فنانون مهددون بالحبس في مصر بتهمة «التهرب الضريبي»

سامو زين وأحمد آدم من بينهم

أحمد آدم (الشرق الأوسط)
أحمد آدم (الشرق الأوسط)
TT

فنانون مهددون بالحبس في مصر بتهمة «التهرب الضريبي»

أحمد آدم (الشرق الأوسط)
أحمد آدم (الشرق الأوسط)

شهدت الساعات الماضية، جدلاً واسعاً في الوسط الفني المصري، بعد أن أصدرت محكمة جنح التهرب الضريبي المصرية بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) أحكاماً بالسجن والغرامة على عدد من العاملين في المجال الفني من بينهم الفنان المصري أحمد آدم، والفنان السوري سامو زين.
وقضت محكمة جنح التهرب الضريبي، بمعاقبة أسامة الأبرص، والمعروف فنياً بـ«سامو زين»، بالحبس سنتين، وكفالة 100 ألف جنيه (نحو 5 آلاف دولار أميركي)، لاتهامه بالتهرب من سداد مليون و397 ألف جنيه، مصري للضرائب، بعدما أسندت النيابة، لـ«سامو زين»، تهمة التهرب من دفع الضرائب عن تعاملاته من الفترة 2014 حتى 2017، عن نشاطه كمطرب وممثل وإنتاج فني.
وظهر سامو زين في مقطع فيديو نشره عبر صفحته الرسمية بـ«إنستغرام» وهو يضحك بشكل ساخر، ويقول: «بلاش أنا... على الله» بدون تحديد سبب الجملة التي يرددها.
وكشفت مصادر مقربة من سامو زين لـ«الشرق الأوسط» أن الفنان السوري غير متواجد على الأراضي المصرية منذ عدة أسابيع، حيث إنه يقضي فترة عمله الحالية في دولة النمسا، إذ أحيا حفلاً غنائياً هناك ثم سافر إلى دولة الإمارات العربية لتصوير عمل فني جديد.

كما أجلت المحكمة نفسها النطق بالحكم في قضية الفنان أحمد آدم، إلى جلسة 3 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في اتهامه بالتهرب من دفع 300 ألف جنيه للضرائب على برنامج «آدم شو» في فترة عام 2013.
في السياق ذاته، أصدرت محكمة جنح التهرب الضريبي، حكماً ضد عمرو سيد محمود محمد، المعروف إعلامياً بـ«عمرو ماكجيفر» ممثل ودوبلير، ومصمم مشاهد تصادم سيارات، بالحبس سنتين مع الشغل، وكفالة 100 ألف جنيه، وتغريمه مبلغ مليون و380 ألفا و5 جنيهات لتهربه في الفترة من 2006 إلى 2017، من دفع الضرائب والمقدرة بمبلغ مليون و380 ألفاً و5 جنيهات.
ولشرح العقوبة الموقعة على التهرب الضريبي، تحدث المحامي بالنقض محمد العربي لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «أي نشاط تجاري يقوم به أي فرد في مصر لا بد أن يخضع للضريبة، حتى لا يقع تحت طائلة القانون ويكون ذلك تحت مسمى جريمة التهرب الضريبي»
وأضاف: «أي فرد لم يقدم الإقرار الضريبي الخاص به طبقاً لنظام عمله يخضع لعقوبة من القانون حسب المادة 31 من قانون التهرب الضريبي وهي مدة تتجاوز 60 يوماً من تاريخ انتهاء المواعيد المحددة لتقديم الإقرار الضريبي وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تتخطى حاجز مليوني جنيه».
وبشأن العقوبة المتوقع صدورها ضد الفنان أحمد آدم بعد تأجيل قضيته، قال: «القانون يفرض غرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز 5 آلاف جنيه مصري، مع دفع المبالغ المقدرة عليه التي تهرب منها، والحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تتجاوز ثلاث سنوات».
يذكر أن الفترة الماضية شهدت حالات أخرى من اتهامات التهرب الضريبي في مصر لعدد من الفنانين أبرزهم المطربة بوسي حيث تم اتهامها بـ«عدم سداد مبلغ مليون و827 ألفاً و210 جنيهات لمصلحة الضرائب من حفلات غنائية أحيتها».
كما اُتهم المطرب الشعبي سعد الصغير بالتهرب من دفع مليون و320 ألفاً و197 جنيهاً للضرائب في الفترة من 2007 إلى 2015، وصدر ضده حكم من محكمة جنح مستأنف التهرب الضريبي، بتأييد حبسه وتغريمه. ومن الجدير بالذكر أن معظم قضايا التهرب الضريبي ضد الفنانين المصريين والعرب، يتم التصالح فيها بعد خفض المبالغ المقررة، وسدادها للمصلحة، ولم يسبق لفنانين تنفيذ عقوبة الحبس جراء التهرب الضريبي خلال العقود الأخيرة، بحسب متابعين.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.