مختبر حكومي وممر تطوير عالمي سعودي لقيادة المنطقة في الذكاء الصناعي

برعاية ولي العهد... انطلاق أعمال القمة العالمية في الرياض بحضور 10 آلاف مختص من 90 دولة

تحت رعاية ولي العهد السعودي انطلقت أمس القمة العالمية للذكاء الصناعي المنعقدة في الرياض (واس)
تحت رعاية ولي العهد السعودي انطلقت أمس القمة العالمية للذكاء الصناعي المنعقدة في الرياض (واس)
TT

مختبر حكومي وممر تطوير عالمي سعودي لقيادة المنطقة في الذكاء الصناعي

تحت رعاية ولي العهد السعودي انطلقت أمس القمة العالمية للذكاء الصناعي المنعقدة في الرياض (واس)
تحت رعاية ولي العهد السعودي انطلقت أمس القمة العالمية للذكاء الصناعي المنعقدة في الرياض (واس)

بينما استضافت السعودية أمس (الثلاثاء) أعمال القمة العالمية للذكاء الصناعي في نسختها الثانية تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي «سدايا»، كشفت الشركة السعودية للذكاء الصناعي (إس سي إيه آي) المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، عن إنشاء شركة جديدة في المملكة لتمويل مختبر ذكاء متطور وابتكار وظائف متميزة للسعوديين الموهوبين، ووضع البلاد في مركز الريادة بالمنطقة.
وأفصحت «أرامكو» السعودية، عن مشروع استراتيجي جديد باسم «الممر العالمي للذكاء الصناعي»، الذي يسير حالياً في خطواته الأولى، ويشمل تصميمه عدة عناصر لتطوير الحلول في هذا القطاع.
المجالات الحيوية
وأكد المهندس عبد الله السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، على الدعم والتمكين الذي توليه الحكومة السعودية لكل ما من شأنه اغتنام فرص المستقبل من خلال التركيز على الذكاء الصناعي ودوره في خدمة البشرية، ورسم مستقبل المملكة لبناء مجتمعات رقمية ومدن ذكية واقتصادات رقمية مزدهرة.
وتطرق المهندس السواحة إلى نتائج دعم وتمكين ولي العهد وانعكاسه على مجتمع الرياديين والشركات في المملكة، وما نتج عن ذلك من تبني حلول الذكاء الصناعي لخدمة المجالات الحيوية في الصحة والطاقة والاقتصاد الرقمي، متناولا بعض التجارب الريادية التي قدمتها البلاد، وفي مقدمتها تبني أرامكو لحلول الذكاء الصناعي في الحفر والتنقيب، مما مكنها لتصدر قائمة شركات الطاقة في الحلول التي تضمن استدامة البيئة.
وقال إن مشروع «ذا لاين» في منطقة نيوم يمثل هدية من ولي العهد السعودي، للبشرية في كيفية تخطيط المدن إلى الـ150 عاما القادمة، وكيفية تطويع المملكة لحلول الذكاء الصناعي والبيانات لبناء المجتمعات المستدامة.
الفجوة الرقمية
من جانبه، أوضح الدكتور عبد الله الغامدي، رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي «سدايا» أن التقنية قد تقدمت بشكل كبير خاصة المرتبطة بالذكاء الصناعي، وأصبحت جزءاً من كل جوانب الحياة، مستشهداً باستغراق العالم خلال القرون الماضية إلى 200 عام لاكتشاف أول لقاح لمرض الجدري حتى قُضِي على المرض، في المقابل جرى تقليل هذه الفترة إلى بضعة أشهر منذ نشر أول تسلسل جيني لـ(كوفيد - 19)، وذلك بفضل تقنيات مثل الذكاء الصناعي.
وأضاف «نكاد نلامس سطح القدرات الكامنة للذكاء الصناعي، فالإشارات المبكرة واعدة للغاية، حيث يمكن للمزارع الرأسية التي تعمل اليوم عبر أدوات الذكاء الصناعي إنتاج أغذية بطاقة إنتاجية تصل إلى ما يتجاوز 400 ضعف ما تنتجه المزارع التقليدية، وأثبت القطاع أنه يمكن أن يساعد في تقليل الانبعاثات بنسبة 40 في المائة، وأن يتنبأ ببعض أنواع السرطان بشكل أفضل من البشر.
وحذر الدكتور الغامدي من الفجوة الرقمية بين الدول في ظل التقدم التقني، وبأنها لا تزال تتسع مع تقنيات الذكاء الصناعي، كاشفة عن دراسة حديثة تظهر أن 12 في المائة فقط من باحثي الذكاء الصناعي هم من النساء.
