وزير الخارجية التونسي يؤكد موافقة بلاده على تسليم قيادي بـ {فجر ليبيا} لحكومة طرابلس

المفاوضات لا تزال مستمرة لإطلاق سراح الدبلوماسيين المحتجزين في ليبيا

وزير الخارجية التونسي يؤكد موافقة بلاده على تسليم قيادي بـ {فجر ليبيا} لحكومة طرابلس
TT

وزير الخارجية التونسي يؤكد موافقة بلاده على تسليم قيادي بـ {فجر ليبيا} لحكومة طرابلس

وزير الخارجية التونسي يؤكد موافقة بلاده على تسليم قيادي بـ {فجر ليبيا} لحكومة طرابلس

قال الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسي، أمس إن سلطات بلاده وافقت على طلب تقدمت به طرابلس لتفعيل اتفاقية بين البلدين، تقضي بتسليم السجين وليد القليب من قياديي «فجر ليبيا» إلى السلطات الليبية، إلا أن مختار الشواشي، المتحدث باسم الخارجية، أعلن أنه لا يمكن تقديم تفاصيل جديدة في الوقت الحاضر، ولكن هناك احتمال حصول انفراج في الملف في أي لحظة.
وأعلن كريم الشابي، المتحدث باسم محكمة الاستئناف في العاصمة التونسية، عن قرار المحكمة بالإفراج عن وليد القليب، القيادي في تنظيم «فجر ليبيا بصفة مؤقتة»، وتسليمه إلى السلطات الليبية في طرابلس. وأضاف أن هذا القرار يبقى إجراء قضائيا، وأن التسليم الفعلي يتطلب إجراءات أخرى، على حد تعبيره.
وفي تبريره لهذا القرار القضائي، الذي قد تكون له تداعيات على إدارة الحوار بين السلطات التونسية والمجموعات المسلحة، قال المصدر ذاته إن المحكمة اتخذت هذا القرار بعد نظرها في طلب التسليم الذي تقدمت به السلطات الليبية إلى تونس، بناء على الاتفاقية المبرمة بين البلدين، والتي تنص على تسليم المجرمين الفارين من وجه العدالة في الاتجاهين.
وكانت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة قد أصدرت حكما بسجن وليد القليب في 18 مايو (أيار) الماضي للاشتباه بتورطه في تشكيل معتقلات ومعسكرات داخل ليبيا واستغلالها لاحتجاز مدنيين، من بينهم تونسيون. إلا أن التطورات التي أعقبت عملية اعتقال القليب شكلت ضغوطات كبيرة على السلطات التونسية، وذلك إثر احتجاز 172 موظفا تونسيا في ليبيا في مرحلة أولى، وإطلاق سراحهم على دفعات، ثم مهاجمة القنصلية التونسية في طرابلس يوم الجمعة 13 يونيو (حزيران) الجاري، واحتجاز عشرة دبلوماسيين تونسيين من قبل عناصر مسلحة، قيل إنها على علاقة بالقيادي الليبي المذكور. وقد اشترطت هذه العناصر المسلحة الإفراج عن القليب لإطلاق سراح الدبلوماسيين التونسيين المختطفين، وعدد غير محدد من التونسيين، من بينهم 50 تونسيا احتجزوا في منطقة الخمس الليبية.
وبخصوص الإفراج عن القليب وإسقاط التهم الموجهة له رغم جسامتها، أكد المحامي التونسي فيصل بن جعفر، الذي يدافع عنه، خبر إطلاق سراحه من قبل محكمة الاستئناف، وقال: إنه من الوارد جدا ترحيله إلى ليبيا، وبالتحديد إلى حكومة طرابلس، مشيرا إلى عدم ثبوت ارتكاب القليب لأي عمل إرهابي على الأراضي التونسية، وهي الحجة التي بنت عليها المحكمة هذا الحكم القضائي، على حد قوله.
ومن جهته، نفى الشواشي ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول التوصل إلى اتفاق نهائي لإطلاق سراح الدبلوماسيين التونسيين المحتجزين في ليبيا، مشيرا في المقابل إلى أن المفاوضات ما تزال جارية، وقد يتم التوصل إلى اتفاق في الساعات القليلة المقبلة.
ورفضت مصادر دبلوماسية اتصلت بها «الشرق الأوسط» الإفصاح عن أي تفاصيل حول المفاوضات بدعوى أن ذلك قد يربك سيرها، ويدخل البلبلة في صفوف عائلات المختطفين.
وفيما يتعلق بإطلاق سراح الدبلوماسيين التونسيين المختطفين في ليبيا بالتوازي مع قرار الإفراج عن القليب، قال مصطفى عبد الكبير، الحقوقي التونسي الذي تربطه علاقات وطيدة بعدة قيادات ليبية، إن عملية الإفراج عن الدبلوماسيين التونسيين قد جرت بالفعل خلال الليلة قبل الماضية، وأكد في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية خبر اتصالهم صباح أمس بعائلاتهم لطمأنتهم عن أحوالهم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.