ماذا تحتاج مصر للوصول إلى إشغال سياحي 100 %؟

بعد إعلان الحكومة رغبتها في جذب 30 ملياراً للقطاع

شرم الشيخ أحد أبرز المقاصد السياحية الجاذبة للسائحين الأجانب (صفحة وزارة السياحة والآثار على فيسبوك)
شرم الشيخ أحد أبرز المقاصد السياحية الجاذبة للسائحين الأجانب (صفحة وزارة السياحة والآثار على فيسبوك)
TT

ماذا تحتاج مصر للوصول إلى إشغال سياحي 100 %؟

شرم الشيخ أحد أبرز المقاصد السياحية الجاذبة للسائحين الأجانب (صفحة وزارة السياحة والآثار على فيسبوك)
شرم الشيخ أحد أبرز المقاصد السياحية الجاذبة للسائحين الأجانب (صفحة وزارة السياحة والآثار على فيسبوك)

أكدت الحكومة المصرية وضع ملف «السياحة» في مقدمة أولوياتها، مستهدفة زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى البلاد خلال المرحلة المقبلة، وجذب الاستثمار الأجنبي لهذا القطاع الحيوي، إذ تساهم السياحة بما يصل إلى 15 في المائة من الناتج الاقتصادي لمصر، وهي مصدر رئيسي للنقد الأجنبي، وفقاً للبيانات الرسمية.
وشدد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، خلال لقائه ومستثمرين سياحيين في مدينة شرم الشيخ، (الأحد)، على السعي الحكومي لجذب العوائد للقطاع، كاشفاً عن الرغبة في الوصول إلى «هدف 30 مليار دولار» من قطاع السياحة، مضيفاً: «بدأنا بالفعل في تنفيذ عدد من المقترحات لجذب مزيد من السائحين من أنحاء العالم خلال الفترة المقبلة»، ومؤكداً أن كل ما هو مطلوب من الدولة في هذا القطاع «ستنفذه الحكومة على الفور»، موجهاً تساؤلاً للمستثمرين: «لماذا لا نستهدف نسبة إشغال 100 في المائة؟».
وجاء تعيين المصرفي أحمد عيسى، وزيراً للسياحة، أخيراً، ليعكس ذلك التوجه، خاصة أن القطاع السياحي المصري عانى خلال الأعوام الأخيرة من عدة أزمات تسببت في تراجع عائداته، من بينها جائحة «كوفيد - 19»، ثم الأزمة «الروسية - الأوكرانية».
ووفقاً لبيانات البنك المركزي المصري، انخفضت إيرادات السياحة في مصر بأكثر من 66 في المائة، خلال 2020 بسبب انتشار جائحة كوفيد – 19، لتهبط إلى نحو 4.4 مليار دولار، مقابل أكثر من 13 ملياراً في 2019، قبل أن تسترد نحو 68 في المائة من تلك الإيرادات في 2021.
«الشرق الأوسط» وضعت تساؤل رئيس الوزراء المصري على مائدة خبراء السياحة... حيث أوضح بشار أبو طالب، نقيب المرشدين السياحيين بمحافظة البحر الأحمر، أن الوصول إلى نسب إشغال مرتفعة «يستلزم أن تتعامل الدولة المصرية مع ملف السياحة بشكل أكثر تكاتفا»، بمعنى أن «تتعاون جميع الجهات الحكومية المعنية مع بعضها البعض لإنجاح هذا القطاع، الذي يتسم إلى حد ما بطابع التقليدية في العمل»، مستدركاً: «على سبيل المثال تشهد مصر حالياً شبكة طرق جيدة للغاية، تقترب من نظيرتها في الدول الكبرى، لكن يجب العمل على دعم النقل السياحي، ليتم توظيف هذه الطرق في نقل السياح، مما يعود بالنفع على القطاع. ويزيد عائداته المالية».
على جانب آخر، يوضح أبو طالب أن «مصر مليئة بالمنتجات السياحية المتنوعة سواء الثقافية، والتاريخية، والدينية، والعلاجية، وغيرها، وهذه المنتجات لا بد أن يقترب بعضها من بعض، لنصل من خلالها إلى منتج عالمي، يضاهي ما تقدمه الدول السياحية الكبرى».
وتعقيباً على تصريح رئيس الوزراء المصري بأنه يقع دور كبير على المستثمرين في النهوض بالقطاع السياحي؛ يلفت نقيب المرشدين السياحيين بمحافظة البحر الأحمر إلى أن «المشكلة ليست في المستثمرين. نعم هناك تسهيلات تقدم لهم، ولكن المشكلة فيمن يجلب السائح، فهناك عدة أضلاع للجذب السياحي، ولكن يظل إحضار السائح هو مسؤولية حكومية»، مشيراً إلى «أهمية التوسع في الاستثمار في المجال السياحي لكي يشمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تخدم قطاع سياحة الأفراد».
كذلك يقترح أبو طالب أن «ترعى الدولة بعض الاحتفالات السياحية الكبرى، مع دعوة شخصيات عالمية دولية إلى زيارة الأماكن السياحية المصرية، والتوسع في سياحة المؤتمرات».
ويؤكد الخبير السياحي وحيد تهامي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية ما طرحه المستثمرون بشأن تنفيذ برامج تسويقية للمقاصد السياحية في مصر»، مستشهدا بما تشهده العاصمة السياحية التركية «أنطاليا» هذه الأيام من حملات لجذب الآلاف من السياح الأوروبيين، حيث دعتهم للسفر إليها بزعم الطقس الدافئ الذي تتميز به، مستغلة ما يثار حول أزمة الطاقة قبل موسم الشتاء.
ويضيف: «نحن بحاجة لمثل هذه الدعاية والحملات في الترويج السياحي، باللعب على وتر التمتع بإجازة مشمسة على شواطئ ومنتجعات مصر طول السنة، فمقارنة بين أنطاليا الباردة والأماكن المفتوحة والدافئة ذات الطبيعة المشمسة خاصة في شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان، ستكون الأفضلية للمقصد المصري».
كما يشير الخبير السياحي إلى «أهمية التوسع في تقديم الخدمات السياحية في إطار التوجه لجذب مزيد من السائحين من أنحاء العالم وتحقيق نسب إشغال مرتفعة، ومنها على سبيل المثال خدمات الإنترنت»، لافتاً إلى «الفنادق تتيحها بشكل مجاني ولكنها محدودة»، مبيناً أن «مصر من أغلى الدول في تكلفة الإنترنت، والفنادق تتكبد مصروفات باهظة لإنشاء الشبكات ومد الخطوط وغيرها، لذا فهي تتطلب استثماراً كبيراً وتدخلاً حكومياً».


مقالات ذات صلة

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.