ورحب بالاتفاق الأخير لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» الذي تضمن توصيات بشأن أخلاقيات الذكاء الصناعي وأقرته 193 دولة، معتقداً أن جميع البلدان يتحمل مسؤولية تنفيذها لتعزيز موثوقية القطاع.
ودعا رئيس الهيئة إلى المشاركة في تطوير الذكاء الصناعي معا، وأن يتم تقاسم أفضل الممارسات والخبرات والموارد والتحديات لضمان عدم التخلف عن الركب، متطلعاً إلى الإعلان عن العديد من المبادرات الرائدة مع الشركاء العالميين للوفاء بالوعد الذي أطلقته هذه القمة.
ممر عالمي
من ناحيته، أفصح المهندس أمين الناصر، رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، عن مشروع استراتيجي جديد باسم «الممر العالمي للذكاء الصناعي»، مفيداً بأنه يسير حالياً في خطواته الأولى ويشمل تصميمه عدة عناصر ليقوم بعدة أدوار رئيسية مثل تأسيس مركز متميز لتطوير حلول الذكاء الصناعي لـ«أرامكو» والجهات المهتمة في المملكة بهذه التقنية ذات الآفاق الهائلة، وتعزيز جهود تطوير منظومة الملكية الفكرية عالية التأثير المرتبطة بالذكاء الصناعي، بالإضافة إلى تسويق منتجات الملكية الفكرية تجارياً.
وزاد المهندس الناصر، أن المشروع يعمل على تدريب الكفاءات السعودية الشابة وتطويرها في مجالات الذكاء الصناعي، ودعم جيل جديد من الشركات السعودية الناشئة المعتمدة في نشاطها على القطاع، مشيراً إلى أنه أطلق عليه «الممر العالمي» لأنه يساعد في جهود نقل المعرفة، وتبادل الأفكار وتقديم الحلول بين المملكة ودول العالم.
خدمة البشرية
من جهة أخرى، بين البروفيسور يورغن شميدهوبر، رئيس مبادرة الذكاء الصناعي بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست»، أن القطاع خلال ثلاثة عقود تمكن من خدمة البشرية، وأحدث تطوراً ونقلة نوعية في العديد من المجالات خاصة المجال الطبي والاقتصادي.
ولفت إلى أن الشبكات الصناعية، وتطور ذكاء الآلة، وتمكين المدن الذكية وصناعة الروبوتات أسهم في خدمة البشرية وتحسين الحياة، لا سيما ما وصلت إليه هذه التقنية من تطور في المجالات الطبية بحيث اختصرت الوقت والجهد في تشخيص الحالات بأسرع وقت وأكثر دقة إلى جانب إجراء العمليات.
واستطرد أن الذكاء الصناعي في صناعة السيارات يستخدم الآن على نطاق أوسع، وأصبحت القيادة الذاتية أكثر أماناً من خلال آلية تحديد المسارات والسرعة والتحكم في زحمة السير وتحسين قيادة المركبات لكي تطبق في المدن الذكية، مثل نيوم وغيرها، تماشيا مع «رؤية المملكة 2030».
وأردف البروفيسور شميدهوبر، أن الروبوتات حالياً بدأت في التعلم الذاتي بعد أن تخطت الكثير من المراحل خلال العقود الماضية، واليوم نشهد استخدام الشركات لتقنية الذكاء الصناعي في أصعب الألعاب، مثل الشطرنج، التي تحتاج إلى جهد عقلي وتركيز عال، كذلك استخدام منصة «الفيسبوك» لـ30 مليار مرة بالأسبوع عبر التقنية الذكية فيما يخص الترجمة من لغة إلى أخرى وبسرعة عالية مهما طال نصها في دلالة على دور هذه التقنية في كسب الوقت والجهد.
الحوسبة الكمية
من جانب آخر، أكد سكوت كراودر، نائب رئيس شركة (آي بي إم) أن الحوسبة الكمية ستقود التقنيات الحديثة رغم اختلافها عن الأجهزة التقليدية من ناحية الذاكرة والمساحة، مشيراً إلى أن أحد التحديات التي يواجهها العالم تكمن في كيفية إيصال الحوسبة الكمية للأيدي العاملة، وذلك لتمكينهم من بناء مهاراتهم واستغلالها في تطوير مهام العمل والوصول إلى الاستفادة القصوى منها.
ووفقاً لسكوت، فإن الوصول إلى الأسلوب الأمثل لطريقة استخدام الحوسبة الكمية سيسهم في توفير البرمجيات لمطوري الخوارزميات لكتابة خوارزميات جديدة للذكاء الصناعي.

