«شيطان التفاصيل» يتسلل إلى قانون العفو العام قبيل وصوله إلى البرلمان

الكتل السياسية العراقية تختلف حول «المادة 4 إرهاب»

«شيطان التفاصيل» يتسلل إلى قانون العفو العام قبيل وصوله إلى البرلمان
TT

«شيطان التفاصيل» يتسلل إلى قانون العفو العام قبيل وصوله إلى البرلمان

«شيطان التفاصيل» يتسلل إلى قانون العفو العام قبيل وصوله إلى البرلمان

أظهرت الكثير من القوى والكتل السياسية العراقية مواقف متباينة من المسودة الخاصة بمشروع قانون العفو العام الجديد، الذي أقرته الحكومة العراقية، على أن يتولى البرلمان تشريعه في وقت لاحق. رئيس الوزراء حيدر العبادي، وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده في مطار بغداد أثناء توجهه إلى إيران، أول من أمس، كان أول المعترضين على ضرورة أن لا يشمل القانون إطلاق سراح الإرهابيين ومن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين ممن شملوا بأحكام المادة 4 إرهاب. وفي الوقت الذي رأى فيه رئيس البرلمان سليم الجبوري، وخلال تصريحات صحافية له بواشنطن التي يزورها حاليا، أن إصدار هذا القانون خطوة بالاتجاه الصحيح خلال تصريح له في واشنطن، فإن تحالف القوى العراقية، وكذلك ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي عبرا عن مواقف متشككة حيال إمكانية إقرار القانون بصيغته الحالية التي لا تعني بالضرورة فتح صفحة جديدة وطي صفحة الماضي.
النسخة التي صادقت عليها الحكومة بالأغلبية لم تصل إلى البرلمان الذي يتمتع بعطلته التشريعية التي تنتهي في الأول من شهر يوليو (تموز) المقبل، لكن مقرر البرلمان أعلن من جانبه أن مشروع القانون سوف يصل إلى البرلمان في بحر الأسبوع المقبل. ويبدو أن شيطان التفاصيل تسلل إلى القانون، وذلك لجهة الخلافات القديمة - الجديدة بين الكتل السياسية، لا سيما بين أطراف من التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان) وخصوصا بين ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، وتحالف القوى العراقية (الكتلة البرلمانية السنية داخل البرلمان). المواقف والآراء تتراوح بين رفض القانون بصيغته الحالية من جهة في حال أصر على إطلاق سراح الإرهابيين كما تقول دولة القانون على لسان القيادي فيها عباس البياتي، وإعادة النظر بالمادة 4 إرهاب، مثلما يقول تحالف القوى العراقية على لسان النائب ظافر العاني، ومحاولة التوفيق بين المدانين فعلا الذين يجب أن لا يشملوا بالقانون والأبرياء الذي انتزعت اعترافاتهم بالإكراه مثلما يقول عضو ائتلاف الوطنية حامد المطلك.
ومثلما لا يوجد موقف موحد داخل التحالف الوطني من قانون العفو العام حيث تتناقض رؤية التيار الصدري جذريا مع رؤية دولة القانون، بينما تحاول كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي التوفيق بين الرؤيتين، فإن المواقف تبدو مختلفة داخل قوى تحالف القوى العراقية نفسه. ففيما يرى حيدر الملا العضو في هذا التحالف أن مشروع القانون هو ليس أكثر من محاولة لذر الرماد في العيون، وترحيل المشكلة إلى مجلس النواب بالإضافة إلى أنه محاولة لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي، بأن رئيس مجلس الوزراء لديه الإرادة للإصلاح والإيفاء بالالتزامات التي قطعها على نفسه، مبينًا أن «الأبرياء ليسوا بحاجة إلى قانون عفو، إذ من المعيب في الفقه القانوني الحديث إصدار عفو عن الأبرياء، الذين هم بحاجة إلى اعتذار وتعويض من السلطة التي أساءت استخدام القانون بحقهم».
لكن عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية ظافر العاني وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» عكس صيغة تمثل حلا وسطا بين القبول بالقانون بصيغته الحالية ورفضه قال إن «مشروع قانون العفو الذي أقرته الحكومة ليس كافيا»، مشيرا إلى أن «المطلوب هو إعادة محاكمة المشمولين بالمادة 4 إرهاب بموجب المخبر السري، وانتزعت اعترافاتهم بالإكراه، وهو ما لم يتضمنه مشروع القانون».
أما نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان والقيادي بائتلاف الوطنية حامد المطلك فيقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع القانون جيد بشكل عام، ونلمس أن هناك حرصا من قبل الجميع لإقراره لكن لا تزال هناك خلافات بشأن بعض مواده، لا سيما المادة 4 إرهاب؛ إذ إن هناك من يرى أن من غير الممكن إطلاق سراح المدانين بهذه المادة، ويستدل على ذلك من الذين سبق أن شملوا بقانون العفو السابق وعادوا لارتكاب الجرائم، بينما هناك ومثلما يعرف الجميع أبرياء تم زجهم بالسجون بتهم كيدية، وشملوا بهذه المادة، وهو ما يتطلب التمييز إذا أردنا تحقيق العدالة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.