من أزمة اقتصادية متفاقمة منذ أن نفذ قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان انقلاباً عسكرياً في الخامس والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) أطاح فيه بشركائه المدنيين من إدارة البلاد في مرحلة انتقالية بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير في 2019. مما دفع العديد من دول الغرب إلى قطع مساعداتها عن الخرطوم.
في بهو فندق مطل على النيل في الخرطوم يعود تاريخه إلى الحقبة الاستعمارية، عُلقت صورة للملكة وهي تلوح بيدها.
ولم تكن صورة الملكة هي الوحيدة المعلقة لمشاهير إنجليز، إذ علقت صورة لرئيس الوزراء الإنجليزي السابق ونستون تشرشل ورجل الأعمال توماس كوك والملكة فيكتوريا.

ويقول المدير العام لفندق «غراند أوتيل» عبد المنعم عبد المحمود الحسن لوكالة الصحافة الفرنسية: «الآن الفندق يحتفظ بذكريات وصور وسجلات تاريخية لعظماء العالم الذين زاروا البلاد في فترات مختلفة وأبرزهم الملكة إليزابيث».
ومن الشخصيات الشهيرة التي استضافها الفندق الذي بني عام 1902، زعيم جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا ومالكولم إكس أحد أبرز المدافعين عن حقوق السود في الولايات المتحدة.
ورغم مرور أكثر من 50 عاماً على هذه الزيارة، فإن الحسن يقول إنه ما زال لها «صدى جيد» حتى الآن.
تعتبر مناهل أبو كشوة (73 عاماً) نفسها من المحظوظين، إذ أتيحت لها فرصة لقاء الملكة مرتين: الأولى في عام 1965 والثانية في عام 2000.

وتقول مناهل أبو كشوة إنها قابلت الملكة عندما كانت طالبة بالمدرسة بولاية ود مدني جنوب الخرطوم، وكانت تبلغ من العمر 16 عاماً. وأوضحت: «كنت من بين عشر طالبات تم اختيارهن لمرافقة الملكة أثناء زيارتها لمدرستنا». وأضافت: «كفتاة صغيرة اندهشت من أن الجميع يفعلون كل شيء من أجل الملكة، وكنتُ فرحة لاختياري».
وفي عام 2000. كان اللقاء الثاني بين الملكة ومناهل أبو كشوة بصفتها زوجة حسن عابدين سفير السودان لدى المملكة المتحدة آنذاك. وعلقت: «أخبرتها أننا التقينا من قبل وضحكت... لقد حزنت (لنبأ وفاتها)، كانت امرأة عظيمة».



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.