أما طارق الغزاوي، أستاذ ورئيس قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسب بجامعة جورج واشنطن، فقد أبان أن الهندسيات التي تستخدم اليوم تُستدعى للوصول لتقنيات أحدث، حيث تستهلك الطرق التقليدية وقتاً وجهداً أكبر.
بحث وتطوير
إلى ذلك، أبرمت الشركة السعودية للذكاء الصناعي مع «سنس تايم» المعروفة في مجال الذكاء الصناعي بالعالم، اتفاقا لإنشاء شركة جديدة بقيمة استثمارية تقدر 776 مليون ريال (206.9 مليون دولار)، لتمويل مختبر ذكاء متطور وابتكار وظائف متميزة للموهوبين، على أن تعمل لتطوير حلول في مجالات المدينة الذكية وذكاء الأعمال التجارية والرعاية الصحية والتعليم، إضافة إلى توطين رؤيتها الحاسوبية المتطورة، ومنصة التعلم العميق من أجل إنشاء الملكيات الفكرية المملوكة للسعودية.
وسيكون مختبر الذكاء الصناعي عبارة عن مركز بحث وتطوير متخصص بما يسمح للجيل القادم من علماء البيانات بالاستفادة من نقل التكنولوجيا، وخبرة «سنس تايم» الواسعة في هذا المجال.
وقال المهندس أيمن الراشد، الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للذكاء الصناعي، إن الاتفاقية الحالية تُمثل خطوة استراتيجية مهمة لتطوير القدرات الوطنية وبناء نظام بيئي قوي للذكاء الصناعي مبني على الابتكار بالقدر الذي يتماشى مع العمل كمحفز من شأنه أن يغير مستقبل التقنيات الناشئة في جميع أنحاء المنطقة.
من جهته، أشار الدكتور إكسو لي، الرئيس التنفيذي لشركة سنس تايم، إلى أن هذا المشروع المشترك الجديد سيكون أساساً متيناً لطموحات الشركة لتوسيع بصمتها في المملكة، متطلعاً إلى تحالف طويل المدى لتعزيز الخبرة سوياً في مجال الرؤية الحاسوبية للذكاء الصناعي.
وتؤكد رعاية ولي العهد للقمة العالمية في نسختها الثانية بحضور أكثر من 10 آلاف شخص و200 متحدث من 90 دولة يمثلون صانعي السياسات ورؤساء كبرى الشركات التقنية في العالم، على حرصه للاستفادة من هذا القطاع الحيوي لتحقيق التنمية في السعودية، وأن تكون المملكة نموذجاً عالمياً رائداً في بناء اقتصادات المعرفة لخدمة الأجيال الحاضرة والقادمة تحقيقاً لمستهدفات «رؤية 2030».


مقالات ذات صلة

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».